تفاصيل الخبر

الوزير والنائب السابق إدمون رزق يضيء على استقالة الحريري دستورياً: حسنـاً فعل الرئيس عــون بالـتـريّث في قـبول الاستقالــة تجنّبـاً للتصعـيــد لكن الـتــريّث لا يكـون الى ما لا نهـايــة!

10/11/2017
الوزير والنائب السابق إدمون رزق يضيء على استقالة الحريري دستورياً: حسنـاً فعل الرئيس عــون بالـتـريّث في قـبول الاستقالــة  تجنّبـاً للتصعـيــد لكن الـتــريّث لا يكـون الى ما لا نهـايــة!

الوزير والنائب السابق إدمون رزق يضيء على استقالة الحريري دستورياً: حسنـاً فعل الرئيس عــون بالـتـريّث في قـبول الاستقالــة تجنّبـاً للتصعـيــد لكن الـتــريّث لا يكـون الى ما لا نهـايــة!

 

بقلم حسين حمية

1

أحدثت استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من الرياض صدمة في الداخل اللبناني، دفعت المعنيين بدءاً من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى عقد لقاءات أمنية ومالية وسياسية مع كل الأطراف لمعالجة تداعياتها والحد من تأثيراتها، وقد تريّث في قبول الاستقالة وتكليف حكومة <استعادة الثقة> تصريف الأعمال كما ينص الدستور بانتظار جلاء كل الملابسات وعودة الرئيس الحريري الى لبنان للاطلاع منه على كل التفاصيل والظروف المحيطة بالاستقالة. فماذا يقول الدستور هنا عند إعلان رئيس الحكومة الاستقالة ولو من خارج لبنان، وما الواجب فعله؟

<الأفكار> التقت نائب اتفاق الطائف الوزير السابق إدمون رزق وهو أحد أقطاب صياغة وثيقة الوفاق الوطني وحاورته في هذا الخضم وطرحت معه المخارج بدءاً من السؤال:

ــ بداية، كيف قرأت استقالة الرئيس سعد الحريري بالشكل؟

- من الطبيعي أن يستقيل رئيس الحكومة، ولكن بالطريقة التي حصلت فيها الاستقالة تترك المجال للالتباسات والتأويلات، فالوضع العام في البلد من دون شك غير مريح وليس طبيعياً، خاصة وأن الأداء من قبل الحكومة هو أداء ملتبس ومتناقض لأنه لا توجد وحدة مشروع داخل الحكومة بعدما تألفت هذه الحكومة وجاء هذا العهد نتيجة تسوية ليست انطلاقاً من مشروع مشترك، والتسوية يوجد في صلبها عادة نوع من التقاسم والمحاصصة، في حين أن الشراكة الحقيقية تفترض أن يكون هناك مشروع مشترك ونظرة موحدة الى الثوابت والمبادئ الأساسية، لذلك من الطبيعي أن تتفكك هذه التركيبة السلطوية القائمة لأنها غير متضامنة في العمق.

ــ الرئيس الحريري سبق أن قال أكثر من مرة إنه متمسك بالتسوية الرئاسية وأكد رداً على المشككين انه غير محبط لا هو ولا الشارع السني أيضاً. فكيف يمكن تفسير ذلك؟

- هناك ظروف خاصة، وفي تقديري أن البلد ليس بحاجة الى تسويات ولا الى مساومات ولا الى محاصصات، وإنما العودة الى الصراط وهو الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وهناك مبادئ وأسس لم تعتمد بعد كل هذه العهود، ومنذ العام 1992 حتى اليوم أي منذ 25 سنة والجمهورية معلقة، وهناك نوع من النفوذ القائم على خرق الدستور، فلا يوجد فصل بين السلطات ولا توجد مراعاة للصلاحيات ولا ممارسة دقيقة للواجبات، وإنما هناك تجاوز للصلاحيات وإخفاق ذريع في تطبيق الدستور.

 

ماذا يقول الكتاب؟

ــ ماذا يقول الدستور، لاسيما المادة 53 منه في هذه الحالة؟

- رئيس الجمهورية في الفقرة الخامسة من المادة 53 يصدر منفرداً مرسوم قبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة، والحالات التي تعتبر فيها مستقيلة محددة في المادة 99 في فقرتها الأولى ومن ضمنها تقديم رئيسها استقالته، إنما هناك شكل معيّن لتقديم الاستقالة بحيث تقدّم عادة الى رئيس الجمهورية ويتم ذلك بزيارة رئيس الحكومة له وتقديم الاستقالة شفهياً أو خطياً، ويمكن آنذاك الإدلاء بتصريح من منبر القصر الجمهوري، إنما لا يوجد نص يحدّد شكل الاستقالة وكيفية تقديمها وموضع تقديمها في الزمان والمكان والشكل أيضاً، لكن في النتيجة المرجع هو رئيس الجمهورية الذي وحده يقرر موقفه من الاستقالة ويصدر منفرداً مرسوم قبولها، وآنذاك يصدر مرسوم تكليفها بتصريف الأعمال ويجري الاستشارات الملزمة  ويصدر بعد ذلك مرسوم تعيين الرئيس الجديد، ومن ثم يصدر مرسوم تعيين الوزراء وتحديد وزاراتهم بناء على اقتراح الرئيس المكلف.

ــ وماذا عن تريث الرئيس عون في قبول الاستقالة، وتالياً تأخير إجراء الاستشارات الملزمة؟

- رئيس الحكومة مستقيل الآن والحكومة قائمة لأن رئيس الجمهورية لم يقبل الاستقالة بعد، وواجباته أن يعلن قبولها، لكن الالتباس الذي حصل حول الاستقالة لا يساعد، إنما في المحصلة حسناً فعل رئيس الجمهورية بالتريّث.

ــ والى متى يمكن التريّث؟

- التريّث لا يكون الى ما لا نهاية، فالمفروض أن يقبل الرئيس بالاستقالة في وقت محدّد ويعلنها كما أعلنها رئيس الحكومة رغم أنه من المفروض أن تحصل جلسة بين الرئيسين، لكن بكل أسف فما حصل بعد العام 1992 كان خرقاً للدستور ولوثيقة الوفاق الوطني، حيث لم يطبق الاتفاق لا نصاً ولا روحاً وهناك فشل ذريع للعهود المتعاقبة.

ــ وماذا سيحصل خلال الأيام المقبلة أو الواجب حصوله؟

- الواجب أولاً احتواء الوضع على المستوى الأمني والاقتصادي.

ــ وألا يشكّل الاجتماعان اللذان عقدهما الرئيس عون مع المعنيين الأمنيين والماليين ضمانة للاستقرار الأمني والاقتصادي؟

- هذا ليس كافياً ولا بد من التعاون الكامل، فالاجتماعات والتصريحات وحدها لا تصل الى نتيجة، بل إن الأمر يلزمه عدم تأجيج الخلافات بطريقة دراماتيكية كي لا تنعكس أمنياً واقتصادياً على البلد وتدمّر الوضع.

ــ هل مشاورات الرئيس عون مع الرؤساء السابقين والأحزاب كافية؟ أم ان المطلوب عقد طاولة حوار لمواجهة التحديات المستجدة؟

- كفى حوارات، ومجلس النواب يجب أن يعمل، لكن بكل أسف مجلس النواب ليست له صفة تمثيلية حقيقية على الأرض.

ــ الملاحظ أن الخطاب السياسي من كل الأطراف كان هادئاً لاحتواء الأزمة. ألا يساهم ذلك في الوصول الى حلول وتدوير الزوايا؟

- حصل ذلك لأن لا أحد يريد ذلك، خاصة وأن كل الأطراف لديها مصالح والخطر يتهددها ويتهدد الجميع. فهناك تهديد حقيقي للسلامة العامة والاستقرار الأمني والاجتماعي.

 

توريط لبنان في صراع المحاور

ــ وكيف تقرأ إعلان السعودية بأن حكومة لبنان أعلنت الحرب عليها بسبب حزب الله؟

- أنا أقول إن أخطاء كبيرة حصلت لجهة التعامل مع الوضع الإقليمي ولم تكن الأولوية للمصلحة اللبنانية، وإنما للاصطفافات السياسية. فالمصلحة اللبنانية تحتم التركيز أولاً على الاستقرار الوطني وعدم توريط لبنان في صراعات المحاور الإقليمية والدولية.

ــ وماذا عن مقولة <لبنان أولاً> والتمسك بالدستور والشرعية والمؤسسات؟

- هذا يكون بالممارسة وليس بالإعلان والإعلام، وحسن النية يترجم بالأفعال لا بالخطابات.

ــ لو افترضنا أن الرئيس الحريري لم يعد الى لبنان، فماذا الذي يجب أن يحصل؟

- الوقت مهم لجهة إنجاح المبادرات وإلا تفاقمت المشكلة أكثر.

ــ الرئيس الحريري ظهر مرتين في الرياض وبعد ذلك في أبوظبي، أليس من المفترض أن يعود الى لبنان ويحسم الجدل بشأن استقالته؟

- أعتقد أن العمل يجب أن يكون في الداخل وليس في الخارج، وهذه مشكلتنا للأسف، والأمر ينطبق على الجميع، وبدل أن نتوخى المصلحة العامة نتحرك من خلال الاصطفافات الداخلية والإقليمية، وهناك أخطاء بالجملة ارتكبها الجميع، وكان من المفروض أن تكون رئاسة الجمهورية هي صمام الأمان، وهذا ما يجب أن يحصل الآن، لكن لا أعرف ما إذا كانت لديها القدرة نظراً للارتباطات التي عقدتها من أجل الوصول الى سدة الرئاسة.

ــ ولو افترضنا أن الرئيس عون قبل الاستقالة وبدأ الاستشارات الملزمة وحصل أن أي من الشخصيات السنية لم تقبل الترشح لرئاسة الحكومة، فما الحل آنذاك؟

- بكل بساطة لا تكون حكومة، وهذه ليست المرة الأولى. فكم من الوقت استنزفنا حتى انتخب رئيس الجمهورية، وكم بقوا من الوقت حتى ألّفوا الحكومات؟! فلما قلنا في اتفاق الطائف وأنا شخصياً بأن تكون هناك مهلة للرئيس المكلف، آنذاك اعترض الرئيس صائب صلام وقال عن احتمال أن يعمد رئيس الجمهورية الى عرقلة التأليف حتى يغير التكليف، قلنا له إننا نفترض حسن النية، واليوم هناك تداخل بين السلطات ولا نعرف حدود السلطة التنفيذية وأين حدود السلطة الاشتراعية ولا نعرف الأمن في يد من في البلد.

 

الطائف والثغرات ودور الرئيس

 

ــ هل من ثغرات في اتفاق الطائف؟ أم ان مواد الدستور يجب أن تفسر ولو لمرة نهائية كي يلتزم بها الجميع؟

- لا توجد أي ثغرة في اتفاق الطائف، ويلزمه فقط حسن النية في التنفيذ وفهم بالقراءة ولا أكثر من ذلك. وأنا أعتقد أن هناك جهالة فاضحة على مستوى الطواقم المستنسخة من السلطة بحيث لا نعرف ولا نحاول أن ننفذ وهذا يشمل الجميع على كل المستويات دون استثناء أحد مع احترامي للجميع كأشخاص. فالعهود المتعاقبة خذلت ولا تزال تخذل الوطن.

ــ إذا وصلنا الى أزمة تكليف، هل يكون الحل بحكومة تكنوقراط حيادية تشرف على الانتخابات النيابية؟

- لا بد لرئيس الجمهورية أن يمارس دوره ولديه صلاحية التوجه الى الأمة من على منبر مجلس النواب بحيث يستنفر الأمة والشعب الذي لم يعد يطيق الوضع القائم، وهذا الشعب غير مصطف، بل الاصطفاف موجود بالسلطة، والشعب مخنوق ويريد الخلاص والعيش بكرامة، فلا يوجد مسلم أو مسيحي إلا ويريد أن يعلّم أولاده ويطبب عائلته ويطعمها، وأن يكون آمناً يأتي الى عمله ويعود الى منزله بكل سلامة، لكن بكل أسف كأن لبنان مستعمرة عند المتسلطين المرتبطين بالخارج.

ــ وماذا لو لم يصل الرئيس الى نتيجة من خلال مخاطبة الشعب من مجلس النواب؟

- لا بد للرئيس أن يمارس عمله، وهو يعرف ماذا يجب أن يفعل، ولا اريد أن أعلّمه ما يجب أن يعرفه.

ــ بماذا تنصحه اليوم؟

- ليست مهمتي أن أعلّم الرئيس، فهو لديه الدستور ولديه مستشارون والمفروض أن يقوم بمبادرات لا تقتصر على طاولات الحوار وما الى ذلك، وكل فريق يغنّي على ليلاه، فهو يريد مؤتمراً للحوار وذاك يريد مؤتمراً تأسيسياً إلخ. فالبلد مؤسس فإما انكم تريدونه أو انكم تريدون تشليعه. وأنا هنا اقول كلمة أساسية وهي أن هذا البلد يذوب بين أيدينا، فإذا كنا نريد الحفاظ عليه وممارسة الحكم، فهناك طريقة واحدة وهي تحمّل المسؤوليات وليس من المفروض أن يكون الرئيس فريقاً ضد فريق آخر، أو أن يدخل في حسابات الاصطفاف، بل يجب أن يقول إنه يريد أن يعطي البلد لا أن يأخذ منه، وهذا يقتضي بالطبع وجود رجال دولة.

ــ هل أنت متوجس من المستقبل القريب ومن تداعيات الاستقالة؟

- أنا قلق فقط لأنني بطبيعتي لا أخاف، لكنني قلق بشدة خاصة وأن الوضع أشبه بمستشفى ملآن بحالات مستعصية ولا يوجد ممرض وليس فقط دكتور. فأنا أدعو السياسيين لإنقاذ البلد وألا يفكروا بأنفسهم ولا بحصصهم في الانتخابات.

ــ على ذكر الانتخابات هل طارت هي أيضاً؟

- أفضّل ألا تجري الانتخابات في هذه الظروف لأن لا ثقة لديّ ولا أئتمن الحكم القائم على إجراء انتخابات نزيهة سواء كان بضمان حرية الناخب أو أمنه، أو حرية المرشح وأمنه.

ــ يعني تجديد رابع؟!

- لا أعرف، لكنني أفضّل ذلك، وبدل أن يكون هناك استنساخ الى الأسوأ ليكن هناك تريّث خاصة وأن القانون الذي تباهوا به هو قانون لا يؤمّن التمثيل الصحيح.

ــ ألست راضياً عن جمع جزين وصيدا؟

- جزين وصيدا بالنسبة لي بلد واحد ومدينة واحدة ومنطقة واحدة، لكنني أقول لا توجد ضمانات وستخلق إشكالات كثيرة بسبب هذا القانون الهجين رغم التهليل له بأنه إنجاز.

ــ هل الصوت التفضيلي هو الذي جعله هجيناً؟

- أكيد، فهو يخلق تنافساً بين الحلفاء الى درجة الخصومة وآنئذٍ بدل أن نكون أمام لائحتين سنكون أمام 5 لوائح، فالقصة كلها أن قانون الستين كان جيداً، لكن لم يعد جيداً عندما جرت هناك اصطفافات مذهبية وأصبح الشيعة يتلقون الأوامر من حزب الله والرئيس نبيه بري، وصار المسيحيون يزايدون على بعضهم البعض بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب خرج من المعادلة مثلاً، ولا يوجد أحرار وغيره، وحصل نوع من المزايدات، وفي المناطق التي أصبح فيها المسلمون أكثر جرى طغيان، فمثلاً في جزين لم يكن الشيعة أو السنة أو الدروز يتلقون أوامرهم الصارمة من خارج المنطقة، بل كانوا يرون علاقاتهم داخل المنطقة ويختارون على أساسها لكن الآن أصبحت هناك بلوكات تنزل لأنها تأتمر بأوامر قوة الأمر الواقع.