تفاصيل الخبر

الوزير والنائب السابق الدكتور ألبير منصور يشرح مفهوم الطائف:  الطـائــــف يـتـضـمــــن مـحطــــة مـؤقـتـــة هــي الـمـشاركـــة وبعــد ذلك يـكـــون الـتـحـــوّل نـحـــو الـمـواطـنــــــة!

09/12/2016
الوزير والنائب السابق الدكتور ألبير منصور يشرح مفهوم الطائف:  الطـائــــف يـتـضـمــــن مـحطــــة مـؤقـتـــة هــي الـمـشاركـــة  وبعــد ذلك يـكـــون الـتـحـــوّل نـحـــو الـمـواطـنــــــة!

الوزير والنائب السابق الدكتور ألبير منصور يشرح مفهوم الطائف:  الطـائــــف يـتـضـمــــن مـحطــــة مـؤقـتـــة هــي الـمـشاركـــة وبعــد ذلك يـكـــون الـتـحـــوّل نـحـــو الـمـواطـنــــــة!

 

بقلم حسين حمية

SAM_7540--------1

وجّه النائبان السابقان ألبير منصور ونجاح واكيم رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية العماد  ميشال عون طالبا فيها بتطبيق اتفاق الطائف الذي أصبح دستور البلاد وعدم السماح لأي رأس مهما علا بخرقه، واعتبرا أن إنقاذ الوطن والدولة والمجتمع هو الالتزام بتطبيق احكام الدستور، فهل هذا وارد؟ لاسيما وان الرئيس عون وعد في خطاب القسم بتطبيق وثيقة الوفاق الوطني دون استنسابية؟!

<الأفكار> التقت نائب اتفاق الطائف السابق الدكتور ألبير منصور داخل مكتبه في ساقية الجنزير وحاورته في هذا الخضم، بالإضافة الى نظرته للوضع الداخلي بكل تفاصيله لاسيما قانون الانتخاب والتأليف الحكومي بدءاً من السؤال:

ــ توجّهت مع النائب السابق نجاح وكيم برسالة مفتوحة الى الرئيس عون وطلبتما فيها تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، فلماذا كانت الرسالة باسمكما فقط وليس باسم لقاء الوثيقة والدستور التي يضم ما تبقى من نواب اتفاق الطائف وأنت عضو فيه؟

- كنا نجتمع كلقاء وثيقة ودستور سابقاً ولكن منذ فترة لم نعقد اجتماعات ولم نستطع الاتصال بما تبقى من نواب اتفاق الطائف، ولا يوجد سبب آخر.

 

جوهر اتفاق الطائف

ــ ولماذا الرسالة في هذا الوقت بالذات؟

- هي محاولة للتذكير بضرورة تطبيق اتفاق الطائف، خاصة وان الرئيس عون أعلن أنه سينفذ اتفاق الطائف، وأحببنا بالتالي تذكيره بهذا الشأن لاسيما وان هناك كلاماً ورد بخصوص تفسير اتفاق الطائف ما يبيّن أن أصحاب هذا الكلام لا يفهمون شيئاً من الطائف، لا بل أجزم أنهم لم يقرؤه ولم يستوعبوا جوهر اتفاق الطائف الحقيقي وتوجهاته. فجوهر اتفاق الطائف هو إلغاء المارونية السياسية على الحكم، ولكن لسوء الحظ تركبت هيمنة أخرى مقلوبة منذ العام 1992 أي منذ عهد الوصاية، وهذا ما أسميته الانقلاب على الطائف.

وأضاف:

- جوهر الاتفاق هو بناء محطة مؤقتة اسمها محطة المشاركة بحيث يصبح الحكم فيها لمجلس الوزراء وتتمثل القوى السياسية والطوائف بصورة عادلة، وفي الوقت ذاته تنشأ الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية على أن يحرر مجلس النواب خلال أول مجلس نيابي أو ثاني مجلس أو ثالث مجلس كحدٍ أقصى من القيد الطائفي ويصبح مجلساً وطنياً ويتم إنشاء مجلس الشيوخ لتبديد هواجس الطوائف، لاسيما عند المسيحيين وخوفهم من الوحدة العربية أو ذوبان الكيان اللبناني في وحدة عربية طالما أن القسم الأكبر من الأنظمة العربية لم يتبنَ أنظمة مدنية وعلمانية وما يزال أثر العامل الديني واضحاً وطاغياً في الحياة السياسية، وتحصر الامور الأساسية في مجلس الشيوخ، خاصة منع التقسيم ومنع الاندماج أو الوحدة وبالتالي نحو بناء الوطن والمواطنة ونخرج من القيد الطائفي نهائياً ولا يعود هناك توزيع طائفي ومذهبي في إدارات الدولة ومؤسساتها.

واستطرد قائلاً:

- لكن لسوء الحظ فالتطور الذي حصل منذ العام 1992 حتى اليوم، أخذ البلاد نحو تمزيق طائفي مخيف وكرس المذهبية بحيث لم يعد هناك لبنانيون في لبنان، إنما هناك سنّة وشيعة ودروز وموارنة وأرثوذكس وكاثوليك وأرمن وعلويين وأقليات إلخ.. وبالتالي جاء اقتراح القانون الأرثوذكسي لتقسيم لبنان الى 19 بلداً بصورة نهائية بحيث أن كل طائفة تنتخب نوابها، وهنا يتعارض مئة بالمليون مع اتفاق الطائف، لا بل أرى أن هذا القانون يهدف لتمزيق المجتمع اللبناني.

النظام الانتخابي

ــ هل الطائف لمّح ضمنياً الى النظام النسبي أم هذا اجتهاد ويدخل في باب التفاصيل؟

- لم نتحدث في الطائف عن النسبية، فهذا الموضوع تقني لأن الانتخابات تتم في الديموقراطيات إما بالنظام الأكثري أو بالنسبي أو بالمختلط، وأعرق الديموقراطيات تعتمد النظام الأكثري، لكن ضمن دوائر فردية. ففي بريطانيا وهي أعرق الديموقراطيات تعتمد النظام الاكثري إنما في دوائر فردية، وكذلك الأمر في فرنسا، وهذه الديموقراطيات جرّبت النظام النسبي لاسيما فرنسا، لكن يتم التهرّب من هذا النظم لأنه يشجع الموجات الشعبوية العابرة وتظهر نتائجها فيما بعد كارثية لأنها لا تكون معبّرة عن توجهات أصيلة وثابتة.

وأضاف:

- لذلك يفضل النظام الاكثري والدوائر الفردية، وفي لبنان من الممكن تطبيق النظام النسبي او الأكثري من حيث تطبيق تقنيات الانتخاب على ان يكون الأفضل بين النظام الأكثري وفق دوائر صغرى، أو ينتخب كل شخص مرشحاً واحداً.

ــ ألم يقر الطائف باعتماد المحافظة بعد إعادة النظر بالمحافظات؟

- صحيح، وكان الحديث يدور عن اعتماد الأقضية محافظات، لكن من خلال تقنية الانتخاب لم يتحدث لا عن أكثري ولا عن نسبي ولا عن مختلط، وكلمة نسبية تتعلق بالتوزيع بين الطوائف والمناطق وزارياً ولا تتعلق بقانون الانتخاب.

ــ وهل نحن محكومون بقانون الستين طالما لم يتفق المعنيون بعد على قانون جديد والتمديد للمرة الثالثة مرفوض؟

- الإصلاح الحقيقي يبدأ بإقرار قانون انتخاب خارج القيد الطائفي، وهذا هو التطبيق الحقيقي لاتفاق الطائف مع إنشاء مجلس الشيوخ. فهذا هو النظام الوطني الذي يكفل منع التقسيم ومنع الوحدة في آن.

عون والإصلاح

ــ وهل يمكن للعماد عون أن يطبق فعلياً اتفاق الطائف الذي كان ضده أساساً من دون أن يصطدم بالمنظومة السياسية التي استفادت من هذا الاتفاق وطبقته استنسابياً وفقاً لمصالحها؟

- الرئيس عون قال إنه سيسعى لتطبيقه، لكن للأسف نحن نعيش ضمن صراع القوى السياسية الطائفية وهو صراع مخيف ومدمر، والقانون النسبي الذي يدعو إليه كثيرون لن يقدم أو يؤخر إذا لم يعدل قانون الأحزاب وتمنع اللوائح الطائفية منعاً باتاً ويفرض تركيب اللوائح الوطنية على أن يكون ضمن كل لائحة تقدم مسلم ومسيحي وإلا فمؤدى النظام النسبي يكون إحصاء أبناء الطوائف لا أكثر ولا أقل، ونكون آنذاك ندمّر البلد بشكل نهائي. فالنسبية تقنياً لا تقدم ولا تؤخر كما قلت وهي تقتصر على إمكانية نجاح بعض السنيين المعارضين لآل الحريري وكذلك الأمر بعض المعارضين الموارنة خارج إطار القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، أو الشيعة خارج إطار حركة <أمل> وحزب الله إلخ.

هرطقة الميثاقية

ــ ما الذي يمنع حالياً تطبيق اتفاق الطائف طالما أن عهد الوصاية انتهى منذ 11 سنة وأكثر، وهل يمكن للرئيس عون أن يطبقه طالما أنه قوي في طائفته؟

- هناك قوى طائفية لا مصلحة لها في تطبيق هذا الاتفاق بشكل نهائي، ونحن نناشد الرئيس عون أن يحدد التوجه المطلوب. وهنا أقول إن قوة رئيس الجمهورية لا تقدم ولا تؤخر، بل لا بد من دراية وحكمة لدى الرئيس عون لكي يجلب الآخرين الى المنحى الوطني وأن يغلب لدى الآخرين ولدى تياره أيضاً هذا التوجه، خاصة وأن الأمور ليست ممسوكة لدى تياره أيضاً، لأننا نسمع بعض الكلام حول موضوع الميثاقية وهذه البدع الجديدة وهي كلها اختراعات طائفية ومذهبية، وبالتالي لا أرى أن الأمور مشجعة كثيراً.

وتابع يقول:

- نحن توجهنا الى الرئيس عون على أمل أن يقوم بشيء ما، لاسيما وأن لديه توجهاً وطنياً ويحاول جلب الآخرين، أو على الأقل إذا لم يطرح الإصلاح مباشرة أن يعمل على إنشاء الهيئة العليا لإلغاء الطائفية السياسية حتى تعتمد التدابير المطلوبة وتقدم الاقتراحات.

ــ وهل التأليف الحكومي المتعثر يرتبط ضمنياً بتفسير اتفاق الطائف لدى كل فريق، لاسيما مع وجود <نقزة> من تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ما يعيد للذاكرة المارونية السياسية؟

- هذا صراع قوى بعدما جرت في تقديري اتفاقات قبل انتخاب الرئيس عون، فإن هناك بعض الافرقاء خارجها، وبالتالي محاولة تمريرها تواجه بعراقيل من أولئك الذين كانوا خارج هذه الاتفاقات.

ــ الى متى؟

- الى حين إجراء تسوية، فهذا ما شهدناه في صراع الطوائف وتوزيع الحصص بينها، لا بل أقول إن ما يجري هو نسخة طبق الأصل على الممارسات السابقة، لا بل أسوأ، وإذا كانت الوصاية شجعت وحمت في البداية، لكن أصحاب المشروع هم من الداخل.

الرئيس ودوره كحكم

ــ هل لحظ الطائف حصة للرئيس؟

- اتفاق الطائف وضع السلطة في يد مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية هو الحكم الذي يرعى مجلس الوزراء لحسن تطبيق الدستور الذي يقول إن الطوائف تمثل تمثيلاً عادلاً في مجلس الوزراء وأن يكون الحكم معتدلاً ومتوازناً وتكون هناك مشاركة فعلية في المرحلة الأولى حتى يتم الانتقال تدريجياً من حكم المشاركة الى حكم المواطنة. فهذا دور رئيس الجمهورية، ولذلك لديه مهمة في هذا الموضوع لجهة تأليف الحكومة. لكن أن تتحوّل مهمته الى توزيع الحصص فهذا أمر آخر. فالطائف لم يوزع الحصص لأحد وكل الوزراء هم لرئيس الجمهورية حتى لا يوجد مجلس وزراء بدون توقيعه، ولا يمكن لأي تشكيلة أن تمر من دون موافقته.

واستطرد قائلاً:

- وبالتالي لا توجد حصص لأحد، بل التأليف خاضع لما فيه المصلحة العامة وحاجة البلد، وليس على أساس تناتش الحصص للمنافع الخاصة. ففلسفة التأليف تقتضي تحديد كيفية تحقيق المصلحة الوطنية العليا بحيث يؤتى بالأكفاء وأصحاب المشاريع. وصحيح أن الطوائف تتمثل بشكل عادل في الحكومة، لكن لا تسمي الطوائف ممثليها كما يحصل اليوم، بل بالعكس فجوهر اتفاق الطائف لحظ المشاركة كمحطة مؤقتة حتى يتم بعد ذلك الانتقال الى المواطنة، وبالتالي فالميثاقية كلها مؤمنة ومن يحاول تثبيتها يكون طائفياً ومذهبياً إذا لم نقل أكثر، وهذه هرطقة لا أساس لها في اتفاق الطائف.

ــ وهل صحيح ان مداولات الطائف لحظت عرفاً إعطاء حقيبة المالية للشيعة على اعتبار أن أي مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السني ولا يوقعه المكون الشيعي، فكانت المالية له كون توقيع وزير المالية إلزامياً في معظم المراسم لاسيما المالية منها؟

- لم يحصل بحث حول هذا الأمر، وهذا الموضوع قديم ويسبق اتفاق الطائف عندها طرح موضوعان آنذاك وهما حصة الشيعة الوزارية ووزارة المالية، حيث كان عدد الوزراء الشيعة قبل العام 1973 أقل من عدد وزراء السنّة ولكن بعد المطالبة بالمساواة جاءت حكومة الرئيس تقي الدين الصلح عام 1973 وحققت هذا المطلب وأصبح هناك توازن بين السنة والشيعة في العدد، وخلال الصراع في عهد الرئيس أمين الجميل طالب الشيعة منذ انتفاضة 6 شباط/ فبراير 1984 بحقيبة المالية بغية المشاركة في توقيع المراسيم، كحال الموارنة والسنة، وبالتالي عندما كانت تبرز ثنائية مارونية وسنية كان الشيعة يعلو صوتهم ويطالبون بالمالية، وعندما لا تكون هناك ثنائية يخفت صوت الشيعة، ولم يتم الحديث في اتفاق الطائف عن هذا الموضوع ولم يصدر أي نص بهذا الخصوص، على اعتبار أن اتفاق الطائف يلحظ المشاركة المؤقتة للتوجه نحو المواطنة.

ــ هل لا يزال اتفاق الطائف صالحاً؟

- على الأقل لنطبقه أولاً حتى نحكم عليه، وهو على الأقل صالح من حيث رسم المسار ويجعل من اللبنانيين وطنيين، وهذا هو الحل الوحيد لإنقاذ لبنان وتكون رسالتنا في العالم العربي هي المواطنة ونخرج العالم العربي من العقل السياسي الديني.

ــ البعض يقول إن اتفاق الطائف سيكون المثال عربياً لتوزيع الرئاسات الثلاث بين الطوائف والأعراق. فهل هذا وارد؟

- حين يتم إلغاء الطائفية وتحرير مجلس النواب من القيد الطائفي وإنشاء مجلس الشيوخ لا يمكن بعد ذلك حصر الرئاسات الثلاث بالموارنة والشيعة والسنة، بحيث يصبح كل اللبنانيين مواطنين وكل مواطن له الحق بأن يترشح لأي منصب رئاسي. ولذلك لم يتم البحث برئيس مجلس الشيوخ ولأي طائفة ينتمي وهذه بدعة بأن يكون درزياً أو أرثوذكسياً لأن حصر كل الرئاسات بالطوائف من المفترض أن يلغى تلقائياً بعد تطبيق كل بنود اتفاق الطائف.