تفاصيل الخبر

السلّة المقترحة من نصر الله تحوّلت الى مطلب للكتل الثلاث: حـــــزب الله و«الـتـيــــــار » و«الـقـــــــوات »!  

11/12/2015
السلّة المقترحة من نصر الله تحوّلت الى مطلب للكتل الثلاث: حـــــزب الله و«الـتـيــــــار » و«الـقـــــــوات »!   

السلّة المقترحة من نصر الله تحوّلت الى مطلب للكتل الثلاث: حـــــزب الله و«الـتـيــــــار » و«الـقـــــــوات »!  

بقلم جورج بشير

حسن معــــــروف عـن المســـؤول الحزبــــــي الشاب في تيــار <المستقبـــل> أحمد الحريري أنه وجه <قيادي> صاعد تنضح من مواقفه وتصريحاته روح وطنية غَرفَها من البيت والعائلة، وكان من الضروري أن لا يترك أي مجال لتذكير اللبنانيين بالأيام السوداء من تاريخهم، أيام الدمّ والارتكابات والتجاوزات إبان حروب الآخرين على أرضنا وعلى حساب شعبنا، هذه الحروب التي ما زال لبنان ومنطقة الشرق الاوسط وخاصة سوريا والعراق وفلسطين وشعوبها يدفعون ثمنها الباهظ دون أن يعي السياسيون والقادة في معظمهم في الدول المُشار إليها الى أن حروب اليوم التي تجتاح المنطقة لا تعدو كونها صورة طبق الأصل عن الحرب في لبنان، تلك الحرب التي تحوّلت الى حروب الآخرين بدورها على مراكز النفوذ السياسي والاقتصادي، وخاصة النفطي، تتبارى فيها ومن خلالها الدول المنتجة للأسلحة المتطورة والفتّاكة والمدمّرة التي يسمّونها <أسلحة الدمار الشامل> بعرض إنتاجها وعضلاتها جواً وبحراً وبراً، فيما المتقاتلون مستوردون في معظمهم <للنضال والجهاد> من كل حدب وصوب في حروب هذه الدول...

لقد حرّكت المبادرة السياسية التي أطلقها من باريس الرئيس سعد الحريري بتمنّيه ترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، المنصب الأول الشاغر منذ أكثر من سنة بسبب تقاعس نواب الأمة عن أداء واجبهم من جهة، وبسبب التقصير الفاضح في عملية تشريع قانون جديد للانتخابات النيابية في لبنان يصحّح تمثيل اللبنانيين في مجلس النواب ويحقّق العدالة المفقودة في القانون الحالي باعتراف الجميع، وهذه المبادرة مهما قيل فيها وعنها، تبقى محاولة جادّة ومسؤولة لتحريك الوضع ومنطلقاً لاستنباط الحلّ المنشود للأزمة الرئاسية التي جعلت البلد الـ<بدون رأس>، بلداً بـ24 رأساً وجعلته يسبح بين أكوام النفايات بشكل مريع ومثير للخيبة، كوّن عن لبنان أبشــــع صــــــورة يمكن أن يصير عليهــــــا بـــــــلد يتــــــوق شعبه الى الرقي الحضاري وللاستقــــــرار الأمنـــــــــــــــي والسياســــــــي والاجتماعي والاقتصادي، فلماذا لا تبقى هذه المبادرة بعيدة عن النعرات وإثارة الأحقاد والتهديد والوعيد، ونعمل على البناء عليها من منطلق معالجة أسباب الأزمة ودوافعها؟ وفي طليعة هذه الأسباب والدوافع التركيز على البحث في قانون انتخابات نيابية جديد يقوم على الأسس التي يطالب بها فريق كبير من اللبنانيين ليكون مثل هذا الاتفاق، أو التوافق، القاعدة التصحيحية لهذا الوضع المتأزم الذي يعيشه لبنان، كون النائب سليمان فرنجية شخصياً كان ولا يزال من بين القادة اللبنانيين الذين تلاقوا في اجتماعات بكركي التي أطلقت مطلب إنهاء الأزمة السياسية في آذار/ مارس الماضي على أساس سنّ قانون جديد للانتخابات النيابية يحقّق العدالة ويصحّح تمثيل اللبنانيين في البرلمان.

فرنجيه-الحريري 

ما أشبه اليوم بالبارحة

 

المستعجلون لانتخاب رئيس جديد للجمهورية يشدّدون على <ضرورة انتخاب الرئيس العتيد قبل وضع قانون الانتخابات النيابية الجديد المطلوب> وهم، وفي طليعتهم الوزير وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري وحتى الرئيس سعد الحريري يعدون ويتعهّدون بأنه <فور انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية مباشرة يُصار الى إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية لتجري الانتخابات هذه على أساسه، وليتحقق التصحيح المنشود>...

المشاورات التي جرت حتى نهاية الأسبوع الماضي بين الفريقين، أي بين الفريق الملحّ على إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً، والفريق المُطالب بتصحيح قانون الانتخابات النيابية أولاً وفي طليعته التيار الوطني الحر برئاسة العماد ميشال عون وحزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع، وحتى حزب الكتائب، لا يسلّم بالتعهّد - الوعد المقترح مقابل انتخاب الرئيس قبل قانون الانتخابات، بحجة <ان مثل هذا التعهّد - الوعد أُعطي قبل سنوات وسلّم به هذا الفريق وأخذه على محمل الجدّ وشُكّلت حكومة وجرى التباطؤ في تنفيذ العهد - الوعد المُشار إليه آنفاً من منطلق عدم وجود رغبة لدى الزعماء والأحزاب (جنبلاط، بري، الحريري) الذين ضمّوا الى قواعدهم ومراكز نفوذهم المقاعد النيابية الثلاثين المُعتبرة أصلاً لغيرهم، لردّ هذه المقاعد الى أصحابها الأصليين.. ومن هذا المنطلق أيضاً جرى تجديد العهد - الوعد مرّة ثانية، ومُدّدت ولاية مجلس النواب مرّة ثانية نتيجة عدم الوفاء بالالتزام وبقاء العهد - الوعد معلّقاً من دون تنفيذ... وفريق عون - جعجع الجميّل اعتبر أن إطلاق الوعود والعهود من هذا القبيل مجرّد كسب للوقت ومماطلة تخفي عدم الرغبة بوضع العهد والوعد فعلاً موضع التنفيذ <كون المرء لا يُلدغ من الجحر مرتين> كما قال سياسي بارز لزميلٍ له، فيما الفريق المطالب باستعجال انتخاب رئيس للجمهورية أولاً يواصل ضغوطه سياسياً وإعلامياً وديبلوماسياً مما قد يدفع بالفريق الآخر (عون - جعجع) الى اتفاق سياسي على تشكيل حلف وربّما الى تقديم مرشح واحد عنهما للرئاسة الأولى.. وهذا الاحتدام في الصراع قد يقود الى المضيّ قدماً في عملية انتخاب الرئيس العتيد والى انتخاب الوزير فرنجية الذي هو أصلاً مرشح لقاء بكركي وواحد من الزعماء المسيحيين المطالبين بقانون الانتخابات النيابية الجديد الذي يصحّح التمثيل ويحقق العدالة، وبالتحديد القانون الأرثوذوكسي.

الانتخاب، أم القانون أولاً؟

إنه السؤال المطروح في جميع الأوساط اليوم في المواجهة السياسية الحامية حول الموضوع الرئاسي. انتخاب الرئيس أولاً، أم إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية أولاً؟

السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله كان قد طالب بالهدوء... <هدوء يا إخوان>، لنبحث ونتشاور بعيداً عن التشنج والانفعال والتهديد والوعيد حول سلّة متكاملة يجري التفاهم في شأنها توصل البلد في وقت واحد الى الحل المنشود للأزمة. إقرار قانون الانتخابات النيابية الجديد وآليته، والانطلاق فوراً وفي جلسة نيابية واحدة بعملية انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في ظل تهدئة شاملة كاملة لا تتيح للمصطادين في المياه العكرة أن يحققوا آمالهم في توسيع رقعة الحرب الإرهابية من سوريا والعراق الى لبنان وتعريضه لا سمح الله لتجربة دموية جديدة قد تشبه في أحد وجوهها الحرب <العالمية>.. الدائرة عند جيران لبنان، لا يعود معها ينفع أي تشاور أو حوار أو بحث بحلول كمشاريع الحلول المطروحة حالياً.

إن البناء على المبادرة التي أطلقها الرئيس الحريري من باريس بترشيح الوزير سليمان فرنجية ليس دعسة ناقصة، إنما هو خطوة ثابتة الى الأمام لتحقيق النقلة النوعية المطلوبة، للوصول الى الحل السياسي المنشود للأزمة التي يتخبط فيها لبنان. فالسلّة الواحدة التي اقترح السيد حسن نصر الله أن يتوافق حولها اللبنانيون وينتخبوا لهم رئيساً على أساسها، تكون أولاً بإعلان التوافق على البنود الأساسية التي سيرتكز عليها قانون عون-فرنجيهالانتخابات النيابية الجديد (تقسيم الدوائر، والنسبية، وتصحيح التمثيل، والعدالة) كبنود أساسية يوافق عليها مجلس النواب في الجلسة ذاتها المخصصة لانتخاب الرئيس العتيد، ووضع الوعد المقطوع أساساً للعماد عون بالنسبة لقيادة الجيش موضع التنفيذ وعدم التوقف عند الشكليات. لكن يبدو أن هنالك من يرى ضرورة المُضيّ في عملية الترشيح وانتخاب الرئيس حتى النهاية، وهذا سيضع تحالف العماد عون وحزب الله في موقف بالغ الحرج، لا بل يضعه على المحكّ، خصوصاً إذا ما اعلن الدكتور جعجع ترشيحه العماد عون للرئاسة، إذ يصبح حليفا الحزب (عون وفرنجية) مرشحين للرئاسة الأولى.

في مجلس النواب من يرى أن الفريق الأول أعطى تنازلاً يريد مقابلاً له، وذلك عندما وافق على طرح قانون استعادة الجنسية وأصبح هذا القانون أمراً واقعاً، ويسأل: هل من الضروري إعطاء الفريق الآخر مطلبين في وقت واحد قبل انتخاب الرئيس (قانون استعادة الجنسية، وقانون الانتخابات النيابية؟!)...

الى هذا الحدّ وصل النقاش في عملية المشاورات التمهيدية الجارية لحل الأزمة وانتخاب الرئيس العتيد بين الفرقاء، في وقت يعوم فيه لبنان بأكوام النفايات!!

قد يصل الوضع السياسي الى انتخاب النائب سليمان فرنجية مسنوداً الى سلّة توافقات منشودة ويصبح فرنجية رئيساً للبنان بموافقة الجميع. وقد يصل بواسطة أغلبية جديدة من دون التوافق على سلة المطالب المنشودة أساساً للحل ومنها قانون جديد للانتخابات، لكن دون كل ذلك، حلف سياسي - انتخابي ثنائي أو ثلاثي قوي قيد التشكّل بفعل تداعيات الأزمة، وبفعل غياب الثقة أو فقدان الثقة بين الأطراف السياسية المعنية بالحل. وهذا هو السبب، أي انعدام الثقة الذي قد يقود البلد الى المجهول، إذا لم يريدوا للتسوية أن تنجح.