تفاصيل الخبر

الرئيس الظل.. معضلة تحكم لبنان وتتحكم فيه!  

27/02/2020
الرئيس الظل.. معضلة تحكم لبنان وتتحكم فيه!   

الرئيس الظل.. معضلة تحكم لبنان وتتحكم فيه!  

بقلم علي الحسيني

لم تعد الأسماء ولا نوعيّة الحقائب ولا حتّى البرامج الحكوميّة أو البيانات الوزارية، العنوان الأبرز أو الصحيح للتأكد من الجهة التي تحكم لبنان وتُحكم قبضتها على مفاصل الحياة الاجتماعية والسياسية والأمنية فيه، إذ ثمّة شخصيات صغيرة لا تتعدى الواجهات المصنوعة يدوياً هبطت في ليلة ظلماء لتُخفي وراءها ارتكابات لأصحاب أسماء كبيرة لعبت بالبلد وسيّرته وفقاً لمصالح حزبية ومذهبية وخاصة. ففي لبنان بدأت أخيراً تبرز حجم الخلافات بين أهل السلطة والحكم الذين يتصدرون واجهة اللعبة السياسية، بينما هم في الحقيقة مجرد أداة بيد مسؤولين كبار في الدولة يهوون مُمارسة سلطتهم وسطوتهم في الظل.

البحث عن الرئيس الظل!

تتشعّب السياسة في لبنان ويتشعّب معها الحديث حول حقيقة من الجهة التي تحكم البلاد ومن هي الجهة الأقوى نفوذاً في إدارات الدولة ومؤسساتها والتي يُمكنها تحديد مصير البلد وتطبيق سياسته الخارجية والداخلية وفقاً لمعادلاتها الخاصة ومصالحها التي تؤمّن لها ديمومة الكراسي والمناصب. وفي التحليل أو المنطق العام لا بد ان تتمحور عملية البحث حول الجهة الحاكمة بين الرؤساء الثلاثة، وعادة ما تبدأ عملية البحث من رأس الهرم أي موقع الرئاسة الأولى، وهنا تظهر أولى نتائج البحث والتي تشير إلى أن رئيس <التيّار الوطني الحر> النائب جبران باسيل هو من يدير هذا الموقع من وراء ستارة القرابة العائلية أولاً والحزبية ثانياً وأن كلمة الفصل في كافة القرارات تعود له. وربما هذا ما دعا الرئيس سعد الحريري خلال مهرجان ذكرى اغتيال والده إلى قول جملته الشهيرة: <حاولت تأمين استقرار للعلاقة بين رئاستَي الجمهورية والحكومة لأن الاستقرار يستحق الصبر، لكنني تعاملت مع رئيسين، كان مطلوباً مني أن أؤمّن العلاقة مع رئيس الظلّ لأؤمّن العلاقة مع الرئيس الأصلي>، وذلك في إشارة إلى باسيل ورئيس الجمهورية.

اتهام الحريري لباسيل بأنه الرئيس الظل لم يأت بحسب مصادر مقربة من <بيت الوسط> من فراغ ولا على خلفيّة خلافات أو اختلافات شخصية ولا حزبيّة، بل هي واقعية وملموسة ويُمكن مقاربتها او مقارنتها مع كافة الممارسات التي انتهجها منذ دخوله السلطة، ومن لا يذكر أو يتذكّر عمليات التعطيل التي مررنا بها منذ سنوات ولغاية اليوم للوقوف عند خاطر باسيل الذي يهوى الحياة السياسية <الصاخبة> لتسليط الضوء عليه وهو الذي جيّر على مدى سنوات متتالية أي إنجاز لنفسه ولمساعيه بدءاً من ملفي النازحين والتوطين ووصولاً إلى الحالة المزرية التي نعيشها اليوم والتي يحاول أن يخرج منها باسيل بطلاً محاولاً التخفيف من النقمة عليه بعد اتهامات الهدر والفساد التي طالته واقتسام المغانم بينه وبين حلفائه.

وتضيف المصادر: لكن كان باسيل في الحكومة السابقة وزيراً فوق العادة، يقود 11 وزيراً حوّلوه فعلياً إلى رئيس ظل لا تُتخذ قرارات من دون موافقته، ولا تمر مشاريع من دون تأييده، والوقوف عند خاطره، ولا تُعالج الأمور كافة بلا استشارته أو إرضائه. وهذا ما وضعنا في مشاكل عديدة معه خصوصاً وأن خطاب الرئيس الحريري كان منذ بداية الحكومة يقول أن لا انجازات يُمكن أن تتحقق إلا بتوافق جميع الأطراف، والأطراف هنا بالنسبة إلى باسيل لم يكونوا إلا مجرد أعداد إضافية في مجلس وزراء يُهيمن هو عليه ويُهدد عند كل محطة بنسف الحكومة.

قطّار: كلام مجاف للحقيقة ولنهتم باقتصادنا!

على الضفّة المقابلة لتوصيف باسيل على أنه الرئيس الظل أو الحاكم بأمره ضمن توليفة سياسية تُصرّ على الاحتفاظ بمكتسباتها حتى في وقت يجنح فيه البلد نحو الخراب المحتّم، ثمة اتهامات طالت أيضاً وزير البيئة والشؤون الادارية دميانوس قطار على انه رئيس ظل في حكومة الرئيس حسان دياب وأنه يُمارس مهام رئيس الحكومة أقله اقتصادياً وهو المعروف عنه بأنه رجل اكاديمي وخبير اقتصادي بامتياز، ومؤسس وعميد كلية الإدارة والاعمال في الجامعة الانطونية.

لا يهوى الوزير قطار الدخول لا في عمليات حسابية سياسية مبنية على الكيدية والاتهامات، ولا الإنجرار وراء خلافات من شأنها تأجيج الوضع العام في البلاد، فكل ما يصبو اليه إخراج البلد من ازمته المالية والاقتصادية وهذا لا يكون بطبيعة الحال برأيه إلا من خلال وحدة الموقف السياسي وتجنيد جميع الطاقات لخدمة البلد.

يؤكد قطار في حديث مع <الأفكار> أننا اليوم نمر كلبنانيين بمرحلة دقيقة تتطلب منّا الوعي الكامل للخروج من المحنة التي نمر بها، وهذا يتطلب منا بالحد الأدنى الابتعاد عن كل الإتهامات والخلافات الجانبية والتركيز فقط على ايجاد الطرق اللازمة لمعالجة الأوضاع التي نعاني منها بجميع فئاتنا. اليوم نمر بمرحلة دقيقة وهناك نوع من التفكّر بالعمق والقيام بدراسات دقيقة لكي نرى الاحتمالات من كل جوانبها لتحقيق عملية التقدم. أما بالنسبة الى محاسبة الحكومة الحالية قبل انطلاق عملها والذهاب نحو تطبيق بيانها الوزاري أو الحكم عليها قبل فترة الثلاثة أشهر التي وعد دياب بها، يوضح قطار أن هناك سلسلة تراكمات مرّت بها البلاد وشاءت الظروف مجتمعة أن زادت من هذه الأزمات هذا مع العلم أن معظم دول العالم مرت بهذه التجارب، لذلك فإن كل الاهتمام الحكومي منصّب اليوم على العمل الجدي في سبيل تأمين الحد الادنى من الاستقرار المالي والاقتصادي، وذلك كخطوة أولى لوضع خارطة العمل على السكة الصحيحة.

ويُضيف قطار: المؤكد أن ما مررنا به ومرّت به المنطقة زاد من صعوبة الوضع في لبنان خصوصاً وأننا لا نعيش في جزيرة منعزلة عن هذا العالم، لذلك لا بد ان نتأثر بما يدور حولنا. وهنا لا بد من توضيح أمر في غاية الأهمية وهو ان هذه الحكومة لم تُكمل بعد شهرها الأول والبعض يُريد أن يُحملها كل ما نحن فيه اليوم.

<الأفكار> تستوضح الوزير قطار حول حقيقة سعي البعض لعرقلة زيارات الرئيس دياب الخارجية وتحديداً إلى بعض الدول العربية، فيؤكد أنه <حتى اليوم لم أملس شخصياً أي عرقلة في هذا السياق وهناك عملية ترقب واستعداد للقيام بهذه الزيارات، وكما نعلم فإن البلد لا يسير إلا بالتوافق بين الجميع وما نعاني منه اليوم يتطلب أقصى درجات اللُحمة ورصّ الصفوف لمواجهات الأزمات بروح واحدة وبنظرة  تغلّب مصلحة البلد على المصالح الشخصية والحزبية>.

هل أنت رئيس الظل فعلاً في حكومة الرئيس حسّان دياب وأنك المعني الأول والمباشر في تحديد الوجهة الاقتصادية للحكومة وذلك انطلاقاً من خبرتك الواسعة في المجال الاقتصادي؟ يُجيب قطار: لا على الإطلاق وهذا الكلام غير دقيق ولا حتّى يوجد فيه ولو جزء صغير من الحقيقة بالإضافة إلى أن مثل هذا الكلام لا يليق أيضاً بحق رئيس الحكومة الذي يعمل على تكريس حالة من التوافق السياسي وتثبيت نظرة شاملة للخروج من المعاناة التي نمر بها والتي خلّفت ندوباً على الجميع من دون

استثناء. وفعلاً لا أعرف من يقف خلف هذا الكلام أو الاتهام الخاطئ ولا حتى المقصود فيه.

ماذا عن مقولة أن رئيس التيّار <البرتقالي> جبران باسيل هو الرئيس الظل للجمهورية اللبنانية؟ لا اعتقد أن هذا الكلام صحيح لأن فخامة الرئيس ميشال عون في موقعه ويُمارس سلطته على اكمل وجه وهذا باعتراف الجميع، وكذلك الامر بالنسبة إلى باسيل الذي يُدير تكتله النيابي وتياره السياسي. وهنا لا بد من توجيه كلمة لجميع اللبنانيين ندعوهم فيها الى عدم فقدان الامل بلبنان لأن بلدنا يستحق التضحية والكثير من الجهد.

 

<الوطني الحر>: وصف الحريري لباسيل سببه ضغط الشارع!

بالنسبة إلى <التيّار الوطني الحر> ثمة حقيقة واحدة لدى قادته هي أن باسيل تمكّن وبشكل فاعل من الحد من عمليات الهدر والفساد التي كانت تتم بين أفرقاء السلطة قبل مشاركة <التيّار> بشكل فعلي وجدي بالقرار، وبحسب ما يعتبر وزير بارز في <التيار> أن الصفقات قبل مشاركتنا الفعلية في السلطة، كانت توزّع مناصفة بين الزعماء السياسيين، وأسباب الهجمة علينا تعود لضربنا بيد من حديد كل هذه المحاولات وإشهارنا سيف المحاسبة في وجه الجميع، هذا مع العلم أننا كفريق سياسي لا نؤمن على الإطلاق لا بالقطيعة السياسية ولا بالطلاق السياسي مع أي طرف، لكن بالنسبة إلى الرئيس الحريري فيبدو أن هناك شارعاً ضاغطاً عليه بعد سلسلة من <المطبات>. وأوضح الوزير البارز أن تشخيص الحريري في وصف باسيل بأنه رئيس ظل إنما هدفه تبرير الخروج من التحالف مع التيار.

سبق لباسيل أن تحدث عن موضوع الرئيس الظل مؤكداً في حينه أن التهمة غير حقيقية وأنه ليس مجبراً على تأكيد ذلك وأن الرئيس عون هو من سيرد على ذلك. وعما إذا كان ينزعج من ذلك، رأى باسيل أن هذا يزعج أصحاب هذه الشائعات. أما على ضفّة حزب <القوات> فتشير مصادره إلى ان باسيل كان يحاول إلغاء <القوات> بعد اتفاق <معراب> وما جرى أكثر من خدش بل جرح عميق ليس بين <التيّار> و<القوات> بل بين باسيل و<القوات اللبنانية> ولو جرى السير باتفاق معراب لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن.

وترى المصادر <القواتية> أن كل اللبنانيين شهدوا أن باسيل من أول بداية العهد ولغاية اليوم يلعب دور رئيس الظل ونحن كلبنانيين وكحزب لا نعترف إلا برئيس واحد وهو رئيس الجمهورية ميشال عون، كما أننا لم نتعوّد على وجود رئيس ظلّ في لبنان. ويُضيف: لقد دخل باسيل إلى السلطة من طاقتها بعد أن نجح في تكريس نفسه رقماً أساسياً في المعادلة اللبنانية حتى أصبح الرجل الأقوى في العهد الحالي على الأقل حسابياً وسواء بالشكل المباشر او من وراء ستارة. لقد نجح عندما بدأ مشواره السياسي في وزارة الطاقة ورغم أن التاريخ لن يُسجل له أي انجازات، لكن الأكيد أنه سيُسجل أنه كان <صهر العهد> وقد نجح في أن يكون الخيار الأول لرئيس البلاد.