بقلم عبير انطون

فكرة جديدة من نوعها في لبنان تجد طريقها الى التنفيذ هذا الصيف عند شاطىء جبيل الرائع. اكثر من هدف ورسالة حددت لإطلاق صفارة الابحار تحت الماء هذه المرة، وذلك للغوص في جمال الفنون على اختلاف انواعها. معرض فني تحت الماء سيرتع عند اعماق بحر جبيل، يشترك فيه اكثر من اسم لامع رسماً ونحتاً. فمن اين اتت الفكرة؟ لماذا تتعدى حدودها لبنان؟ وما هي الاهداف المرجوة منها؟

الرسامة كوليت الحداد، مطلقة الفكرة خصت <الافكار> بجميع التفاصيل، ونذكر هنا ان كوليت كانت قد انشأت فريقاً من الفنانين المحترفين في الرسم والنحت ودق النحاس وحفر الخشب والموزاييك وغيرها لتعريف الجيل الجديد على الفنون التي تواجه خطر الانقراض بشكل خاص، وبهدف احياء الفن والتراث اللبناني. وسألناها أولا:

ــ كيف خطرت ببالك الفكرة؟

- استوحيت الفكرة وبنيت عليها من معرض لرسوم فوتوغرافية تحت المياه في احد البلدان الاوروبية، الا انها وبالشكل الذي تظهر فيه في لبنان يمكن القول انها الاولى من نوعها في العالم خاصة مع وجود مسابقتي الغطاسين التي حالما تنتهي واحدة تبدأ الثانية. عملت على بلورتها بالشكل المناسب لبلدنا، واواكبها الآن بحسن التنظيم الذي تعاونني فيه مجموعة من المصممين والفنانين. باختصار هي معرض للفنانين تحت الماء مع مسابقتين للغطاسين في بحر جبيل، وما سيتم عرضه في اعماق البحر عبارة عن مجموعة من اللوحات والاعمال بنسخها غير الاصلية، على ان تعرض الاصلية فوق الارض، فيتصل الفن ببعضه في الماء وعلى اليابسة. وهناك مسابقتان: الاولى تحت عنوان <Dive For Lebanon> تهدف الى ان يلتقط الغطاس صور <سيلفي> تحت الماء مع اللوحة التي يختارها وبأكبر عدد ممكن من الصور مع لوحات مختلفة خلال الفترة الاقصر، ومن ثم يرسل هذه على الموقع الالكتروني الذي نحدده للمسابقة على ان تقوم لجنة مختصة باختيار الصورة الاجمل فيحظى الغطاس الذي التقطها بجائزة قيمة، ويليه رابحان ثان وثالث، وذلك اثر انتهاء المسابقة التي ستمتد طوال أشهر الصيف. اما المسابقة الثانية، فتقع تحت عنوان <Treasure Hunt> اي <صيد الكنز> وهو عبارة عن مسابقة ثقافية او <رالي بايبر> تحت الماء بحيث يقوم الغطاسون بالإجابة عن الاسئلة التي ستكون موجودة في البحر في مواقع محددة، وهنا ايضا يفوز بالجائزة من يجيب عن الاسئلة جميعها بالشكل الصحيح.

ــ ما هي الاهداف التي رسمتموها؟

- يأتي الاطلاق يوم الأحد الرابع من حزيران/ يونيو المقبل، ضمن الاسبوع الذي يحتفل في خلاله بـ<اليوم العالمي للمحيط> و<اليوم العالمي للبيئة>، لذلك ارادت <Believe in Lebanon> ان تنفذها للمرة الأولى في لبنان تحت عنوان <رسالة من تحت الماء>. اردنا من خلال المعرض ايصال أكثر من رسالة، فهو يشكل اولا صرخة للحفاظ على البيئة المائية نظيفة وخالية من الاوساخ والتلوث وذلك من مصدرها اي قبل ان تصب في البحر، فضلا عن رفد سياحة الغطس بالترويج لها، لان الغطاسين المدعويين لا يقتصرون على لبنان فحسب بل نحن ندعوهم الى زيارة بحر لبنان من مختلف الدول العربية والاجنبية. لا يمكنكم ان تتخيلوا منسوب الاهتمام الذي تلاقيه الفكرة خارج لبنان والطلبات التي تسأل عن امكانية المشاركة، وبذلك نضرب عصفورين بحجر فنروج للرياضة المائية والثقافة البيئية.

ــ هل من شروط معينة للغطاسين لضمان سلامتهم؟

- هي الشروط والقواعد التي توصي بها وتلتزمها اندية الغطس اللبنانية، وبذلك نرفع المسؤولية عنا اذ نصر على تنفيذ الشروط القانونية لسلامة الغطس، وتعرفون ان الغطاس لا يكون وحده بل يرافقه غطاس محترف ايضاً.

من جبيل البداية..

ــ لماذا اخترتم بحر جبيل تحديداً؟

- سيكون الافتتاح لهذا العام عند ميناء جبيل التاريخي والذي يحظى بشهرة عالمية لما لهذه المدينة من عراقة معروفة عند شعوب العالم بأسره، وسيكون العمق المختار لوضع الاعمال الفنية مقبولاً ما يتيح للغطاسين الوصول اليه بدون صعوبات كبيرة. وقد ننتقل بالحدث في الاعوام المقبلة الى الشواطئ اللبنانية المختلفة، من بيروت الى صيدا وصور وغيرها. وسوف يتخلل نهار الافتتاح فضلا عن الكلمات الرسمية، دخول إستعراضي للدفاع المدني - فوج الإنقاذ البحري في ميناء جبيل، مع عرض فيلم قصير عن المعرض ويتضمن تفاصيل المسابقات وكيفية الاشتراك والجوائز، على ان ننهي النهار بإنزال اللوحة الأخيرة المشاركة في المسابقة بالماء مع نقلٍ مباشر على الشاشة وتبدأ صفارة الاطلاق للغطاسين طوال اشهر الصيف.

ــ من هم الفنانون المشاركون؟

- عديدون وانا بينهم. سأشارك بأكثر من لوحة زيتية، بينها واحدة عن جبيل اتمنى ان انهيها قبل المعرض، ولا تقتصر الاعمال على اللوحات بل سنرى نحتا على الخشب مع رائد مكرزل مثلاً. وعلى الميناء، سيتعرف الجيل الجديد الى انواع جديدة من فنون التراث اللبناني مثل <دق النحاس> الى نحت الحجر وغيرهما، كذلك سنتعرف الى رسوم من <الغرافيتي> يرسمها شباب بشكل مباشر مع موسيقى حية مرافقة، كما وأننا نعد بمفاجآت عديدة طوال النهار.

ــ سبق ورسمت تحت الماء، ولم تكتفِ بالعرض فقط. - صحيح، وتعرفون انني دخلت كتاب <غينيس> للارقام القياسية للعام 2015 عن اكبر رسمة تحت الماء، كبداية طريق رسالتي لدعم الفن والتراث في لبنان اذ أتممت لوحتي الفنية خلال ساعتين فقط وفي مساحة لا تتخطى الستة أمتار مربعة، وكان ذلك في منطقة المارينا - الضبيه تحت إشراف الغطاسين جيلبير أبو عسلي وأفيديس دمردجيان، متخطية الرقم القياسيّ القديم للرسام الدنماركي <جيسبر كيكنبورغ>، وقد تضمنت اللوحة المعالم والرموز اللبنانية الكبيرة.

ــ تصرين على البيئة والطبيعة والمنتوجات اللبنانية في اعمالك...

 - طبعاً، انها رسالتي. سابقاً اهتممت اكثر بفن <البورتريه> ورسمت العديد من الاعمال لنجوم كبار من هذا الوطن وخارجه، اذكر منهم غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وزير التربية السابق الياس بو صعب، الوزير السابق زياد بارود، الفنانة الين لحود، الفنانة الراحلة سلوى القطريب، الممثل المصري الاشهر رشدي اباظة، قائد المغاوير السابق شامل روكز، الفنان زكي ناصيف، ملك اسبانيا <فيليبي 6>، الممثل <روبرت دينيرو> وغيرهم... حالياً انهي لوحة للفنانة الكبيرة سميرة توفيق سوف اقدمها لها حينما أنتهي وأترك لوحة أخرى لفنان لبناني بمنزلة مفاجأة.

 ايــــــــلا..

ــ ماذا عن العمل في كفرمتى الشوفية الذي كان موضع اعجاب كبير؟

- قمنا بموزاييك من الصابون في ساحة البلدة ومن انتاجها، واستخدمنا فيها 35 ألف صابونة بلدية ونفذنا العمل بـ<عونة> ما بين شبيبة الضيعة الذين ساعدوا في تنفيذها لتكون على شكل حمامة سلام، وكتب ايضاً اسم كفرمتى عليها، وذلك بهدف تشجيع زراعة الزيتون وصناعة الصابون وتحفيزاً لشباب الضيعة على زيارتها، وكان عملا مميزا شجعني على المضي في مثل هذه المشاريع.

ــ رسمت ايضاً الطفلة ايلا طنوس التي تعاطف معها الناس وانصفها القضاء اللبناني.

- نعم رسمتها دعما لحق الانسان والطفل بطبابة جيدة وللإضاءة على ضرورة محاسبة الاخطاء الطبية وعدم التستر عليها، خاصة وانها قد تدمر حياة الانسان وتؤدي الى موت او بتر اطراف بسبب الاهمال. لقد تواصلت مع اهل ايلا وقدمت لهم اللوحة.

ــ كيف بدأت طريقك في عالم الرسم ومن شجعك علماً انك خريجة علوم المحاسبة؟

- ربما اكتسبت الموهبة عن امي التي كانت تهوى الرسم في صغرها. اما انا، فقد كان صف علوم الاحياء هو الاختبار الحقيقي لي في الرسم وحينئذٍ اكتشفت موهبتي، بعد ان طلب منا استاذنا رسم قلب مشرح وعضلات جسم الانسان وقمت بذلك بشكل لافت، وقد طوّرت موهبتي لاحقاً في صفوف رسم خاصة مع الرسام سامر الآغا تعلمت خلالها تقنيات الرسم بالزيت على القماش.

ــ من هم الفنانون الذين تأثرت بهم؟

- المبدع <مايكل انجلو> احد ابرز رسامي ونحاتي عصر النهضة، وكذلك الرسام الايطالي <كارافاجيو> الذي كان أول من بث الحياة الإنسانية في الطبيعة الصامتة. اما لبنانياً فهناك العديد من الاسماء اذكر منها سامر الآغا، برنار رنّو، سمير ابي راشد وغيرهم..

ــ وماذا في جعبتك بعد؟

- ارسم حالياً شخصيات جديدة بهدف اتمامها لمعرض حول المرأة قد يبصر النور قريباً، على ان يقتصر المعرض على شخصيات نسائية فقط، وذلك في تحية مني لهن ولدورهن في تطوير دور المرأة، المناضلة بشكل خاص.