تفاصيل الخبر

الشعب اللبناني ظالم ومظلوم

17/02/2021
الشعب اللبناني ظالم ومظلوم

الشعب اللبناني ظالم ومظلوم

 

 بقلم  زياد خالد عوض

[caption id="attachment_86086" align="alignleft" width="461"] نفايات لبنان هي الوجه الاخر لفساد شعبه و مسؤوليه[/caption]

 وضع الشعب اللبناني بصماته في كل أنحاء العالم وفي المجالات كافة، العلمية أو الاقتصادية أو الثقافية. وفعلاً أنجز اللبنانيون ذلك في الخارج بذكائهم وجهدهم وتنظيمهم، وساهموا في تطوير بلاد أجنبية وعربية كثيرة، ولكنهم  عجزوا عن تطوير لبنان. فالشعب اللبناني بأغلبيته عابر للقارات بإبداعه وعمله، والمغتربون هم الذين أبقوا الاقتصاد اللبناني الهش على قيد الحياة لمدة ثلاثين عاماً وحتى ١٧ تشرين أول (اكتوبر) ٢٠١٩ حين إنهار .

 ورغم أن المسؤولين الفعليين لهذا الانهيار هم من تولوا إدارة هذا البلد، ولكن المسؤولية بالواقع  تقع على فئة كبيرة من الشعب أيضاً. فمنذ سنوات يلقي الشعب اللبناني اللوم في كل أزماته على السياسيين و"الطبقة الحاكمة" ولا يلوم نفسه بشيء. فهذه "السلطة" و"الطبقة الحاكمة" و"المنظومة الفاسدة" الشبح التي لا نعرف حتى الآن مؤلفة مِن مَن بالضبط، ولا أحد يريد تحديد من هو الفاسد فيها، والكل يتبرأ منها، والكثيرون أحبوا استخدام هذه العبارات الغامضة وقرروا وضع اللوم على "الطبقة الحاكمة" حتى بعض المنتمين إليها.

 على الأقل، فلنبدأ بمراجعة أنفسنا وأدائنا كمواطنين، قبل لوم هذه "السلطة". فاللوم يقع أولاً على كل جبان يخرق القانون في لبنان ولا يتجرأ على خرقه في الخارج، وليلم نفسه كل من يلوث ويرمي النفايات على الطرقات والشواطئ. وليلم نفسه كل سائق يتجاوز إشارة حمراء أو يحدث ضوضاء همجية بسيارته أو دراجته عن قصد في المناطق السكنية. وليلم نفسه كل من يرشي ويرتشي. وليلم نفسه كل سخيف يفتخر ويستفيد من معارف له في الدولة تحميه في فساده. وليلم نفسه كل من يضع أعلاماً حزبية وصور سياسيين على الأملاك العامة وكأنها ملك لهذا الحزب أو ذاك التيار. وليلم نفسه كل من يتعدى على الأملاك البحرية، وكل من يستفيد من إيجار قديم بينما يملك عقاراً يؤمِن له مدخولاً كبيراً. وليلم نفسه كل قاض فاسد يحكم على أساس الانتماء الطائفي أو الحزبي ويقول "ما البلد كلو هيك". الأمثلة كثيرة وهؤلاء يحدثون أضراراً في لبنان بقدر من يحميهم في الدولة.  

 هذه الخروقات هي فساد بحت لا تقدم أو تؤخر في تأمين لقمة العيش، ولا عذر لهؤلاء. وحتى لو ليست هذه الخروقات نفسها التي تدمر البلد بل هي مؤشر يعبر عن نوعية فئة كبيرة من الشعب اللبناني. فأكثر ما يطبق قول "كما تكونون يولى عليكم" هو على لبنان واللبنانيين.

 لو كان لبنان قطعة أرض لا دولة فيها ولا من يديرها فكيف سيتصرف اللبنانيون تجاه هذه الأرض وتجاه بعضهم البعض؟  طالما أن لا دولة مسؤولة في لبنان فالأجدر أن ننسى وجودها بالكامل ويكون الشعب مسؤولاً عن نفسه. وإذا لم يراجع الشعب اللبناني نفسه، ويبدأ بتغيير أدائه أولاً واخيراً فلا يمكن تحقيق اي إصلاح. حان الوقت للناشطين والمحبين لهذا البلد، الذين يريدون الخير فعلاً للبنان ولشعبه، أن يوجهوا أصابع الاتهام أولاً الى بعض الفئات الشعبية الفاسدة وليس فقط إلى "المنظومة السياسية" الجاهلة والمجهولة. فهذه "المنظومة" تتغذى من "فساد" الشعب اللبناني أولاً وأخيراً.