تفاصيل الخبر

الرسامة والكاتبة زينة نادر تعيدنا الى المفهوم الحقيقي للمدوِنات وتصرخ بالفرنسية: ”Non je ne suis pas une Blogeuse“!

08/06/2018
الرسامة والكاتبة زينة نادر تعيدنا الى المفهوم الحقيقي للمدوِنات  وتصرخ بالفرنسية: ”Non je ne suis pas une Blogeuse“!

الرسامة والكاتبة زينة نادر تعيدنا الى المفهوم الحقيقي للمدوِنات وتصرخ بالفرنسية: ”Non je ne suis pas une Blogeuse“!

بقلم عبير انطون

image3

من الصباح الباكر حتى أواخر الليل، ومن <البابوج الى الطربوش> كما يقول المثل اللبناني العامي، تتحفنا وسائل التواصل بمواقع لأشخاص، هن سيدات في الغالب يصنفن انفسهن في خانة الـ<البلوغرز> او المدوِنات، متخذن منها عملا تستعرضن من خلاله ما ترتدينه وما تفعلنه، وصولا الى خزاناتهن والحقائب والرموش والأحذية، صعودا نحو المطاعم التي ترتدنها والاطباق التي تطلبنها وغير ذلك الكثير الكثير من التفاصيل المملة والتي لا حاجة لاحد بها. يجري ذلك كله من دون تقديم اي مغزى يفيد المتلقي (ة) او يمده بمعلومة جديدة. السؤال عن سبب انتشار هذه <الموضة> بشكل كبير صار ملحا، فهل باتت المدونة <بزنس> تجني صاحبته من خلاله الاموال لقاء عرضها لما يطلب منها؟ ما هو المفهوم الحقيقي لمصطلح <بلوغ> او <مدوّنة> ولماذا علت الرسامة والكاتبة زينة نادر الصوت وعنونت بالفم الملآن كتابها الصادر بالفرنسية: <Non je ne suis pas une Blogeuse>.

 مع زينة الحاصلة من بيروت على شهاداتها في العلوم المشهدية السمعية البصرية والسينمائية كان لقاء <الافكار> وغوص في الكتاب المثير واسبابه، فسألناها بداية:

ــ من اين انطلقت فكرة الكتاب وهو الثاني لك في عالم الكتابة؟

- الفكرة ولدت من ردة فعل لدي على ما يجري على الساحة عبر مواقع التواصل، بشكل خاص الذين يصنفون انفسهم تحت خانة الـ<البلوغرز> في محاولة مني لاعادة مفهوم <البلوغ> الى قواعده الاساسية والوقوف على الأسباب التي من من اجلها وجد. هذا المفهوم انحرف عن مفهومه الاصلي من دون مراقبة او تصحيح له... انها <فشة خلق> نوعا ما، ووجدت ان على احد منا اثارة الموضوع ومناقشته عاجلا ام آجلا. ظاهرة <المدوِنات> السيدات بشكل خاص تفشت بشكل كبير حتى ان عدد القيمات عليها بات يفوق عدد المتابعات لها. اي مدلول او مفهوم هو ذاك الذي يعرض الحياة الشخصية للانسان من الصباح الى المساء مدعمة بالصور والـ<سيلفي> التي لا تنتهي؟ بات الامر نوعا من <مسخرة> للاسف، وكأنه يكفي لأن تكوني مدونة ان تتمتعي بقوام رشيق ووجه جذاب فتصبحي نجمة مواقع التواصل <الانستغرام> بشكل خاص. وانا في خلاصة الكتاب كتبت ما دفعني اليه.

وتضيف زينة:

- كذلك فإنني عبر متابعتي الحثيثة ولاشهر عدة لمختلف المدونات الخاصة بالكثير من السيدات اللواتي تدّعين صفة الـ<بلوغرز> لم اعثر على واحدة لها <بلوغ> بالمفهوم الصحيح للكلمة. ومن خلال ما يقمن به وما يقدّمنه شكلت فكرة متكاملة عن عالمهم الافتراضي وتردداته الفعلية او المصطنعة ما مكّنني من تكوين فكرة واسعة عن سلوكهن. وتلك المدونات <المزيفات> لا نراهن من خلف الشاشة فحسب، انما بتنا نلتقي بهن اينما ذهبنا يحملن هواتفهن ويستدل من سلوكهن للتو على انهن <البلوغرز> المفترضات.

ــ اي رسالة اردتها تحديدا وما الهدف من الكتاب؟

 - اردت التعريف بالمفهوم الحقيقي والمحترم لـ<البلوغ> او <المدونة> الذي هو نوعا ما كتابة يومية ومنظمة لشخص ما يشارك المتلقي بما هو مهم و<دسم>، بمعنى ان يحمل الفائدة والمشاركة مع المتلقي. شرحت في الكتاب من هو المدون الحقيقي وما هي مهمته في ترويج المعلومات المثيرة والمهمة والهادفة في مختلف المجالات، اكان في الفن او الطبخ او السياحة او السفر او الاقتصاد او السياسة الى ما هنالك شرط ان يأتي ذلك من أشخاص مؤهلين لذلك ويملكون المعرفة المطلوبة والمغزى المفيد. و<البلوغر> السيدة كما الرجل، هي من من تشارك آراءها وانطباعاتها وافكارها ومشاعرها مع الآخرين. انها السيدة التي، عوضا من تناول القلم تستخدم آلة المفاتيح في حاسوبها لتعبّر بالكلمات وليس بصور <السيلفي> الملتقطة هنا وهنالك. للأسف، نجد الكثيرات ممن يصنفن أنفسهن من ضمن هذه الخانة يجردن هذا المفهوم من عمقه ومن ضرورته، متسلحات بالصورة و<السيلفي> عبر الدعاية لأنفسهن، والترويج لماركات ومنتجات معينة حتى باتت تشكل نوعا من الـ<بزنس>. باختصار، اردت وضع هذا المفهوم تحت السؤال من جديد وفتح العيون عليه وحث المتلقي على <الفلترة> او <التصفية>...

وتضيف زينة التي تسمي <زبد الايام> لـ<بوريس فيان> بين افضل كتبها:

- اتساءل الى اين سنكمل بعد. أنا لست ضد الترويج لماركات معينة الا ان الشركات المنتجة هي المسؤولة عن ترويج بضاعتها ولها الوسائل الخاصة بذلك عبر <الانستغرام> او وسائل التواصل الاجتماعي. من خلال كتابتي وضعت النموذج او رؤيتي الخاصة لمفهوم <البلوغ> من خلال تدوين يومياتي بطريقة متخيلة وقد كتبتها بطريقة خاصة مضادة لما هو سائد بنسبة كبيرة، فجاء الكتاب وكأنه دفتر يومياتي الحميم تجدون في صفحاته الكثير من الشعر والالوان والامل والحس الفكاهي والمشاعر الحلوة وتلك الحزينة والمتقلبة طبعا.

مدونة... على ورق!

ــ اخترت ان تكون مدونتك على الورق اي في صيغة الكتاب التقليدي التي نعرفها، لماذا وانت تتناولين موضوعا خاصا بالمدونات عبر الانترنت؟

 - تقصدت ذلك لهدف أساسي وددت من خلاله الابقاء على القيمة الكبيرة للكتاب وابقاء شعلته متقدة وفي المتناول لانه الرمز الاهم، وهو يبقى نوعا من المقاومة الثقافية الأكيدة لما يدور في هذا العصر. على ورق الكتاب الذي اردته <مدونة ورقية> وضعت نظرتي كفنانة ورسامة وسيدة لبنانية تعرض لوحاتها في لبنان والخارج. لم اتقصد الاساءة لاحد، انما اردتها نوعا من التوعية للحد من ظاهرة لا تسير وفق المنطق السليم... انا نفسي لي <البلوغ> الخاص بفني، وفيه ترويج لأعمالي وشرح لها بهدف ان تصل هذه للجمهور الذي لا يمكنه بلوغ محترفي او معارضي.

ــ لماذا وضعت الكتاب باللغة الفرنسية؟

- كتبته بالفرنسية علما بأنني اتقن جيدا ايضا الكتابة باللغة الانكليزية. الفرنسية لغة غنية وفيها شاعرية كبيرة وهذا جوهري في كتابي، وانني اوقعه أيضا في صالون الكتاب في فرنسا... بين طياته اتحدث عن الفن والألوان، واللغة الفرنسية مثالية لذلك. كما انني سبق ووضعت في العام 2016 كتابا باللغة الفرنسية بعنوان <كلمات على الوان> حول لوحاتي ايضا.

ــ في <لا، انا لست مدونة> تواريخ محددة، <عيد الحب>، <ذكرى الاستقلال>، <عيد الميلاد>، وهو بالفعل كأنه يوميات تكتبينها على التوالي، هل الفت هذه النصوص ووضعت الافكار الشيقة بالتراتب الذي يتطلبه <الجورنال اليومي>؟

- لأكون صريحة لقد سبقت بعض هذه النصوص وضع الكتاب الا انني رتبتها بالطريقة الزمنية المناسبة لتكون على شكل <بلوغ> يومي بتواريخ متتالية.

ــ من سيكون جمهور الكتاب، من سيقرأه برأيك؟

- باعتقادي اول القراء سيكونون الذين تدفعهم حشريتهم الى قراءته وقد لمست بأن العنوان جذب الكثيرين، واتمنى بشكل خاص ان تتصفحه بروية من يدعين انهن من <البلوغرز> ولو ان الامر يبدو صعبا مع كتاب من ثلاثمئة صفحة. وبالتأكيد فان قراء كتابي الاول <كلمات على الوان> حيث ارفقت كل لوحة بكتابة لي عنها سيهمهم ايضا وجوده في مكتبتهم وقد وجدت منهم تشجيعا، مع شكري الكبير لمنشورات <نوار اي بلان> التي صدر الكتابان عنها.

ــ والرجال هل سيهتمون به؟

- ولم لا؟ فقد تناقشت مع عديدين حول <البلوغ> ومفهومه حتى انني في الكتاب اخصهم بمساحة واسعة أيضا.

image2

عالمية... ومحلية ايضا!

ــ ظاهرة <البلوغرز> وتحويلها عن مفهومها لا تطال لبنان وحده بل كل دول العالم التي تتعاطى الانترنت. هل هي فاضحة اكثر عندنا؟

- الظاهرة عالمية طبعا وليست محلية فقط وهي تأخذ مداها في العديد من دول العالم ونجدها في اميركا وفرنسا وغيرهما. انا لا اتناولها من الزاوية اللبنانية واحصرها فيها انما اركز عليها في كتابتي من منطلقي كلبنانية اي من خلال نظرتي الى المنطقة ومعرفتي بها.

ــ نجد المراهقين والمراهقات مدمنين على عدد من الأسماء في هذا المجال ويتخذونهم مثالا اعلى في حين انهم لا يعتبرون كذلك بأي حال. كيف السبيل الى التوعية في هذا المجال؟

- الامر يعود الى التربية البيتية والمدرسية والنظرة الثقافية التي ينقلها الاهل لاولادهم فضلا عن تشديد الاهل على التمييز بين الحقيقي والمزيف او المصطنع، مع ابقاء مساحة كبيرة للكتاب والكلمة وليس للصورة فقط.

ــ اي مثال لـ<بلوغرز> يستحقون التسمية يمكن ان تعطينا او تتابعينهم شخصيا؟

- لن اعطي اسما معينا فبالنسبة لي هناك عديدون، وفي الاطار العام اقول انهم الذين يتناولون مواضيع مثيرة للاهتمام وتعود بالجديد والفائدة على المتلقي. انا ايضا اعترف بأهمية وضرورة وجود المدونة الحقيقية، خاصة وان كل انسان له حق ان ينشر ما يراه مناسبا الا انني لا اتابع الا من يمدني بمعلومات مفيدة ومهمة او تحملني بدوري على التفكير والتساؤل.

ــ بعيــــداً عــن الكتابــة انت رسامــــة لبنانيــــة ناشطــــة ومعروفــــة. مـــا جديــــدك في هــــذا المجــــال؟

- أنا عائدة للتو من <فيينا - اوستريا> من معرض عالمي شاركت به، والاسبوع المقبل سوف اكون في ايطاليا في منطقة <بوغليا> ( الجنوب الشرقي لايطاليا) في معرض عالمي يضم مجموعة من الفنانين نرسم جميعا على شاطئ البحر و نقدم معرضا للوحاتنا في نهايته، كذلك سوف اكون في مدريد في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في معرض فني كبير، وتعرفون بان لي نادي وهو محترف للفنانين تحت عنوان <بول دار> (فقاعة فن) يعلّم فنون الرسم للكبار والصغار.

ــ لفتنا ترويجك عبر موقعك الالكتروني لوظائف ايضا، ما سبب دخولك في هذا المجال؟

- الترويج لوظائف معينة يأتي من منطلق مساعدتي لجمعية <بسمة> وخاصة اننا في شهر العائلة اليوم، وقد كان ريع الكتاب الأول <كلمات على الوان> لمساعدة هذه الجمعية تحديدا إذ تهمني مساعدة العائلات المحتاجة الى عمل، وقد سبق أن عملت أيضا في مركز لاعادة تأهيل المدمنين على المخدرات عبر الفنون ومنها الرسم، وكانت لها ايجابياتها على المتلقين للعلاج من ضمن برنامج واسع فيه الرسم والموسيقى والمسرح ما كان يجعل المدمنين يخرجون من عالمهم الاسود الى آفاق اقل سوادا.

ــ هل ستبقى يدك تتأرجح ما بين الريشة والقلم؟

- بكل تأكيد. كلاهما طريقتي في التعبير عن نفسي، تتكاملان ولا تتنافسان وتلتقيان في بحر الفن والادب الواسع.