تفاصيل الخبر

الرسامة ميراي مرهج: بدأت أرسم  خلال الحجر المنزلي على القبعات لإضفاء لمسة جمالية وأيضاً إحياءً لذكرى والدي الذي تألق بصنع القبعات   

24/06/2020
الرسامة ميراي مرهج: بدأت أرسم  خلال الحجر المنزلي على القبعات لإضفاء لمسة جمالية وأيضاً إحياءً لذكرى والدي الذي تألق بصنع القبعات   

الرسامة ميراي مرهج: بدأت أرسم  خلال الحجر المنزلي على القبعات لإضفاء لمسة جمالية وأيضاً إحياءً لذكرى والدي الذي تألق بصنع القبعات   

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_78967" align="alignleft" width="188"] إبداع من وحي كورونا[/caption]

 تعشق الفنون منذ صغرها فأبدعت في عالم الفنون...إنها الفنانة ميراي مرهج التي تألقت في الرسم والنحت والرسم الزخرفي... بعدما نالت إجازة في التصميم الغرافيكي وأيضاً الفنون الجميلة من الجامعة اللبنانية الأميركية وسافرت الى باريس لتتخصص في الرسم الزخرفي فحصلت على الماجستير، وبدأت مشوارها الفني فكانت مسيرتها مضيئة... ومع بداية الحجر المنزلي إرتأت الفنانة ميراي أن تغوص في عالمها الخاص حيث بدأت ترسم على القبعات نظراً لحبها للقبعات وأيضاً إحياءً لذكرى والدها السيد عادل مرهج صانع القبعات.

الفنانة ميراي مرهج وشغفها بالفنون

"الأفكار" تحدثت مع الفنانة ميراي مرهج لتتعرف أكثر على شغفها بالفنون، وعلى الرسم على القبعات خلال الحجر المنزلي وسألناها عن دراستها واهتمامها بالفنون منذ صغرها فقالت:

 ـ بداية درست التصميم الغرافيكي في الجامعة اللبنانية الأميركية وأيضاً درست الفنون الجميلة، من ثم تخصصت في الرسم الزخرفي في باريس. أحب المجالات الثلاثة: التصميم الغرافيكي والفنون الجميلة (الرسم والنحت)، والرسم الزخرفي: الرسم على الجدرانيات وهذا التخصص قليل  في لبنان، لقد عملت 15 سنة في ورش عمل في لبنان مع مصممي الغرافيك إذ كانوا يطلبون مني الرسم في القصور والسقوف سواء في لبنان والخارج. وبالنسبة للرسم على الجدرانيات فكان لي ورش عمل في دمشق، كما عملت في أول ورشة عمل في (فيرجين ميغاستور) في

[caption id="attachment_78971" align="alignleft" width="188"] ريشة وألوان[/caption]

ساحة الشهداء، كم عملت على المفروشات وبالتالي كان عملي متنوعاً ما بين النحت والرسم على الجدرانيات، ولكن لم أكن متفرغة للوحات وحصلت أمور شخصية اضطررت معها أن أوقف الورش ثم  لجأت الى رسم اللوحات، أي خصصت وقتي للوحات. ولقد شاركت في معارض في لبنان ودبي وبعدها شاركت في معارض متنوعة عرضت في الأردن. حبي للفنون بدأ منذ الصغر، إذ أذكر أنني أيام الحرب كنت اقضي وقتي بالأشغال اليدوية وكنت ماهرة بذلك، ثم اكتشفت نفسي مع مرور الوقت أيضاً، كما أن الجامعة فتحت لي آفاقاً واسعة اذ تعرفت على شخصيتي ومدى شغفي بالفنون أكثر.

* أين تجدين نفسك في مجال التصميم الغرافيكي ام الفنون الجميلة؟

- لقد كان التصميم الغرافيكي الخطوة الأولى للدخول الى الفنون الجميلة،  فقد عملت بمجال التصميم الغرافيكي لفترة قصيرة ما جعلني اكتشف ما بداخلي. وطبعاً خلال دراستي الجامعية اكتشفت مدى حبي وتعلقي بالفنون إذ كانت علاماتي عالية جداً في الجامعة.

التفرغ للرسم خلال الحجر المنزلي

* البعض استفاد خلال الحجر المنزلي بتنمية قدراتهم او تعلّم مهارات جديدة، بالنسبة لك كفنانة كيف قضيت فترة الحجر المنزلي؟ وهل أتاح لك البقاء في المنزل الفرصة للقيام بأعمال فنية أكثر؟

- هذا صحيح خلال الحجر المنزلي خصّصت وقتي للفنون، اذ طبعاً هذا أكثر ما أحبه ولكنه كان هروباً من الواقع المر بسبب الوباء الذي  غيّر حياتنا على جميع النواحي. وكما كل الناس لازموا البيوت يمكن القول إنه خلال تلك الفترة عملت تقريباً أربع مرات أكثر من السابق، اذ خصّصت وقتاً طويلاً للفنون، لاسيما وأنه بسبب التباعد الاجتماعي لم تعد هناك واجبات اجتماعية او لقاءات مع الأصدقاء الى ما هنالك، وقضيت فترة الحجر المنزلي لوحدي في المنزل، حتى إنني لم اقصد منزل والدتي خوفاً على سلامتها، وهذا الأمر كان مؤلماً جداً بالنسبة لي وموجعاً ايضاً، فهل هناك أصعب من ألا اقترب من والدتي، لا بل كنت أنقل الأغراض وأضعها امام المنزل وألوح اليها من بعيد. وهكذا رحت أرسم وأغوص في عالمي الذي خلقته بنفسي لأقدر ان استمر، لأنه لم يكن سهلاً تحمّل الوضع، ففي ظل الوباء والتباعد الاجتماعي منحني الرسم الراحة والسعادة، فاذا بي أهرب من الواقع الصعب الى عالم جميل.

* الم يكن الأمر صعباً عليك كفنانة تحتاجين للالتقاء بالناس لكي تستوحي منهم الأفكار والمواضيع وتجسيدها في اللوحات؟

-  بالنسبة لي فإنني استوحي الأفكار من كل شيء من حولي ليس فقط من  الناس بل من الجدران والبيوت والذكريات، إذ أغوص بالذكريات كثيراً. لقد سبق ان قمت بعمل فيه (نوستالجيا)، وكان أول معرض شاركت فيه عن ذكريات الطفولة، فخلال الحرب كنت أجمع الصور الجميلة من الصحف والمجلات لأنني كنت أرى فيها أحلاماً جميلة مرسومة في لوحة.

الرسم على القبعات

[caption id="attachment_78969" align="alignleft" width="250"] رسم على القبعات[/caption]

* ولماذا اخترت الرسم على القبعات (البرانيط)؟

- والدي عادل مرهج رحمه الله كان يصنع القبعات، حيث كان لديه معمل للقبعات وكان يعمل مع عمي فيليب في هذه المهنة، ومنذ صغري كنت احب عالم البرانيط او القبعات اذ كان والدي بارعاً في صنع القبعات وأورث المهنة لشقيقيّ فيليب وجميل، وبدورهما حافظا على هذه المصلحة المتوارثة في العائلة وأكملا المسيرة، وبدوري أحببت أن أقدّم  شيئاً لوالدي الذي اشتاق إليه كثيراً وتمنيت لو أنه بجانبي الآن لهذا اردت أن ارسم على القبعات، حيث قمت بتحضير حوالي 100 قبعة رسمت عليها مثلاً الورود او غروب الشمس او حفلة موسيقية وغيرها... ولهذا أردت ان أقوم بهذا العمل إحياءً لذكرى والدي الذي أحب عالم القبعات كثيراً وأعطاها الكثير.

وتتابع:

ـ مع بداية الحجر المنزلي قلت لنفسي بما أنه لدي الوقت الكافي سأرسم الكثير، وهذا ما حصل، اذ كل يوم كنت أرسم على القبعات، وكنت أدخل الى مشغلي من العاشرة صباحاً لغاية السابعة والنصف مساءً، وبعد يوم طويل من الرسم كنت أحضر طعامي وأشاهد الأخبار لأعرف آخر المستجدات، وبهذه الطريقة اخترعت عالماً خاصاً بي في ظل الوباء والتباعد الاجتماعي، فالمشغل يقع جانب منزلي وهو مكان مريح جداً، حيث كنت أقضي وقتاً ممتعاً وأنا أتأمل البحر من سطح المنزل. وأعتبر أنه أكثر مرة رسمت فيها كان خلال الحجر المنزلي لأنه لم يكن هناك ما يشغلني عن الرسم والقبعات...لقد منحتني هذه الفترة راحة ذهنية لأبقى مع نفسي وأركز على عملي الذي أحبه منذ صغري، إذ حظيت بالراحة والحرية، وأعني بالحرية هنا ان أقوم  بما أريده وكانت فرصة جيدة لأقدم شيئاً لإحياء ذكرى والدي وعالم القبعات المتوارث في عائلتي، فقد أردت أن يرتدي الناس قبعات رُسمت عليها بطريقة جميلة ودقيقة.

* الى اي مدى يساعد التواصل الاجتماعي للوصول الى الناس بشكل أسرع؟

- لا شك أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي يساعد كثيراً، اذ بالنسبة لي فقد استخدمت "الانستغرام" لنشر صور القبعات واللوحات ومن خلاله تواصلت معي الغاليرات التي تهتم بالفنون. وأيضاً يتابعني الناس على صفحتي ويبدون رغبتهم باقتناء تلك القبعات والأعمال الفنية التي أقوم بها، ومنهم من أبدى اهتمامه بزيارة مشغلي لمشاهدة أعمالي، واليوم بعدما تم تخفيف التعبئة في البلد يأتي الناس الى مشغلي وطبعاً مع التقيد بالاجراءات الوقائية حفاظاً على صحتهم وسلامتهم.

[caption id="attachment_78970" align="alignleft" width="333"] رموز وألغاز[/caption]

إهتمام الناس بالفنون

* وبرأيك لماذا يبدي الناس اهتماماً بالفنون واقتناء اللوحات بالرغم من تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية؟

- ما قبل جائحة "الكورونا" لم يكن هناك متسع من الوقت لقضاء اليوم بأكمله في البيت كما حصل خلال الحجر المنزلي، اذ كان اللبناني يقضي معظم أوقاته خارج المنزل ما بين العمل والنشاطات الاجتماعية. ما حصل كان سيفاً ذو حدين، صحيح كانت حياتنا نشطة قبل الجائحة ولكن الناس كانوا يتلهون بالقشور والمظاهر، ولكن في ظل الوباء وبقاء الناس في بيوتهم تقرّب أفراد العائلة من بعضهم البعض أكثر من أي وقت مضى، وأمضى الاهل وقتاً ممتعاً مع أولادهم إذ كانوا يلعبون سوياً ويحضرون الطعام، حتى إن الفنانين نراهم ينشرون يومياً فيديوهات كيف يطبخون ويحضرون المأكولات مع أولادهم ويجلسون على طاولة واحدة لتناول الغداء والعشاء، بينما في السابق كان الأهل بالكاد يرون أولادهم. ولأن الناس سيقضون وقتاً اطول في بيوتهم بدأوا يهتمون بإضافة أشياء جميلة مثل اقتناء اللوحات او تزين بيوتهم بالأشياء الجميلة التي تبعث الراحة لأن ما نعيشه اليوم صعب جداً، اذ تزداد الأمور سوءاً، وللأسف لا نرى أن هناك حلولاً لمشاكلنا بل نسمع فقط كلاماً بدون أفعال، ولا أحد يعمل لتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي، لقد عشنا ظروفاً صعبة خلال الحرب ولكن الآن نعاني الكثير، وجاءت جائحة "الكورونا" لتزيد الطين بلة، إذ هل هناك أصعب من أن لا نلتقي بأهالينا واقربائنا وأصدقائنا بسبب هذا الفيروس الذي قلب حياتنا رأساً على عقب، فهل هناك أصعب من ألا أرى والدتي وأحضنها خوفاً عليها فقد كنت أراها من بعيد، وهذا شعور مؤلم، فالانسان يشعر بالخوف والقلق على أهله وأحبائه، والمحزن أنه عندما يموت أحدهم لا يتمكن الناس من تقديم التعازي لأهل الفقيد خوفاً من انتقال العدوى، فكل هذه الأمور التي يعيشها الناس الآن صعبة ولا يقدر أن يستوعبها العقل.

العمل "أونلاين" في زمن الوباء والبطالة

[caption id="attachment_78972" align="alignleft" width="161"] ميراي مرهج : كرسّت حياتي للفنون وأركز على الرسم على القبعات كإرث عائلي[/caption]

* وهل ستستمرين بالرسم على القبعات؟

- كما ذكرت خلال الحجر المنزلي تفرغّت للرسم على القبعات وسأستمر لأن الناس تعجبهم هذه القبعات اذ يشترونها عبر "الأونلاين" او يقصدون المشغل لاختيار ما يناسبهم.

* الى اي مدى يلعب التواصل الاجتماعي دوراً للاستمرار في العمل في ظل انتشار البطالة وإقفال بعض المؤسسات والشركات وما شابه؟

- أعتقد أن طريقة العمل اختلفت في ظل الوباء والازمة الاقتصادية، وحتى التدريس أصبح يتم عبر "الاونلاين"، وهناك أعمال ومهن بدأت تغلق أبوابها وتقوم بالعمل" أونلاين". فاليوم بدل أن يدفع الشخص إيجار المكتب وفواتير الكهرباء والماء ورواتب الموظفين يدير عمله "أونلاين"، وهذا يحصل في أهم  الشركات والمؤسسات، إذ إن الناس يريدون ان يقوموا بأعمالهم بشكل أسرع وأسهل ووسائل التواصل الاجتماعي تساعد في هذا الخصوص. فمثلاً الانستغرام هو الواجهة امام الناس اذ يتعرفون على اي منتج يريدونه وهذا يسهل العمل أكثر في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة، وهذا لا يحصل في لبنان فقط بل في كل دول العالم، اذ الكل يسعى لانشاء عمل خاص "اونلاين" ليقدروا ان يستمروا . وعلى سبيل المثال تقوم النساء بشراء الألبسة التي تحتاجها عبر "الاونلاين" أيضاً . وقد تسألينني هل بامكان الناس التبضع وشراء الألبسة في ظل الظروف المعيشية الصعبة ، سأقول لك الناس يحبون التبضع وسيبحثون في وسائل التواصل الاجتماعي عما يحتاجونه وبأسعار مقبولة لأن الناس اشتاقوا للتبضع، وطبعاً لن يبحثوا عن الماركات بل عن الصناعة الوطنية وهذا سيشجع الصناعة اللبنانية، إذ إن اللبناني مبدع ويقدر أن ينجح بتطوير الصناعة. ونأمل أن يعمل المسؤولون على إنقاذ البلد، فاللبنانيون يموتون بسبب الجوع والعوز ولا من يسأل عنهم، ومن المؤسف أن يكون محور تركيز اللبناني على تأمين ربطة الخبز في حين هناك أموال طائلة قد سُرقت، فلو تم إعادة الأموال المسروقة سينتعش البلد ولن يعاني الناس من الفقر والحرمان.

[caption id="attachment_78968" align="alignleft" width="333"] داخل مشغل الفنانة ميراي مرهج[/caption]

وعن عدم قدرة اللبناني على اقتناء اللوحات من الغاليرات تشرح:

ـ كان مجال الفنون يمر بوقت صعب ما قبل "الكورونا "والأزمة الاقتصادية لأن أسعار اللوحات أصبحت خيالية، ففي السابق كان بإمكان الناس من الطبقة المتوسطة شراء اللوحات من الغاليرات وغيرها، فعلى سبيل المثال كان بإمكان الموظف ان يقصد الغاليرات ويشتري لوحة، ولكن اليوم أصبحت أسعار اللوحات مرتفعة وهذا أمر غير مقبول لاسيما أن اللبنانيين يحبون الفنون واقتناء اللوحات لتزيين بيوتهم، فالانسان يشعر براحة نفسية عندما يتأمل لوحة على جدران منزله، ولكن للأسف اسعار اللوحات لا تناسب إمكانيات الناس، لذا يبحثون عن لوحات مستوردة من الصين لأنهم لا يقدرون أن يشتروها من الغاليرات.

وتتابع:

ـ الفن يمنح الانسان راحة نفسية، فاليوم يُنصح بـ

"Art Therapy"

او العلاج بالفن إذ هناك اشخاص يحتاجون للعلاج بالفن، كما هناك اهالي يعالجون اولادهم بهذه الطريقة. كما ننصح الأهالي بأن يشجعوا اولادهم على الرسم والتلوين. فعندما يشعر الانسان بالملل والضغط فإما أن يزاول الرياضة وإما أن يرسم ويلون ليتخلص من التوتر، كما أنه من المفيد أن يتعلم الشخص الأشغال اليدوية فهذه أيضاً نوع من العلاج.

* هل تخططين لمشروع جديد؟

 - طبعاً أود أن أكمل الرسم على القبعات، ولكن لدي فكرة مشروع، فمثلاً سأعمل على تشغيل السيدات اللواتي لا يعملن او يشعرن بالملل بالرسم على القبعات فيصبح المشغل نوعاً من لقاء السيدات. ولكي يعملن في هذا المجال... أفكر بهذا المشروع ولكن في الوقت الحالي يصعب تنفيذه إلا أنني سأسعى لتنفيذه ما إن يتحسن الوضع.