تفاصيل الخبر

الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني شريكان في معركة رئاسة لبنان!

25/06/2015
الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني  شريكان في معركة رئاسة لبنان!

الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني شريكان في معركة رئاسة لبنان!

بقلم وليد عوض 

rifi رب ساعٍ لقاعد. هكذا قال بديع الزمان الهمذاني صاحب المقامات المشهورة، وقد دفن في قبره فإذا به يفيق لأن إثبات موته لم يكن صحيحاً. فبين القادة والحكام من يتوكل على الله أولاً، والدنيا رمضان، ثم يتكل على الإيحاء الخارجي لتصويب بوصلته السياسية، واعتماد النهج الذي يحقق له مصالحه.

   والشيء الثابت من خلال تجاربنا مع أهل السياسة أنهم لم يتعلموا من دروس حرب لبنان على مدى أربعة عشر عاماً. وقد يكون الرئيس الشهيد رفيق الحريري نسيج فكر لم يلتزم به الآخرون. ونظرة على الاطلالة التلفزيونية للرئيس الشهيد في مقدمة نشرة أخبار <المستقبل>، من منابر احتفالات بالجملة في التسعينات ومطلع القرن الجديد تكفي لبلورة معدن هذا الرجل وهو يبشر بالاعتدال وبسياسة الانفتاح، ومشاركة القطاع الخاص في دعم القطاع العام، لا بالعكس، ويجعلنا نردد <أضعناه.. وأي فتى أضعنا>!

   تلك هي على كل حال مشيئة القدر، ولا رد للقدر مشيئته، فأنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد. ولكن الله عز وجل رسم خريطة طريق لكفاح الرجال بقوله: إن لله رجالاً إذا أرادوا أراد.

   ولكن ماذا يريد أهل السياسة هذه الأيام؟!

   باستثناء قلة منهم اهتدت للصراط المستقيم، وكانوا خير الناس الذين هم أنفعهم للناس، تسود غالبية أهل السياسة هواجس الثروة وجمع المال، والبحث عن الجاه، وضمان المستقبل المجهول لهم وللعائلة الكريمة، ولم يفكر واحد منهم في الاهتداء بالخليفة عمر بن الخطاب الذي كان يتنكر بلباس عادي، ويتفقد أحوال الرعية. فهل تفقد الواحد منهم مثلاً أحد مخيمات النازحين السوريين في البقاع، أو الشمال، وأخذ قلماً ودفتراً، أو <كومبيوتر> صغيراً، لتسجيل هواجس هؤلاء النازحات والنازحين الذين تقطعت بهم السبل، وتظهير شكواهم. فهم قبل كل شيء بشر، أي مجتمع انسان، ومن حقهم على الموغلين في الثراء، أن يلتفتوا الى أحوالهم المعيشية المتردية، ويجودوا بالمساعدة المالية، كما تسمح الظروف.

 

استمعوا الى التجار واحكموا!

   هل درى أهل السياسة بأوضاع صغار التجار وهم يقفلون محلاتهم واحداً بعد الآخر لعجزهم عن الوفاء بفواتير التليفون والكهرباء والرسم البلدي، وتأمين أجور المستخدمين؟ هل أحيط أهل السياسة علماً بالنسبة العالية للشباب اللبناني المهاجر الى الخارج، ولاسيما دول افريقيا والخليج واستراليا؟ وهل علموا بأن التحويلات المالية من أبنائنا في الخارج، تمر في مرحلة من الجفاف، وأن لبنان مقبل على غد أسود يحاكي حاضر الجارة المتوسطية اليونان، بعدما وصلت ديونه الخارجية الى شفير الثمانين مليار دولار، وأكثرها ديون للمصارف المحلية، والباقي ديون خارجية!!

   هل سأل أهل السياسة عن أسعار المواد الغذائية في رمضان؟! وهل تبينوا قدرة الطبقات الفقيرة والمتوسطة على شراء هذه المواد بالأسعار المرتفعة التي جنحت إليها؟ فلا يكفي أن يبشر وزير الاقتصاد آلان حكيم بأن دنيا الأسعار بخير، بل عليه أن يطلب الاجتماع بكل من رئيس غرفة تجارة بيروت وجبل لبنان محمد شقير، ورئيس جمعية تجار بيروت نقولا الشماس، ليتبين أن السوق في أزمة مالية خانقة، وأن فرص الحصول على غذاء للعائلة لم يعد في المستطاع. ونقولا شماس أعد لائحة علمية بالقدر الصعب الذي تواجهه الأسواق، وبالبطالة التي تفشت نتيجة لإقفال مئات المحلات التجارية. وما على وزير الاقتصاد إلا أن يقرأ لائحة الشماس.

   حكماء البلد، وأولهم الرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام، والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان، والبطريرك مار بشارة الراعي، لا يرون لهذه الأزمة مخرجاً إلا بالانتخابات لرئيس للجمهورية، وبهذا الانتخاب تتحرك العجلة التشريعية النيابية، وتستلم الوعود المقدمة من البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، لتسيير بعض القروض، وحسابها بمليارات الدولارات، وعدم إضاعة فرص الانطلاق بالمشاريع التنموية ومنها سد بسري الذي يمون الجنوب وبيروت عند انشائه بمئات ملايين الأمتار المكعبة من المياه، وتحريك مشروع إنشاء مطار رينيه معوّض الدولي في عكار.

 

المشنوق يفتت العاصفة

   وقد خرج وزير الداخلية نهاد المشنوق عن سرب السياسيين العاطلين عن العمل، وتوجه بنفسه الى سجن رومية للاجتماع بالمساجين الثلاثة الشيخ عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد، والاستماع الى تفاصيل واقعة تعذيبهم بالضرب المبرح على أجسادهم من قبل خمسة رجال أمن أحيلوا على التحقيق القضائي العسكري.

   كان في إمكان الوزير المشنوق أن يكتفي بزيارة سجن رومية، واستدعاء آمر السجن، وسؤاله عن تلك الواقعة، وكشف أسماء عناصر الأمن المتورطة في هذا التعذيب البشع، وأين؟ في لبنان منشئ شرعة حقوق الانسان مطلع الخمسينات على يد الدكتور شارل مالك مندوب لبنان الأسبق في مجلس الأمن، والمتباهي بأنه بلد الحريات والعدالة. ولكن وزير الداخلية أبى إلا أن يستمع شخصياً الى أقوال السجناء الثلاثة، حيث أخبروه بتفاصيل التعذيب، وعدم تكرار ذلك عندما نقلوا الى مبنى <ب> في السجن.

   وعندما كان الوزير المشنوق يستمع الى السجناء الثلاثة، وهم مكبلو الأيدي، دلالة على أنهم سجناء، كانت ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس تلتهب بتظاهرة الاحتجاج، والهتافات ضد وزير الداخلية، وكان واضحاً أن المتظاهرين كانوا من الاسلاميين المتشددين، ومثلهم متظاهرو صيدا. ومن حق كل هؤلاء أن يتظاهروا ويعبروا عن غضبتهم، ولكن ليس من حقهم استباق اجراءات التحقيق، واستهداف وزير الداخلية بالاسم، والمطالبة باستقالته، وحين جاء الوزير المشنوق خبر التظاهرة والهتافات ضده، قال: أنا لن أرد الآن على السياسيين الذين كمنوا وراء هذه التظاهرات والشائعات، وسيأتي الوقت الذي أرد فيه على ذلك كله، وأعرف كيف سأرد! واستقالتي جاهزة إذا كانت ضد التطرف والمتطرفين!

   وكان على آمر السجن، وهو يحاط علماً بعملية تعذيب السجناء الثلاثة، أن ينقل الخبر الى وزير الداخلية ولكنه لم يفعل.

   وقد جاءت زيارة وزير العدل أشرف ريفي لوزير الداخلية نهاد المشنوق في مكتبه دلالة على تماسك كتلة <المستقبل> في تركيبة الحكومة، وإدانة مشتركة لعمليات التعذيب الوحشي الذي أصاب السجناء الثلاثة عمر الأطرش وقتيبة الأسعد ووائل الصمد. وسواء أكان حزب الله هو الذي تولى تسريب شريط التعذيب، كما قال الوزير ريفي، أم غير حزب الله، فالواقعة وقعت والحادث بنفسه لطخة في جبين الجهاز الحاكم.

   وثمة من يرد كل هذه الحوادث الى الشغور الرئاسي. فلو كان هناك رئيس جمهورية للبست الدولة كلها ثوب العمل الجاد، وفعّلت مؤسساتها، ومنها سجن رومية، وإن كان تصرف الوزير المشنوق تصرsissiف المسؤول العاقل الذي يعرف كيف يوازن بين الحق والواجب. وقيمة الوزير المشنوق لن تتبلور إلا بعد مرور فترة من الزمن، ليسجل موقعه كأمهر ربان في وجه العاصفة!

بين القاهرة وعمّان

   والشغور الرئاسي في لبنان توأم مشروع وزير الخارجية الفرنسية <لوران فابيوس> وهو يزور مطلع الأسبوع القاهرة وعمان ورام الله وتل أبيب ليعرض مشروعه المطلوب لإقامة الدولة الفلسطينية. وما الاستقبال البارد الذي خصه به رئيس وزراء اسرائيل <نتانياهو> إلا الإشارة الاستباقية للرفض الاسرائيلي لمشروع وزير الخارجية الفرنسي، فيما قوبل مشروعه بالترحاب في كل من القاهرة وعمان ورام الله، واعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس ان السلوك الديبلوماسي الفرنسي هو في الاتجاه الصحيح، بانتظار أن ينعقد المؤتمر السنوي لهيئة الأمم ومجلس الأمن في أيلول (سبتمبر) المقبل.

   والوزير <فابيوس> لم يبخل لا على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولا على الملك الأردني عبد الله الثاني، بالمسعى الفرنسي للتعجيل بانتخاب رئيس جمهورية لبناني جديد، ولكن اليد الواحدة لا تصفق، ولا بد من مسعى اقليمي مع فرقاء السياسة في لبنان لإقناعهم بأن ساعة انتخاب رئيس للبنان قد دقت، وأن التأخير سينعكس شللاً على المؤسسات، أي ان الوزير <فابيوس> طلب من الرئيس السيسي، والملك عبد الله الثاني، أن يبذلا مع الأطراف اللبنانيين جهداً لعبور مرحلة الشغور الرئاسي.

   ألم نقــــل في مقدمــــة الموضوع: رب ساعٍ لقاعد؟