تفاصيل الخبر

الـشعـــور بـالـخــوف والـقـلـــق مــن أقـــوى الـمـشاعــــر ويؤثر بشكل سلبي على عقل الانسان وجسده وصحته!

09/03/2018
الـشعـــور بـالـخــوف والـقـلـــق مــن أقـــوى الـمـشاعــــر  ويؤثر بشكل سلبي على عقل الانسان وجسده وصحته!

الـشعـــور بـالـخــوف والـقـلـــق مــن أقـــوى الـمـشاعــــر ويؤثر بشكل سلبي على عقل الانسان وجسده وصحته!

 

بقلم وردية بطرس

الدكتورة-ديالا-نجار 

الخوف والقلق أمران متلازمان يُصاب بهما الانسان الطبيعي ويعتبران من الحالات النفسية الطبيعية طالما انهما في حدود المعقول والمألوف ولكنهما يتحولان إلى حالة مرضية وغير صحية في حال كان الانسان يشعر بهما بشكل دائم، فيبدأ ذلك بالتأثير على حالته النفسية ويمتد بلا شك الى التأثير البيولوجي او الحيوي على الجسم. والاستسلام للقلق والخوف أمر في غاية السوء، وعلى الانسان ان يُبعد القلق والخوف عنه بأية طريقة حتى لا يتغلغلا في أعماقه ويصبحا من سماته النفسية والعضوية. والخوف والقلق أمران متلازمان ولكن لكل شعور منهما وضع خاص يختلف عن الآخر، فالخوف هو نتيجة طبيعية وشعور إزاء أمر ما يتعرض له الانسان او انه مقبل عليه، أما القلق فهو شعور سابق لأوانه وترقّب للمستقبل او استرسال في التفكير في ما سيحدث وما نتنبأ وقوعه، والقلق من أمر ما يجب ان يُواجه بطريقة مباشرة تصرفه عنا وتستبدل هذا الشعور بالتفاؤل بما سيحدث وبتوقع الأمور الايجابية، فلو كان هناك أمر فيه خير فهذا ما نتمناه، ولو كان غير ذلك نكون على الأقل قد أرحنا أنفسنا من سوء التفكير والقلق الذي قد يقضي على حياتنا بالجملة.

أسباب القلق

ومن أسباب القلق توافر الظروف المهيئة لهذا الشعور القاتل مثل الوحدة والعزلة والابتعاد عن البيئة الاجتماعية الهادفة التي ترفع الهموم وتشحذ الطاقات، فبقاء الانسان بمعزل عن الناس وعن المجتمع من حوله يفتح أمامه باب الخيال المقلق والأفكار السوداء التي تملاً النفس بالسلبية، وكذلك وجود فراغ قاتل، وعدم اشغال الوقت بعمل هادف، فالأعمال الهادفة والحركة والسير في ركب الحياة تبدد كل القلق المتراكم على كاهلنا. ويقسم القلق الى ثلاثة مستويات رئيسية وهي: المستويات المنخفضة للقلق حيث تحدث حالة من التنبه العام واليقظة ويزداد الانتباه والحساسية للأحداث الخارجية وتزداد القدرة على مقاومة المخاطر إذ يصبح الفرد في حالة من الترقب لمواجهة خطر محيط حيث يكون القلق هنا انذاراً لخطر على وشك الحصول. المستويات المتوسطة للقلق: هنا تحدث حالة من الجمود وعدم التلقائية على السلوك ويصبح كل شيء جديد نوعاً من التهديد وتنخفض القدرة على الابتكار ويبذل الفرد جهداً للقيام بالسلوك المناسب لمواقف الحياة المختلفة. المستويات العليا للقلق حيث يحدث انهيار للتنظيم السلوكي للفرد ويلجأ الى أساليب أكثر بدائية فلا يتصرف بالسلوك المناسب للموقف او يبالغ في سلوكياته ويظهر خللاً فيها.

أسباب الخوف

ومن أسباب الخوف هي المواقف التي فيها خطر على الحياة والتي تتسبب بحدوث الخوف وهو أمر طبيعي، وفي هذه المواقف يزداد افراز هرمون الادرينالين الذي يؤدي اما الى مواجهة هذا الخطر او الهروب منه، كذلك مواجهة الجمهور والتحدث أمام الجماهير يدعو البعض الى الخوف ويكون سبباً لتحرك هذه المشاعر من الخوف في داخلهم، كما ان الخوف من المرتفعات والأماكن المغلقة والمظلمة يزيد الشعور بالخوف لدى الانسان، وأحياناً يكون الضعف الجسماني والنفسي كأن يكون أحدهم شديد الحساسية تجاه اي موقف نظراً لتركيبته النفسية مدعاة وسبباً للخوف.

الدكتــــورة ديــــالا نجــــار

والشعـــــور بــــالخــــوف

 

فلماذا يشعر الانسان بالخوف؟ وماذا عن القلق وعوارضه؟ وكيف يُعالج؟ وغيرها من الأسئلة طرحتها <الأفكار> على الدكتورة ديالا فيصل نجار الحائزة دكتوراة في العلاج النفسي والمجازة من البورد الأميركي (علاج الفرد، الطفل، العائلة والزوجين) وقد درست علم النفس في الجامعة الأميركية في بيروت، ثم اكملت دراساتها العليا في الولايات المتحدة الأميركية حيث نالت شهادة الماجستير في علم النفس من جامعة <بوسطن>، وأيضاً دكتوراة في علم النفس من جامعة <كاليفورنيا> في <لوس أنجلوس> ونسألها أولاً:

ــ لماذا يشعر الانسان بالخوف؟

- نقدر ان نقول انه شعور غريزي لدى الانسان لكي يحمي نفسه، فمثلاً في علم النفس نقول اذا تسارعت نبضات القلب وبدأ الشخص يعرق كثيراً ولا يقدر ان يتنفس، فقد يكون ذلك بسبب مهاجمة حيوان مفترس له او قد يكون نتيجة مفاجأة مثلاً مفاجأته بعيد ميلاده، فالجسم يتفاعل ولكن نحن نعلّم الشخص الا يشعر بالتوتر ولا يحزن ولا يخاف، فهذه المشاعر اي التوتر والحزن والخوف هي أساسية، وفي علم النفس حتى الغضب ليس نتيجة الشعور بالغضب فقط بل هو شعور يخفي الوجع والألم، فاذا كان الشخص متألماً ممكن ان يشعر بالتوتر. طبعاً يجب ان نقول هنا ان الشعور بالخوف ضروري لكي نقوم بحماية أنفسنا ولكن نعرف ما اذا كان علينا ان نهرب ام لا، ويتصرف الجسم بالطريقة نفسها عند الشعور بالخوف والحماس، ولكن علينا ان نميّز ما اذا كان شعورنا بالخوف أو بالحماس مثلاً اذا هاجمنا دب نشعر بالخوف، وبرأيي الخوف هو واحد من المشاعر الأساسية التي تحمينا من الخطر، ولكن المفروض ان يزول الخوف عندما يزول الخطر الذي يواجهنا.

 

أنواع القلق

 

ــ بالنسبة للقلق فهل هناك أنواع من القلق؟

- لدينا أنواع من القلق، والذي يشعر بالقلق فهو لا يتخلص من الحالة بل يتنقّل من حالة لأخرى مثلاً يقلق إزاء أمر ما وعندما تُحل المشكلة ينتقل الى حالة قلق حول أمر آخر. أما أنواع القلق فهي: <Panic disorder> او اضطراب الهلع اي نوبات الهلع، وهناك نوع <Selective mutism> او الصمت الاختياري او الخرس الاختياري وفي هذه الحالة لا يقدر الشخص ان يتكلم، وهناك <Specific phobia> الذي يحدث نتيجة الشعور بالخوف من الحيوان او الدم او الحقن او المرتفعات وما شابه، وهناك ما يُعرف بالخوف من الاختلاط مع الناس، كما هناك الخوف من الأماكن المكتظة بالناس، وبعض الأشخاص يصبحون بحالة من القلق بسبب تناولهم دواء او اذا كانوا يعانون من حالة مرضية، وهناك حالة الـ<Generalized anxiety disorder> او اضطراب القلق العام اذ يكون لدى المصابين خوف وقلق زائد أو توقعات ويشعرون بالانقباض وبالتالي يشعرون بالخوف، وعادة نعتبر الشخص مصاباً باضطراب القلق العام اذا حدث ذلك معه مرة في الأسبوع ولمدة ستة أشهر، وقد يكون هذا الشعور بالقلق له علاقة بالعمل او الدراسة او المال او الوظيفة، فاذا استطاع المصاب ان يحل مشكلة ينتقل الى مشكلة ثانية وهكذا دواليك... وبالتالي يستمر في دوامة من القلق، وعادة يشعر هؤلاء الأشخاص بالقلق وعدم الاطمئنان ويكون بالهم مشغولاً دائماً اذ لا يقدرون ان يتخلصوا من هذه الأمور.

وتتابع:

- يجب التوضيح هنا ان المصاب باضطراب القلق العام قد يعاني من ثلاثة عوارض مثلاً لا يقدر ان ينتظر اذ يكون في حالة توتر دائم اي كما نقول باللبناني <بصلته محروقة>، ومن العوارض التي يشعر بها الشخص المصاب باضطراب القلق العام هو الشعور بالارهاق، فالقلق يخرج التوتر وهرمون التوتر، وهرمون التوتر هو الكورتيزون والادرينالين، ولكن هذه الهرمونات يجب ألا تكون مرتفعة في الجسم لفترة طويلة فتكون هناك حالة نسميها <Fight or flight> او ما يُعرف بنظرية الكر والفر، فمثلاً اذا احدق بنا الخطر نقوم بالمهاجمة او نهرب او قد نتجمد في مكاننا ولا نتحرك، ولكن عندما نواجه الخطر نقدر ان نخرج التوتر من أجسامنا، وبذلك نصبح في حالة تخولنا مقاتلة او مهاجمة الآخرين. وبالتالي نظرية الكر والفر تمنح القوة والاندفاع ليقدر الشخص ان يهاجم ويواجه الخطر، ولكن المفروض ان يزول هذا الشعور ويخرج من الجسم، لانه اذا بقي هذا الشعور بداخل الانسان فإنه سيُصاب بالسرطان وأمراض السكري وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. فعندما يعيش الانسان في حالة التوتر لفترة طويلة وعندما يشعر بحالة من الخوف فيجب ان يُعالج لأنه لا يجوز ان يظل في حالة قتال او مواجهة بل عليه ان يرتاح لأنه يوماً بعد يوم سينهار وسيتسبب ذلك بالتعب الشديد له، كما يحتاج الشخص للراحة والنوم ليتخلص من التوتر.

 

تقنية الاسترخاء

أربع-خُطوات-لتتغلَّب-على-الخوف-والقلق

 وعن تقنية الاسترخاء تشرح:

- ننصح المريض بأن يخضع لـ<Relaxation Technique> او تقنية الاسترخاء لكي نعلمّه كيف يتنفس ويتخلص من التوتر الذي يعاني منه، وعادة بعدما يخضع الشخص لجلسة الاسترخاء نسأله بماذا يشعر فيكون الجواب انه مرتاح. اذاً كل ما ذكرته في سياق الحديث هي عوارض القلق، وهناك أيضاً عوارض أخرى مثلاً عندما يعاني الشخص من القلق يجد صعوبة في التركيز او يشعر ان تفكيره مشوش لأنه مشغول البال دائماً وبالتالي يجد صعوبة بأن يركّز ويفكر بأمر معين، كما قد يشعر الشخص بالعصبية وفي هذه الحالة عندما يتكلم معه أحدهم فلن يتجاوب معه لأنه في حالة لا تسمح له التحدث والتواصل مع الآخرين، وبالتالي ننصح في هذه الحالة أيضاً بأن يخضع لجلسة استرخاء اذ نساعده للتنفس بشكل يتخلص فيه من التوتر ومن التشنج في جسمه، كذلك قد يعاني الشخص من مشاكل في النوم لانه اذا كان باله مشغولاً فإنه سيجد صعوبة في النوم وبالتالي لن ينام بشكل مرتاح. اذاً كل هذه الأمور تؤثر على صحة المصاب ونفسيته، وهنا نذكر انه أحياناً نصف للشخص ان يأخذ دواء للقلق فقط اذا كان قد تعرض لفاجعة او صدمة ولكن لفترة اسبوعين ليس أكثر.

 

تأثير القلق على الجسم والحالة النفسية

 

ــ كيف يؤثر القلق على جسم الانسان وحالته النفسية؟

- يؤثر القلق على صحة الانسان مثلاً قد يتسبب بالأمراض الدموية والقلبية اي الجلطات وأمراض القلب وأمراض السرطان ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب، كما تقل المناعة اذ تصبح المناعة ضعيفة ويكون الشخص مريضاً في معظم الأوقات حيث لا يعمل الجسم بطريقة صحيحة. وكما ذكرت ان القلق عادة يستمر لستة أشهر لأنه اذا كان أقل من ستة أشهر فلا يكون الأمر مقلقاً، وفي هذه الحالة تصبح حياة الانسان مرتبكة وغير منتظمة واذا استمر القلق لفترة طويلة فقد يُصاب الانسان بالاكتئاب. وعلى الصعيد النفسي يؤثر القلق على فعالية الانسان وانتاجه مثلاً يؤثر سلباً على الدراسة، والعمل، والحياة الاجتماعية، كما يؤثر على علاقته مع نفسه إذ يعاني من عدم الثقة بالنفس وبالتالي يؤثر كل هذا على حالته النفسية.

ــ اذاً اذا استمر الشخص في القلق فهو معرَّض للاصابة بالاكتئاب؟

- هناك أشخاص يعانون من القلق ولكن ليس بالضرورة أن يتعرضوا للاصابة بالاكتئاب، ولكن يجب التذكير هنا ان حالة القلق تؤثر على الشخص بشكل كبير اذ يفقد اللذة في الحياة مما يعرّضه للاصابة بالاكتئاب ويفقده الدافع للقيام بأمور عديدة، وبالتالي يؤثر ذلك عليه كثيراً.

التخلص من الشعور بالقلق

 

ــ وكيف يقدر ان يتخلص الشخص من الشعور بالقلق المستمر؟

- طبعاً يجب ان يخضع للعلاج، والبعض يظن انه اذا أخذ دواء للقلق فإنه سيُشفى، ولكن كما ذكرت اننا كأطباء علم النفس لا ننصح بتناول أدوية للقلق لفترة طويلة بل نصفها ولبضعة أسابيع فقط، خصوصاً في حالات مثل الاغتصاب او الموت المفاجىء. ولهذا على الشخص ان يقصد الطبيب النفسي ليعاينه ويعرف حالته، لأنه أحياناً يظن الشخص أن بامكانه ان يأخذ الدواء فحسب ولكن يغيب عن باله ان ذلك سيؤدي به الى ان يفكر بطريقة خاطئة، والتفكير الخاطىء يؤثر على حالته النفسية كما يؤثر على طريقة التصرف الى ما هنالك... وطبعاً لا بد من الخضوع لجلسة استرخاء عند الطبيب النفسي ليتخلص من حالة القلق والتشنج وليعاود نشاطه وحيويته، ولهذا ننصح بأن يقصد الطبيب النفسي لكي يعالجه بالطريقة الصحيحة.

ــ في النهاية، هل من طرق او نصائح للشخص الذي يعاني من القلق خصوصاً اذا كان الشعور بذلك مستمراً؟

- لا بد من التذكير انه في السابق كان لبنان يحتل المرتبة الثانية من حيث الاصابة بأمراض القلق، اذ كانت اليابان في المرتبة الأولى، ولكن اليوم أصبحنا في المرتبة الأولى من حيث الاصابة بأمراض القلق. ولا يمكن التساهل مع مرض القلق لأنه سيؤدي الى الاكتئاب ومن ثم الانتحار، ناهيك انه يؤثر على نوعية الحياة حيث لا يعود المصاب يشعر بقيمة الحياة وبالتالي سيعزل نفسه عن الآخرين وعن المجتمع وسيظل باله مشغولاً، وبالتالي يحتاج أولاً للدواء ولكن لفترة قصيرة لكي لا يتحول الأمر الى الادمان، انما طبعاً يجب ألا يأخذ الدواء من تلقاء نفسه لأنه لن يُعالج بهذه الطريقة، وطبعاً لا يمكنه ان يقصد الصيدلية من تلقاء نفسه وان يطلب اعطاءه دواءً للقلق، وللأسف في كثير من الأحيان يحدث ذلك اذ يظن الشخص انه بمجرد ان يقصد الصيدلية فإنه سيجد الدواء والعلاج الشافي له، بينما هو يحتاج للطبيب النفسي الذي سيساعده بشتى الطرق للتخلص من القلق.

وختمت الدكتورة نجار قائلة:

- يجب عدم التساهل مع هذا الموضوع بتاتاً، فكما ذكرت ان الناس للأسف يلجأون الى الصيدلي ظناً منهم ان العلاج يكمن في الدواء ولكنهم لا يعلمون ان الطبيب النفسي هو الذي يعرف العوارض وكيف يعالجها بالطريقة الصحيحة. وصحيح ان القلق يصيب الكبار غالباً ولكنه يصيب الأطفال أيضاً، ففي بعض الحالات يتوقف الأولاد عن الكلام بسبب القلق او قد يتبولون في ثيابهم نتيجة اصابتهم بالقلق، ولهذا على الأهل ان يراقبوا أولادهم في حال طرأ اي تغيير على تصرفاتهم وسلوكياتهم، لأن القلق يصيب كل الفئات والأعمار.