تفاصيل الخبر

«السوبرانو» تانيا قسيس: انه «بابا الشعب» لأنه متواضع ويـقـصــد«كافتيريــا» الـفـاتيكان لاحـتـســاء الـقـهـــوة!

20/11/2015
«السوبرانو» تانيا قسيس: انه «بابا الشعب» لأنه متواضع ويـقـصــد«كافتيريــا» الـفـاتيكان لاحـتـســاء الـقـهـــوة!

«السوبرانو» تانيا قسيس: انه «بابا الشعب» لأنه متواضع ويـقـصــد«كافتيريــا» الـفـاتيكان لاحـتـســاء الـقـهـــوة!

بقلم عبير انطون

1 <البابا القادر على إحداث تغييرات> هي ربما العبارة الأكثر ترديداً حول رئيس الكنيسة الكاثوليكية الحالي البابا فرنسيس الذي طالما عُرف بتوليه الجناح الاصلاحي في هذه الكنيسة. الراهب اليسوعي عُرف منذ طفولته بشغفه بالأفلام، والموسيقى الشعبية في الأرجنتين والأوروغواي، برقص <التانغو>، وبمتابعته كرة القدم وتشجيعه لها بشكل خاص نادي <برشلونة>. يتمتع بتواضع جمّ، وبإصرار على دعم الحركات الإنسانية والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، هو الذي هربت عائلته من النظام الفاشي في ايطاليا. في طليعة اهتمامات البابا الحالية، تشجيع الحوار والتواصل بين مختلف الثقافات، و بين آخر صوره غمرة من القلب لفنانة لبنانية ارادت الوصول الى ابعد من الصوت الشجي، الى رسالة تريدها على مثال وطنها لبنان وصورته، صورة لا علاقة لها بمشاهد العنف وجولات الارهاب الذي عرفها بلد الأرز حاصدة القتلى والجرحى والتساؤل عن المصير.

 في هذا اللقاء، القصة الكاملة للبابا فرنسيس والفنانة اللبنانية تانيا قسيس.

وبدأنا مع تانيا بالسؤال الأول:

ــ لديك في كل فترة مفاجأة تطلين علينا بها، وهذه المرة جاءت من الفاتيكان.

- أنا افاجئ نفسي أيضاً.. جميل هذا الشعور.

ــ كيف تمّ اللقاء برأس الكنيسة البابا فرنسيس مؤخرا، من رتّبه؟

تعرفون انه في شهر أيار الفائت شاركت في حفلة في ساحة <Piazza Duomo> الايطالية في ميلانو حضرها حوالى خمسين الف شخص، بتنظيم من مؤسسة <كاريتاس> الدولية، وكنت اللبنانية الوحيدة بين فنانين عديدين. اديت ترتيلة <آفي ماريا> التي يتخللها صوت الآذان فشكّلت هذه الترتيلة سابقة، واحتلت العناوين الاولى للصحف الايطالية وعبر محطة <راي اونو>، اذ راحت كلها تركز على تلك الصبية اللبنانية التي غنت حوار الأديان. منذ مدة، كنت في روما لمواعيد نتجت عن نجاح حفلة ميلانو والتأثير الايجابي الذي تركته، ومن خلال اتصال مع السفير اللبناني في الفاتيكان جورج خوري تسنّت لي فرصة اللقاء بالبابا وجرى ترتيب الزيارة في خلال يومين اثنين، وقد كانت الترتيلة عاملاً بارزاً في إتمام الزيارة من حيث الصلاة المشتركة التي تترجمها في ابراز اهمية لبنان كرسالة بحسب ما وصفه البابا السابق يوحنا بولس الثاني.

ــ عما دار الحوار مع قداسته؟

- قد أثنى على عملي ونوه به، وطلبت منه ان يصلي للبنان وأن يأتي ويزورنا، فاذا به يطلب مني ان اصلي لأجله، فتفاجأت سائلة إياه: هل تطلب مني ان اصلي لك؟ انني ممتنة ومقدرة جدا لما خصني به.

ــ كم كانت ترتيلة <آفي ماريا> فاتحة خير لك؟

- صحيح، هي السيدة العذراء وجهها خير علي، جميعنا نؤمن بالسيدة مريم وهي موجودة بشكل دائم في حياتي.

ــ هل كان اللقاء بالبابا فرنسيس يدور في خلدك وموضوعاً على اجندتك؟

- لن أكذب بقول لا، الا انني لم أتصوره سينجز على الاطلاق بهذه السرعة. لم اكن متحضرة له معنوياً. عندما علمت بأنني سألتقيه، فكرت باللغة التي سأتكلم بها. كان همي الاول ان يشعر مباشرة بما اريد ايصاله، فقررت التحدّث اليه بالاسبانية، فهو ارجنتيني المنشأ ويتكلم البرتغالية.

وتزيد تانيا بابتسامة دافئة:

- بدأت بالاسبانية واكملت باللغة الفرنسية وهو يفهمها جيداً. لست أدري إن كنت قد استطعت التعبير له عن كل ما وددت قوله، فأنا لم اتكلم بهذه اللغة منذ وقت طويل، واعرفها من خلال زيارات لي لأميركا اللاتينية. حضّرت عباراتي مسبقاً. شعرت بالرهبة وببعض الارتباك الذي سرعان ما تلاشى بعدما بت في حضرته، أمام شخص سمعت عنه الكثير، وعن تواضعه وكسره للحواجز، فأنا عرفت عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يزور اماكن غير متوقعة، يفاجئ الناس، يقصد <كافيتيريا> الفاتيكان لاحتساء القهوة، وهو يستحق عن جدارة ما يُلقب به <بابا الشعب>.

 

 صورة.. وغمرة

ــ ما الذي لفتك فيه؟

- لفتني اصغاؤه الدقيق للشخص أمامه، فينتبه الى كل كلمة، يأخذ وقته ويستمع باهتمام وبتركيز ملفت ويجيب عن كل الاسئلة، كما انه يشعر الزائر بالاحتضان الكبير. تأثرت جداً عندما غمرني. كنت سأكتفي منه بالبركة وإذ به يعطيني غمرة، وأنا أشكره من قلبي.

وتكمل تانيا:

 - لم يكن يهمني ان ابرز كفنانة، بل كإنسانة لها دور في الحوار والتواصل، اردت ان نتخطى ما يعرفه البابا عنا كلبنانيين، وما ينشره الاعلام عن خلافات وتفرقة بين شعب البلد الواحد، واننا في لبنان نستطيع ان نشكل نموذجاً فريداً في العالم كله عن العيش المشترك حتى ولو اختلفت الاديان والطوائف. انا ابنة الاشرفية، وبيتنا كان بجانب جامع بيضون وكنت أستمع لصلاة الآذان وانتظرها، ولدي اصدقاء اعزاء من ديانات مختلفة. لم ارد لعملي ان يتوقف عند ترتيلة، بل ان يكون تجسيداً لمفهوم لبنان - السلام. ابتعد عن الوعظ ولا أحبّه انما ادعو الى العيش بما نؤمن به وهكذا يمكننا تغيير الاشياء في بلد يمثل التنوع الثقافي والديني.

مسيحيو الشرق

 

ــ هل سألته عما اذا كان خائفاً على مسيحيي الشرق؟

- لم نتكلم بهذا الخصوص، انما في المؤتمر الذي عُقد في شهر ايار/ مايو الفائت طُرح هذا السؤال وأخبرتهم بأن المسيحي في لبنان لا يزال له وجود كبير، وهو متمسك بارضه وبجذوره، وان اي خرق لوجوده هذا من شأنه أن يغيّر وجه المنطقة برمتها، وتجد المسيحيين متنبهين لهذا الأمر جيداً. ولا يشكل ذلك اي تعارض مع الوجود الاسلامي الضروري ايضاً، والدعوة هي للرجوع الى المعنى الحقيقي للاسلام، فلا تكون صرخة <الله أكبر> الا للصلاة وليس لتنفيذ اي عمل عنيف او ارهابي. في ايطاليا يولون اهمية كبيرة للعيش المشترك وبشكل خاص الكاردينال <سكولا> الذي يرئس جمعية لحوار الأديان فاعلة وناشطة وعبرها تمت دعوتي الى ميلانو.

ــ هل تمّ السماح بتصوير اللقاء مع البابا لكي يبقى ذكرى تحتفظين بها؟

- للأسف لا، وللفاتيكان مصورون رسميون يتولون مسألة التقاط الصور وإرسالها للشخص المعني بعد ذلك.

ــ هل عرفت من قداسته ان كان سيزور لبنان؟

 - طلبت منه ذلك وقلت له: نحن بانتظارك. لم احصل على جواب حاسم لكنني أعتقد ان الزيارة واردة على أجندته.

 

<وان ليبانون> والجامعة الاميركية..

ــ هل سمع بمشروعك <وان ليبانون> وقد بات موعداً سنوياً يشترك فيه الفنانون اللبنانيون من مختلف الفئات والاديان للغناء للبنان الواحد؟

- لم يثر الامر، الا ان الكاردينال <سكولا> يعرف به وتأثرت جداً عندما تحدث عنه في المؤتمر، حتى انه جرى الحديث مع نيافة الكاردينال عن امكانية التعاون ما بين لبنان وايطاليا من خلال مشروع <وان ليبانون> و<حوار الأديان>.

ــ الى اي مدى انت فخورة بـ<وان ليبانون>؟

- الى حد بعيد لأنه يُعنى بتغيير ذهنية الناس وقد بدأ بالفعل. من خلاله قلت انه يمكن للانسان ان يختلف بالرأي عن الآخرين ويمكنه ان يطرح الصوت عالياً حتى ولو كان واقفاً الى جانب من يخالفه هذا الرأي. وانا سعيدة بأن اخبركم انه بمناسبة عيد الاستقلال تم الاتصال بي من أربع دول: كولومبيا، استراليا، فرنسا وأميركا لتزويدها بحفلة <وان ليبانون> التي جرت هذا العام وقد بثتها الشاشات اللبنانية في وقت واحد، ليبثوها بدورهم بمناسبة عيد الاستقلال في صالات مختلفة في هذه البلدان على ان تتم دعوة الجاليات اللبنانية اليها.

وتصمت تانيا لبرهة ثم تكمل:

- انا وكما كل اللبنانيين اتساءل ان كان بإمكاننا ان نحيي هذا العيد لهذا العام، وسط الدم الذي شهدناه الاسبوع الماضي في الضاحية ووسط الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية وشلل المؤسسات، ووصلت الى نتيجة انه يجب الاحتفال به ولو وسط الاحباط، على ان يتم العمل الفعلي لتصحيح الاوضاع وانتخاب الرئيس. يجب ان نذكّر الشباب بشكل دائم بأن بلدنا مستقل وواجبنا ان ندافع عنه حتى يبقى مستقلاً عبر مبادرات فعلية تصون هذا الاستقلال وتحميه.

2ــ هل بدأتم التحضير لاحتفال هذا العام؟

- نعم بدأنا بالتحضير للحفلة الموسيقية الا ان <وان ليبانون< لا يقتصر على الغناء بل له هدف وطني تربوي كبير، ولهذا الغرض نحضر الآن لإطلاق مشروع بالتعاون مع الجامعة الاميركية لتنفيذ برنامج تربية مدنية تقوم على أساس مفهوم السلام. هو لا يتوجه لتلامذة المدارس انما لشباب يعملون او يتعلمون، وذلك من خلال ورش تُعقد من قبل اساتذة الجامعة حتى نصل للجميع، ونضع الاصبع على الجرح ونواكب الشباب في طموحاتهم ونخلق شبكات من العلاقات بينهم، فلهذه العلاقات اهمية كبيرة في التواصل، وبعد ان قدمنا ريع حفلة العام الماضي من <وان ليبانون> لأولاد شهداء الجيش فإن حفلة هذا العام سيعود ريعها لدعم هذا المشروع التربوي.

مع الامم المتحدة..

ــ وما جديدك فنيا بعد؟

- أنا الآن بصدد تحضير أغنية جديدة تشمل العالم العربي كله وتتناول ما يدور فيه من مآس وهي ايضاً تتطرق الى البلاد الغربية، ذلك ان الهموم والمشاكل الانسانية باتت واحدة وتشمل العالم كله، وزاد في نشرها اهتمام وسائل التواصل والاتصال. أحضر لهذه الاغنية تحت مظلة الأمم المتحدة التي اتعاون معها في هذا الصدد، وسوف تصدر في غضون شهرين اثنين.

ــ بأية لغة ستكون؟

- اللغة العربية هي اللغة الأساسية للأغنية، واكملها باللغة الانكليزية وهناك نسخة عنها ستكون باللغة الايطالية تعقبها نسخ جديدة بلغات أخرى. الكلمات كتبها فادي الراسي ولحنها المؤلف الموسيقي ميشال فاضل.

ــ وعما سيدور موضوعها تحديداً؟

- عن الانسانية بشكل عام واهمية التفاؤل والأمل والايمان على الرغم من كل الظلمات التي تحيط بالانسان، وهي تشدد على مدّ اليد لكل محتاج. لا تقتصر رسالتها عما يجري في العالم العربي بل ان كل انسان معني بها. نرى بأن المشاكل قد <تعولمت>. تفاجأت انه في ايطاليا مثلاً سُئلت بالتفاصيل عن مسائل الهجرة واللاجئين والمآسي.. تجدنا نتلهى بأمور كثيرة بينما المسائل الانسانية هي الأساس وهناك فعلاً من هم بحاجة ماسة للمساعدة، وأعتبر انه من خلال عملي كفنانة يمكن ان اقوم بمبادرات انسانية وأشجع عليها. لن ندّعي إنقاذ الانسانية الا انّ رأب صدع صغير في مكان معين يمكن ان يكون مفيدا. عنوان الاغنية <الارض للجميع>، إذ ربما يكون الاختصار الأفضل لما تتناوله. من المفروض ان نحضر ارضاً خصبة بالخير والعمل النافع لاجيال شابة في الشرق الأوسط.

ــ وفي مقلب الاغنيات الاخرى، الرومانسية تحديداً؟

- أحضّر <ألبوماً> جديداً يضم اغنيتي <غرام> لمهرجانات الصيف المقبل. كذلك سوف أحيي عيد الاستقلال في بروكسل عاصمة بلجيكا بدعوة من مؤسسة <بوغوسيان> الناشطة بشكل كبير في ابراز الفن اللبناني في الخارج وتقديمه بأفضل صورة، على ان يكون إحياء عيد الميلاد في الأردن ومن ثم أعود الى احياء حفلات في لبنان.

ــ كعيد العشاق مثلاً؟

- لا شيء محدد بعد.

ــ ماذا عن اخبار القلب وسط المشاريع المزدحمة..

- دائمــــاً نجـــد وقتا للقلب ولو في خضم المشاريع.. القلب الآن غير مشغول. نحن الفنانين حساسون جداً، احيانــــاً نشعر بأن القلب يخفق بشدة إنما يصدف للأسف ألا يــكون الــــــنصيب الــــذي نتمنــــاه فيعــــود القـــلب الى نبضاته الطبيعية!