تفاصيل الخبر

الوزير السابق كريم بقرادوني يقرأ خطورة الأحداث: لا أتـــوقـع انـتـخــــاب رئـيــــس للـجـمـهـوريــــــة قبـــل بـــدء الـتـسويــــة فـــي سوريــــا!

15/01/2016
الوزير السابق كريم بقرادوني يقرأ خطورة الأحداث: لا أتـــوقـع انـتـخــــاب رئـيــــس للـجـمـهـوريــــــة  قبـــل بـــدء الـتـسويــــة فـــي سوريــــا!

الوزير السابق كريم بقرادوني يقرأ خطورة الأحداث: لا أتـــوقـع انـتـخــــاب رئـيــــس للـجـمـهـوريــــــة قبـــل بـــدء الـتـسويــــة فـــي سوريــــا!

SAM_1597الاستحقاق الرئاسي يدور في حلقة مفرغة وكل مرة يُرحِل رئيس المجلس نبيه بري الجلسات التي لا تكتمل بسبب فقدان النصاب الى موعد جديد آخره في الثامن من الشهر المقبل، في وقت تعثرت المبادرة الحريرية بترشح النائب سليمان فرنجية. فهل هذا الاستحقاق بات من جديد أسير التجاذبات الإقليمية وينتظر التسوية السورية تحديداً بعدما ضيّع اللبنانيون فرصة أن يكون صناعة لبنانية في أكثر من مناسبة؟!

<الأفكار> التقت رئيس حزب الكتائب والوزير السابق كريم بقرادوني داخل مكتبه في الأشرفية وحاورته في هذا الملف من منظاره  الاستراتيجي ورؤيته المستقبلية وتحليله الموضوعي للأحداث.

سألناه بداية:

- أين أصبحت مبادرة ترشيح النائب سليمان فرنجية في تقديرك وهل تعثرت أم ماتت وتالياً هل عاد الملف الرئاسي ليرتبط مجدداً بالوضع الإقليمي الدولي، أم لا تزال هناك فرصة داخلية لإنجازه إذا حصل توافق حوله؟

- المبادرة تضررت وجاء الصراع السعودي - الايراني ليصيب لبنان مجدداً  بضررين: الأول هو تجميد أو تأجيل الانتخابات الرئاسية في لبنان الى موعد غير مسمى أو حتى إشعار آخر، والثاني هو عودة الهاجس الأمني الى البروز وإمكانية العودة الى مسلسل الاغتيالات والتوتيرات الأمنية، إضافة الى المسائل الحدودية المفتوحة بين لبنان وسوريا من عرسال الى جنوب لبنان الى الشمال.

خطأ الحريري وفرنجية

ــ ألم تتعرض المبادرة لانتكاسة قبل التوتر الإقليمي بعدما رُفضت من كتل مسيحية أساسية، حتى اعتبر البعض أنه لا يجوز لرئيس تيار <المستقبل> السني أن يسمي مرشحاً مارونياً للرئاسة؟

- لا بدّ من التمييز بين الشكل وبين المضمون الاساسي للمبادرة التي رشحت سليمان فرنجية. ففي اعتقادي أن النائب فرنجية في الأساس هو مرشح أقطاب وأحد الأقطاب الأربعة الذين تمّت تسميتهم في بكركي وتفاهموا فيما بينهم بأن يكون الرئيس واحداً منهم، وبالتالي فترشّح فرنجية أمر طبيعي جداً ولا يمكن البحث بالنقاش حول ترشيحه، لكن الجدل الذي حصل حول الترشيح يتعلق بالشكل، بمعنى أنه لم يكن من المستحسن أن يتمّ الإعلان عن الترشيح قبل إجراء الاتصالات، وكان على الرئيس سعد الحريري إجراء اتصالات داخل قوى 14 آذار لمعالجة تداعيات هذا الترشيح، وكان على النائب فرنجية أن يجري اتصالات داخل 8 آذار أيضاً لوضع هذه القوى في جوّ ترشحه، لكن ما حدث كان إعلاناً مستعجلاً أو لنقل إعلاناً بالشكل تشوبه الارتجالية والسرعة، دون أن يكون هناك تحضير داخل 8 و14 آذار، والدليل حصول ردات فعل من الفريقين.

وأضاف:

- وبالتالي فالترشيح لا نقاش حول مضمونه أو حول أساسه، إنما النقاش يدور حول شكله. وبشكل عام من غير الطبيعي أن يتم ترشيح رئيس جمهورية لبنان من قبل سعد الحريري، لأن الرئيس سعد الحريري إذا أراد غداً أن يصبح رئيساً للحكومة فلن ترشحه فئة محددة فقط، إنما معظم أعضاء مجلس النواب، وبالتالي فالاستفراد بترشيح سليمان فرنجية خطأ...

ــ ألا يحق له التسمية طالما أنه يملك اكبر كتلة نيابية ويقوم بخرق استراتيجي في الملف الرئاسي عند ترشيحه أحد أقطاب 8 آذار؟

- رئيس الجمهورية هو رئيس كل لبنان، ولا بدّ من تفاهم لبناني حوله، ومن الصعب جداً الاستفراد بترشيح أحد، لأن هذا الاستفراد يؤدي عملياً الى ردود فعل سلبية، وكان من الأولوية أن يستشار الجانب المسيحي وبصورة خاصة الجانب الماروني لاسيما الأقطاب الثلاثة الآخرين.

ــ الى أين ستذهب الأمور في تقديرك بعد كل ما جرى؟

- الملف الرئاسي كله تأجل بما في ذلك هذه المبادرة رغم أنها لا تزال قائمة لكنها جمّدت بسبب الصراع السعودي - الايراني المكشوف، تماماً كحال حكومة تمام سلام شبه المجمّدة بسبب هذا الصراع، وكذلك مثل حال مجلس النواب الذي يعمل بما دون الحد الادنى من التشريع وأيضاً بسبب هذا الصراع الذي لا نعتبره حتى الآن خطراً على لبنان، رغم تداعياته. لكن خطورته تكون عندما تحمل الطابع السنّي - الشيعي وتتخذ هذا الوجه الديني أو المذهبي.

وتابع قائلاً:

- ولنتذكر هنا بأنه في أوروبا كلها عندما كان الصراع في أساسه دينياً ومذهبياً، كانت الحروب، بحيث لا توجد تسويات دينية أو مذهبية، بل هناك حروب دينية ومذهبية، وتأتي الحلول السلمية والعسكرية بالمنطق الوطني وليس بمنطق أي دين أو مذهب.

 

حرب بالوكالة

 

ــ وهل تتخوف من أن تذهب المنطقة الى مثل هذا الصراع؟

- أعتقد أنه لن تكون هناك حرب مباشرة، لا سيما بين ايران والسعودية بل ستكون حرباً بالوكالة. ونحن سبق أن اختبرنا هذا الأمر في لبنان بحيث أن حرب لبنان كانت حرب الاتحاد السوفياتي وأميركا على المستوى العالمي، وحرب سوريا ومصر على المستوى الإقليمي، ولم نشهد أي اصطدام سوفياتي - أميركي مباشر، أو أي اصطدام مصري - سوري، بل هذه الحرب بالوكالة التي سماها الصحافي الراحل غسان تويني حرب الآخرين. وأعتقد أن هذا المبدأ سيطبق على الحالة الإيرانية - السعودية.

ــ وهل تصل الى لبنان؟

- حتى الآن هناك وعي على الأقل في الحد الأدنى، لاسيما بين القيادات الشيعية والسنية، بدليل استمرار جلسات الحوار بين حزب الله وتيار <المستقبل>.. فهذا الصراع الشيعي - السني بصورة عامة يتمثل فيه لبنان بالصراع بين تيار <المستقبل> وحزب الله. ومن هنا أبقى مطمئناً ما دامت هذه الحوارات مستمرة وبشكل دوري وبرعاية الرئيس نبيه بري، وبالتالي فلم تُقطع شعرة معاوية بينهما رغم كل التصعيد، لكن أخشى أن تنقطع هذه الشعرة من حيث لا يريد الأطراف.

وأردف قائلاً:

- لكن أحياناً قد تفلت الامور من عقالها لاسيما وأنه لا يجوز أن ننسى أو نتناسى ان اسرائيل جاهزة لقطع شعرة معاوية، وتركيا جاهزة لقطع هذه الشعرة. وبالتالي لا يجوز حصر الموضوع بين ايران والسعودية، ولا حصره في الجانب المذهبي فقط، بل أخطر ما يحدث هو أن اسرائيل قادرة على التدخل في هذا الصراع وتأجيجه، وكذلك تركيا قادرة على ذلك.

واستطرد قائلاً:

- وفي اعتقادي الشخصي أن اسرائيل طالما تتحاشى التدخل في لبنان، فمن الممكن أن يبقى هذا الوضع الهش مستمراً، ولكن هشاشته قد تستهوي اسرائيل لتحويل هذه الهشاشة الى نزاعات، ولهذا السبب، فالملفان في خطر، أي الملف الرئاسي نتيجة التداعيات الإقليمية وكذلك الملف الامني، وما حدث مؤخراً في مزارع شبعا هو شيء من جس نبض متبادل بين حزب الله واسرائيل، وظهر لحزب الله أن اسرائيل لا تريد حرباً، واسرائيل جست نبض حزب الله ورأت أنه لا يريد التصعيد ولو كان مستعداً للمواجهة.

ــ هل سيستمر هذا <الستاتيكو> من توازن القوى؟

 - أرى أن عام 2016 يحمل كل مشاكل ونزاعات العام 2015 دون أن يقدم أي حلول. فالأسئلة اليوم كبيرة ولكن الأجوبة غير متوافرة، ولذلك اعتقد أن سنة 2016 قد تكون أسوأ من سنة 2015.

 

2016 لن تكون سنة الحلول

ــ أليست سنة 2016 هي سنة الحلول على صعيد المنطقة لاسيما  سوريا طالما أن المفاوضات ستجري في 25 الجاري بين طرفي النزاع هناك، إضافة الى مفاوضات يمنية؟

- طبعاً ستكون هناك مفاوضات وطاولات حوار، لكن شعوري أن بداية العام 2016 تحتمل تأويلين: الأول كلاسيكي يقول انه قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات، يتم التصعيد ليحسن كل طرف مواقعه التفاوضية. فهذه نظرية مقبولة، ومن الممكن أن تكون 2016 بهذا الاتجاه، والثانية هي أنه ما دامت التسوية مستبعدة، فهذا معناه أننا لسنا على أبواب مفاوضات التصعيد من أجل المفاوضات، بل لا نزال في سياق التصعيد وفي الصراع على سوريا وداخل سوريا. وأكثر من ذلك، لا أعتقد أن التسويات جاهزة حيث لا أحد من خلال اتصالاتي السياسية والديبلوماسية يتصور ما هي صورة الشرق الأوسط الآتي، وهل هناك تغييرات جغرافية وما إذا كانت ستنعكس على لبنان أم أن التغييرات ستكون في الأنظمة. وإذا كانت بالأنظمة فستكون شبيهة بلبنان ونظامه بحيث تبين أن معظم الدول العربية تحمل صراعاً غير مُعلن بين الطوائف والمذاهب والاتنيات.

واسترسل قائلاً:

- وبالتالي نظرية التصعيد قبل التسوية هي احتمال، ولكن أميل للاعتقاد أن معالم هذه التسوية لم تظهر بعد، وبالتالي ستتأخر، وقد تحمل سنة 2016 في طياتها كل مشاكل 2015 إضافة الى ما بدأ يحصل من تدهور للعلاقة السعودية - الايرانية وما حدث من اغتيالات هنا وهناك، وبالتالي لا نزال على طريق التصعيد الامني ولم نلمس بعد مظاهر التسويات.

 

الرئاسة المؤجلة

ــ حدّد الرئيس بري موعد جلسة انتخاب الرئيس يوم 8 شباط/ فبراير المقبل، أي قبل يوم من عيد مار مارون، فهل سنشهد مشاركة الرئيس الجديد في هذا العيد، أم أن الأمور أبعد من ذلك وتنتظر التسوية الإقليمية؟

- أعتقد أن اللبنانيين فوّتوا على أنفسهم فرصة أن يكون القرار لبنانياً، لا بل فوّتوا على أنفسهم فرصتين: الأولى، ما حدث في باريس بين ميشال عون وسعد الحريري في نهاية العام 2014، والثانية، ما حدث في باريس بين سعد الحريري وسليمان فرنجية في نهاية العام 2015.. اللقاءان يشبه بعضهما البعض حيث أن هذين الترشيحين كانا فرصتين مهمتين لجعل القرار لبنانياً أو لنقل بأرجحية لبنانية، لكن المحاولتين تعثرتا.

ــ لماذا طرح الرئيس الحريري اسم فرنجية ولم يطرح قبل ذلك اسم العماد عون قبله وهل السبب اتفاق الطائف ام عدم قبول عون بشرط أن تكون رئاسة الحكومة للحريري؟

- الحريري تصرف وكأنه هو الحل أو جزء من تسوية، في حين أن الحريري لم يحل بعد مشكلته ولا مشكلة العودة أو مشكلة أن يكون هو رئيس الحكومة، وهناك جو سياسي يطرح سؤالاً: لماذا يكون سعد الحريري رئيساً للحكومة؟ وإذا كان لا بدّ أن يكون الحريري رئيساً للحكومة، فلا بدّ أن يكون رئيس الجمهورية ميشال عون، او سليمان فرنجية، وبالتالي فالحريري فهم هذه النقطة، ولهذا السبب بات يعترف أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من 8 آذار حتى يبرر أن يكون رئيس الحكومة من 14 آذار أو هو بالذات.

 

<الفيتو> الداخلي والخارجي

ــ لماذا فرنجية وليس عون طالما المعادلة ذاتها؟

- اعتقادي أن مسألة عون بدأت في مرحلة كانت السعودية في حال انتقال القيادة من الملك عبد الله الى الملك سلمان، ولم يأخذ الحريري الضوء الأخضر الصريح من السعودية، واليوم تغير الوضع خاصة بعد وفاة الأمير سعود الفيصل الذي وضع <الفيتو> على العماد عون، وذكّر الباقين بمواقف ميشال عون من اتفاق الطائف، وبالتالي وضعية ميشال عون هي أن <الفيتو> جاء من الخارج، وهذا <الفيتو> أوقف كل العملية، ولكن وضعية سليمان فرنجية تختلف وإن وصلت الى النتيجة نفسها، فـ<الفيتو> لم يأتِ من السعودية، بل كان هناك دفع سعودي خوفاً من التمدّد الإيراني، فاعتبرت السعودية أن الثغرة التي يمكن أن تقوي موقف ايران من خلالها في لبنان، هي الشغور الرئاسي، وبالتالي أعطت الضوء الأخضر للحريري. لكن <الفيتو> جاء من الداخل، وبالتالي فأي رئيس جمهورية في لبنان يجب أن يكون موضع تقاطع الداخل والخارج، ومن  ينسى جانباً من هذين الجانبين معناه أنه لا يصل الى نتيجة.

وأضاف:

- فالرئيس الياس سركيس كان موضع تقاطع بين الجبهة اللبنانية وسوريا، وكل الرؤساء والأحزاب كانوا موضع تقاطع داخلي وإقليمي ودولي، وإذا لم يحصل التقاطع تقع المشكلة أو يقع الشغور.

ــ هل تصل في تقديرك الأمور بسليمان فرنجية الى الانسحاب من تكتل التغيير والإصلاح و8 آذار؟

- سليمان فرنجية كما اعرفه، لديه الصبر الكافي والتصميم الكافي.. فهو رجل يصبر ويصمم، وبالتالي ليس بالسهولة أن تطوى ورقته، ومبادرة ترشيحه لم تنتهِ بعد بل جمّدت.

ــ وهل تصل الامور برئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الى تأييد العماد عون لقطع الطريق على فرنجية؟

- حكماً سيختار الدكتور جعجع العماد عون، إذا انحصر الخيار بينه وبين سليمان فرنجية، رغم أن خيار جعجع الاساسي هو ألا يكون أحد الأقطاب رئيساً للجمهورية، وهو يقترح أن يتفق الأقطاب أو أن يتفق هو وميشال عون على شخص ثالث، لكنه حتى الآن لا يكشف عن معالم الشخص الثالث، بل يطرح مبدأ المرشح الثالث بدون تسمية أحد، لكن في المقابل لا تزال الاتصالات قائمة حول ورقة النيات مع التيار الوطني الحر كما هو حال التواصل بين تيار <المستقبل> وحزب الله لتخفيف التشنج في الشارع رغم هشاشة هذا التواصل.

ــ البعض يقول انه بعد طرح اسم فرنجية لم يعد في المقدور إلا أن يسمى واحداً آخر لا يقل أهمية عن فرنجية وهو العماد عون أم يمكن الوصول الى اسم من خارج نادي الأقطاب؟

- هذا إذا نظرنا من الداخل لكن أين هو دور الخارج؟ هنا اتوقع أن لا يكون هناك رئيس للجمهورية قبل بدء التسوية في سوريا، وقد يكون أول معالم التسوية في سوريا أن يتم انتخاب رئيس للبنان، فقد انتهت المرحلة التي كان القرار في يد اللبنانيين من خلال محاولة عون أو فرنجية، وبالتالي فالتسوية السورية ستكون إقليمية ودولية بامتياز وطبعاً ستخرج الأمور من يد اللبنانيين ونقترب آنئذٍ من حالة اتفاق الدوحة لعام 2008. ولهذا السبب أقول إن المطلوب هو الصبر عند السياسيين ولا بد من الحذر الكبير في الموضوع الأمني لأنه في زمن الوقت الضائع من المهم أن يبقى الجيش والقوى الأمنية متماسكة وتقبض على ناصية الامن وتستمر في ملاحقة الإرهابيين حتى لا يستطيع الإرهاب أو التكفير أن يستفيد من هذا الوضع خلال مرحلة الانتظار الصعبة والطويلة والمنهكة.