تفاصيل الخبر

النقاشات حادّة والبلاد على كفّ عفريت، فيما المهرجانات الدولية تجتاح لبنان مظهرة وجهه الحقيقي!  

10/07/2015
النقاشات حادّة والبلاد على كفّ عفريت، فيما المهرجانات الدولية تجتاح لبنان مظهرة وجهه الحقيقي!   

النقاشات حادّة والبلاد على كفّ عفريت، فيما المهرجانات الدولية تجتاح لبنان مظهرة وجهه الحقيقي!  

بقلم جورج بشير

انطوان-شقيركثيرون من اللبنانيين وأصدقاء لبنان  إقليمياً ودولياً كانوا يتمنون لو ان جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي جرى فيها ما جرى من مناقشات حادة اتصلت بالأوضاع الداخلية المعقدة ومنها أزمة شغور منصب رئيس الجمهورية في بعبدا الذي <يحتلّه> الى إشعار آخر المدير العام للرئاسة الدكتور أنطوان شقير، هؤلاء كانوا بالفعل يتمنون لو ان الجلسة لم تنعقد في الأسبوع الماضي، وان يكون الوزراء السادة الذين يحكمون لبنان موقتاً لم يحضروا لأن كل واحد منهم يشعر بأنه الرئيس، وان يمنحهم رئيسهم رئيس الحكومة تمام سلام عطلة يمكن ان يسمّيها عطلة رمضان المبارك أو العطلة الصيفية حتى لا يزداد المناخ اللبناني السياسي والشعبي توتراً بفعل المناقشات الحامية، ناهيك عن المزايدات ومحاولات إثبات الوجود من تلوّث هذا المناخ السياسي والشعبي في البلاد، ويدفع بها مجدداً الى أتون المصادمات في الشارع، لا سمح الله.

لبنان مع بداية فصل الصيف وهو يعيش حال الشغور الرئاسي في حاجة ماسة كان ولا يزال، الى فترة نقاهة وهدوء أو تهدئة ليتاح للبنانيين المقيمين ولأولئك اللبنانيين الذين يقيمون أو يعملون أو ينتشرون في خارج البلاد أن يتنفسوا ويلاقوا الأهل والأحبّة في الوطن، ويتمكنوا من مواكبة سلسلة مهرجانات الصيف، خصوصاً المهرجانات الدولية التي تجتاح المناطق اللبنانية كافة وتظهر للعالم وجه لبنان الحضاري وصورته الحقيقية الناصعة العابقة بالتراث والفن والمحبة والجمال، حيث تتلاقى نجوم هذه القطاعات الثقافية في مناطق لبنان لتتبارى في تقديم أروع ما عندها وتتألق مع اسم لبنان الحضارة في العالم. ومن هذا المشرق العربي بالذات الذي تجتاح بعض دوله حروب وصراعات عالمية بين مظاهر الحضارة من جهة، وأبشع مظاهر التأخر والتقهقر والوحشية لتدمير معالم هذه الحضارة التي بناها إنسان هذا الشرق على مرّ الأجيال من جهة ثانية.

معظم قنوات التلفزة اللبنانية والعربية والدولية نقلت في الاسبوع الماضي صوراً حسية عن حيوية الشعب اللبناني في المهرجانات الدولية، خصوصاً قناتي <سي ان ان> الاميركية والعربية، عبر مهرجانات جونيه الدولية التي واكبها اللبنانيون والعالم ليلة افتتاحها مساء يوم الخميس الماضي. وكرّت السبحة بعد ذلك في أداء سائر مهرجانات لبنان الدولية التي ستستمر حتماً الى أواخر شهر آب/ أغسطس المقبل بإذن الله.

نغّصوا الجوّ وعكّروه

aoun-geagea

بعد جلسة مجلس الوزراء الأخيرة والجلسة التي تلتها، كان اللبنانيون قد وضعوا ايديهم على قلوبهم  خوفاً من أن تتسبب خلافات الوزراء <الرؤساء> وما نشر من مناقشات تلك الجلسة بانعكاسات سلبية تنتقل الى الشارع الذي تتحسب له ومنه أكثر من جهة لبنانية، وأخرى مدعومة ومرتبطة وموجهة من جهات خارجية، خصوصاً الإقليمية منها لمثل هذا الوضع السلبي في نقل الأزمة السياسية وتفاعلاتها الحادة من قاعة اجتماعات مجلس الوزراء ومن <الصالونات> السياسية لا سمح الله الى الشارع.

لقد بدا كل فريق من الفرقاء السياسيين الممثلين في <حكومة الرؤساء> من خلال مناقشاتهم ومماحكاتهم السياسية، وكأن كل فريق منهم يريد أن يسجل انتصاراً  على الفريق الآخر المقابل من دون ان يأخذوا في معظمهم بالاعتبار ان البلاد كلها مع شعبها في حال ضياع وانعدام للوزن تسبح في أجواء التخوّف والترقب والانحلال، لا بل والإفلاس، خصوصاً في مؤسسات الدولة قاطبة وفي مؤسسات القطاع الخاص بطولها وعرضها ومن دون تمييز في ظل ما يشبه الفوضى على صعيد الإعلام، مؤسسات المرئي والمسموع وحتى المكتوب حيث بات كل فريق من فرقاء هذه المؤسسات بكل أسف مجنّداً للتعبير عن رغبات وأهداف وسياسة هذا الفريق السياسي أو ذاك، وقلّة قليلة تضع مصلحة لبنان واللبنانيين فوق كل اعتبار.

إن هذا الوضع الشاذ والمضطرب والمليء بالقلق وعدم الرؤية تلفّه أزمة حادة يعاني منها القطاع الاقتصادي والتجاري والمصرفي في البلاد برمّته من دون تمييز...

ومع انصراف المدارس والجامعات الى العطلة المدرسية الصيفية السنوية، يبحث الطلاب الذين تخرجوا من هذه المدارس والجامعات هذا العام عن فرص عمل يجدون لها أثراً، ويقلق الأهلون من ألاّ يتمكنوا في معظمهم من تسديد أقساط هذه المدارس والجامعات عن فلذات أكبادهم للموسم الدراسي في العام المقبل.

أيام المغفور لهما الرئيس شارل حلو والرئيس رشيد كرامي، وكانت أيام اطمئنان وازدهار وبحبوحة، حاول نائب كسروان المرحوم أنطوان سعاده أن <يزكزك> سياسياً الرئيس كرامي في مجلس النواب خلال جلسة مناقشة عامة، بينما كان كرامي يلقي كلمته فسأله النائب سعاده عن الأزمة السياسية بقوله: <الى أين المصير؟>. فأجابه الرئيس كرامي إجابة طريفة بقوله له: <الى أين المصير؟، الى غزير....>. فضجّت القاعة بالضحك...

السؤال المطروح اليوم هو عينه السؤال الذي طرحه النائب سعاده يومئذٍ، يردّده الناس كلّهم: <... إلى أين المصير؟!>. بالفعل، لا يملك مسؤول واحد جواباً شافياً عن مثل هذا السؤال، في الوقت الحاضر على الأقل. فحزبا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية منهمكان في التحضير للإستطلاع الذي سيجريانه على شريحة واسعة من ممثلي الفاعليات المسيحية اللبنانية لمعرفة ما هو توجه الأكثرية المسيحية اللبنانية. هل ان هذه الأكثرية مع الرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية، أم مع الدكتور سمير جعجع، وكلاهما يُعتبران الأقوى على صعيد الزعامة المسيحية في لبنان؟! وبانتظار نتيجة الاستطلاع، سيعلن طبعاً من هو المعتبر المرشح المسيحي العتيد للرئاسة، كون أغلبية الفاعليات المسيحية باتت تنشد رئيساً جديداً للجمهورية مسنوداً الى قاعدة سياسية وشعبية لبنانية واسعة وليس الى رئيس آخر.

إن التوافق العوني القواتي على هذا الاستطلاع أثار بالطبع حفيظة السياسيين الموارنة والمسيحيين الآخرين، خصوصاً أولئك المتجذرين في مجال الزعامة السياسية والاقطاع، لأنهم رأوا في اللجوء الى مثل هذا الخيار محاولة للاستناد مستقبلاً الى التمثيل الحزبي في لبنان. وهذا من أرقى صور الممارسة الديموقراطية في العالم، وان من شأن ذلك إذا ما تكرّس استبعاد أو إبعاد الاقطاع السياسي المتوارث في لبنان ولأولئك الذين يعتبرون من صف سياسيي الخدمات وتقديم التعازي في المآتم والجنازات والهدايا في الأعراس.

وطبعاً، فإن التوجه الى اعتماد التمثيل الحزبي على الصعيد المسيحي على الأقل يثير شهية المكونات اللبنانية الباقية.. وطبعاً أيضاً، فإن أحزاباً مسيحية أخرى كالكتائب مثلاً التي تعتبر من الأحـــــزاب ذات الطابع المسيحي على صعيد الممارسة والحضور والعراقــــة في العمـــــل السياسي لم تــــكن راضيـــــة عـــن هذا التوافق والالتفاف <الحزبي> بين حزبي <التيار> و<القوات>، لأنه إذا ما أخذ مجاله ومداره على الصعيد الرئاسي، لا شك بأنـــــه سيحصد معظم مقاعد مجلس النــــواب في أول انتخـــــابات نيابيــــة مقبلــــة، لا بـــل في الانتخابات البلدية إن أجريت في موعدها بعد سنة.

Fireworks-Jounieh-1 

... وأما إقليمياً؟!...

كل هذا يجري على الساحة اللبنانية وسط ظاهرة معارضة في صفوف جماعة 14 آذار، خصوصاً في تيار <المستقبل> والرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط تجاه إمكانية اتفاق وتوافق الرئيس ميشال عون والدكتور سمير جعجع واحد منهما كمرشح مسيحي قوي لرئاسة الجمهورية. وهذا ما دفع بالعماد عون في الأسبوع الماضي ولا يزال الى التهديد بالشارع لأن جماعة 14 آذار وخاصة جنبلاط وبري كانوا دوماً يرمون الكرة في الملعب المسيحي والماروني بالتحديد، ناصحين الفرقاء المسيحيين والموارنة بالتوافق والاتفاق، وعندما وصلنا - كما يقول عون وجعجع - معاً هذه المرة الى مرحلة الاتفاق والتوافق، بدأت <شروط المسكوب> تطرح وفي طليعتها معارضة توافق المرشحين المارونيين الأقوى سياسياً وشعبياً لانتخابات رئاسة الجمهورية، وكأن القضية رمّانة لا قلوب ملآنة، أو عنزة لو طارت...

أيدي اللبنانيين على قلوبهم فزعاً مما ستسفر عنه الجلسة الثانية للحكومة المصابة بما يشبه الزلزال، خصوصاً إذا ما نقل الصراع الى ملعب الشارع... وهنا يطرح سؤال من نوع آخر: <... وهل يكون الجيش هو الحل؟!>...