بسيط رغم غموضه، وقريب من الناس رغم غيابه، وغني بالمفاجآت رغم عمره. هكذا استمر صاحب لقب <الساحر> في صناعة السحر على مدى أربعين عاماً، ما بين ظهور وغياب وما بين تردد وقرار .. يبقى مكانه في قلوب المشاهدين محجوزاً، ويظل صامداً أمام حسابات السوق وانحرافاته. لقد حدثنا عن سبب غيابه هذا العام، وعن فيلمه الجديد .. والكثير في السطور الآتية.
ــ ما سبب عدم ظهورك في الإعلام والصحافة إلا نادراً؟
- لست من الفنانين الذين يهوون الظهور والتحدث في البرامج طالما لا يوجد شيء أتحدث عنه في الأساس، أو عمل فني جديد أقدمه للجمهور.
ــ وما حقيقة تراجعك عن المنافسة هذا العام في دراما رمضان؟
- لم يكن قراراً مبيتاً، فقد كنت أبحث عن عمل جيد منذ ان انتهى رمضان الأخير، ولكنني لم أوفق في ذلك، إلا أنني أرى أن مسلسلي الأخير <جبل الحلال> حقق نجاحاً كبيراً في رمضان الماضي، ولا أريد أبداً أن أقدم تجربة فنية جديدة تكون أقل منه مستوى.
«أوضتين وصالة>
ــ تــــــردد انــــك كـنت تبحث عن مسلسل كوميدي ..؟
- كان هناك بالفعل مشروع اقترحه ابني محمد وشريكه مع الكاتب لينين الرملي الا ان تفاصيل العمل لم تكتمل حتى الآن، وما زال مجرد فكرة وسأنتظر إلى أن تتضح الرؤية.
ــ ماذا عن أحدث أفلامك <أوضتين وصالة>؟
- سيكون تجربة سينمائية جديدة ومختلفة وهو مأخوذ عن رواية للكاتب ابراهيم اصلان الذي أعشق اسلوبه، وسبق ان قدمت له شخصية الشيخ حسني في فيلم <الكيت كات> مع المخرج داوود عبد السيد، والفيلم سيكون أول تجربة إخراج لشريف البنداري الذي شاهدت بعض أفلامه الروائية القصيرة وأعجبت بها، وسيناريو الفيلم الذي كتبه محمد صلاح العزب حصل على جائزة ساويرس الثقافية كأفضل سيناريو كما حصل على دعم من وزارة الثقافة.
ــ ولكن ما هو سبب عدم تصويره حتى الآن؟
- التأجيل يعود إلى الظروف السياسية التي تواجهها البلاد، بالإضافة إلى سفري أكثر من مرة، لكنني أشعر بأنه سيكون فيلماً رائعاً وعودة قوية لي إلى شاشة السينما في الفترة المقبلة.
ــ هل صحيح أنك ستقدم فيلماً مع النجم أحمد حلمي؟
- حتى الآن لم يحدث أي اتفاق على مشروع سينمائي معين بيني وبين أحمد حلمي لكنني أحبه كثيراً لأنه فنان محترم وموهوب.
ــ ما سبب تأخر قرارك عموماً بالمنافسة في الدراما الرمضانية بعد سنوات طويلة صنعت فيها تاريخاً بالسينما؟
- السينما عشقي الأول والأخير، لكن حبي للدراما المصرية يدفعني لتقديم تجارب قليلة من حين إلى آخر. والحمد لله أن المسلسلات التي قدمتها في مشواري الفني، مثل <رأفت الهجان> و<البشاير> و<محمود المصري>، حققت نجاحات كبيرة أعتز بها.
أباطرة الأموال
ــ ما سبب حبك لشخصية أبو هيبة التي قدمتها في رمضان الأخير؟
- شخصية أبو هيبة عرضها عليّ المؤلف ناصر عبد الرحمن منذ 18 عاماً لتقديمها في فيلم ولكن أزمة السينما وقتئذٍ عطلت المشروع الى أن جدد الفكرة وقدمناها في مسلسل مهم تعرض لأباطرة الأموال الذين يريدون الاستيلاء على كل شيء.
ــ ماذا شاهدت في رمضان السابق الى جانب مسلسلك؟
- أعجبني مسلسل <سجن النسا> ونيللي كريم، بالإضافة إلى النجم الكبير يحيى الفخراني في مسلسله الأخير <دهشة>، وهو لا يحتاج إلى شهادة أو كلام مني في أدائه وتمثيله، لأنه عبقري تمثيل وأحب مشاهدته دائماً.
ــ كيف تقيم تجارب أولادك كريم ومحمد في الفن؟
- كريم مغرم بالتمثيل منذ صغره، وكان يهتم بأمور فنية دقيقة جداً والتحق بأكاديمية الفنون وكان قد تم تعيينه معيداً، لكنه رفض وتفرغ للتمثيل وأنا أرى انه وصل لمرحلة النضج الفني ويستطيع اختيار ادواره. أما محمد فهو كاتب سيناريو متميز بالإضافة الى عشقه للانتاج الذي جعله يكون شركة <فنون مصر> مع صديقه رجل الأعمال ريمون مقار.
ــ يلاحظ تعاونك في الدراما مع شركة ابنك الانتاجية فقط .. ألا تسمي ذلك احتكاراً؟
- الأمر ليس له علاقة بالشركات الإنتاجية أبداً، وإنما الأهم بالنسبة إلي هو أن أقدم موضوعاً جديداً ويقدم رسالة مهمة للجمهور، وأشعر بأنه إضافة حقيقية إلى رصيدي الفني في قلوب الجمهور.
ــ وكيف تلقيت تكريمك مؤخراً في المغرب؟
- شعرت بسعادة غامرة بعد تكريمي في المغرب عن مشواري الفني الطويل، وسعادتي أيضاً باستقبال الجمهور المصري لي في المطار، وأتمنى أن أكون على قدر محبتهم وثقتهم بي دائماً في أي عمل فني أقدمه.
ــ ما رأيك في اتهامك بالانحياز إلى مخرجين معينين في مشوارك الفني؟
- لا أرى ذلك أبداً، فقد تعاونت مع مخرجين كبار في السينما والتلفزيون خلال مشواري الفني، ولا أنحاز أبداً إلى مخرجين معينين، لكن عندما أحس بأن هناك كيمياء بيني وبين مخرج معين واننا سنقدم معاً عملاً متميزاً، لا أتردد أبداً في التعاون معه أكثر من مرة.
ــ شخصيات كثيرة في مشوارك الفني لعبت دوراً في تظهير موهبتك، فمن تتذكره الآن؟
- مثلاً المخرج الراحل حسين كمال بدقته، وديبلوماسيته ورقته واهتمامه بكل تفاصيل العمل الفني وأذكر انني سألته عن بعض تفاصيل شخصية القواد التي قدمتها في فيلم <درب الهوى> مع المخرج حسام الدين مصطفى، فقال لي: <الشخصية دي تتاجر في لحم النساء>، واقترح عليّ ان ارفع طرف الجلباب الذي ارتديه لتكتمل ملامح هذه الشخصية.
أشرف فهمي وعاطف الطيب
ــ ماذا عن المخرج أشرف فهمي؟
- أدين له بالفضل وهو من المخرجين المتميزين جداً ويكفيه فيلم <ليل وقضبان> بلغته السينمائية المدهشة، وكان اشرف من المخرجين الذين لا تسمع صوتهم في <البلاتوه> ولكنه عصبي جداً اذا لم يعجبه شيء او اذا استفزه أحد.
ــ وعاطف الطيب؟
- كان موهوباً واستمتعت بالعمل معه في فيلم <أبناء وقتلة> الذي قدمت فيه شخصية صعبة استفزت الممثل داخلي، كما قدمت معه الفيلم العبقري <البريء>.
ــ ماذا عن أحدثهم .. المخرج عادل أديب الذي أخرج لك <باب الخلق> و<جبل الحلال>؟
- عادل أديب مخرج عبقري في عمله الفني، لذلك نحقق معاً نجاحاً كبيراً دائماً، وذلك ما تحقق في مسلسلي <باب الخلق> و<أبو هيبة>.
ــ في رأيك من هو المخرج الذي لم يحصل على ما يستحقه من تقدير واهتمام؟
- عاطف سالم الذي كنت أراه مخرجاً عبقرياً وأفضل من استطاع التعامل مع الاطفال في افلامه، ويكفيه <الحفيد> الذي شاركت في بطولته وأنا في بداياتي، كما ان فيلمه <ام العروسة> شارك في مهرجان <كان> السينمائي وقتئذٍ.
ــ ما سبب اعتزازك بفيلم <الكيت كات> بالتحديد؟
- لأنه لم يكن مجرد فيلم سينمائي، بل كان رسالة إنسانية للعالم .. كان دعوة لتحدي العجز في الحياة، وليس مجرد فيلم فيه مواقف وأحداث كوميدية فقط. وأقولها بصراحة: كنت أتمنى أن أملك قوة الشخص فاقد البصر الذي قدمته في <الكيت كات>، وهي شخصية الشيخ حسني، لأنني أقابل أشخاصاً كثيرين في الشارع يقولون لي إنهم يشاهدون الفيلم كثيراً، وذلك يسعدني لأنه كإنسان استطاع أن يعيش الحياة رغم أنه سلبت منه جوهرتاه .. عيناه.
ــ هل تذكر الجوائز التي حصلت عليها؟
- كثيرة والحمد لله، أذكر منها جائزة التمثيل من مهرجان دمشق عن أدواري في أفلام <الكيت كات> و<القبطان> و<الساحر>، وجائزة التمثيل من مهرجان الاسكندرية عن <الجنتل>، وجائزة التمثيل من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي عن <سوق المتعة>، وجائزة التمثيل من مهرجان مسقط عن <الساحر>.
قفزة الشكل والمضمون
ــ وكيف تقيم حال الدراما المصرية حالياً؟
- أرى ان هناك قفزة كبيرة في الشكل والمضمون، فمواضيع المسلسلات أصبحت تلامس الواقع المصري بشكل كبير، رغم أن هناك أعمالاً تلفزيونية لا تتناول الحدث الذي نعيشه، وتستورد أفكارها من السينما العالمية الغربية. علاوة على أن تصوير المسلسلات أصبح مختلفاً حالياً عما كنا نقوم به في بداياتنا الفنية، حين كنا نصور بكاميرات ذات أحجام كبيرة، أما حالياً فالكاميرات تكاد لا ترى بالعين المجردة، وذلك يدل على مستوى التطور الذي وصلنا إليه في الدراما التلفزيونية.
ــ ماذا عن رؤيتك لتدهور السينما؟
- التدهور ليس موجوداً في السينما أو الفن فحسب، وإنما أصبحنا نعاني تخبطاً كبيراً في كل مجالات الحياة. أما بالنسبة إلى السينما المصرية، فالأمر يعود إلى تراجع منتجين كبار عن المساهمة في تقديم أفلام جيدة، وذلك لم يحدث منذ عشرات السنين ومرحلة أفلام الأبيض والأسود. لكن أشعر بأن السينما ستعود بقوة في الفترة المقبلة، خاصة بعد ظهور أفلام مميزة في الفترة الأخيرة.
ــ هل تشعر بالتفاؤل؟
- ينتابني أحياناً شعور بالأمل والتفاؤل بالمستقبل لبلادنا، وأحياناً أخرى بالخيبة والحسرة. فما زالت أوجه الفساد قائمة في بعض المجالات والجهات والمؤسسات، ويجب قطعها والقضاء عليها تماماً حتى تتطور عجلة الاستثمار، ونشجع المستثمرين الأجانب والعرب على إقامة مشاريع جديدة في مصر تدفع عجلة الإنتاج وتحارب البطالة، وفي النهاية، سيساهم ذلك كله في تنشيط الاقتصاد.