بعد أن جلس الفخراني العام الماضي على مقعد المشاهد، قرر أن يخوض السباق الرمضاني هذا العام بمسلسل <دهشة> الذي أثار الكثير من الجدل في محاولة البعض اتهامه بتكرار نفسه بتقديم الشخصية الصعيدية والتي سبق وقدمها في مسلسل <الليل وآخره> و<شيخ العرب همام>، فهل قرر الفخراني أن يكون حبيساً للعباءة الصعيدية؟ إلا أننا وإن اختلفنا معه لكننا نتفق وبشدة على موهبته اللامحدودة، فهو صاحب موهبة جسورة تنير له شعلة الإبداع في معركة الفن، غامر كثيراً وفي أعماقه قناعة بالمكتوب.
ويؤكد الفخراني أنه عائد للشاشة الرمضانية بقوة فهو يقدم شخصية جديدة تماماً على الدراما التلفزيونية، شخصية متصالحة مع الحياة إلى درجة كبيرة متمردة وغاضبة تنبش في الممنوع السياسي والمحظور الاجتماعي، انه وبحق سيكون مفاجأة الشاشة الرمضانية 2014، حاولنا التقاط بعض الأنفاس مع الفخراني داخل كواليس المسلسل والتي جاءت بها السطور الآتية:
ــ في البداية ما الذي يقدمه الفنان يحيى الفخراني لجمهوره بعد غياب عام في مسلسل <دهشة>؟
- نحن في سباق مع الزمن ونحاول جاهدين كفريق عمل الانتهاء من العمل قبل حلول الشهر الكريم وكما تعلمون أنني لا أحب الحديث عن أي عمل جديد إلا بعد ظهوره إلى النور وعرضه على الناس، خاصة أن موضوعه لا ينفع التكلم عنه، وما أريد قوله ان في أي عمل فني أشياء كثيرة جداً. و<دهشة> أراه عملاً صعباً جداً وربنا يوفق شادي الفخراني في إخراجه بصورة ترضي الناس بإذن الله خاصة وانني أحب هذا العمل.
ــ حدثنا بصورة موجزة عن الخطوط العريضة للمسلسل؟
- المسلسل <دهشة> مأخوذ عن مسرحية <الملك لير> والذي سبق أن قدمتها على خشبة المسرح. وقد دارت بيني وبين المؤلف عبد الرحيم كمال مناقشات عديدة على مدار عام حول <الملك لير> وبحث إمكانية <تمصير> هذا العمل ليتناسب مع مجتمعنا، خاصة أن المشاعر التي عاشها <الملك لير> مع بناته الثلاث من الممكن أن تكون مشتركة مع أب وبناته في أي مجتمع آخر ، إضافة الى أن هناك روايات عالمية تم <تمصيرها> وحققت نجاحاً كبيراً عند عرضها في مصر، ووقع اختيار المؤلف على البيئة الصعيدية لأنه يشعر أن الأصول والعادات الصعيدية قريبة من جو الأحداث بالمسرحية وهذا ما وافقت عليه، وبالفعل بدأ كتابة سيناريو العمل في إطار ملحمي صعيدي يتوازى فيه <الملك لير> مع شخصية <الباسل> الذي تدور حوله الأحداث وهي الشخصية التي ألعبها.
ثم أضاف:
- في بداية أحداث المسلسل، يتعرض لظلم في حياته، وبمرور الأحداث وعندما يجد نفسه لا ينجب أولاداً ذكوراً وهو على قيد الحياة أراد أن يوزع ثروته على بناته الثلاث، وبعد توزيع التركة في حياته على بناته، تتحول الأحداث من حب البنات لوالدهن إلى التخلي عنه بعد أن حصلت كل واحدة منهن على حقها في الميراث من والدها وهو حي يرزق، فتبدأ كل واحدة منهن بالتنصل منه والانشغال عنه بأمور الحياة، فيعلن ندمه على تقديمه ثروته على بناته وهو على قيد الحياة، وتتوالى الأحداث في قالب تشويقي يتناول عقوق وجحود الأبناء وهي رسالة صريحة لكل الآباء والأبناء.
ــ ما رأيك في من يتهمونك بأنك أصبحت حبيس العباءة الصعيدية؟
- يضحك قائلاً: سمعت مثل تلك الكلمات عندما كنت أقوم بتصوير <شيخ العرب همام> والحمد لله المسلسل لاقى نجاحاً كبيراً ومازال حتى اليوم يعرض على العديد من الفضائيات.
ــ وما حقيقة أنك فرضت ابنك شادي الفخراني على العمل والمنتج اللبناني صادق الصباح لإخراجه؟
- هذا كلام فارغ وليس حقيقة وأنا لم تعد تزعجني مثل هذه الشائعات السخيفة التي أثبت شادي باجتهاده في عمله أنها غير صحيحة والجمهور واعٍ جداً، فأصبح يشم رائحة الشائعة من بعيد ولا ينساق وراءها. بالعكس كنت أرفض عمل شادي معي حتى لا يقال هذا الكلام الذي ذكرته، ولكن الشركة المنتجة والمؤلف عبد الرحيم كمال أصرا على وجود شادي وتوسطا عندي أن اقبل بأن يعمل معي خاصة بعد النجاح الذي حققه معهم في مسلسل <الخواجة عبد القادر>، فشادي مخرج أثبت تميزه وله العديد من الأعمال السينمائية الناجحة.
ــ كبار النجوم يصرون دائماً على التدخل في اختيار نجوم العمل وتعديل السيناريو، ما رأيك؟
- من حق أي نجم أن يخاف على عمله لأنه سوف يحاسب عليه بنجوميته وسوف يحسب له وحده فشل العمل أو نجاحه، فلماذا يعترضون على أن يكون لي رأي في شكل السيناريو ولي الحق في طلب التعديل إذا وجدت خللاً! وهذا الأمر نتيجة خبرة سنوات طويلة، فقد يحدث مثلاً أن يختار المنتج أو المخرج ممثلين ليسوا على المستوى المطلوب على سبيل التوفير وهنا لا بد أن أتدخل لأن العمل في النهاية يحمل اسمي وأنا حريص على أن تخرج أعمالي على أعلى مستوى في الجودة حتى تكون هناك صدقية مع الناس.
ــ مسلسل <دهشة> ثالث عمل لك يجمعك بالمؤلف عبد الرحيم كمال، فهل <حدثت كيمياء> بينكما؟
- في رأيي ان المؤلف عبد الرحيم كمال اكتشاف ممتاز وله مستقبل كبير جداً وفي جعبته الكثير لم يخرجه حتى الآن، فهو يجعل الحوار كأنه شعر نثري ولا يمكن أن تخرج من مشاهدة العمل دون أن تكون هناك بعض الجمل عالقة في الأذهان، أنا شخصياً من أشد المعجبين به.
ــ أردت أن أجلس بجوارك عندما تفاضل بين أكثر من سيناريو. ما هو المعيار الأساسي الذي يحكم اختياراتك؟
- هو مراعاة التوازن بين المضمون والقالب الذي يتمحور العمل حوله، فعندما أخوض مسلسلاً تلفزيونياً وأضيف إليه المسلسل الإذاعي، فإن كليهما يجب أن يكونا مراعياً للآخر، فمثلاً لا يجوز أن اشترك في عمل سياسي ضخم كـ<شيخ العرب همام> أو <الخواجة عبد القادر> على سبيل المثال وفي المساء، أظهر بصوتي في الإذاعة في عمل خفيف، فهناك الكثير من المعايير تتحكم في اختيارات الفنان يجب مراعاتها جيداً.
ــ هل يزعجك أن لا تعرض أعمالك على الشاشة الرمضانية؟
- في البداية، كنت أنزعج ولكنني انظر الآن إلى الشاشة الرمضانية على أنها مقدمات للعمل، فما يلفت النظر يتابعه الجمهور عند عرضه بعد شهر رمضان بتأنٍ أكثر، وأذكر دائماً الناقد علي أبو شادي عندما كان يقول لي دائماً ان السينما أهم وأنا أقول له: لا التلفزيون أهم، فطوال العام لا تخلو قناة فضائية من أعمالي. الوضع اختلف الآن وأذكر أيام <ليالي الحلمية> عندما كنت أرى بعض الناس في الشارع، كنت أقول لماذا لا يشاهدون العمل؟ ولكن طالما الأعمال تذاع والناس تملأ الشوارع، فالعرض مستمر على أكثر من قناة وفي أكثر من توقيت، فالزمن تغير ويجب أن نواكبه، والفنان الذي لا يطوّر نفسه ينتهي، فموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب أكبر قدوة في ذلك عندما أدخل موسيقى وآلات غربية وإيقاعات حديثة على موسيقانا الشرقية.
ــ أخيراً، أين أنت من السينما؟
- السينما أصبحت في حالة سيئة وأنا أحترم تاريخي وأبتعد عنها، فلم يعد هناك عمل جيد يناسبني ويرضي طموحي الفني، ولكن إذا وجدت شخصية مكتوبة جيداً فلن أتردد في تقديمها، لأن السينما لها عشق وبريق خاص في نفس الفنان.