تفاصيل الخبر

الوضع المالي والاقتصادي يزداد تأزماً في زمن "كورونا" والدولار جنّ جنونه...

30/04/2020
الوضع المالي والاقتصادي يزداد تأزماً في زمن "كورونا" والدولار جنّ جنونه...

الوضع المالي والاقتصادي يزداد تأزماً في زمن "كورونا" والدولار جنّ جنونه...

 

 بقلم طوني بشارة

 

رئيس "هيئة تنمية العلاقات اللبنانية الخليجية" ايلي رزق: لبنان بلد منهوب من قبل بعض القوى النافذة التي جعلت الاقتصاد رهينة لمواقفها السياسية!

 

[caption id="attachment_77464" align="alignleft" width="250"] ايلي رزق: نحن بحاجة ماسة الى سياسة تواجه الازمة بالوحدة بين الجميع وبرؤية اقتصادية وخارطة طريق[/caption]

الدولار لامس الـ4000 ليرة، والاسعار ازدادت بنسبة فاقت الـ300 بالمئة، ونسبة البطالة ارتفعت بشكل مخيف، والجهات المعنية ما زالت بصدد اعداد دراسات من اجل تمرير حل عن طريق الـ"هيركات" او عن طريق بيع أملاك الدولة دون التطرق الى فكرة إعادة الاموال المنهوبة او حتى التفكير بمنع الهدر والفساد المستشري بإقتصاد الوطن...  

فهل من خارطة طريق يمكن اتباعها لايجاد حل للضائقة الاخطبوطية التي نعاني من تداعياتها كل يوم؟

رزق والإدارة السياسية السيئة!

"الأفكار" التقت رئيس "جمعية المعارض والمؤتمرات" ورئيس "هيئة تنمية العلاقات اللبنانية الخليجية" ايلي رزق الذي اوضح بداية أن مصير أي مؤسسة مرتبط بكفاءة الجهاز الإداري الموكلة إليه أمور التخطيط –التنظيم - التوجيه والرقابة. وبالمنطق الإداري، الإدارة هي أساس نجاح المؤسسات او فشلها، فالادارة الناجحة تؤدي الى تطوير المؤسسات حتى ولو كانت فاشلة والعكس صحيح. وهنا لا بد من التنويه بأن تراجع لبنان الاقتصادي مرتبط حكما بإدارته السياسية السيئة، فلبنان بلد منهوب ومسيطر عليه من قبل بعض القوى السياسية النافذة التي اخذت الاقتصاد رهينة لمواقف سياسية تخدم مصالح دول إقليمية بدلا من ان تخدم مواقفها اقتصاد وطنها.

وتابع رزق قائلا:

- بعد انتهاء الحرب الاهلية وقعنا "اتفاق الطائف" وحددنا فيه هوية لبنان العربية ولم نتفق على دور لبنان بالمنطقة، مما أثر على واقع لبنان السياسي والعسكري واستبعد فكرة ان نكون اقوى قوة عسكرية وسياسية، ولكن كان بإمكاننا ان نكون اقوى قوة اقتصادية لكوننا معبراً او ملتقى اقتصادياً بين دول الشرق والغرب. هذا الامر لم تتطرق له أي حكومة من الحكومات السابقة بسبب وجود فريق داخل السلطة سعى دائما لعزل لبنان عن محيطه العربي وعن مجتمعه الدولي. ومنذ عام 2010 واقتصادنا تتراجع قيمته حتى وصلنا الى حالة ركود كاملة بسبب إصرار هذا الفريق على اقحام ساحتنا اللبنانية في الرمال المتحركة الإقليمية وبما يجري في سوريا من احداث. هذا الامر انعكس على اقتصاد لبنان من حيث تراجع الاستثمارات العربية من جهة وتراجع عدد السياح العرب والخليجيين من جهة ثانية، علما ان إيرادات السياحة في لبنان لامست عام 2010 الـ8.8 مليار دولار وتراجعت لتصبح 3.2 مليار دولار عام 2019.

* ولكن الا توجد أسباب أخرى محلية – إقليمية او دولية ساهمت في تفاقم هذا الوضع؟

- إن سياسة عدم تحييد لبنان وادخاله في اتون الصراعات الإقليمية اثرت سلبا على الاقتصاد اللبناني، إضافة الى سوء الإدارة والفساد والهدر في مرافق الدولة. اقتصاد لبنان طوال الفترة السابقة كان ينوء تحت ضربات مطرقة العقوبات الدولية نتيجة سياسات بعض القوى السياسية في لبنان، وسندان الفساد والهدر من قبل الباقي الاخر من القوى السياسية الذين امعنوا فسادا وهدرا في المؤسسات، ناهيك عن التوظيف العشوائي حيث اصبح القطاع العام فضفاضا أي أكبر من حجم الاقتصاد اللبناني وأصبحت الرواتب والأجور وتعويضات نهاية الخدمة تصل إلى حدود الـ7 مليارات من ميزانية الدولة.

الـ"هيركات" المقنع وخطة النهوض

[caption id="attachment_77463" align="aligncenter" width="574"] الدولار يحلق عالياً في موازاة هبوط حاد بقيمة الليرة اللبنانية[/caption]

 

* الازمة واقعة لا محالة، فكيف تفسر ما يروج له من "هيركات" و"كابيتال كونترول"؟

- على القوى السياسية  اليوم ان تصارح اللبنانيين. هناك حملة كذب وافتراء وادعاء وتفاخر بأن ليس هناك "هيركات" او "كابيتال كونترول"، ولكن بالفعل نرى ان الـ"كابيتال كونترول" مطبق منذ 17 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي، وان الـ"هيركات" واقع لا محالة حيث اننا عند لجوئنا لسحب ودائعنا بالدولار نحصل على ما قيمتها بالليرة اللبنانية وفقا لسعر الـ1515، علما ان سعر السوق تجاوز الـ 3700 ليرة وهذا يعتبر "هيركات" مقنعا.

* هذا من الناحية المالية الاقتصادية ولكن الا يعتبر عمل الحكومة جيدا في ما يتعلق بمواجهة "كورونا"؟

- رغم ما شهدنا من جهود جبارة للحكومة لمواكبة تداعيات فيروس "كورونا" على الصعيد الصحي وهذا مجهود يحسب لها وتشكر عليه لجهة محاصرتها للفيروس، ولكن على الصعيد الاقتصادي لغاية اللحظة لم نر ولم نشهد ولم نسمع عن اي نية لوضع خطة تحفيز اقتصادية كي يتمكن القطاع الخاص من العودة للوقوف على "رجليه" وللحد من الآثار السلبية لعمليات الصرف الجماعي التي ستشهدها الاسواق اللبنانية.

* وماذا تتضمن خطة التحفيز التي اشرت اليها؟ - على الحكومة ان تستفيد من انخفاض اسعار النفط عالميا لكي تتمكن من تأمين وفر كبير في فاتورة الانفاق الكبيرة في قطاع الكهرباء الذي كان يكبد الخزينة خسائر بملياري دولار تعود في غالبيتها الى الاسعار المرتفعة للنفط واسعار الموردين لمادتي المازوت والفيول اويل، وعلى كل المستفيدين والطامعين والجشعين والسارقين والناهبين ان يحكّموا ضمائرهم ويتوقفوا عن السرقة والنهب على الاقل، فاذا لم نتمكن من استعادة الاموال المنهوبة فلنعمل على وقف عملية سلب اموال جديدة، ففي ذلك تخفيف لمصاريف الكهرباء والفاتورة النفطية وهذه اموال يمكن ان تستعمل لوضع حوافز ضرائبية. وتابع رزق قائلا: استنادا الى استحالة امكانية استدانة الحكومة من جهات خارجية او داخلية لانها تخلّفت عن دفع استحقاق"يوروبندز" واصبح هناك تخفيض حاد بالتصنيف الائتماني وهذه سابقة لم تحصل في تاريخ لبنان وسمعته اقتصاديا وعالميا، واستناداً إلى استحالة امكانية عودة اللبنانيين في الداخل وفي بلدان الانتشار للاستثمار مع الدولة في سندات الخزينة كون الحكومة لم تصارح اللبنانيين حول حقيقة ودائع ١٨٧ مليار دولار، ورغم التطمينات بان الـ"هيركات" والـ"كابيتال كونترول" سقطا بالضربة القاضية قولا، فانه بالفعل والتطبيق ما يحصل هو العكس.

 

* وفقا لخبرتك، هل تعتبر ان هناك تدابير معينة يفترض اتخاذها من قبل الحكومة لمواجهة الازمة التي نمر بها؟

- على الحكومة ان تقوم بالخطوات الاتية:

- تطبيق خطة "PPP" اي الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، وهو ما من شأنه ان يساهم في جذب الاستثمارات وفتح فرص عمل وتحويل عبء الرواتب والاجور الذي ناهز ٧ مليارات دولار سنويا من ميزانية الدولة الى شركات القطاع الخاص مع تحسن في الخدمة وفتح سوق المنافسة وتخفيض الاسعار.

- البدء فورا بوضع خطة لتطبيق مبدأ الشراكة واستجلاب عروض سواء في قطاع الكهرباء او في الاتصالات او في ادارة المرافئ والمطارات، وفي ظل الكساد العالمي الذي سيشهده العالم فان شركات عالمية ستتشجع للاستثمار في لبنان لتوسيع رقعة اعمالها.

- البدء بوضع رؤية وخطة حوافز اقتصادية لا علاقة لها بتوزيع ٤٠٠ الف ليرة بل هناك حوافز واعفاءات ضريبية يجب منحها للقطاع الخاص ليتمكن من الوقوف على "رجليه" من جديد، فالقطاع الخاص يوظف نحو ٦٣ بالمئة من مجموع القوى العاملة والبالغ مليوناً ومئتي الف فيما الباقون هم موظفو القطاع العام. - دعم القطاع السياحي وجعله اولوية الحكومة وتحفيزه لاعادة النهوض به، فالقطاع السياحي هو رمز من رموز الانتاجية اللبنانية ويعتبر عمودا فقريا اساسيا من عواميد الاقتصاد اللبناني الذي بنى لبنان عليه سمعته مما اوصل شهرته الى العالم، وخاصة قطاع المطاعم حيث ان المطبخ اللبناني دخل بيوت العالم واسواقه بحرفيته وتنوعه وتميّزه عن المطابخ الاخرى بحيث اصبح يضاهي المطابخ الاخرى كالمطبخ الفرنسي والايطالي والياباني.

وانهى رزق حديثه قائلا:

- بات معروفا ان ما قبل فيروس "كورونا" مختلف كليا عما بعده، وحاليا دخلنا مرحلة كساد عالمي وهذا تحد يفترض التعامل معه بجدية، ذلك ان الفيروس الأخطر بعد "كورونا" هو فيروس البطالة الذي سيعم العالم، فاميركا وبسبب "كورونا" لديها حاليا 22 مليون عاطل عن العمل، وكذلك لبنان سيعاني من تحد كبير، فكياننا لم يعد مهدداً من العدو الإسرائيلي او من النظام السوري فحسب، فما يهددنا حاليا هو تداعيات الانفجار الاجتماعي من بطالة وفقر، تداعيات ستطال كافة الطوائف من دون تمييز مما سيهدد الكيان اللبناني ككل. لذا نحن بحاجة ماسة الى سياسة تواجه الازمة بالوحدة ما بين الجميع وبرؤية اقتصادية وخارطة طريق، وهذا للأسف غير موجود في ظل الانقسامات والخلافات على الحصص والتعيينات.

المطلوب من الحكومة ان تكون على قدر التحديات وان تقوم فورا بوضع خطة ورؤية لمواكبة تداعيات ما بعد "كورونا" لان الخطر الاكبر الذي سيواجه اقتصادنا بعد انتفاء الفيروس هو عامل البطالة الذي للأسف باتت ملامحه تتوضح منذ الان.