تفاصيل الخبر

السفير «جونز» العائد الى لبنان بعد 17 سنة «في مهمة خاصة»: عدم اهتمام الخارج باللبنانيين أفضل لهم للاتفاق في ما بينهم!

24/12/2015
السفير «جونز» العائد الى لبنان بعد 17 سنة «في مهمة خاصة»:  عدم اهتمام الخارج باللبنانيين أفضل لهم للاتفاق في ما بينهم!

السفير «جونز» العائد الى لبنان بعد 17 سنة «في مهمة خاصة»: عدم اهتمام الخارج باللبنانيين أفضل لهم للاتفاق في ما بينهم!

franjieh-jones-nnnnلا يعرف <السفير الأميركي> <المؤقت> في لبنان <ريتشارد جونز> كم سيبقى في بيروت في مهمة وُصفت بـ<المؤقتة>، لأن السفيرة الأميركية المقترحة للبنان <اليزابيت ريتشارد> لم تمثُل بعد أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي كما تقضي الأصول والأنظمة المعتمدة في الولايات المتحدة الاميركية، لكنه يبدي أمام زواره <سعادته> لوجوده في بيروت للمرة الثانية بعدما أمضى فيها سفيراً من العام 1996 الى عام 1998 في فترة يقول عنها انها كانت <رائعة> في استكمال إعادة بناء الحياة السياسية والاقتصادية في لبنان في زمن الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم كان رئيساً للحكومة، وإن تخللت فترة إقامته محطات مؤلمة لاسيما خلال الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب والتي كانت تتوسع من حين الى آخر.

صحيح أن السفير <جونز> لا يشعر أنه في <غربة> كما يحصل مع السفراء الجدد عندما يعيّنون في لبنان، لأنه سرعان ما استعاد <صداقات قديمة> راكمها خلال سنوات خدمته الماضية، لكنه في المقابل <متحمس> للتعرف الى الجيل الجديد من السياسيين اللبنانيين الذين لم يسبق له أن التقاهم أو أقام معهم صداقة كما حصل مع غيرهم. لذلك فهو سيستفيد من اللقاءات التي يعقدها مع السياسيين اللبنانيين، وإن كان بوتيرة مختلفة عن تلك التي اعتمدها سلفه السفير <ديفيد هيل>، للتعرف إليهم أكثر وسماع مواقفهم والتداول معهم في الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة.

ويقول الذين التقوا السفير <جونز> مؤخراً، أنه يبدي حماسة في معرفة مواقف محدثيه في السياسة والأمن والاقتصاد، لكنه يرغب في أن يتعرف أكثر على شخصياتهم ورؤيتهم الى لبنان المستقبل، وهواياتهم وكل ما من شأنه أن يقيم تواصلاً معهم بعيداً عن العمل الديبلوماسي الصرف، ومن هؤلاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي كان <منفياً> في باريس خلال فترة عمل السفير <جونز> في لبنان، ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي كان مسجوناً في تلك الفترة، إضافة الى الرئيس سعد الحريري الذي لم يكن يهتم بالشأن العام في البلاد وهي مسؤولية تولاها بتميز والده الشهيد منذ عام 1992 حتى تاريخ استشهاده. كذلك لا يعرف السفير <جونز> بشكل جيد رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية، ولا رئيس الكتائب النائب سامي الجميل (الذي يعرف والده الرئيس أمين الجميل معرفة محدودة، ومن خلال لقاءات عقدها خلال وجوده في واشنطن).

في المقابل، فهو يعرف الرئيس نبيه بري، ولم يكن على صلة وثيقة بالرئيس تمام سلام، في حين يعرف النائب وليد جنبلاط وبعض النواب والشخصيات السياسية المسيحية.

 

<مهمة خاصة> في لبنان

أما لماذا اختاره الرئيس <باراك أوباما> للمجيء الى لبنان وملء الفراغ الذي أحدثه نقل السفير <هيل> الى إسلام آباد (في باكستان)، فلا أجوبة كافية لدى السفير <جونز>، الذي يقول امام زواره أنه تلقى طلباً من الإدارة الاميركية للقيام بـ<مهمة خاصة> في لبنان على رغم تقاعده، فتجاوب مع الطلب من دون أن يعرف المدة التي سيقضيها في لبنان الذي يحرص دائماً على إبداء إعجابه به وبشعبه الذي يقول عنه انه <صمد> في ظروف غاية في الدقة والتعقيد، وهو يستحق الحياة، وإن كان السفير <صُدم> لدى رؤيته بأن الانقسام الطائفي في لبنان تجدّد على نحو أزعجه مع تجدد الشعارات الطائفية والمذهبية.

إلا أن السفير الأميركي العائد، يبدو في المقابل متفائلاً بأنه من الصعب على اللبنانيين أن ينقسموا طائفياً على نحو حاد ونهائي، وذلك نظراً لوجود مسيحيين ومسلمين في الفريقين السياسيين المتنازعين، ما يجعل إمكانية الحوار بين الطوائف اللبنانية قائمة، ما يخفف عملياً من حدّة التباعد. غير أن ما يقلق السفير <جونز> كثيراً هو الشلل الذي أصاب حكومة الرئيس تمام سلام التي يقول إن جهوداً كثيرة بُذلت من أجل تشكيلها، وقد انسحب هذا الشلل على المجلس النيابي أيضاً، فتعطلت السلطة التشريعية، ولولا الحوار الدائر في مجلس النواب بين القيادات اللبنانية، لكانت القطيعة كاملة بين مختلف مكوّنات لبنان التي فشلت في تحقيق الحدّ الأدنى من التفاهم على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وعندما يُسأل السفير <جونز> عما إذا كان انتخاب الرئيس العتيد سيتأخر، يجيب بكثير من الاستغراب بأن لا يوجد في الأفق اي مؤشر يوحي بأن موعد ملء الشغور الرئاسي بات قريباً، فالأولوية الدولية هي للتطورات الإقليمية والحروب المتنقلة، وخلاف اللبنانيين في ما بينهم وعدم اتفاقهم على انتخاب رئيس جديد، جعلا المجتمع الدولي يوجه اهتماماته الى ما يجري <حول لبنان> وليس في داخله، واعداً بأن يبذل ما في وسعه من أجل تشجيع تفاهم اللبنانيين على الحد الادنى.

 

ممارسة السيادة في

اختيار الرئيس

إلا أن السفير <جونز> الذي يسأل هو أيضاً أسئلة في مقابل الأسئلة التي تُطرح عليه، يرى أن غياب الاهتمام الدولي بالازمات اللبنانية المتلاحقة، ولاسيما منها الأزمة الرئاسية، يجب أن يكون الحافز للبنانيين كي يمارسوا <سيادتهم> كاملة في اختيار رئيسهم وكل ما يرتبط بنظامهم السياسي، لأن هذه الفرصة قد لا تتكرّر لاحقاً، ولا بدّ بالتالي من التفاهم على النقاط الأساسية العالقة وفي مقدمها رئاسة الجمهورية. ولا يرى السفير <جونز> مخارج واضحة بعد للأزمة اللبنانية الراهنة، وهو يلفت محدّثيه الى أن الأوضاع الإقليمية والحروب في الجوار اللبناني قد تستمر وقتاً طويلاً قبل أن يرتسم الحل النهائي للحرب في سوريا مثلاً، وإن كانت المؤشرات توحي بإمكانية الوصول الى بداية اتفاق في النصف الأول من السنة المقبلة، من دون أن يعني ذلك أن مثل هذا الاتفاق سيحمل حلولاً فورية للازمة اللبنانية التي لا يرى السفير <جونز> أنها <مستعصية على الحل>، لكنها قد تأخذ وقتاً. لذلك فإن التركيز في الوقت الراهن هو لدعم الجيش والمؤسسات الأمنية، بدليل انه شدّد خلال لقاءاته على <ثبات> المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، وعلى مكانته بالنسبة لواشنطن خصوصاً والدول الغربية عموماً، وضرورة توفير الدعم له للمحافظة على الاستقرار. وقد تُرجم ذلك من خلال الازدياد في التعاون العسكري معنوياً ومن خلال العتاد الأميركي الذي سيستمر بالوصول الى الجيش اللبناني بالتنسيق مع قائده العماد جان قهوجي الذي تحظى قيادته بتقدير كبير لدى المسؤولين الأميركيين - حسب <جونز> - لاسيما في مجال مكافحة الإرهاب. أما في ما خص الوضع في سوريا والعراق، فموقف السفير <جونز> لا يختلف عن المواقف المعلنة للإدارة الأميركية.