تفاصيل الخبر

الـنـظـــــام يـفــــــاوض فــي دمـشـــق وأمـيـركــــــا تـطـــــرق بــــــاب الـفـتـنــــــة فـــي الــرقـــــــة!  

07/04/2017
الـنـظـــــام يـفــــــاوض فــي دمـشـــق وأمـيـركــــــا  تـطـــــرق بــــــاب الـفـتـنــــــة فـــي الــرقـــــــة!   

الـنـظـــــام يـفــــــاوض فــي دمـشـــق وأمـيـركــــــا تـطـــــرق بــــــاب الـفـتـنــــــة فـــي الــرقـــــــة!  

بقلم علي الحسيني

1

بالتزامن مع الانزال الأميركي على مقربة من مطار <الطبقة>، يُذكر انه في آب/ أغسطس من العام 2014، حشد تنظيم <داعش> بشكل ضخم لمعركة مطار <الطبقة> في محافظة الرقة، التي كان يتقاسمها التنظيم في ذلك الوقت مع النظام، وقد أعد يومها <داعش> بشكل دقيق لهذه المعركة، حيث جمع معلومات كثيفة عن إمكانات هذا المطار العسكرية والبشرية وهو والذي يبعد 45 كلم عن المدينة. وتحسباً منه لأسوأ الأمور، أعد التنظيم خططاً تتيح له الصمود واكمال المعركة بالشكل الذي يُريحه فجهّز عناصره بكافة انواع الاسلحة بالإضافة الى مئة انتحاري، ووضع في حساباته ان المعركة قد تطول لأشهر مقابل وجود 800 مقاتل من النظام مع وجود 4 طائرات ميغ 21 و6 مروحيات هجومية و35 مدفعاً متوسطاً و6 مدافع ثقيلة.

 

قراءة الإنزال على <الطبقة>

في خطوة نوعية في إطار عمليات التحالف الدولي العسكرية لمحاربة تنظيم <داعش> نفّذت قوات أميركية من مشاة البحرية <المارينز>، يرافقها عناصر من قوات سوريا الديموقراطية (قسد) الاسبوع المنصرم، عملية إنزال بري على بعد كيلومترات من مدينة <الطبقة> القريبة من الرقة معقل <داعش> في سوريا، وقد نجحت في قطع الطريق الدولي حلب - الرقة - دير الزور الذي يشكل شرياناً حيوياً يستخدمه <داعش> للتواصل بين مناطق سيطرته في المحافظات الثلاث. وقد اعتبرت هذه الخطوة بأنها التحرك الميداني الاكبر للجيش الاميركي في الاراضي السورية منذ ان أعلن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن الحرب على <داعش>، وقد اعطى مؤشراً بالغ الدقة بأن واشنطن والتحالف سيملآن الفراغ الذي سيتركه انسحاب <داعش> من الرقة، خصوصاً انه أغلق الطريق أمام تقدم قوات الجيش السوري وحلفائه نحو الرقة، وذلك فق بيان أصدرته حملة غضب الفرات التابعة لـ <قسد>.

وفي قراءة للإنزال، يتبين ان الهدف منه تطبيق خطة عسكرية تهدف الى وضع خط الشام - حماة - حلب وصولاً الى الساحل السوري، تحت سيطرة التحالف، وقد تكون عمليات المعارضة السورية في الميدان حالياً، تخدم عن قصد أو غير قصد، هذا الهدف خصوصاً وانها كانت وبالتزامن مع الانزال الاميركي، تخوض معارك ضارية في ضواحي دمشق وتهاجم نقاطاً ومراكز تابعة لجيش السوري في شمال شرق العاصمة منها تفجيرات انتحارية، وقد أطلقت أيضاً هجوماً على ريف حماة والشام ، كل ذلك وسط تفرج روسي على ما يجري من دون تقديم اي دعم جوي او بري لحليفها النظام، وهو امر اعتبرته الجهات التي تدور في الفلك الاميركي بأنه بداية متغيرات بدأت تطرأ على قواعد اللعبة السورية في المرحلة المقبلة أو ان تغيراً بدأ يلحظ العلاقة بين روسيا وحلفائها من النظام الى ايران.

 

السيطرة على المطار وسد الفرات في خطر

4  

بعد أقل من يومين على الانزال الاميركي، أعلنت قوات سورية الديموقراطية، المدعومة من التحالف الدولي سيطرتها على مطار <الطبقة> العسكري الذي يتمتع بموقع استراتيجي لقربه من مدينة <الطبقة>، المشرفة على سد الفرات الأكبر في سورية، وذلك بعد اشتباكات وُصفت بالعنيفة مع مقاتلي <داعش>، وقد تخلل المعركة تفاوت في السيطرة وفي حجم المعلومات التي تناقلها أطراف النزاع، اذ ذكرت <قسد> أنها سيطرت على قرية العجيل، جنوب مطار <الطبقة> العسكري، وأنها قتلت 19 عنصراً من <داعش>، في حين أعلنت قيادة الاخير، انها أسرت أحمد الصلال، القائد العسكري في قسد خلال معارك <الطبقة>. وهو امر نشر حالة من الذعر والفوضى في مدينة الرقة، بعد اشاعات عن قرب انهيار السد، ما سبب حوادث سير، وولد حركة نزوح كبيرة من المدينة إلى الأرياف في محاولة لتجنب كارثة مزعومة.

وقد تضاربت الأنباء عن خروج السد من الخدمة، نتيجة إغلاق البوابات بفعل الغارات الجوية لطيران التحالف الدولي والقصف المدفعي من القوات الأميركية ما تسبب بانقطاع التيار الكهربائي الذي يغذي غرفة التحكم في السد وذلك بحسب ادعاء <داعش> الذي ثبت روايته ودعمها بعدة صور قال إنها من داخل غرفة العمليات والتحكم في السد، التي لحق بها دمار كبير بسبب قصف طيران التحالف. وفي تلك الاثناء أصدر مجموعة مهندسين وفنيين يعملون في سد الفرات بياناً طالبوا فيه بفتح بوابات المفيض بسبب عدم توافر التغذية الكهربائية لها، وطالبوا الحكومة التركية في بيان ايقاف تدفق المياه حتى لا يزداد مستوى مياه البحيرة خلف السد، وبعدها تحصل الكارثة الحقيقية. كذلك دعوا جميع اطراف النزاع الى إيقاف العمليات العسكرية إيقافاً مباشراً وإدخال ورشات الصيانة إلى السد.

ويذكر أن سد الفرات الذي يقع في مدينة <الطبقة>، هو أكبر السدود في سورية وفي حال انهياره سيسبب وفق خبراء كارثة كبيرة في كل المدن والبلدات السورية والعراقية المحاذية للنهر. فالسد الذي يبلغ طوله 4.5 كم، وارتفاعه نحو 60 متراً، يُخزن نحو 14 مليار م3 من المياه في البحيرة التي تشكلت خلفه. وكان النظام السوري قد أطلق عليها اسم بحيرة الأسد والتي يبلغ طولها 80 كم ومتوسط عرضها 8 كم. ويعد شهري آذار/ مارس ونيسان/ ابريل، هما فترة التخزين في السد، نتيجة ذوبان الثلوج في منابع النهر.

 

الهدف الاميركي منع تقدم النظام

من خلال الدعم الاميركي لقوات سوريا الديموقراطية للسيطرة على مطار <الطبقة>، يُمكن رصد مجموعة نتائج عسكرية تطمح اميركا لتحقيقها على الاراضي السورية وتحديداً في هذه المنطقة بعد الهجوم الذي يُمكن ان تستتبعه خطوات كثيرة منها تمركز اميركي في مطار <الطبقة> نفسه. فمع الاستيلاء على ريف <الطبقة> الغربي، يكون الأميركيون وقسد، قد فصلوا مناطق سيطرة تنظيم <داعش> في ريف حلب الشرقي، وخاصة في مسكنة ودير حافر عن بقية مناطق سيطرته في الرقة ودير الزور، فلا يبقى للتنظيم بعدها، الا الاتجاه جنوباً نحو البادية الشامية خاصة مع تقهقره أمام تقدم قوات النظام في تلك المناطق. والنتيجة الثانية ان القوات الأميركية وقسد، وطأتا للمرة الأولى ارض الشامية ووسعتا حضورهما غربي الفرات. كما اصبح الطريق الدولي الرقة- حلب- ديرالزور بحكم المقطوع فعلياً، حتى لو لم تنتشر القوات المهاجمة على طرفيه، إذ غدا تحت السيطرة النيرانية للقوات البرية للتحالف وقسد. لكن تبقى الحصيلة الجيوسياسية الأهم لهذا الإنجاز هي وضع حاجز امام طموحات جيش النظام في التقدم نحو الرقة، عبر ريف حلب الشرقي. وهذه مسألة غاية 3 في الحساسية بالنسبة للنظام ورغبته في أن يفرض نفسه طرفاً في الحرب على الارهاب بحكم الأمر الواقع.

خلاصة ما جرى في <الطبقة> وريفها خلال اليومين السابقين لا يمكن اختزاله في الإنجاز العسكري المتحقق وحده، بل الأرجح أن أصداءه السياسية ستتردد طويلاً، خاصة ان الإدارة الاميركية الجديدة لم تتأخر في اظهار عزمها على طي ملف <داعش> نهائياً مهما كانت التكلفة. الأمر الذي ترجمته القوات الأميركية في تغيير قواعد الاشتباك، والتحلل من التزامات الإدارة السابقة، بعدم استهداف المدنيين. فقد مضى شهر وثلاثة أسابيع فقط منذ أن وقّع الرئيس الأميركي <دونالد ترامب>، أمراً تنفيذياً للجيش الأميركي بوضع خطة عسكرية في غضون 30 يوماً لهزيمة <داعش>. ولم يمضِ على انتهاء المهلة سوى ثلاثة أسابيع حتى ترجم التغيير في قواعد الاشتباك الى جحيم بالنسبة لأهل الرقة وأريافها. فأكثر من 200 قتيل خلال أقل من يومين، هو انذار أكثر من كاف لتخمين الثمن الباهظ المتوقع دفعه من أرواح المدنيين في مناطق سيطرة <داعش>.

أهمية مطار <الطبقة> للأميركيين

يُعتبر البعض أن أهمية الاستيلاء على مطار <الطبقة> بالنسبة للقوات الأميركية، أنها تأتي في ظل التهديد التركي الدائم بإغلاق قاعدة <إنجرليك> الجوية في أضنة بسبب الاستقطاب السياسي بين البلدين الناجم عن تباين في الاستراتيجية العسكرية بينهما في شمال سوريا بسبب الحساسية التركية من دعم القوى الغربية والولايات المتحدة تحديداً لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردستاني وجناحه العسكري (pyd) الذي يشكل النواة الأساسية لـقوات سوريا الديموقراطية التي تدعمه الولايات المتحدة دون اعارة اي اهتمام للاعتراض التركي المتكرر على اعتماد الولايات المتحدة عسكرياً على هذا التنظيم الذي تعتبره تركيا إرهابياً وخاصة في ظل التحضيرات العسكرية من أجل تحرير الرقة. ومن المتوقع أن يتحول المطار الى قاعدة عسكرية جوية للطيران الأمريكي، وذلك من أجل التلويح لتركيا بعدم جدوى أهمية التهديدات التركية بإغلاق <انجرليك> في وجه الطائرات الأميركية والذي يعتبر بسبب موقعه أفضل من المطارات في المنطقة على المستوى الاستراتيجي.

ويعتبر مطار <الطبقة> من أكبر المطارات العسكرية في سوريا، ويعتبر من مطارات الدرجة الأولى في سوريا، ويقع جنوب مدينة <الطبقة> بـ7 كم وتبلغ مساحة المطار 24 كم2 بطول 5700 م وعرض 4200 م، ويضم مهبطاً اسمنتياً بطول 3100 م وعرض45 م، بحيث يمكن أن تهبط عليه أثقل طائرات الشحن العالمية بسهولة.

2  

أبي نادر: الهدف منع الجيش من

ملاحقة <داعش>

المحلل الاستراتيجي العميد المتقاعد شارل أبي نادر يرى أنه في الظاهر، تبدو عملية الانزال غرب <الطبقة> خطوة منطقية من الناحية العسكرية كعنصر اساس من عناصر مناورة محاصرة <داعش> في مدينة الرقة، حيث يتم الضغط على عناصر التنظيم الارهابي في المدينة المذكورة اعتباراً من اريافها الشمالي والشمالي الشرقي من قبل وحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديموقراطية، والتي استطاعت ايضاً قطع تواصل عناصر <داعش> بين الرقة ودير الزور شرق الفرات، بعد ان سيطرت على الطريق الواصل بين المدينتين على المحور الشرقي مقابل بلدة الميادين.

ويُشير إلى أن الإنزال تم غرب مدينة <الطبقة> في بلدتي وادي هبنا وخان ابو هريرة، وحيث يبعد غرباً قرابة 50 كلم عن مدينة الرقة، تبقى نقطة الانزال غير مؤثرة من الناحية الميدانية والعسكرية على وحدات <داعش> داخل المدينة المذكورة، وعليه ستبقى الوحدات الاخيرة بمنأى عن اي اشتباك مباشر مع الوحدات الكردية والاميركية المنزلة، التي تبقى بحاجة للتقدم شرق المسافة المذكورة واكثر بقليل لتحقيق التماس مع <داعش> في عاصمته السورية، الأمر الذي دونه معوقات كثيرة، ليس اقلها الجهود الكبيرة التي يضعها التنظيم اساساً في تلك المنطقة الحيوية، بالاضافة إلى تجميع اعداد كبيرة من وحداته التي انسحبت وتنسحب تباعاً من الاماكن الواسعة التي تقدم اليها الجيش العربي السوري شرق حلب.

ويؤكد أنه من خلال اجراء مقارنة لأغلب معارك مواجهة <داعش> في المدن التي تمت مهاجمته فيها، كالرمادي والفلوجة سابقاً والموصل حالياً في العراق، او كمنبج سابقاً والباب مؤخراً في سوريا، كان دائماً يتميز التنظيم بمدافعته عن المدن بطريقة لافتة، مستفيداً من خبراته القتالية في الاماكن السكنية، حيث يتفنن في نشر شبكات العبوات الناسفة والتفخيخات وفي توزيع القناصين واطلاق السيارات المفخخة التي يقودها انتحاريون محترفون، كما ويبرع في استعمال المدنيين كدروع بشرية، وبالتالي فإن كل انتشار خارج مدينة <الطبقة> وبعيداً عنها لن يكون فعالاً بالقدر الكافي لمهاجمة <داعش> في الرقة اذا لم ينفذ في نقطة قريبة من مداخل المدينة الاخيرة واحيائها المتاخمة بشكل مباشر، وحيث يمكن ان يكون اكثر فعالية للضغط على <داعش> لو نفذ هذا الانزال على طريق الرقة - <الطبقة>، ما بين السلحبية شرق الفرات وقرية البارودة على ضفافه الغربية.

أما في الشق الاستراتيجي، فيلفت الى انه بعد التقدم الناجح والسريع لوحدات الجيش العربي السوري شرق حلب حيث سيطر على عشرات الكيلومترات على الضفاف الغربية للفرات، وحيث هو الآن يحاصر مدينة دير حافر التي تلفظ فيها وحدات <داعش> انفاسها الاخيرة، وبعد ان اصبحت وحدات الجيش المذكور وحلفاؤه قاب قوسين من الوصول الى مطار ومدينة <الطبقة>، جاء الانزال الاميركي غرب <الطبقة> ليحقق عملياً الاهداف التالية: قطع الطريق الحيوي الاساسي الذي يحتاجه الجيش العربي السوري للتقدم شرقاً وتحرير مطار ومدينة <الطبقة> الاستراتيجية. منع الجيش المذكور اعلاه من اكمال ملاحقته لعناصر <داعش> حتى الاطراف الغربية للرقة، والتي عبرها كان سيفرض نفسه لاعباً اساسياً في عملية تحرير الرقة وطرد <داعش> من الشرق السوري، خاصة بعد تحريره لمدينة تدمر وتقدمه اللافت شرقها.

وأخيراً من شأن الانزال ان يسمح للوحدات الكردية ولمن يتحالف معها ان تمتلك ميداناً حيوياً يفصل مسكنة عن <الطبقة> ويربط مواقعها شرق الفرات بمواقعها غربه، الامر الذي سيعطيها وجوداً حيوياً وسيطرة استراتيجية غرب الفرات، تفرض نفسها من خلاله لاعباً فاعلاً في اية مفاوضات وتسوية لاحقة.

العميد-شارل-ابي-نادر 

الدور الروسي ومصير الأسد

 

ثمة من يتساءل: هل أيقن الروسي أن المجموعات المسلحة ومن يدعمها لا تريد حلاً سياسياً في سوريا؟ وهل أدرك أن المسألة مسألة وقت ليس الا وأن المسلحين يشاركون في المؤتمرات لكسب الوقت؟. هي اسئلة تُطرح في وقت تشتعل فيه من جديد الجبهات في دمشق وحماه بعد وقت قليل على رفض المجموعات المسلحة الموقعة على وقف إطلاق النار المشاركة في مؤتمر جنيف. من جهتها دمشق لا تشكك في ادراك الجانب الروسي لما يجري في الميدان ونيات المسلحين، لكن هناك تساؤلات جدية حول ما اذا كانت موسكو لا تزال متمسكة بقرارها التخفيف من العمليات العسكرية، والتركيز على الحل السياسي الذي خبره السوريون ووصلوا لنتيجة أن لا حل إلا بعد هزيمة المجموعات الارهابية، وترك الخيار للسوريين لاجراء مصالحة مع الدولة ومن ثم الاتفاق على صيغة جديدة للحكم.

من المؤكد انه وعلى مدى سنوات طويلة، اختبرت السلطات السورية كل أنواع المسلحين بكافة تفاصيلهم وتوصلت الى نتيجة واحدة: هناك فئة منهم لا تريد أي حل وستقاتل حتى النهاية وتحكمها عقيدة لن تتخلى عنها، بينما هناك فئة أخرى تشكل الاغلبية، لديها الرغبة في اجراء تسوية والعودة الى الشرعية، لكن ما يمنعها هو وجود مجموعات من الفئة الأولى تضغط عليها وتورطها بمعارك رغماً عنها، والأمثلة على ذلك كثيرة، آخرها كان في برزة والقابون، حيث رفضت <جبهة النصرة> إجراء تسوية والخروج من المنطقة، وتجاوزت اتفاق المسلحين في المنطقة مع لجان المصالحة واشعلت المعركة مع الجيش السوري لضرب الاتفاق، في حين أن السوريين قدموا للروس نتائج خبراتهم وحثوهم على المضي في سياسة انهاك المسلحين في كل مكان، ومن ثم فتح الحوار، لكن موسكو حاولت التخفيف من العنف وعملت على اللجوء الى الحل الدبلوماسي الذي اصطدم بجولة العنف الأخيرة.

ومن بين الحلول التي طرأت أخيراً على صعيد الجبهات، خروج دفعة كبيرة من المقاتلين من حي جوبر وقبله من الوعر، في بادرة اعتبرها البعض انها تهدف الى فتح مزيد من المفاوضات بين بعض الفصائل والنظام من اجل تسوية الاوضاع. لكن هذه التسويات لا تستدعي من رأس النظام ان ينام على حرير بالنسبة الى مستقبله، فرئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف نصر الحريري شدد على ان موقف المعارضة ثابت بشأن رفض بقاء بشار الأسد وأركان نظامه سواء خلال المرحلة الانتقالية أو بعدها. وأضاف أن المعارضة تصر على محاكمة الأسد وأركان نظامه على جرائمهم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري. وبدوره قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط ان وفد المعارضة جاء إلى جنيف لبحث انتقال سياسي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالية لا وجود للأسد فيها، لا في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سوريا.

 

الأميركي والنظام وحزب الله

 

بالنسبة الى الدور الاميركي فيبدو ان واشنطن تبدو عازمة على الدخول على خط التسوية السياسية للأزمة السورية من بوابة تقليم أظافر النظام ودفعه الى تقديم التنازلات. ففيما كانت موسكو تلجأ قبيل كل جولة تفاوضية الى تعويم النظام، ومعركة حلب أسطع دليل، يبدو ان الولايات المتحدة قررت اعتماد الأسلوب نفسه، ربما بالتنسيق مع موسكو، لتعويم المعارضة هذه المرة. وقد تحول وضع النظام السوري عسكرياً الى وضع حرج ودقيق نوعاً ما بعد أن طرقت الفصائل المُسلحة أبواب العاصمة، وهذا الواقع قد يترك تداعيات على موقف دمشق في المباحثات المنتظرة ويدفعها الى تليين شروطها. والامر الآخر، هو اضطرار حزب الله و<الحرس الثوري الايراني> للدخول في مفاوضات مع جبهة النصرة في قطر، من اجل حل مجموعة امور عالقة منها: قضية انتقال اهالي الفوعا وكفريا الى الزبداني والعكس تماماً، بالإضافة الى انهاء قضية الاسرى والجثث الموجودين لدى كلا الطرفين. وما المعارك التي وقعت بين الحزب والنصرة في الفترة الأخيرة في الجرود، سوى محاولة من الطرفين لتحسين شروط التفاوض بينهما.