تفاصيل الخبر

الصحافية الناشطة لتعزيز حقوق المرأة رولا دوغلاس: لا بد من استمرار نضالنا لنيل حقوق المرأة وتطبيق المساواة!

03/03/2017
الصحافية الناشطة لتعزيز حقوق المرأة رولا دوغلاس: لا بد من استمرار نضالنا لنيل حقوق المرأة وتطبيق المساواة!

الصحافية الناشطة لتعزيز حقوق المرأة رولا دوغلاس: لا بد من استمرار نضالنا لنيل حقوق المرأة وتطبيق المساواة!

بقلم وردية بطرس

الصحافية-رولا-دوغلاس----A 

أكثر من ستين عاماً ولجنة حقوق المرأة اللبنانية تناضل وتعتصم من أجل حقوق المرأة اللبنانية المهدورة، وقد حققت الكثير وبقي الكثير، وهي مستمرة في مسيرتها حتى يتم تعديل القوانين المجحفة والمتعسفة بحق النساء اللبنانيات والتي تشرع العنف والتمييز بطريقة غير مباشرة، في وقت استطاعت فيه مؤخراً كل من تونس والمغرب والأردن ان تحقق تقدماً كبيراً في مجال حقوق المرأة، آخرها تعديل قانون الجنسية بما يسمح للمرأة اعطاء جنسيتها لأولادها.

صحيح اننا نعيش في القرن الواحد والعشرين، وصحيح ان العقلية اليوم تفتحت بشكل لافت وتطورت وسمحت للمرأة بتحصيل حقوقها واثبات جدارتها، وبالتالي المشاركة بشكل فعال في المجتمع سواء كأم او امرأة عاملة على السواء، الا انه لا يمكن غض النظر عن ان هذه الحقوق الممنوحة للمرأة لا تزال محدودة ومشروطة بعدم اختراق الذكورية التي تحكم مجتمعاتنا والمبادىء التي تسوده... فالمجتمع يعتبر انه يحق للمرأة ان تعمل وتنتج شرط الا تتفوق على رجلها، فهذا يشكل اهانة او انتقاصاً من هيبته ورجولته، فهي يجب ان تطيعه وأن تبقى تحت رحمته. وعلى الرغم من التطور الحاصل اليوم والمفاهيم الجديدة التي بدأت تتغلغل الى مجتمعنا، فإن هذه العقلية لا تزال هي السائدة عند الجيل الصاعد قبل الجيل القديم.

 

الخوف على حقوق المرأة من موجة التطرف

 

والخوف يزداد اليوم على المرأة وحقوقها في لبنان، ليس فقط نتيجة تسلط المجتمع الذكوري بل أيضاً جراء حالات التطرف في الدين التي يشهدها عدد من دول العالم العربي، فبدل ان تشهد حقوق المرأة تطوراً وتقدماً ها هي عرضة اليوم لأن تُسلب منها وبالتالي لتعزيز ذكورية المجتمع. ونسأل اليوم: ألم يحن الوقت لكي تبدأ الأجيال الصاعدة بحملة توعية ثقافية في ما بينها لترفض واقعاً مريراً يدمر الكثيرات من الفتيات ومستقبلهن؟ ألم يحن الوقت لمساواة حقيقية تشعر بها المرأة وليس فقط بعض الحقوق تُعطى لها كرشوة صغيرة لاسكاتها او لمجرد الشفقة اتجاهها؟ للأسف على الرغم من كل الانفتاح والتطور اللذين نتغنى بهما في مجتمعنا اللبناني، الا ان الطريق لا تزال طويلة جداً أمامنا لنصل الى مساواة حقيقية بين المرأة والرجل، ولنزيل صبغة الذكورية عن مجتمعنا. مع العلم ان هذه المطالبة لا تلغي حكم الأديان في لبنان واحترام القيم الاجتماعية والعائلية التي اشتهر ويتميز بها لبنان، ففي مجتمعنا الشرقي نرفض ان يصبح مجتمعنا غربياً، وهناك عائلات ترفض ان تصبح متفككة تعيش <فلتاناً> وفسقاً، الا اننا نطمح الى مجتمع صحي يحفظ حقوق الجميع على حدّ سواء خصوصاً ان المرأة تتمتع بالقدرة الكافية لان تكون سند الرجل.

 

الصحافية رولا دوغلاس وحقوق المرأة في لبنان

 

وبالرغم من كل الاجحاف والتقصير والتهميش تجاه المرأة في لبنان، تبقى المرأة اللبنانية متميزة ورائدة في مختلف المجالات، ونراها اليوم أكثر عزماً لايصال صوت المرأة وايصالها الى مواقع القرار في لبنان بالرغم من كل التحديات والصعوبات التي تواجهها... وها هي الصحافية رولا دوغلاس تناضل ولا تفوت فرصة للمطالبة بحقوق المرأة، ولقد شاركت في أهم المؤتمرات والندوات العربية والدولية حول قضايا المرأة، وهي حائزة اجازة في العلوم الطبيعية وأيضاً شهادة دراسات عليا في الصحافة، وهي مسؤولة تحرير صفحة أسبوعية في صحيفة <لوريان لو جور>. ومنذ حرب تموز (يوليو) 2006 أدركت دوغلاس ان دورها كمواطنة مسؤولة يتطلب الكتابة عن الحرب وتأثيرها على اللبنانيين، وأيضاً حول القضايا الاجتماعية والسياسية، وعندئذٍ قررت ان تدخل مجال الصحافة حيث نالت شهادة الدراسات العليا في الصحافة الفرنكوفونية من جامعة باريس والجامعة اللبنانية، إضافة الى انها تخصصت في العلوم الطبيعية في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم انتقلت الى كندا حيث تخصصت في التعليم في جامعة <كيبيك> في <مونتريال>، ومن ثم تخصصت في الكتابة الابداعية. وبعد ان عاشت لمدة عشر سنوات في <مونتريال> عادت الى لبنان، وهي اليوم مسؤولة تحرير وتوجيه في صحيفة <لوريان لو جور>، وهي أيضاً أستاذة جامعية ومحاضرة في حقوق الانسان وحقوق المرأة وقضايا الشباب، وهي ليست صحافية او كاتبة فحسب بل مناضلة من أجل حقوق الانسان، وكانت قد خصصت روايتها الأولى باللغة الفرنسية والتي تُرجمت لاحقاً الى اللغة العربية للنساء ضحايا العنف المنزلي، كما انها تعمل جاهدة بما يتعلق بموضوع حق المرأة اللبنانية منح الجنسية لأولادها.

وكــانت قـــــــد أصـــدرت روايـــــــــة <Chez Nous c’etait le Silence> او <الصمت مخيم> حول النساء والعنف المنزلي في العام 2008 اي قبل الحملة الاعلامية الكبيرة التي قامت بها بجدارة جمعية <كفى> ضد العنف الأسري، لتكون بذلك من أوائل من سلط الضوء على هذه المشكلة التي هي بغاية الأهمية في حياة المرأة، اذ أرادت من خلال هذه الرواية ان يدرك القارىء ما يحصل للمرأة وان يحكم هو بنفسه، فكان الهدف التشجيع على كسر حاجز الصمت.

ونظراً لاهتمامها بمسألة العنف ضد المرأة، فقد شاركت في <اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة> الذي أقيم في مقر الأمم المتحدة في نيويورك عام 2015 حيث لبت الدعوة وكانت تجربة جيدة لها ان تشارك مع عدد من النساء والرجال من مختلف البلدان من الدول العربية وأفريقيا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية للبحث بوسائل واستراتيجيات لتطبيق الأهداف التي اتفقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) 2015، وهذه الأهداف يجب ان تُطبق في العام 2030 للوصول الى <Planet 50\50> حيث يكون هناك مساواة وانصاف بين المرأة والرجل، ولقد أبدى المشاركون والمشاركات رأيهم كناشطين وناشطات من المجتمع المدني، وتحدثوا عن الوسائل المتعددة التي تساعد في تحقيق هذه الأهداف وكيفية تطبيقها في مختلف البلدان. وكانت رولا قد شاركت في المؤتمر حيث كان لها عدد من المداخلات، وهي تولت رئاسة الجلسة كممثلة للدول العربية وشمال أفريقيا. وبعد المؤتمر تم اختيار عدد من الأشخاص المشاركين في ذلك المؤتمر للاحتفال مع أمين عام الأمم المتحدة السابق <بان كي مون> ومن بينهم الصحافية رولا دوغلاس. ومن خلال مشاركتها في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية لاحظت دوغلاس ان هناك فرقاً من حيث معالجة مشاكل وقضايا المرأة اذ أنها تعتبر ان وضع المرأة في أوروبا وأميركا أفضل مع العلم ان المرأة هناك لا تزال تعاني من مشاكل أيضاً، مثلاً لا يزال هناك تمييز وإجحاف بين الرجل والمرأة من حيث الرواتب، فالمرأة تتقاضى راتباً أقل من الرجل حتى لو كان الرجل والمرأة يقومان بالعمل او الوظيفة نفسها وهذه المشكلة موجودة في العديد من بلدان العالم، أما في الدول العربية فكانت دوغلاس تعتقد ان لدى المرأة اللبنانية حقوقاً أكثر من المرأة العربية انما الواقع مختلف، اذ ترى ان نسبة حضور المرأة في المناصب العليا سواء في مجلس النواب او الوزارات هي أقل في لبنان مقارنة مع الدول العربية، كما أنها تعتبر ان المرأة اللبنانية متحررة أكثر من المرأة العربية من حيث المظهر الخارجي وما شابه، انما هذا لا يعني انها فعلاً أكثر تحرراً، وأيضاً بما يتعلق بمسألة منح المرأة الجنسية لأولادها، فهناك بلدان عربية عديدة يمكن للمرأة فيها ان تمنح جنسيتها لأولادها اذا كانت متزوجة من أجنبي بينما المرأة اللبنانية لا تملك هذا الحق وهي حتى اليوم لا تقدر ان تمنح أولادها الجنسية.

وتقوم رولا بدور الموجه في <نادي حقوق المرأة> في الجامعة اليسوعية للمطالبة بحقوق المرأة المنتقصة في المجتمع اللبناني، وقد أسسته طالبة الدكتوراة يارا عرجا. ومن أهداف النادي الأساسية، توعية تلامذة المدارس وطلاب الجامعات والنساء على هذه الحقوق، اضافة الى تحفيز المرأة للمشاركة في الحياة السياسية، والحد من استخدام المرأة كسلعة تسويقية، ويعمل النادي بالتواصل مع جمعيات من المجتمع المدني وصحافيين، اضافة الى التعاون مع خبراء في القانون لدراسة الثغرات وتقديم الحلول من أجل اصلاح القوانين المتعلقة بحقوق المرأة.

رولا تضع النقاط فوق الحروف

 

<الأفكار> التقت الصحافية رولا دوغلاس وكان لنا حديث مطول عن حقوق المرأة في لبنان ونسألها عن الأنشطة التي تقوم بها على الصعيد الأدبي والاعلامي والتعليم الجامعي فتقول:

- النشاطات التي أقوم بها موزعة على أربعة محاور: الكتابة والقراءة هو أول محور حيث أقرأ كثيراً وأكتب كثيراً، وأتابع السياسة والتحليلات السياسية بشكل دائم بما فيها السياسة المحلية والسياسة الخارجية، كما انني أحضر الآن لعمل أدبي باللغة الفرنسية سيُنشر في أواخر العام 2017. أما المحور الثاني فهو عملي الصحفي لأنني أحب عملي كثيراً اذ من خلاله ألقي الضوء على كل القضايا التي تهمني سواء حول حقوق المرأة او تمكين الشباب او المساواة في المواطنية والمواطنة. المحور الثالث هو الجامعة اذ أدرّس الكتابة الصحافية لطلاب السنة الاولى والثانية في الصحافة في الجامعة اللبنانية ولطلاب العلاقات العامة، وهذا المحور يعنيني كثيراً لان لدي شغفاً بمهنة الصحافة، واشعر بالسعادة عندما أشارك الطلاب هذا الشغف، واستغل دوري كمدرّسة لألقي الضوء على الأمور التي تعني لي الكثير وهي اخلاقيات المهنة مع العلم انها ليست من صميم المادة التي أدرّسها انما اتطرق اليها، وأشعر انني أقدر ان اساهم في هذا المجال. رابعاً نضالي من أجل حقوق المرأة، وهذه القضية اعيشها ضمن يومياتي، ومن خلال علاقتي مع الناس المحيطين بي ومع المجتمع، ومن خلال كتاباتي وقراءاتي، وبعملي الصحفي وأيضاً العمل الجامعي، ومن خلال تعليقاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأيضاً من خلال دوري كموجه <Mentor> لـ<نادي حقوق المرأة> في الجامعة اليسوعية وهو نادٍ له نشاط كبير، وهدفه واضح الا وهو المساهمة في الوصول الى المساواة بين المرأة والرجل في لبنان، وتوعية المجتمع على قضايا حقوق المرأة. وهذا النادي يضم عدداً من الشبان والشابات الذين يؤمنون بمسألة المساواة ويعملون جاهدين في سبيلها، مع العلم ان وقتهم خلال العام الدراسي ضيق، وهم يقومون بنشاطات عديدة ليقدروا ان يحققوا أهدافهم في هذا المجال.

 

<نادي حقوق المرأة> في الجامعة اليسوعية

 

ــ ومتى تأسس <نادي حقوق المرأة> في الجامعة اليسوعية؟

- تأسس <نادي حقوق المرأة> في الجامعة عام 2013 حيث قامت طالبة الدكتوراة في الأدب الفرنسي يارا عرجا بتأسيس هذا النادي، وكان الهدف من انشاء هذا النادي هو ايجاد مكان يعبر فيه الطلاب عن آرائهم في ما يتعلق بالمساواة بين المرأة والرجل وأهمية حصول المرأة على حقوقها كاملة. ونشاطات الطلاب في هذا النادي متنوعة جداً، وكذلك المواضيع التي يهتمون بها عديدة ومتنوعة مثل التوعية حول سرطان الثدي الى العنف ضد المرأة مروراً بحق المرأة بالدخول الى المعترك السياسي، ومحاربة الصور النمطية التي تتعلق بالرجل او المرأة الى أمور أخرى في هذا السياق. وتكمن أهمية النادي انه أفسح المجال أمام الطلاب ليعبروا عن آرائهم، وأيضاً ليحولوا أفكارهم الى واقع من خلال النشاطات التي يقومون بها على مدار السنة الجامعية.

ــ كصحافية وأستاذة جامعية، ماذا يزعجك أكثر؟

- أمور كثيرة أصبحت تزعجني في الفترة الأخيرة سواء في لبنان او في العالم، ولكنني سأركز على أمرين وهما مرتبطان ببعضهما البعض: أولاً الحقد الموجود بين الناس وعدم قبول الآخر وعدم قبول الاختلاف، وثانياً: تفشي المعلومات الخاطئة ونشرها بشكل مكثف على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

المطالبة والنضال في سبيل حقوق المرأة

 

ــ منذ سنوات طويلة ولم تتحقق مطالب النساء بالرغم من النضال والتظاهرات وعقد الندوات والمؤتمرات وغيرها، فإلى متى؟

- بالنسبة للمطالبة بحقوق المرأة، فطبعاً الكثيرون يطالبون باعطاء المرأة كامل حقوقها، وتُرفع الأصوات أكثر في يومنا هذا، واليوم أصبح لدينا وزير مسؤول عن شؤون المرأة حيث التفت وزير شؤون المرأة الأستاذ جان أغاسبيان الى النساء المناضلات ومد يده اليهن وهو يستمع لمطالبهن. ولكن كما ذكرت انه كُتبت المقالات وأعدت التقارير الصحفية وأقيمت الندوات وغيرها من الأنشطة للمطالبة بحقوق المرأة في لبنان، ولكن هذا لا يكفي ويجب ألا نتوقف عن النضال بل على العكس يجب ان يستمر نضالنا اذ لا نزال في أول الطريق، وعندما نحصل على كل مطالبنا يجب ألا نتوقف بل يجب ان يتحول جهدنا الى نضال للمحافظة على المكتسبات، فحقوق الانسان مقدسة وحقوق المرأة من حقوق الانسان، كما وأن دخول المرأة الى المعترك السياسي ووجودها في مواقع القرار أمر ضروري وأساسي ليس فقط بالنسبة للمرأة انما من أجل لبنان على جميع الأصعدة.

ــ كونك تدرّسين طلاب الاعلام، هل ترين ان المناهج في الجامعات تحضر الطالب بشكل جيد قبل ان يدخل الى مجال الاعلام؟

- بما يتعلق بالبرامج والمناهج الجامعية فقد يسأل البعض: هل تُحضّر البرامج بشكل وافٍ ليتمكن الطالب من الدخول الى مجال الاعلام وهو متسلح بالمؤهلات؟ أقدر ان أتحدث في هذا السياق عن الجامعة التي أدرّس فيها اي الجامعة اللبنانية وأقدر ان أقول ان هناك مجموعة هي بصدد دراسة كيفية ادخال بعض المواد وتطوير المنهج ليقدر الطالب ان يتحضر جيداً وبالطريقة الصحيحة ليدخل الى مجال العمل الصحفي، مع العلم ان مهنة الصحافة تتطور وهي بدأت تتغير منذ مدة.

وختمت دوغلاس حديثها قائلة:

- في ما يتعلق باهتمامي بتمكين الشباب <Youth Empowerment> ودوري في <Global Thinker Forum> منذ شباط (فبراير) الماضي، فإنني اقوم بدور <Mentor> او موجه لشاب من نيروبي - كينيا عمره 27 سنة وهو مؤسس ومدير جمعية اسمها <حديقة الأمل> مهمتها بناء مجتمعات مستدامة من خلال تطوير القيادات الشابة في البيئات المهمشة.