تفاصيل الخبر

الوفــد الــروسي أكد وجــود ضمانــات للنازحيــن والمقاتلـيــن العائدين والآلية اللبنانية قد تكون نموذجاً للخطة الروسية!

03/08/2018
الوفــد الــروسي أكد وجــود ضمانــات للنازحيــن والمقاتلـيــن  العائدين والآلية اللبنانية قد تكون نموذجاً للخطة الروسية!

الوفــد الــروسي أكد وجــود ضمانــات للنازحيــن والمقاتلـيــن العائدين والآلية اللبنانية قد تكون نموذجاً للخطة الروسية!

 

المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم والتي تبلّغها لبنان رسمياً الأسبوع الماضي من موفد الرئيس الروسي <فلاديمير بوتين> السيد <الكسندر لافرينتييف>، تركت ارتياحاً لدى المسؤولين اللبنانيين الذين كانوا تحركوا في أكثر من اتجاه لمعرفة ظروف هذه المبادرة وانعكاساتها على النازحين السوريين المنتشرين في الاراضي اللبنانية كافة. وإذا كان القاسم المشترك لدى المسؤولين في لبنان هو الارتياح، فإن لكل مسؤول اسباباً مختلفة عن الآخر في ردة الفعل الايجابية على التحرّك الروسي الذي شمل لبنان والأردن وتركيا، وهي الدول المجاورة لسوريا التي استضافت النازحين منذ بداية الحرب السورية في العام 2011، وإن على دفعات.

 

ارتياح عون وبري والحريري!

 

فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون <مرتاح> لأن المبادرة الروسية أتت متجاوبة مع مساعيه لتأمين عودة النازحين والتي كانت تصطدم دائماً برفض غالبية الدول الكبرى ولاسيما مجموعة الدول الداعمة للبنان باستثناء روسيا، والتي كانت تربط تسهيل العودة بالتوصل الى الحل السياسي للأزمة السورية، وهو ما كان الرئيس عون يخشى منه منطلقاً من تجربتين: الأولى التجربة القبرصية التي لا تزال دون حل حتى الساعة، والثانية القضية الفلسطينية التي مضى عليها نحو 70 عاماً والحل السياسي لها لا يزال متعثراً. وأكثر ما <أراح> رئيس الجمهورية هو الالتزام الروسي بمهل زمنية لتحقيق العودة والتي ستشمل نحو 890 ألف نازح من المناطق اللبنانية كافة، علماً أن من تبقى من السوريين فهم في غالبيتهم من نوعين: الأول معارضو النظام الذين لن يعودوا إليه في المراحل الأولى للعودة في انتظار استكمال المصالحات والتسويات السياسية، والنوع الثاني من اليد العاملة السورية التي سبق لها أن عملت في لبنان وهي في حال دائمة من الذهاب والإياب، ولا تنطبق عليها معايير <النزوح>.

أما رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي حضر اللقاء مع الموفد الرئاسي الروسي بدعوة من الرئيس عون، فإن مصدر ارتياحه للتحرك الروسي يعود الى قناعته بأن دخول الروس مباشرة على خط عودة النازحين يعني أن موسكو لم تأخذ الضوء الأخضر من الدول المعنية بالأزمة السورية فحسب، بل هي أطلقت من خلال إعادة النازحين مسيرة الحل السلمي الذي من شأنه إنهاء الحرب السورية بشراكة مباشرة من النظام السوري الذي كان المجتمع الدولي يعمل على إسقاطه قبل سنوات خلت. ويرى الرئيس بري في هذا الإطار، أن المناخ الدولي تغير في مقاربة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما يعني أيضاً أن عملية إعادة إعمار سوريا ستنطلق من جديد بالتزامن مع بدء تطبيق الحل السياسي الذي يعمل له في اروقة اجتماعات الاستانة وجنيف على حد سواء.

في المقابل، يبدي الرئيس سعد الحريري <ارتياحه> للمبادرة الروسية لأنها ترعى عملية العودة مباشرة ولن يكون على الحكومة اللبنانية أن تتجرع كأس التفاوض المباشر مع المسؤولين السوريين الذين ساءت علاقتهم بالرئيس الحريري خلال الاعوام الماضية منذ بدء الأحداث السورية ولا تزال من سيئ الى أسوأ. وفي هذا السياق يقول الرئيس الحريري إن الجانب الروسي أبلغه أن فريق عمل روسياً هو من سيتولى تنسيق عملية عودة النازحين الموجودين في لبنان مع الجانب السوري وأي اتصال سيتولاه الروس مع دمشق، فيما التواصل مع الجانب اللبناني سيكون روسياً صرفاً ومن خلال القنوات الامنية وتحديداً الأمن العام. وكان الرئيس الحريري واضحاً حين أبلغ المسؤولين الروس ضرورة تجنيب لبنان الرسمي أي احتكاك مباشر مع السوريين، وإن كان رئيس الحكومة قد وافق على أن يتولى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم التواصل مع السوريين في ما خص تنظيم إعادة النازحين، وأنه لن تكون هناك حاجة للمسؤولين الحكوميين في البلدين من التواصل المباشر. وتشير مصادر مطلعة في هذا الاتجاه الى أن الرئيس الحريري تلقى

ضمانات من الجانب الروسي ان الدور اللبناني سيقتصر على عمل الفريق الروسي مع الامن العام اللبناني، في وقت يتولى فريق روسي آخر التواصل مع السوريين وإقامة التنسيق بين الجانبين.

 

تطمينات الموفد الرئاسي الروسي!

وفيما ينتظر لبنان عودة السفير الروسي في بيروت <الكسندر زاسبكين> الى العاصمة اللبنانية للمباشرة بتشكيل فريق العمل اللبناني الذي سيعاونه بعد تعيينه مسؤولاً عن عمل المكتب الروسي الذي سيُعنى بملف النازحين، تساءلت الأوساط المتابعة عما إذا كان نجاح المبادرة الروسية مضموناً أو دونه عثرات قد يؤي تناميها الى <نسف> المبادرة برمتها.

عن هذا السؤال وغيره تقول مصادر رسمية لبنانية لـ<الأفكار> ان الموفد الرئاسي الروسي كان جدياً خلال اللقاء في بعبدا، وقبله في <بيت الوسط>، في التأكيد على سلسلة نقاط يمكن أن تحمل الاجوبة المناسبة للقلقين على مصير المبادرة الروسية.

أولى هذه النقاط حرص <لافرينتييف> على القول إن الرئيس الروسي <بوتين> يرعى <شخصياً> هذه المبادرة، وهو مؤمن بأن من حق لبنان أن يزيل تدريجاً العبء الثقيل الذي خلفه النزوح السوري الكثيف الى لبنان الى درجة أن <بوتين> طلب من موفده أن يبلغ المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم الرئيس عون، استعداد بلاده لكل ما من شأنه تعزيز الأمن والاستقرار في لبنان، ودعم اقتصاده الذي ترنح تحت وطأة موجة النزوح السوري وموجباته. وثاني هذه النقاط تأكيد الموفد الرئاسي الروسي بأن العمليات العسكرية في سوريا <شارفت على الانتهاء> وعملية اعادة الاستقرار الى الربوع السورية ستتم وفق خارطة طريق وضعها الروس بالتنسيق مع الولايات المتحدة الاميركية التي أحيط رئيسها علماً بالمبادرة حيال النازحين خلال <قمة هلسنكي> التي جمعت الرئيسين <فلاديمير بوتين> و<دونالد ترامب> قبل اسابيع. وثالث النقاط ما أكد عليه الموفد الروسي بأن العودة ستكون <طوعية> على رغم أن الجانب السوري -  حسب <لافرينتييف> التزم بضمانات قدمها للروس بتسهيل العودة وعدم التعرض للعائدين وتوفير الطمأنينة لهم وراحة البال ومقومات الحياة الاساسية من مأكل ومشرب ومأوى، على أن يكون هؤلاء على استعداد للمساهمة في ورشة اعادة اعمار المناطق السورية كافة. حتى ان المقاتلين -  قال <لافرينتييف> - لن تتخذ في حقهم تدابير قاسية من خلال اشراكهم بعمليات المصالحة التي سترتفع وتيرتها تبعاً لارتفاع عودة النازحين. وهذه الضمانة أراحت الكثير من السوريين الذين ظنوا للوهلة الاولى أن سقوط النظام السوري صار على قاب قوسين أو أدنى، ولعل الأصداء الايجابية التي ترد الى بيروت عن المعاملة التي يلقاها العائدون في القوافل التي نظم عودتها الامن العام اللبناني بالتعاون مع المسؤولين الامنيين السوريين ولاسيما اللواء علي المملوك الذي سماه

الأسد منسقاً عاماً من الجانب السوري مع الفريق الروسي، خير دليل على حسن نوايا النظام في هذا الاتجاه.

وتشير المعلومات المتوافرة لـ<الأفكار> أن لبنان تبلّغ من الموفد الرئاسي الروسي استعداداً غير مسبوق لمساعدة القوى العسكرية والامنية اللبنانية في حربها المستمرة للخلايا الارهابية النائمة بعدما أنجز الجيش تحرير الجرود الشرقية من وجود ارهابيي <داعش> و<جبهة النصرة>، وذلك لقناعة موسكو أن مثل هذه المساعدة لا يستفيد منها لبنان فحسب بل كل دول الجوار وأوروبا وروسيا لأن خطر الارهابيين لم يعد مقتصراً على السوريين بل صارت له امتدادات كثيرة ظهرت سلبياتها في اوروبا بشكل واضح خلال الأشهر الماضية، وقال <لافرينتييف> في هذا الصدد: <كلفني الرئيس <بوتين> أن أؤكد لكم دعمه للبنان واستعداده للوقوف الى جانب لبنان بشكل قوي>، ولم يخفِ الموفد الرئاسي الروسي أن بلاده غير قادرة وحدها على تحقيق إعادة النازحين بل هي تحتاج الى مساعدة مباشرة من الدول المعنية وكذلك العراق، إضافة الى دعم المجتمع الدولي <لأنه بتضافر الجهود يمكن تحقيق النتائج المرجوة وتتسهل عملية اعادة الاعمار والمصالحة الوطنية، لاسيما وان كل ذلك مترابط بعضه مع البعض الآخر وسوف يتوجّه التوصل الى الحل السياسي الذي يتم العمل له بقوة>.

نموذج الآلية اللبنانية!

 

وتقول مصادر رسمية لبنانية أن آلية تنظيم العودة بالأعداد والمناطق والتوقيت، سوف تكون محور بحث مع اللجان المشتركة اللبنانية - الروسية التي يتوقع أن تبدأ عملها خلال الاسبوعين المقبلين. وفي الانتظار فإن تنظيم قوافل العائدين بإشراف الأمن العام اللبناني لن يتوقف وفق الآلية الموضوعة بإشراف اللواء عباس ابراهيم الذي كانت له اجتماعات مع الفريق الأمني الروسي الذي رافق الموفد الرئاسي <لافرينتييف> والذي ضم جنرالات روسية كُلفوا متابعة هذا الملف، وقد التقوا اللواء ابراهيم واطلعوا على الآلية اللبنانية للعودة والتي يمكن أن تشكل نموذجاً لتلك التي سيضعها الروس، خصوصاً أن تفاصيل هذه الآلية حظيت بإعجاب الجانب الروسي الذي سوف يعمّق البحث فيها مع اللواء ابراهيم تمهيداً لاعتمادها كلياً أو جزئياً أو إضافة عناصر أخرى عليها.

وتوقعت المصادر نفسها أن تتكثف الاتصالات الروسية مع الامم المتحدة نظراً للدور الذي يمكن أن تلعبه المنظمات الدولية في مرحلة ما بعد العودة، لاسيما لجهة المساعدة على إيواء النازحين وتقديم الدعم الانساني لهم ومساعدتهم على إقامتهم في بلداتهم وقراهم، خصوصاً تلك التي دمرتها الحرب وأطاحت بكل البنى التحتية فيها.