تفاصيل الخبر

الـوضــــع خـطـيـــر جـــداً والـمـؤامـــــــرة عـــــلـى الأمـــــة أصـــبـحت مـكـشـوفــــــة!

10/07/2015
الـوضــــع خـطـيـــر جـــداً والـمـؤامـــــــرة  عـــــلـى الأمـــــة أصـــبـحت مـكـشـوفــــــة!

الـوضــــع خـطـيـــر جـــداً والـمـؤامـــــــرة عـــــلـى الأمـــــة أصـــبـحت مـكـشـوفــــــة!

 

 

بقلم حسين حمية

SAM_4328إنه شهر رمضان الذي <أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان>، لكن ما يعيشه العالم الإسلامي من تكفير وإرهاب واقتتال يطرح السؤال عن حال الأمة التي قال الله عنها انها خير أمة أخرجت للناس.. وتناسى فيه المسلمون قوله تعالى: <وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب>.

<الأفكار> التقت في رحاب رمضان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في دار الإفتاء الجعفري عند مستديرة المطار وحاورته في خضم ما يجري على صعيد العالم الإسلامي وما يتهدد بلداننا في ضوء المخطط الذي يستهدف الأمة بدءاً من السؤال:

ــ استبشر المسلمون خيراً بتوحيد يوم الصوم على اعتبار أنه يساهم في ردم الهوّة بين المذاهب فما المانع من تكرار المشهد كل سنة، والدفع باتجاه توحيد المواقيت والمواعيد الإسلامية على مساحة العالم الإسلامي كله؟..

- بداية لا بد لنا من الإشارة إلى أن الأمور العبادية -  وهي التي تكون بين العبد وربه - هي أمور تتبع الشرع الحنيف، وما اختلاف الفقهاء في هذه المسائل إلا من باب الاجتهاد والتفقه في أمور الدين واستنباطهم للأحكام الشرعية كل على مبناه، وهذا الاختلاف لا ينبغي أن يؤثر سلباً على المجتمع بل على العكس تماماً، إذ يجب أن يكون دافعاً لقبول الآخر واحترام رأيه.

وأضاف:

- نعم، كل أمر فيه وحدة المسلمين ومصلحة المسلمين نحن نؤيّده وندعمه، لا بل نعمل من أجل أن يتحقق لأن الوحدة بين المسلمين واجب ديني وأخلاقي وإنساني، مصداقاً لقوله تعالى (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، وكل من يعمل بغير هذا المفهوم وخارج هذا السياق لا شك أنه ليس بمسلم، ولا يعي من الإسلام شيئاً. من هنا، نحن نؤكد على الوحدة، وندعو المسلمين في كل أقطار الأرض وأصقاعها لأن تكون شعائرهم وأعيادهم مناسبات تذكرهم بضرورة الوحدة، وان يكونوا معاً في كل أفراحهم وأحزانهم، وان يخرجوا من كل هذه الخلافات المدمرة، ويعودوا إلى إسلامهم الحقيقي، ووحدتهم الحقيقية، وأن يعملوا معاً على اقتلاع كل ملوث فكري وديني وثقافي دس ويدس في مفاهيمهم الإسلامية من خلال مدارس تصدّر فتاوى وأحاديث وترهات لا أصل ولا أساس لها في إسلام محمد(ص) الذي يتجلى رحمة وتسامحاً ومحبة وإلفة وصفحاً وتآخياً، لا كما نشهده من مشاهد عدوانية وممارسات تقوم بها جماعات وعصابات هي بالتأكيد خارج كل السياقات الدينية، ولا علاقة لها بالإسلام ولا بالمسلمين، بل هي جسم غريب مصنوع خصيصاً لضرب المسلمين في وحدتهم ومعتقداتهم وإسلامهم.

واستطرد قائلاً:

- نسأل الله أن يقوّي عزائمنا، نحن المسلمين، ويهدينا لأن نقدر على مواجهة كل الفئات الضالة والمشعوذة في كل ما تقوم به وتدّعيه ليعود المسلمون كالجسد الواحد، كالبنيان المرصوص في توجهاتهم وغاياتهم وأهدافهم، يجمعهم قرآنهم ودينهم ونبيهم، موحدين لله سبحانه وتعالى، متعاونين على البر من أجل خير البشرية، مجسدين الرحمة والخلق والأخلاق، متفاعلين مع الآخر، متآلفين متحابين متسامحين متنافسين ليس على السلطة، بل على ما يحقق كرامة الإنسان وينصر الحق ويجعل الباطل مدحوراً.

يا أيها المسلمون اتحدوا!

ــ يقول الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، لكن الملاحظ أن المسلمين تفرقوا أيدي سبأ وصاروا فرقاً وشيعاً ومذاهب ومجموعات، فأين العلة في اعتقادكم، وهل هي في السياسة التي ما دخلت أي شيء إلا وأفسدته؟

- دعوتنا دائماً كانت: أيها المسلمون اتحدوا! أيها المسلمون كونوا مع الله! أيها المسلمون اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، فالفرقة من عمل الشيطان. الفرقة مهلكة، الفرقة دمار للأمة (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ). أيها المسلمون كونوا في خدمة دينكم وإسلامكم ولا تجعلوا دينكم في خدمة نزواتكم وشهواتكم، ولا توظفوه من أجل أهداف بخسة وغايات رخيصة. الدين صدق، الدين إيمان، الدين تقوى، الدين خوف من الله، الدين حق، الدين أخلاق، الدين معاملة، الدين إصلاح، الدين خدمة للناس، فلماذا الخلط؟ ولمصلحة من تشويه الإسلام وتحطيم صورته بهذا الشكل المريب؟ وتفريق الأمة وتفتيتها وتمزيقها وتحويلها إلى جماعات مختلفة ومتناحرة يضرب بعضها رقاب بعض؟ أما عصابات الدم وجماعات القتل والتنكيل وقطع الرؤوس في العراق وسوريا فنقول لهم: أي خلافة هذه التي تدعونها وأنتم تمعنون في القتل والإجرام والإرهاب؟ وأي خلافة هذه التي تذبحون وتحرقون وتدمرون وتهجرون وتبيدون البشر والحجر من أجلها، هل هذه هي خلافة رسول الله؟ هل هذا ما تعلمتموه من مدرسة رسول الله(ص)؟ مدرسة القيم، مدرسة الإنسان الحر والعزيز والكريم، مدرسة من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، مدرسة لا إكراه في الدين، من أنتم حتى تصنفوا الناس؟ ومن أعطاكم حق الدفاع عن أهل السنة والإدعاء بأنكم أنتم المسؤولون عن هذا الحق؟ وهل أهل السنة أعطوكم وكالة بهذا الأمر وكلفوكم القيام بهذا الدور لتفتكوا بهم وبحقوقهم قبل أن تفتكوا بسواهم؟ ومن قال لكم ان قرآن الشيعة غير قرآن السنة، ونبي الشيعة غير نبي السنة.

وأضاف:

- نعم، لقد قلنا، منذ ظهور هذه الجماعات الإرهابية والتكفيرية إن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المسلمين قبل غيرهم لأن النار في ديارنا، والخراب في بلادنا، ونحن أولى بدفع الأذى ووقف الحريق، وواجبنا الديني يفرض علينا تأدية دورنا والقيام بكل ما نقدر عليه لمواجهة هذه الحالة المرضية التي أصابت جسم الأمة.

ــ ألا يتحمّل العلماء مسؤولية خطاب التفرقة عبر التحريض والإثارة المذهبية بدل الدعوة إلى كلمة سواء تجمع المسلمين وتوحّد صفوفهم وتقطع الطريق على المتربصين بالأمة شراً؟

- نعم على المسلمين مسؤولية دينية، ومسؤولية وجودية، تحتم على كل معني في الأمة، وكل مسؤول، وعلى قاعدة <كلكم مسؤولون>، العمل على استئصال ومحاربة هذه الآفة التي لا تحتمل خطابات ولا مناورات ولا تبريرات ولا مزايدات ولا استغلالات من هنا وهناك. هذه الآفة يجب القضاء عليها لأن القضاء عليها يعني حفظ الدين والدفاع عن الإسلام وإظهار حقيقة هذا الدين العظيم الذي يرفض أن يكون داخل صفوفه مثل هذه الظواهر المشبوهة والغريبة عن الإسلام وتعاليمه. وهنا لا بد من تحميل المسؤولية كاملة لكل من يغطي ويحمي ويحتضن ويدعم مادياً ومعنوياً وفكرياً هذه العصابات الإرهابية التي لا نرى فيها سوى وسيلة من وسائل استنزاف الأمة وإنهاكها خدمة للعدو الصهيوني، وإنهاءً للقضية الفلسطينية. وفي مقدمة من يتحمل المسؤولية كل من هو قادر على وأد الفتنة ولا يفعل، وكل من هو قادر على أن يقول كلمة طيبة ولا يقولها، وكل من هو قادر على أن يؤثّر في الأمة ويصلح في المجتمع ويقرّب في وجهات النظر ولا يقدم. نعم نحن بحاجة إلى من يدعو إلى كلمة سواء، وعلى العلماء ورجال الدين والدعاة والمثقفين والمتنورين، وكل من نذر نفسه لخدمة هذا الدين أن يقوم بدوره، وأن يؤدي واجبه من أجل وحدة الأمة وجمعها على كلمة <لا إله إلا الله محمد رسول الله> في مواجهة أعدائها وكل من يتربص بها الشر والدمار.

 

الإمام الصدر والتقريب بين المذاهب

 

ــ الإمام موسى الصدر سبق وأنشأ ما يسمى مجمع التقريب بين المذاهب، وهناك اليوم مجمع بهذا الاسم، ألا يفترض بالمرجعيات الدينية في مكة والأزهر والنجف وقم أن تلتقي في مؤتمر إسلامي للحوار الدائم تحدد فيه نقاط الخلاف وتعمل على الحد من تفاقمها وتعالج المشاكل القائمة بين المسلمين خاصة، بعدما وصل الأمر إلى حد التكفير؟

- الإمام الصدر ظاهرة إسلامية فريدة، وقامة وطنية مميزة، اتسم بالفطنة والنباهة وصحة الرؤى. كان مؤمناً متنوراً، إنسانياً بكل ما تعنيه الإنسانية من مفاهيم ومعانٍ. كان عالماً عاملاً ثار بوجه الظلم فقارع الباطل، وتحدى الحرمان، وطالب بحقوق الناس. ناهض التصنيف والتمييز، وأدرك أن لا حرية من دون عدالة، ولا استقرار من دون إنماء، ولا مواجهة لعدو من دون وحدة. نعم لقد كان الإمام الصدر من الأوائل الذين أدركوا ان وحدة الأمة مهددة، وكان خوفه كبيراً من الفتنة، لذلك كان يتحرك شرقاً وغرباً وفي كل الاتجاهات للتقريب بين المذاهب، وتحقيق الوحدة، وإفشال كل مشروع فتنوي. ولكن المؤامرة كانت ولا تزال تجد في صفوف الأمة من يصفق لها، ويعمل في نطاقها، ويتجنّد لخدمتها بكل أسف.

وأضاف:

- هذا المجمع لا يزال قائماً وناشطاً حتى يومنا هذا، وقد شاركنا في أكثر من لقاء واجتماع عقد في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي جمهورية مصر العربية، بحضور مرجعيات وعلماء وباحثين إسلاميين من مختلف دول العالم الإسلامي، وكانت الخلاصات والبيانات دائماً تشدد على الوحدة ونبذ الأحقاد وتجاوز الخلافات على اعتبار أن المسلمين لا يجوز تحت أي عنوان أو ظرف أن يتناحروا أو يتنازعوا أو يتقاتلوا. فدم المسلم حرام، وماله حرام، وعرضه حرام، ولكن للأسف الشديد كل هذه التوصيات والبيانات لم تعد كافية، وبقي حال الأمة على تهالكه، لا بل يزداد سوءاً. وما تشهده منطقتنا الآن من ظروف قاسية، وأوضاع مأساوية من ليبيا إلى اليمن إلى تونس إلى مصر إلى العراق إلى سوريا إلى فلسطين إلى لبنان يزيدنا قلقاً ويضعنا جميعاً امام مسؤولياتنا بحيث لا يترك عذراً لأحد من مرجعيات وعلماء وسياسيين ونقابيين ومثقفين ومجتمعات مدنية في أن يكونوا خارج سياق أي مسيرة انقاذية تعيد الأمور إلى نصابها وتمكّن الأمة من استعادة موقعها ودورها في تأدية رسالة الإسلام العظيم.

وتابع قائلاً:

- لقد أصبحنا اليوم أمام واقع لم يعد يطفئه تجمع من هنا أو تجمع من هناك، ولا حركة تقرب أو حركة تبعّد. هذا الواقع لم يعد يعالج بتوصيات وتمنيات وبيانات وخطابات وحوارات قاصرة. هذا الواقع بحاجة إلى استئصال وبتر لكل هذه التشوّهات، بحاجة إلى عملية جراحية على مستوى الأمة والمنطقة، لأن في ذلك عزة للإسلام وكرامة للإنسان وإعادة اعتبار للقيم والمبادئ والأسس التي بني عليها الإسلام، وقامت على أساسها دعوة رسول الله(ص).

 

مواجهة الإرهاب والخطر الصهيوني

 

ــ البعض يقترح أن يبادر الأزهر الشريف إلى دعوة كل المرجعيات الإسلامية للقاء واسع على اعتبار أن الأزهر صلة وصل مقبولة من الجميع، فماذا تقول؟

- إن ما نعانيه اليوم وتعيشه المنطقة والأمة يدلّل على أن المؤامرة مستمرة، وأن المشروع الصهيوني قائم، ولديه الوسائل والامكانيات كافة التي تساعد على إنفاذه وإنجازه، خصوصاً في ظل هذه الظواهر وهذه البدع التي تقنّعت بالإسلام، وراحت تمارس التطرف والإرهاب والتعصب على نحو من المسّ والجنون، وتعتمد أساليب الغدر والتوحّش في القتل والتعذيب، الأمر الذي يجعلنا نحن المسلمين أمام خيار واحد أوحد، فإما أن نتكاتف ونتآلف ونتّحد في مواجهة هذه الفئة الضالة والخبيثة والمخربة، وإما فنحن جميعاً، مسلمين وعرباً، أمام حالة من الفوضى وانعدام الوزن وفقدان أدنى مقوّمات وجودنا.

وختم قائلاً:

- نعم، الوضع خطير جداً والمؤامرة على الأمة من داخلها وخارجها أصبحت مكشوفة، ومعروفة، ونحن نبارك أي لقاء بين المرجعيات في الدول العربية والإسلامية من قم إلى النجف إلى الأزهر وبأسرع وقت للتدارس واتخاذ التوصيات والإجراءات التي من شأنها وقف هذا الانقلاب الخطير على الأمة ومصيرها. نعم، نحن اليوم نعيش لحظات مصيرية، وواقع منطقة تتخابط بالقتل والإبادة، ومعصية الله تعني خسارة القيامة. لذلك، فإن المطلوب أن نكون مع الحق، وإن كان مرّاً، وأن نبذل في سبيله النفس والمال والولد، وأن تكفّ هذه الأمة عن الدم الحرام والفتنة الحرام، ألا وان علماء هذه الأمة مطالبون أشد المطالبة يوم القيامة، فمن رضي بفتنة أو حرّض عليها كان شريكاً بالدم الحرام يوم الله الأكبر. كما أن المطلوب من السياسيين أن يعوا أن الأرض طريق إلى السماء، وأن الإنسان وديعة لا بد أن تترحّل، وأن الخاسر من خسر الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.