تفاصيل الخبر

الشارع وسيلة للاعتراض على تعطيل المؤسسات وتراكم النفايات والعتمة والبطالة وتقاسم المغانم!

23/09/2015
الشارع وسيلة للاعتراض على تعطيل المؤسسات  وتراكم النفايات والعتمة والبطالة وتقاسم المغانم!

الشارع وسيلة للاعتراض على تعطيل المؤسسات وتراكم النفايات والعتمة والبطالة وتقاسم المغانم!

12 تصاعد الحراك المدني بعدما بدأ خجولاً بمبادرة من حملة <طلعت ريحتكم> يوم 22 آب /اغسطس الماضي على خلفية فشل الحكومة في إيجاد حلّ لأزمة النفايات التي حصلت بعد إغلاق مطمر النفايات الرئيسي في الناعمة يوم 18 تموز/ يوليو الماضي، وتوقف شركة <سوكلين> عن عملها بعد انتهاء العقد معها، لكن هذا الحراك كبر ككرة الثلج ودخلت على الخط حملات اخرى من <بدنا نحاسب> الى <حلوا عنا> و<عالشارع> و<لبنان لشعبه> وغيرها، لكن الأبرز كان مشاركة هيئة التنسيق النقابية في هذا الحراك الشعبي وبعض أركان النقابات الى ان كانت المحطة المركزية الثالثة في جملة التحركات التي تواصلت وهي تظاهرة 29 اب /اغسطس الماضي التي جمعت عشرات الآلاف في ساحتي الشهداء ورياض الصلح وحصلت مواجهات مع القوى الامنية، لكن المتظاهرين رفعوا سقف مطالبهم وطالبوا باستقالة وزير البيئة محمد المشنوق ومحاسبة وزير الداخلية نهاد المشنوق وكلّ من أصدر الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين وإجراء انتخابات نيابية جديدة وتأمين حل بيئي مستدام لملف النفايات عبر اشراك البلديات بعد تحرير أموالها، ليقوم بعض الناشطين بدخول وزارة البيئة في مبنى اللعازارية وسط بيروت، والخروج منه بالتراضي فيما بعد.

 إلا ان مجموعة اعتصمت امام وزارة البيئة وأضربت عن الطعام لمدة 14 يوماً انضمت بعدها الى الحراك في ساحة الشهداء الذي تنقل بين تظاهر واعتصام في اكثر من مكان بدءاً من عين المريسة، حيث طالب المعتصمون بوقف قرار محافظ بيروت زياد شبيب بوضع عدادات وقوف السيارات على الكورنيش، ما اضطره لإلغائها، بالاضافة الى الاعتصام في الكورنيش قرب <الزيتونة باي> ورفع شعار إعادة الأملاك العامة إلى الشعب، ناهيك عن الاعتصام امام وزارة الداخلية وثكنة الحلو للمطالبة بالافراج عن المعتقلين، وأمام وزارة المال للمطالبة بعدم صرف رواتب النوّاب الممددين لأنفسهم، لتكر سبحة الاعتصامات اليومية والمتنقلة حتى 9 ايلول /سبتمبر الجاري وقيام اعتصام في ساحة الشهداء بالتزامن مع بدء جلسات الحوار الوطني في مجلس النواب والدعوة لإجراء قانون انتخابي عادل خارج القيد الطائفي على أساس النسبية، واعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة، ليتكررالامر في الجلسة الثانية في 16 منه، في وقت كانت هناك ردة فعل رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس عندما وصف اسواق بيروت القديمة بـ <ابو رخوصة>، ما دفع الحراك لإحياء هذه الاسواق من جديد في ساحة الشهداء في يوم تخلله عرض للإنتاج اللبناني وتقديم وصلات غناء ودبكة، ليتوّج هذا التحرك بتظاهرة مركزية ثالثة في 20 الجاري انطلقت من برج حمود نحو ساحة الشهداء وحاول المتظاهرون خلالها الدخول الى ساحة النجمة فحصلت مواجهات مع القوى الامنية ووقع جرحى نتيجة الإغماء بسبب التدافع وارتفاع حرارة الجو بالإضافة الى إشكالات بين المتظاهرين الذين رفع بعضهم صوراً لبعض السياسيين ممن اتهموهم بالفساد

اتهامات للحراك

55بالارتباط بالخارج

 وتطرح علامات استفهام حول هذا الحراك المتنامي الذي دفع الحكومة للتراجع عن صفقة المناقصات للنفايات والتصديق على خطة وزير الزراعة اكرم شهيب بعدما تسلم الملف إثر انسحاب الوزير المشنوق من اللجنة الوزارية المختصة بالنفايات حتى وصل الأمر الى مجلس الأمن الدولي الذي بحث الوضع اللبناني المستجد في ضوء التحركات الاحتجاجية والمطلبية من خارج جدول الأعمال، بناء على طلب الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان <سيغريد كاغ> التي اعتبرت ان ّالقضية المركزية الآن في لبنان هي الجمود السياسي وخطورة فقدان الثقة العامة بالحكم، مشيرة إلى أنّ النقمة على الحكومة ستنمو إنْ لم يتمّ تحقيق تقدّم، داعية السياسيين اللبنانيين إلى الانخراط والانفتاح على مجموعات المجتمع المدني، معتبرة أنّ المستجدات الحالية تحتمل تطورات إيجابية منها إعادة البحث في القضايا السياسية العالقة وإمكانية نمو مجتمع مدني علماني عابر للطوائف في لبنان. وهنا لا يخفي بعض المراقبين صلة نائب وزير الخارجية الأميركي السابق <جيفري فيلتمان> عن هذا الاعلان كونه المعاون السياسي للأمين العام <بان كي مون>، ناهيك عن دعم السفارتين الاميركية والبريطانية للحراك الشعبي بالإضافة الى اتهام دولة عربية بالتدخل في لبنان ودعم الاعتصامات وتمويلها كما أشار الوزير نهاد المشنوق، حتى ان البعض يسأل عن سر قيام قنوات تلفزيونية بتغطية الحراك ومواكبته على مدار الساعة والإشارة الى ان هذا مدفوع الثمن حتى وصل الأمر الى اتهام مركز القيادي الفلسطيني <عزمي بشارة> كغطاء للدور الخليجي في دعم الحراك الشعبي، حتى قيل ان بعض الناشطين في حملة <طلعت ريحتكم> عماد بزي هو أحد تلامذة منظمة «أوتبور» التي تعني المقاومة الشعبية الصربية، وهي منظمة مرتبطة بمعهد السلام الأميركي عملت على تدريب مئات الناشطين من أكثر من 37 دولة في العالم على قيادة وإدارة الانقلابات والثورات الناعمة والملوّنة من خلال تحريك الاحتجاجات المدنية والسلمية، فيما اتهم بعض أركان <المستقبل> بقايا اليسار بهذا الحراك، لاسيما وان الحزب الشيوعي نزل الى الساحة بكل ثقله وعلى رأسه أمينه العام خالد حدادة إنما فعل ذلك كما قالت اوساطه بقصد لبننة هذا التحرك وسحب الخيط الخارجي عنه وكردة فعل على الازمات المتمادية في البلد ورفع شعارات إجراء انتخابات وفق قانون النسبية ووضع حد لهذا النظام الطائفي الذي يتقاسم مغانمه أمراء الحرب والطوائف .

33 

الوضع الشاذ يدفع الناس للتحرك

 

وصحيح ان هناك مآخذ على الحراك المدني الذي شارك فيه الكثيرون بشكل عفوي دون تحريض من الداخل او الخارج، ومنها ان التظاهرات شهدت اعمالاً مخلة بالأمن من مهاجمة رجال الأمن الى اعتداءات على سيارات المارة وقطع الطرقات الى تكسير لوحات الاعلانات واشارات السير وواجهات المحال اتهم بها بعض المندسين، وهذه من مسؤولية المشرفين على الحراك دون غيرهم، ناهيك عن اطلاق شعارات تحريضية تؤجج الفتنة في البلد وما قيام البعض بالاساءة الى ضريح الرئيس رفيق الحريري سوى عينة عن الاخطاء التي ارتكبت وكادت تؤدي الى ما لا تحمد عقباه، لولا نجاح الامن العام في إلقاء القبض على هؤلاء ليتبين انهم مجموعة <داعشية> افتعلت الأمر بأمر من قياديين ارهابيين لإشعال الفتنة السنية الشيعية .

ورغم كل هذا فالحراك لم يأتِ من فراغ وإنما نتيجة تراكم أخطاء الطبقة السياسية الحاكمة منذ أكثر من ربع قرن من الزمن سواء في فريق 8 او 14 آذار، فالدين العام وصل إلى أرقام جنونية وتخطى عتبة الـ 70 مليار دولار اميركي، والأزمات المعيشية والاجتماعية لا تعد ولا تحصى، والفساد يعشش في الإدارات، وتقاسم مغانم الدولة جارٍ على قدم وساق حتى جفّ ضرع البقرة الحلوب، والنفايات تتكوم في الشوارع وتزكم برائحتها الأنوف، والعتمة تغزو كل البيوت، والبطالة تطال معظم الشباب، والوظائف حكر على المحسوبين على هذا الزعيم او ذاك، وسلسلة الرتب والرواتب معلقة، والهجرة الى ارتفاع، والفقير يموت أمام ابواب المستشفيات، ناهيك عن التعطيل المؤسساتي من رئاسة الجمهورية الى المجلس النيابي الى الحكومة، ولذلك رفع المتظاهرون شعار: <كلن يعني كلن> في إشارة الى الجميع دون استثناء، وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري للتقدم بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية ضد المتظاهر صلاح نور الدين بتهمة قدح وذم ونشر معلومات مغلوطة ومضللة، علماً بأن نورالدين هو الشخص الذي رفع في تظاهرة 20 الجاري يافطة حملت صورة السيد حسن نصر الله والسيد موسى الصدر وكُتب عليها: <هذه الرموز التي نجل ونحترم>، وأخرى كُتب عليها <رؤوس الإجرام والفساد والسرقة>.