تفاصيل الخبر

النظـــام وحلفـــــاؤه يكملـــون الحــــرب فــي وادي بــــردى بسبب أهميته الاستراتيجية ومن أجل مياه عين الفيجة!

20/01/2017
النظـــام وحلفـــــاؤه يكملـــون الحــــرب فــي وادي بــــردى  بسبب أهميته الاستراتيجية ومن أجل مياه عين الفيجة!

النظـــام وحلفـــــاؤه يكملـــون الحــــرب فــي وادي بــــردى بسبب أهميته الاستراتيجية ومن أجل مياه عين الفيجة!

 

بقلم علي الحسيني

وادي-بردى-في-الزمن-الجميل----2

بعد ما حققه في القصير وفي نواح متعددة في دمشق وريفيها وقبلها في القلمون، ومؤخراً في حلب، انخرط حزب الله في معركة جديدة عنوانها تحرير وادي بردى حيث نجح حتى اليوم بالسيطرة مع جيش النظام على بلدة <هريرة> التي تُعتبر بوابة الوادي الشمالية في ريف دمشق الغربي والتي تخضع لسيطرة الفصائل المُسلحة الذين يسعى الحزب الى تضييق الخناق عليهم وجعلهم بين فكي كماشة.

 

الصراع حول وادي بردى

 

يضم وادي بردى عدداً من القرى ككفر العواميد وكفير الزيت ودير قانون ودير مقرن وعين الفيجة وبسيمة وافرة. وتأتي العملية العسكرية في سياق تأمين حزب الله وجيش النظام أولاً مصادر المياه، إذ تغذي مياه نبع الفيجة دمشق وضواحيها، كما تهدف الى توسيع حزام الأمان على الحدود السورية ــ اللبنانية، ووصل مناطق السيطرة بين الزبداني وسهل رنكوس الواقع في القلمون الغربي. وتعد منطقة وادي بردى امتداداً جغرافياً وطبيعياً لمنطقة سهل الزبداني التي يحاصرها النظام السوري، وقد اكتسبت المنطقة أهمية كبيرة بالنسبة الى طرفي الصراع في سوريا كونها تقع على الطريق الممتد من دمشق إلى الحدود اللبنانية التي تُعتبر كخط إمداد رئيسي لحزب الله. ولكون الوادي مصدراً رئيسياً لمياه الشرب التي تغذي العاصمة دمشق، فقد استعملته المعارضة السورية ورقة قوة وضغط في مواجهة النظام، فكانت المقايضة بين السماح باستمرار تدفق المياه من نبع عين الفيجة مقابل تلبية بعض مطالب المعارضة، ومنها إطلاق معتقلات في سجون النظام.

لكن في المقابل، تعتبر جهات في المعارضة السورية أن نهر بردى الذي تدور في قرى الوادي الذي يمر فيه مواجهات بين قوات النظام السوري وحزب الله من جهة، وأهالي المنطقة والفصائل العسكرية فيها من جهة أخرى، يختزل تاريخ دمشق الحديث، وقصة العداء بين نسبة كبيرة من الشعب السوري ونظام الرئيس السوري بشار الأسد، بشقيه، الأب والابن. وبحسب هؤلاء، فإن النهر الذي يعد أحد أبرز رموز دمشق التاريخية، شاهد على حجم التشويه الذي طاول حياة السوريين في ظل حكم عائلة الأسد حتى تحول من أحد أهم معالم الحياة، إلى جيفة تُزكم روائحها أنوف المارة قرب ضفافه في مناطق عدة في العاصمة دمشق.

 

أهمية وادي بردى الاستراتيجية

حزب-الله-والنظام-عند-اطراف-وادي-بردى------4

تتألف منطقة وادي بردى من أربع عشرة قرية، تسع قرى منها تحت سيطرة المسلحين التابعين بأغلبهم الى <جبهة النصرة>  ومن ثم <جيش الاسلام>، بينما يسيطر الجيش السوري على خمس قرى في الوادي، وتحيط بهذه القرى الجبال من الجهات الاربع، ويوجد فيها قطاعات عسكرية من الحرس الجمهوري السوري بينما تتمركز الفصائل المسلحة في منطقة الزبداني ومضايا. وتمتاز منطقة وادي بردى بموقع استراتيجي وسطي يجعل الجهة المسيطرة عليها قادرة على التحكم بأكثر من محور في سوريا وعلى طرفي الحدود السورية اللبنانية، وقد ازدادت اهمية منطقة وادي بردى بعدما سيطر تنظيم <داعش>  على مدينة تدمر وتوجه شرقاً نحو مطار <تي 4> وبلدة القريتين في الريف الشرقي لحمص.

وتكمن أهمية المنطقة في وجود نبع مياه عين الفيجة الذي يغذي غالبية أحياء دمشق بمياه الشرب، كما يصل الوادي بين الزبداني ومضايا من ناحية الغرب ويشكل مدخلاً للعمق اللبناني من جبال القلمون ومدخلاً على البقاعين الاوسط والغربي من الزبداني. كما يشكل منطقة تواصل جغرافي بين رنكوس وباقي قرى ووديان القلمون من ناحية الشمال، وتعتبر جبال رنكوس مركز وجود النصرة بقيادة ابو مالك التلي، وتشكل جبال رنكوس منطقة صعبة التضاريس ومتداخلة مع القرى، وهي ايضاً شكلت وتشكل مفتاح التهريب للمهربين بين سوريا ولبنان عبر عرسال.

 

من يمنع التسوية في الوادي؟

 

بعد وصول تنظيم <داعش>  الى مشارف بلدة القريتين في ريف حمص الشمالي اصبحت تشكل منطقة وادي بردى تحت سيطرة المسلحين نقطة نفوذ موضوعية لـ<داعش>، الذي يحاول التسلل الى طريق حمص دمشق ويرسل عناصر استطلاع في الطريق الصحراوي عبر منطقة جيرود باتجاه الطريق القديم بين حمص ودمشق. وهنا تشير مصادر اهلية في منطقة البقاع الى وجود كميات كبيرة من السلاح والذخائر لدى المسلحين في وادي بردى كون المنطقة ممر تهريب بين لبنان وسوريا، وقد خزنت <جبهة النصرة>  كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر التي حصلت عليها من مهربين لبنانيين وسوريين ومن مستودعات مهين التي سيطرت عليها قبل ثلاثة أعوام لفترة قصيرة، ويقدر عدد المسلحين في المنطقة بين ستمئة وثمانمئة مسلح، من بينهم عشرات الاجانب من الأردنيين والسعوديين واللبنانيين، وتشير بعض المصادر الميدانية الى وجود حلب-ام-ستالينغراد؟----1 بعض عناصر خلية الضنية في المنطقة.

وتؤكد المصادر الميدانية ان اتصالات جرت بين ممثلين عن الدولة السورية وبعض وجهاء المنطقة لانجاز تسوية على غرار التسويات التي تحصل في مناطق ريف دمشق، غير أن هذه التسويات تصطدم لحد الآن برفض تنظيم <جيش الاسلام> الذي ينتشر في الغوطة الشرقية وتحديداً في دوما. كما ان قيادة <جيش الاسلام> المتمثلة بعصام البويضاني تعتبر سقوط وادي بردى في هذه الظروف مقدمة لانهيار دوما كون جماعة <جيش الاسلام> تشكل القوة الثانية بعد النصرة في تلك المنطقة وفي حال وافقت على التسوية في وادي بردى سوف يطالبها الكثيرون في دوما بالقيام بالشيء نفسه في مدنهم.

 

حزب الله يمنع الروس من دخول الوادي

 

منذ فترة غير بعيدة قامت المجموعات المسلحة بتلويث مصدر المياه في وادي بردى ما أسفر  عن وقوع مشكلة في عملية ايصال مياه الشرب الى العاصمة دمشق، ما جعل الجيش السوري وحلفاءه يخططون لحسم المعركة. وبعد دخول النظام والحلفاء الى اطراف الوادي وسيطرتهم شبه الكاملة هناك، ناشدت فصائل المعارضة الدول لإحياء مفاوضات جديدة يُمنع خلالها عناصر الحزب من التقدم اكثر نحو العمق. وفي الاسبوع الماضي ذكر اعلام الحزب انه تم التوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار في المنطقة، لكن المفاجأة كانت بمنع الحزب وللمرة الثانية ضباط روس من دخول قرى وادي بردى المحاصرة للاطلاع على نبع عين الفيجة.

وقال ناشطون سوريون ان الحزب منع 4 ضباط روس وقائد الفرقة 13 وعدداً من وجهاء وادي بردى من الدخول إلى الوادي عن طريق حاجز المصلبية في دير قانون، وطلبت منهم الرجوع إلى العاصمة.

وأوضحت الهيئة الإعلامية في وادي بردى في بيان لها، أن روسيا وافقت في وقت سابق على دعوة وجّهها لهم وجهاء وادي بردى للقدوم إلى منطقة الوادي والإطلاع على أوضاع نبع الفيجة المغذي لمدينة دمشق، والعمل على وقف النار والتفاوض والبدء بإدخال ورشات لصيانة مجرى النبع، لإعادة جريان مياه الشرب إلى العاصمة دمشق. وهنا يكشف أحد أعضاء لجنة المفاوضات المحلية لقرى وبلدات وادي بردى أن حزب الله طلب مغادرتنا مع الوفد الروسي، وقد ظهرت ملامح الغضب على وجوه الضباط الأربعة وكظموا غيظهم بطريقة سياسية، لكن حصلنا على عهود أن حلاً ما خلال الأربعة والعشرين ساعة القادمة سيفرض في المدينة برعاية روسية، ومن بعدها ذهب الوفد الروسي باتجاه ووفدنا باتجاه آخر.

وفي السياق ذاته، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الهجوم الميداني على وادي بردى يقوده حزب الله، بينما يتولى النظام تأمين الغطاء له بالغارات الجوية، والقصف المدفعي والصاروخي، أما دور الفرقة وادي-بردى-بعد-القصف----3 الرابعة والحرس الجمهوري الموجودين في المنطقة، فيقتصر على المؤازرة.

لماذا دخل حزب الله الى سوريا؟

 

ثمة اسئلة كثيرة حتى ما زالت تُطرح حتى اليوم تتعلق بالاسباب التي دخل على اساسها حزب الله في الحرب السورية، فهناك من سأل، الم يكن بإمكان الحزب الاكتفاء بالدفاع عن حدوده بدل الانزلاق في هذه الحرب؟ وسؤال اخر، لماذا اعتبر الحزب الحرب في سوريا توازي حربه مع اسرائيل لا بل تفوقها اهمية؟ وما هي الخيارات التي كانت أمام الحزب خلال السنتين الأولين من الأزمة، وهل كانت الخيارات الأخرى لتكون أقل ضرراً عليه وعلى محيطه، وعلى لبنان، وبطبيعة الحال على سوريا؟

لا تعود القصة في نيسان/ أبريل 2013 عندما أعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله رسمياً المشاركة في معركة القصير ولا قبلها عندما صرّح بأن النظام في سوريا لن يسقط، ولا هي بدأت عندما اعلن نصرالله موقف حزبه من الأزمة السورية ودعا الأطراف جميعاً للجلوس على طاولة حوار. يقول مصدر مقرب من الحزب إن إرهاصات استدعاء الحزب إلى الأزمة السورية واستعداءه في الوقت عينه، بدأت يوم خرجت منذ الأيام الأولى لإنطلاقة الثورة تظاهرات في أكثر من مدينة سورية لم تكن تطالب فقط بإسقاط النظام والحرية بل أكثر، وطبعاً هذه التظاهرات كلها موثقة على اليوتيوب ولا يمكن لأحد إنكارها، كانت ترفع شعارات معادية لحزب الله وإيران لدرجة ان بعضها حرق منذ البداية شعارات الحزب وأعلام إيران وصور نصر الله حتى قبل أن ينطق الحزب ببنت شفة وقبل أن يعبر عن رأيه في ما يحدث وقبل ان يستعرض اسباب الازمة من اساسها.

يقول المصدر خلال الأشهر الأولى للأزمة، وربما هذا بات معروفاً لكن عرض السياق ضروري في مثل هذا المقال، قام حزب الله بمساع كبيرة وجدية لاحتواء الأزمة ووصلت به الأمور إلى الاتصال بجهات في المعارضة السورية لم يسبق له أن تواصل معها، بل إن نصر الله شخصياً تدخل لإطلاق سراح مجموعة من المعارضين السوريين في فترات متفرقة، بعضهم قبل اندلاع الأزمة مباشرة، لكن خلال فترة الثورات في تونس ومصر وليبيا، وبعضهم الآخر بعدها بأسابيع وأشهر. وفي مكان آخر كان النظام في حالة انعدام وزن في ظل الضغط الكبير الذي كان على الأرض، تظاهرات في أكثر من مكان، فقدان سيطرة على أجهزة الأمن التي ردت بالرصاص الحي ما أدى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح. فالموضوع بالنسبة للحزب لم يكن محل ترف، القضية حساسة للغاية، ومستقبل المنطقة بأسره معقود على ما سيحدث في الجوار، وشريان حزب الله الحيوي ورئة التنفس الوحيدة له تمر عبر سوريا، لذا فلا محل للأخطاء وما من داع للمغامرات.

 

قرار الدخول إلى سوريا

 

ويتابع: بعد تسعة أشهر من الأزمة وقف حزب الله أمام مشهد تداعي الحليف وقد بدأ اليقين بأنه على عتبة الأفول وأن زمناً جديداً قد يبدأ في أي لحظة. توجه السيد نصر الله ومجموعة من القياديين إلى إيران وهناك اختتموا جلساتهم بلقاء المرشد السيد علي خامنئي. ويروي إسماعيل كوثري، النائب السابق في <مجلس الشورى الإسلامي> في إيران ونائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن القومي فيه، قصة هذا اللقاء فيقول على موقعه الشخصي ولاحقاً في مقابلة مع وكالة فارس الإيرانية إن نصر الله قال لخامنئي إنه يرى الأمور تتجه نحو النهاية بالنسبة للنظام في دمشق، عندها رد خامنئي قائلاً: إسمعوا ما أقوله جيداً، إذهبوا وضعوا برنامجاً وخططوا له جيداً وليكن على رأس أولوياته بقاء بشار الأسد والحفاظ على سوريا.

يقول أحد المعارضين السوريين إن الحد الأدنى الذي كانت تضعه الدول الحليفة للأسد كان وجود الأسد الذي كان رحيله الحد الأدنى بالنسبة للمعارضة ومن التحق بركبها. تصادمت الخطوط الدنيا فلم يكن بالإمكان الوصول لتسويات مع غياب هامش التضحيات، فلا أحد بين الثوار يجرؤ أن يقبل ببقاء الأسد لأن ذلك سيحوله لخائن وشبيح، وأفهم أن الطرف الآخر يرى في رحيل شخص الأسد هزيمة حتى وإن بقي النظام. ويلوم أحد المعارضين حزب الله على عدم بذله جهوداً أكبر لإقناع النظام بتغيير سلوكه بشكل جدي، فيقول: لقد انتظر كثر من حزب الله أن يضغط على الأسد، أن يدفعه للقيام بخطوات حقيقية يمكن البناء عليها، في الحد الأدنى أن يقول له إن الإنتخابات الرئاسية مفصلية وإنه لحل المشكلة لا بد من أن تكون حقيقية لا مسرحية فاشلة كتلك التي حصلت، لكن حزب الله لم يقم بكل ذلك.

عناصر-حزب-الله-في-القلمون-الغربي----a  

بين الرابح والخاسر في سوريا

 

تكشف الأحداث الأخيرة في سوريا مدى حجم التداخل الدولي الشديد في المصالح بين عدد من الدول الكبرى وعلى رأسها روسيا وتركيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج. وعلى ما يبدو واضحاً أن كلاً من تركيا وروسيا أصبحتا تسيطران على مساحة واسعة من التحرك العسكري والدبلوماسي في الأزمة السورية وهو الأمر الذي نتج عنه اتفاق إعلان الهدنة قبل الشروع في مفاوضات جديدة في مدينة أستانة عاصمة كازخستان منتصف كانون الثاني/ يناير الجاري. لكن وبعيداً عن تفاصيل المفاوضات التي ستكون بإشراف مباشر وضمانات متبادلة بين روسيا وتركيا، ومدى قبول فصائل المعارضة السورية من بقاء بشار الأسد أو رفض النظام رحيله، إلا أن المفاوضات هذه لا تزال تواجه الكثير من العقبات أبرزها عدم التزام النظام السوري والمليشيات المدعومة من إيران بوقف إطلاق النار. فقد نشرت فصائل المعارضة السورية الاسبوع المنصرم بياناً أعلنت فيه تجميد آية محادثات لها علاقة بالمفاوضات المزمع عقدها في استانة، حتى تنفذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عليه في أنقرة الشهر الماضي وتوقف النظام السوري ومليشياته عن خروقاته المستمرة للهدنة، لاسيما في وادي بردى، محملة موسكو مسؤولية عدم لجمها للنظام الذي تعهدت بضمانه في اتفاق وقف إطلاق النار بأنقرة.

في هذه الحالة تبدو قوة تركيا وقدرتها في إلزام حلفائها من فصائل المعارضة السورية بالالتزام بالهدنة واضحة، في حين تظهر روسيا عاجزة عن وقف ممارسات الطرف الآخر الذي يخرق الهدنة في أكثر من جبهة سورية، ولذلك تظهر سمعة ومكانة روسيا في المحك بعد ترنح الهدنة وبروز الخلاف الواضح مع إيران كون مشروع إيران يتعارض مع خطط روسيا في الأراضي السورية، بالإضافة إلى ان اعلان الهدنة لم يشمل إيران ولم تكن حاضرة فيه بل كانت في الهامش في حين حضرت تركيا وروسيا كطرفين ضامنين. كما ان ايران لن تكون راضية عن اي اتفاق بين النظام والمعارضة لأنه سيقضي برحيل حلفائها من الأراضي السورية، كما أن هناك من يرى بأن مسألة رحيل الأسد أصبحت مجرد وقت وهو الذي كانت تراهن عليه إيران من أجل بقائها في الحدود السورية واللبنانية، وهذا الأمر يثبت بكل وضوح إصرار المليشيات الإيرانية على خرق الهدنة لأنها تتعارض مع مصالحها.

 

الخروقات المتعمدة الى أين ستصل؟

 

على ما يظهر فإن الخروقات التي تأتي من طرف النظام السوري وحلفاء ايران لن تؤثر بشكل كبير في مسار المفاوضات القادمة وإن كانت قد تؤخرها قليلاً لكن روسيا تشعر بضرورة إنهاء الحرب للحفاظ على مكانتها العسكرية وللخروج من الأزمة التي تورطت فيها بالداخل السوري خصوصاً وان لا مصلحة في استمرار الحرب لأنها تمثل استنزافاً لها في وقت تتعرض لعقوبات اقتصادية أميركية وأوروبية بسبب تدخلها في أوكرانيا، كما أن التوافق السوري سيكون لصالح الجانب الروسي في ظل عودة العلاقات الجانبية مع الجانب التركي. ومهما حاول النظام السوري المماطلة والتسويف في الدخول بالمفاوضات القادمة عبر خرقه للهدنة في أكثر من مكان، وكذلك عدم التزام المليشيات التابعة لإيران، إلا أن الواضح أن روسيا أصبحت هي المتحكم الأكبر وهي من بيدها القدرة على جر النظام السوري إلى المفاوضات وإخضاع إيران إلى الالتزام بالهدوء مع تقديم بعض المصالح المؤقتة.

والشيء الأهم هنا، هو أن روسيا التي دخلت من أجل أن تحسم المعركة عسكرياً قد اعترفت بفشلها في الحسم وأصبحت ترى ضرورة الحل السياسي العاجل، وبالتالي الاعتراف بالفصائل السورية المعارضة وعلى رأسها الجيش الحر وفصائل أخرى كانت تعد في قائمة الفصائل المرفوضة لدى روسيا. وتكمن الخطورة أن سوريا قد تفقد قدرتها على السيطرة على المليشيات الإيرانية وجيش الأسد خصوصاً عندما تشعر أن المفاوضات تجري في اتجاه آخر بعيد عن أحلامها. وقديماً قيل إن روسيا تبرع في استخدام القوة المفرطة، لكنها فاشلة في اتخاذ الحلول.