تفاصيل الخبر

الصوت التفضيلـي سبّب منافسة داخـل البيـت الواحـد دفـع ثمنهــا مرشحــون لـ”الـتـيــار“ في معظــم الدوائــر!

01/06/2018
الصوت التفضيلـي سبّب منافسة داخـل البيـت الواحـد  دفـع ثمنهــا مرشحــون لـ”الـتـيــار“ في معظــم الدوائــر!

الصوت التفضيلـي سبّب منافسة داخـل البيـت الواحـد دفـع ثمنهــا مرشحــون لـ”الـتـيــار“ في معظــم الدوائــر!

 

مسعود الاشقر a إذا كان من حق رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أن يفاخر بترؤسه أكبر تكتل نيابي في مجلس 2018 الذي أطلقت عليه تسمية <تكتل لبنان القوي>، فإن ذلك لا يلغي أن تركيبة هذا التكتل الذي يضم 29 نائباً، موزعة عملياً على كتلتين أساسيتين: كتلة التيار الوطني الحر المتمثلة في المجلس الجديد بـ19 نائباً حزبياً، وكتلة نواب الأرمن التي تضم ثلاثة نواب من حزب <الطاشناق> الأرمني، وكتلة مستحدثة حملت اسم <كتلة ضمانة الجبل> تضم الوزير طلال أرسلان وثلاثة نواب بينهم اثنان تمّت إعارتهم من التيار الوطني الحر الى النائب أرسلان، إضافة الى مستقل من العونيين، يضاف الى كل هؤلاء رئيس <حركة الاستقلال> النائب ميشال معوض، فيصبح العدد الإجمالي 29 نائباً. مع الإشارة الى ان نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي المحتسب من ضمن العدد الاجمالي هو حليف ولا يحمل بطاقة حزبية.

غير أن هذا <النصر> الذي حققه التيار الوطني الحر بأن يمثل مع حلفائه 11 دائرة انتخابية من أصل 15 دائرة موزعة من الشمال الى الجنوب والبقاع والجبل وبيروت، لا يلغي حقيقة لا تزال تمثل أمام مرشحي <التيار> في كل الدوائر يصفونها بـ<المعاناة> التي سبّبها الصوت التفضيلي الذي اعتُمد في القانون الانتخابي الجديد والذي اعتبره كثيرون صوتاً إلغائياً لكل تعاون يمكن أن ينتج عن أعضاء اللائحة الواحدة حتى بات هاجس كل مرشح أن يحصل هو على الأصوات التفضيلية ليضمن فوزه في الانتخابات. ويتحدث مطلعون في التيار الوطني الحر أن شكاوى اعضاء اللوائح من بعضهم البعض كانت أقوى من الشكاوى الآتية من خصومهم في اللوائح الأخرى إذ عوضاً أن يكون المرشحون فريق عمل واحد متماسكاً ومتضامناً... كانوا عدة <أفرقاء> يتناحرون على صوت من هنا وصوت من هناك، حتى ان بعض منسقي <التيار> انحازوا الى مرشح <تياري> متجاهلين وجود رفيق  - أو رفاق - في اللائحة نفسها. وعلى قاعدة <ما في امي ارحميني> فقد <فتك> مرشحو <التيار> بعضهم بالبعض الآخر في معركة هدفها إثبات من يملك الصوت التفضيلي، وهذا أدى عملياً الى سقوط عدد من المرشحين على اللائحة نفسها لمصلحة اللوائح المنافسة.

ويروي أحد المرشحين الذين لم يحالفهم الحظ أنه مثل آخرين من رفاق اللائحة الواحدة في أكثر من دائرة تعرّض لحملة منظمة من مسؤولين في التيار الوطني الحر وظّفت إمكانات الماكينة الانتخابية لصالح مرشح معين من <التيار> وأهملت مرشحين آخرين في اللائحة الواحدة، وان تعليمات وصلت عبر <الواتساب> أو وسائل التواصل الاجتماعي الى المناصرين والحزبيين على حد سواء للاقتراع لمرشح معين في اللائحة من دون المرشحين الآخرين، في وقت كان يفترض - حسب المرشح نفسه - أن يصار الى توزيع أصوات الحزبيين والمناصرين على أعضاء اللائحة لتأمين فوز أكبر عدد من أفرادها، وهذه السياسة اعتمدها حزب الله بشكل كبير، وحركة <أمل> بشكل أقل، في حين غابت عن أحزاب أخرى، علماً أن القوات اللبنانية لم تكن بحاجة الى مثل هذا التوزيع لأنها اعتمدت قاعدة ترشيح شخص واحد في كل دائرة انتخابية كان لها فيها مرشحون، باستثناء دائرة بشري حيث كان لـ<القوات> مرشحان نظراً لخصوصية هذه الدائرة، وقد نقل عدد من المرشحين الذين خسروا وقائع ما حصل معهم الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي فوجئ بحصول مثل هذه الممارسات التي أدت الى خسارة مرشحين وفوز آخرين.

نديم الجميل a 

<تصفية ذاتية> في بيروت!

ولعل ما يوضح حقيقة ما تعرّض له مرشحو التيار الوطني الحر من <تصفية ذاتية> هو الاطلاع على الارقام التي نالها كل مرشح، سواء فاز أم خسر حيث يظهر التباين الواضح في أصوات مرشحي <التيار> ما يؤكد أنها لم توزع بالعدل وبطريقة متساوية بين الجميع. ففي بيروت الأولى التي تضم أحياء الأشرفية والرميل والمدور والصيفي، بدا واضحاً أن الوزير السابق نقولا صحناوي نال وحده 4788 صوتاً تفضيلياً، فيما نال النائب الثاني الذي فاز عن <التيار< العميد انطوان بانو 539 صوتاً فقط، في حين نال المرشح مسعود الاشقر 3762 صوتاً، في وقت نال منافسه النائب نديم الجميل 4096 صوتاً أي بفارق لم يتجاوز 334 صوتاً كان من الممكن أن يحصل عليها وعلى أكثر ربما لو وزّع صحناوي بعضاً من أصواته على رفيقه في اللائحة، وهو الأمر نفسه الذي شكا منه المرشح الأرثوذكسي على لائحة <التيار> نقولا شماس الذي نال 851 صوتاً فقط. كذلك فإن المرشحين الأرمن اهتم كل واحد بنفسه واحتفظ بأصواته ما أدى الى رسوب المرشح سيرج جوخاداريان الذي نال 717 صوتاً، فيما توزعت اصوات المرشحين الأرمن الفائزين على هاغوب ترزيان (3451 صوتاً) والكسندر ماطوسيان (2376 صوتاً)، أما المرشح سيبوه قالباكيان فنال فقط 1566 صوتاً وخسر.

وحجب أصوات في بعبدا والمتن!

ميشال معوض 1 a

وما يُقال عن بيروت الأولى، يقال أيضاً عن دائرة جبل لبنان الثالثة التي تضم قضاء بعبدا حيث فازت لائحة التيار الوطني الحر المتحالفة مع حزب الله وحركة <أمل> باستثناء المرشح الماروني الثالث الدكتور ناجي غاريوس الذي نال 2916 صوتاً فيما نال النائب آلان عون 10200 صوتاً أي بفارق 7284 صوتاً، ما يدل على أن عون لم يوزع أصوات <التيار> على حليفيه المارونيين بدليل أن النائب الماروني الثاني الفائز حكمت ديب نال 4428 صوتاً أي بفارق 5772 صوتاً عن عون. ولم ينل المرشحون الموارنة أصواتاً تفضيلية من <الثنائي الشيعي> الذي نال مرشح الحزب النائب علي عمار 13692 صوتاً، فيما نال مرشح <أمل> النائب فادي علامة 6348 صوتاً، لكن المعركة بالنسبة الى المرشحين الشيعة كانت محسومة سلفاً لصالح عمار وعلامة لأن مَن كان في مواجهتهما مرشح واحد هو صلاح الحركة الذي نال 468 صوتاً فقط، في حين لم يكن في لائحة القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي مرشح شيعي ثانٍ.

وفي دائرة جبل لبنان الثانية، أي قضاء المتن، تكرر المشهد نفسه مع فارق أن 4 لوائح أمنت الحاصل الانتخابي وإن اختلفت نسبة ما حصلت عليه، إلا أن أصوات مناصري <التيار> توزعت على خمسة مرشحين وفاز منهم ثلاثة فقط مع فوارق بسيطة إذ نال النائب الياس بو صعب 7299 صوتاً، والنائب ابراهيم كنعان 7179 صوتاً، والنائب ادغار معلوف (والخوف كان عليه كبيراً) 5961 صوتاً حيث قيل أن أصوات حزبيي <التيار> ومناصريه صبّت عليه وأكلت من حصة الآخرين وأبرزهم المرشح غسان مخيبر الذي نال 2654 صوتاً وكورين الأشقر التي نالت 696 صوتاً. وثمة من تحدث بأن النائب كنعان التزم قرار <التيار> بتوزيع أصواته على المرشح معلوف ما أدى الى تراجع الرقم الذي حصل عليه، علماً أنه كان يستعد لمنافسة النائب سامي الجميل الذي تصدر لائحة الفائزين في المتن بعدما نال 13968 صوتاً، وتلاه النائب ميشال المر بـ11945 صوتاً، ومرشح <القوات> النائب ادي أبي اللمع بـ8922 صوتاً. أما فوز النائب الكتائبي الثاني الياس حنكش رغم أنه نال فقط 2583 صوتاً، فقد نتج عن أن لائحة <التيار> استنفدت حصتها من المقاعد.

كسروان وجبيل: أم المواجهات الداخلية!

زياد اسود   a

وكما في المتن، كذلك في دائرة جبل لبنان الأولى التي ضمت قضاءي كسروان وجبيل حيث تنافس مرشحو <التيار> مع بعضهم البعض أكثر مما تنافسوا مع خصومهم في اللوائح الأخرى، وحصل تسابق في <شفط> أصوات <التيارين> والعونيين حتى من رفاق اللائحة الواحدة، وأكثر الشاكين كان النائب الفائز العميد شامل روكز الذي نال 7300 صوت في وقت نال زميله في اللائحة الحزبي في <التيار> النائب روجيه عازار 6793 صوتاً، في وقت كان من المتوقع أن ينال روكز أكثر من 10 آلاف صوت حسب الاحصاءات، لكنه تعرض، كما تقول المعلومات، لضغط مباشر من الماكينة الحزبية لـ<التيار> لصالح عازار، في وقت كان فيه المرشح نعمة افرام يجمع أصواته من مناصريه وكذلك من الحزبيين في <التيار> والعونيين الى درجة أن عدداً من المسؤولين في <التيار> نسقوا مع ماكينة أفرام ولصالحه!

كل ذلك أدى الى ارتفاع أصوات مرشح <القوات> شوقي الدكاش الى 10032 صوتاً أمّنت له الفوز على حساب المرشح منصور البون الذي لم يعط أي صوت من <التيار> علماً أنه نال 6589 صوتاً أي بفارق 204 أصوات فقط عن عازار. والأمر نفسه ينطبق على المرشح زياد بارود الذي نال 3893 صوتاً من <اللحم الحي> لأنه لم يحصل على أصوات تفضيلية من مناصري <التيار> والعونيين التي صبّت كلها لمصلحة عازار كأول خيار وروكز كخيار ثانٍ!

أما في جبيل، فقد عانى المرشح الدكتور وليد خوري ما عاناه غيره إذ ان توزيع أصوات <التيار> لم يكن عادلاً فنال هو 7782 صوتاً، في حين نال النائب الفائز سيمون أبي رميا 9729 صوتاً، ويستدل أن مجموع أصوات أبي رميا وخوري 17511 صوتاً ما يفوق ما ناله النائب زياد الحواط وبلغ 14424 صوتاً.

وفي دائرة جبل لبنان الرابعة (الشوف وعاليه) كان الوضع مماثلاً وشكاوى المرشحين العونيين و<التيارين> من عدم العدالة في توزيع الاصوات ارتفعت ايضاً. ففي قضاء عاليه لوحظ أن النائب سيزار أبي خليل نال 8124 صوتاً، في وقت لم ينل المرشح الأرثوذكسي الياس شديد حنا سوى 2750 صوتاً، أي بفارق 5374 صوتاً، ما يعني أن اصوات المناصرين والحزبيين صبّت كلها لصالح أبي خليل ولم ينل منها حنا إلا القليل، علماً أن منافسه الذي فاز أنيس نصار نال 7872 صوتاً. وفي قضاء الشوف تنافس المرشحان على اللائحة نفسها ماريو عون وفريد البستاني على أصوات الحزبيين والمناصرين و<طلعت صرخة> كل منهما بأن <الآخر> يسلبه الأصوات، وهذا ما حصل عملياً إذ ان ماريو عون نال 5124 صوتاً في حين ان البستاني نال 2657 صوتاً أي بفارق 2467 صوتاً، ولولا أن حصة لائحة <التيار> استُنفدت لكان فاز المرشح ناجي البستاني مكان فريد البستاني لأن الأول حصل على 5245 صوتاً أي انه زاد على فريد البستاني بـ2588 صوتاً.

طوني فرنجيه  a 

في البقاع والشمال المنافسة أخفّ!

في المقابل، لم تكن حدة المواجهة بين المرشحين الحزبيين والمناصرين للتيار الوطني الحر في البقاع كما كانت في جبل لبنان وبيروت، ذلك انه في دائرة البقاع الشمالي لم تكن هناك اية منافسة داخلية، وكذلك الأمر في البقاع الغربي حيث الحضور العوني محدود فصبّت الأصوات على نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي نال 4899 صوتاً، فيما ذهبت أصوات اخرى الى المرشح الماروني ناجي نبيه غانم الذي لم يحالفه الحظ، أما تركيز رئيس اللائحة النائب عبد الرحيم مراد فقد انصب على نفسه لمواجهة مرشحي تيار <المستقبل> واستطاع نتيجة ذلك الحصول على 15111 صوتاً أهلته لاحتلال المرتبة الأولى، في وقت كان الفارق بينه وبين الفائز الثاني عن المقعد السني محمد قاسم القرعاوي 6343 صوتاً، إذ نال القرعاوي 8768 صوتاً، ونال المرشح <المستقبلي> الثاني زياد القادري 8392 صوتاً.

وفي زحلة صبّت أصوات <التيار البرتقالي> والعونيين على المرشح الحزبي سليم عون الذي نال 5567 صوتاً، في حين نال المرشح الحليف ميشال ضاهر 9742 صوتاً، ما يعني أن الثاني لم ينل أصواتاً تفضيلية كثيرة من العونيين لأن هذه الاصوات ذهبت الى عون.، وكذلك الأمر بالنسبة الى المرشح الأرثوذكسي أسعد نكد الذي نال 4128 صوتاً فيما نال منافسه جورج عقيص 11363 صوتاً.

وفي الجنوب، كان التنافس حاداً في قضاء جزين لأن لا مرشحين يتنافسون في الدوائر الاخرى، والمعاناة كانت حاضرة بين المرشحين زياد اسود الذي فاز بـ7270 صوتاً، وأمل أبو زيد الذي رسب بعد نيله 5016 صوتاً، في وقت نال منافسه في اللائحة المقابلة ابراهيم عازار 11663 صوتاً. وقد شكا أبو زيد من توزيع غير عادل لأصوات الحزبيين والمناصرين، علماً أن مجموع ما ناله أسود وأبو زيد يزيد بـ623 صوتاً على ما ناله عازار، إلا أن أصوات محازبي <التيار البرتقالي> توزعت بين أسود وأبو زيد والمرشح الكاثوليكي سليم خوري الذي فاز بـ708 أصوات، في حين نال منافسه روبير خوري 449 صوتاً، وبذلك تكون أصوات <التيار> ومناصريه بلغت 12994 صوتاً، علماً أن الناخبين الشيعة صبّوا أصواتهم التفضيلية على عازار من دون غيره. وفيما يقول أسود إن <شريكه> في اللائحة أبو زيد استعمل كل الوسائل الممكنة لإسقاطه وتأمين فوزه لاسيما مع المحازبين والمناصرين، يرد أبو زيد بأن <استهدافه> من قبل أسود كان واضحاً وهو ما جعل أصوات العونيين تتشتت، إضافة الى عدم اقتراع الناخبين امل ابو زيد  a الشيعة.

والموقف في الشمال كان أقل حدة، ففي قضاء البترون صبّت أصوات <التيار البرتقالي> كلها لصالح الوزير جبران باسيل ولم ينل شريكه في اللائحة نعمة ابراهيم إلا 118 صوتاً. أما في الكورة، فالمرشح العوني الجدي كان جورج عطا الله وقد فاز بـ3383 صوتاً ورفيقته في اللائحة غريتا حبيب صعب نالت 97 صوتاً فقط. ولم يختلف الوضع في زغرتا اذ أعطى العونيون الوزير بيار رفول 3749 صوتاً لكنه لم يفز، علماً أن الشريك الماروني الثالث في اللائحة نفسها جواد بولس لم ينل سوى 109 اصوات، لأن معظم الأصوات التفضيلية لآل معوض وأنصارهم ذهبت الى ميشال معوض الذي نال 8571 صوتاً وحل ثانياً بعد طوني سليمان فرنجية الذي نال 11407 أصوات. أما في بشري فلم يكن هناك مرشح حزبي قوي للتيار الوطني الحر، بل ذهبت أصوات المناصرين الى سعيد طوق وهي قليلة في أي حال. وفيما لا دور أساسياً لـ<التيار> في الضنية - المنية وطرابلس، فإن عكار شهدت حضوراً مميزاً لأنصار <التيار> الذين وزعوا أصواتهم التفضيلية بعدالة بين المرشح الماروني جيمي جبور (نال 8667 صوتاً ولم يفز)، والمرشح الارثوذكسي أسعد درغام الذي نال 7435 صوتاً وفاز، ولو جُمعت أصوات جبور ودرغام التفضيلية لبلغ المجموع 16102 هي قدرة <التيار> في الدائرة، وإذا أضيفت اليها الاصوات الـ1304 التي نالها رياض رحال، لبلغ المجموع 17406، في حين ان وليد البعريني المرشح السني عن <المستقبل> نال 20426 صوتاً تفضيلياً.

وتؤكد مصادر التيار الوطني الحر أن دائرة عكار كانت <نموذجاً> للتنسيق بين المناصرين والمحازبين، في حين لم يكن الوضع كذلك في الدوائر الأخرى لاسيما في جبل لبنان.