تفاصيل الخبر

الوزير السابق الدكتور طارق متري: الانتفاضة عفوية في قدر كبير منها وهناك رفض شبابي للطائفية والفساد!

27/12/2019
الوزير السابق الدكتور طارق متري: الانتفاضة عفوية في قدر كبير منها  وهناك رفض شبابي للطائفية والفساد!

الوزير السابق الدكتور طارق متري: الانتفاضة عفوية في قدر كبير منها وهناك رفض شبابي للطائفية والفساد!

 

بقلم حسين حمية

 

تواصلت الانتفاضة الشعبية منذ أكثر من شهرين رغم تكليف الوزير السابق حسان دياب بتشكيل الحكومة الجديدة بأكثرية 69 نائباً، وتأكيده ان هذه الانتفاضة تمثله وسعيه لتأليف حكومة ترضي طموحات الشعب اللبناني وتحقق مطالبه، لا بل قطع المحتجون الطرقات احتجاجاً على تسميته، في وقت يبدو ان هذه الانتفاضة لن تتوقف عن مسيرتها وستبقى في الساحات حتى يحصل التغيير المنشود.فماذا يقول المرقبون عن هذه التحركات وهل هي ظاهرة طبيعية انطلقت بعفوية بعدما وصلت الامور الى الخط الاحمر، ودخل لبنان في الانهيار المالي والتعثر الاقتصادي واستشرى الفساد وبلغ الاداء الحكومي اسوأ المراحل أم ان هناك مخططاً لإشعال الفوضى في لبنان كما يقول البعض، خاصة وان بعض الاطراف السياسية المتورطة في الفساد تبنت هذه الانتفاضة وشاركت فيها؟

 <الأفكار> إلتقت الوزير السابق الدكتور طارق متري في مكتبه في الاشرفية وحاورته على هذا الخط، بالاضافة الى شؤون الوضع الداخلي وطبيعة الانتفاضة والشبه بينها وبين سائر الانتفاضات والثورات في المنطقة والعالم.

وسألته بداية:

ــ وأنت ترى المشهد في لبنان بكل تناقضاته وتعرجاته، فماذا تقول والبلد الى أين في تقديرك؟

- البلد في مهب الريح، وانا متنازع مثل كثير من اللبنانيين بين مخاوف كبيرة وآمال كبيرة ايضاً، فأولاً نسجل هذا الوعي الجديد للشباب الذين يعبرون عنه في الساحات وفيه رفض حقيقي للطائفية  وللفساد لاسيما وان هناك ربطاً بين الطائفية والفساد لأن لا شيء يحمي الفساد في بلادنا الا الطائفية، اضافة الى عزيمتهم واصرارهم على قضية واحدة وعدم الدخول في اتون الصراعات اللبنانية التقليدية وبالتالي هناك شيء عند الجيل الجديد وهو ما نستطيع تسميته بالمواطنة، حيث يتصرف الشباب والشابات كمواطنين وليس كأعضاء في طوائف او رعايا عند زعماء، وهذا أمر جيد.

ــ يعني الانتفاضة عفوية وكان لا بد منها؟

- أعتقد ان هناك قدراً كبيراً من العفوية في هذه الانتفاضة.

ــ هل هي انتفاضة أو ثورة أو احتجاج او حراك او ماذا؟

-  هم يسمون أنفسهم ثورة ولا بد ان نسميها كما يريدون، وأنا عموماً أسميها انتفاضة لأنها عفوية وليس لديها برنامج بل مجرد فكرة من انها تريد حكومة انقاذ من المستقلين وأصحاب الكفاءة العالية ونظافة الكف، وهذا كله يدعو للأمل لكن ليس على المدى القصير لأن البلد يتخبط الآن في مشكلاته الاقتصادية والاجتماعية وتتفاقم ولا يبدو في الافق وجود حلول او مشاريع حقيقية.

ــ وهل على الانتفاضة ان تطرح برنامجاً وتعين قيادة لها لتسويق هذا البرنامج؟

- أعتقد ان هذا الأمر صعب، والمنتفضون يدركون ذلك، وأنا سمعت عدداً من الناس يصفون الانتفاضة بأنها مثل المياه، وهذا التشبيه استخدم في هونغ كونغ والتشيلي حيث توجد انتفاضات شعبية مشابهة.

 

لبنان وانتفاضة التشيلي وهونغ كونغ!

ــ هل انتفاضة لبنان تشبه انتفاضتي هونغ كونغ والتشيلي أم مثلاً تشبه انتفاضة الجزائر وحراك السترات الصفراء في فرنسا؟

- نشبهها الى حد بانتفاضتي التشيلي وهونغ كونغ لأنها عفوية، لكن عندما تنتخب قيادة تبدأ التفاوض باسمها يصبح خطر الانقسام وارداً وتنشب خلافات قد تحيد الناس عن الهدف الحقيقي الذي اجتمعوا من أجله. وانتفاضة لبنان كما قلت تشبه التشيلي وهونغ كونغ ولا أرى أنها تشبه حراك السترات الصفراء لأن قضيتها مغايرة ولم تحظ بالعطف الشعبي الذي حظيت به الانتفاضة اللبنانية والسمة الغالبة فيها ليست شبابية كما الحال في لبنان، وبعدها مطلبي واجتماعي وليس سياساً وأيضاً كما الحال من انتفاضة لبنان، ويجوز اجراء مقاربة مع انتفاضتي الجزائر والسودان، حيث ان المهنيين تحركوا في السودان ولعبوا دوراً كبيراً كما حال مهنيي لبنان ولأن الحركة سلمية في السودان كما حال لبنان إلا ان هناك فارقاً كبيراً هو ان النقابات في السودان لديها تاريخ عريق ونفوذ في المجتمع، إلا ان أوجه الشبه متماثلة في الفساد من قبل المجموعة الحاكمة، لا بل ان الفساد في السودان يترافق مع الاستبداد انما عندنا فالحمد لله لا أحد قادر على ممارسة الاستبداد. ولو قيض لهم لفعلوا ذلك، فيما الانتفاضة في الجزائر شهدت مثابرة عظيمة بحيث ان التحركات مستمرة كل يوم جمعة منذ أكثر من 46 أسبوعاً ورغم اجراء الانتخابات الرئاسية لا يزال الاعتراض قوياً، واستطاعت الانتفاضة هناك منع التجديد لعبد العزيز بوتفليقة، وعوقب الفاسدون وجرت انتخابات رئاسية لكن ثقة الجزائريين بالفئة الحاكمة لا تزال مهتزة وضعيفة خاصة وان نسبة المقترعين كانت منخفضة جداً ووصلت الى حوالى 40 بالمئة.

ــ لكن تجربة تونس تبقى هي الأفضل لاسيما وان الرئيس قيس سعيد أثبت انه مميز وفريد من نوعه؟

- الرئيس قيس سعيد رجل مستقل وحر واستطاع إقامة علاقة مباشرة مع الناس والشباب بصفة خاصة، وهناك موجة حملته وأتت به الى الرئاسة، وهو لا يريد أن يخيب آمال الذين انتخبوه، علماً بأن تونس رغم كل الانقسامات بين الاسلاميين والعلمانيين، ورغم تردي الأوضاع الاقتصادية خاصة بعد توقف السياحة، تبقى التجربة التونسية هي التجربة العربية الفريدة التي انتقلت من نظام استبدادي الى الديموقراطية. وطبعاً لتونس خصوصية ولاسيما وان نسبة المتعلمين مرتفعة والمرأة لديها دور في المجتمع والاقتصاد والسياسة ولديها حقوق مساوية لحقوق الرجل في معظم المجالات، إضافة الى ان الجيش لا يتدخل في السياسة بل هو خاضع للسلطة السياسية وهذا عنصر مهم.

ــ وماذا عن ليبيا التي كنت فيها ممثلاً للأمم المتحدة والىأين تتجه بعد توقيع معاهدة بين تركيا وبين حكومة الوفاق وما سر هذا التدخل التركي المباشر؟

- هناك مصالح نفطية تهم تركيا، لكن هناك بعداً سياسياً للتدخل التركي بحيث ان هناك دعماً مصرياً ــ اماراتياً ــ وروسياً وفرنسياً للجنرال خليفة حفتر الذي يملك مجموعة من المسلحين بعضهم من المرتزقة يسمون أنفسهم بالجيش الوطني وهم ليسوا جيشاً بالمعنى الحقيقي للكلمة، إلا وجود عدد من ضباط الجيش من زمن مرحلة معمر القذافي، لكن مقاتليه مرتزقة في غالبيتهم إنما قوتهم متأتية من أنهم سيطروا على الشرق بعد 3 سنوات من المعارك وسيطروا على الجنوب بسرعة ووصلوا الى الغرب وطوقوا طرابلس بسرعة غير متوقعة وهم يحاولون للمرة الثالثة السيطرة على طرابلس لكن هذا أمر صعب، انما يعتمدون على الطيران بصورة عامة وعلى السلاح الذي يحصلون عليه من الاماراتيين بصفة خاصة، وحكومة طرابلس المعترف بها دولياً مدعومة دولياً بالشفاه وليس بالفعل وهي تبحث عن دعم وحظيت ببعض الدعم الايطالي لفترة محدودة بعدما عملت ايطاليا على إقامة توازن مع فرنسا، لكن تبين ان هذا الدعم غير فاعل، ولذلك اتجهت الى تركيا لاسيما وان هناك علاقات تاريخية بين تركيا وليبيا لاسيما وان مدينة مصراتة التي تلعب دوراً سياسياً وعسكرياً كبيراً من خلال الثورة وما بعدها وتدعم حكومة الوفاق، هي مدينة تجارية ونخبها من أصول تركية من أيام العثمانيين وحساباتهم في المصارف التركية وشركاتهم وبواخر الشحن أيضاً، وبالتالي هناك روابط قديمة ومصالح مشتركة بين تركيا ومصراتة وهذه تلعب دوراً في الدعم، لكن رغم كل ذلك لا أرى ان هناك حلاً قريباً %