تفاصيل الخبر

النائب السابق الدكتور صلاح حنين يشرح مفهومه الدستوري للنصاب والانتخاب: التمديد لمجلس النواب إذا حصل يعتبر ضربة للعهد!

04/11/2016
النائب السابق الدكتور صلاح حنين  يشرح مفهومه الدستوري للنصاب والانتخاب: التمديد لمجلس النواب إذا حصل يعتبر ضربة للعهد!

النائب السابق الدكتور صلاح حنين يشرح مفهومه الدستوري للنصاب والانتخاب: التمديد لمجلس النواب إذا حصل يعتبر ضربة للعهد!

 

بقلم حسين حمية

SAM_3102

انتهى الشغور الرئاسي الذي استمر لسنتين ونصف السنة، بانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بأكثرية 83 نائباً، لكن في دورة رابعة كونه لم ينل في الدورة الأولى أكثرية الثلثين ووجد مغلف إضافي في الدورتين الثانية والثالثة، في وقت حصل جدل دستوري حول الأمر على اعتبار أن الدورة الأولى حصلت يوم 23 نيسان/ أبريل من العام 2014، وكان يفترض إجراء دورة ثانية فقط، عكس ما حكم رئيس المجلس نبيه بري. فماذا يقول أصحاب هذا الرأي والاجتهاد الدستوري بهذا الخصوص؟

<الأفكار> التقت الخبير الدستوري النائب السابق الدكتور إدوار صلاح حنين وحاورته على هذا الخط بالإضافة الى كل ما رافق انتخاب العماد عون من موقف الرئيس بري وخطاب القسم للعماد عون وصولاً الى التكليف... وكان السؤال البداية:

ــ كيف قرأت جلسة انتخاب العماد عون؟ وهل كان يجب أن تحصل دورة ثانية، أم أن اجتهادك لا يزال كما هو بأن الدورة الأولى حصلت عام 2014؟ وماذا بشأن النصاب الدستوري؟

- طبعاً، فالنقاش كان حول ما إذا وصلنا الى الدورة الثانية أم لا؟ وأنا أقول إننا وصلنا الى الدورة الثانية بعدما حصلت الدورة الاولى يوم 23 نيسان/ أبريل من العام 2014، خاصة وأن الدستور يقول إن المجلس عندما ينعقد بالنصاب، فالانتخاب يتم بالثلثين، وفي الدورات التي تلي بالأكثرية المطلقة، فهذا شرط الانتخاب على أساس عدد النواب، وهو 128 نائباً، لكن الدورة الأولى حصلت كما قلنا عام 2014، ومنذ ذلك الوقت حصلت دعوات لإنعقاد المجلس ووصل عدد الجلسات الى 45، لكن أي جلسة لم تحصل على النصاب بغض النظر عن رأيي بالنصاب، لأن رأيي أن هذا النصاب خطأ أيضاً كما يلحظونه بالثلثين.

المجلس هيئة ناخبة

ــ يقال إن المجلس شرّع بعد هذه الجلسة التي أقفلت، ولا بد من دورة أولى من جديد. فماذا تقول؟

- هذا التشريع أساساً أمر خاطئ كونه يخالف النص الدستوري الذي يحصر عمل مجلس النواب بالانتخاب فقط لا غير، وبالتالي فالتشريع الذي حصل هو خارج إطار الدستور، لكنه مع ذلك لا يلغي الواقع الذي يقول إن الجلسة حصلت وأن النصاب انعقد، وما يليها يكون دورة ثانية لا أولى، بحيث ان الدستور لم ينص على مهلة تعيدنا الى الدورة الأولى عند انقضائها.

ــ ألم يقفل الرئيس نبيه بري المحضر عام 2014، وبالتالي لم تعد الجلسة مفتوحة ولا بد من جلسة أولى؟

- هذا الأمر مرتبط بالتشريع كما ينص النظام الداخلي، أي ان رئيس المجلس عندما يدعو الى جلسة تشريعية ويكتمل نصابها، يبدأ النقاش داخل القاعة وقد يغادر بعض النواب ويبقى البعض الآخر فيها ولو أقل من العدد المطلوب للنصاب الذي يصبح ضرورياً عند التصويت، وبالتالي وعلى اعتبار أن الجلسة تستغرق ساعات أو أياماً لا يختتم رئيس المجلس المحضر تسهيلاً للعمل، وكي لا يطلب النصاب في كل مرة ليعود ويصبح شرطاً أساسياً عند التصويت ليختم بعد ذلك المحضر في جلسة انتخاب الرئيس، حيث لا جدوى من فتح المحضر.

وأضاف:

- وهناك قاعدة في القانون تقول إنه لا يمكن لأي كان حماية نفسه من خلال الخطأ، بمعنى أنه إذا أخطأ يتخذ الخطأ كذريعة، وبالتالي ما كان يجب التشريع بل فقط انتخاب الرئيس، ولو تم التشريع كخطأ دستوري فهذا لا يلغي حصول الدورة الاولى حتى أن الرئيس بري قال آنذاك وبعد حصول الدورة الأولى بأننا ذاهبون الى الدورة الثانية، وبالتالي قضية فتح المحضر وإغلاقه لها علاقة بالتشريع فقط، حسب النظام الداخلي.

 

مسألة النصاب

 

ــ وهل قضية النصاب لا ترقى الى الشك حسب الدستور، وهو أن النصاب يجب أن يكون 86 نائباً، حتى لو كان عدد النواب 127 نائباً مع استقالة النائب روبير فاضل؟

- النصاب بحسب عدد النواب الأصليين وهو 128 نائباً سواء أكان أحد النواب مستقيلاً، أو أن أكثر من نائب قدم استقالته، لكن في موضوع النصاب أنا  أقول إن النصاب وفي الدورة الأولى هو النصف زائداً واحداً وليس أكثرية الثلثين، لأن الدستور في المادة 34 منه يحدد النصاب بالنصف زائداً واحداً، لكنه في المادة 79 يقول إنه وعند تعديل الدستور يكون النصاب بالثلثين والتصويت أيضاً بالثلثين، فالدستور واضح في هذا الشأن.

ــ وماذا عن المادة 79 التي تقول بانتخاب الرئيس بأكثرية الثلثين في الدورة الأولى، هذا إذا اعتبرنا أن العُرف قضى أيضاً بأن يكون النصاب الثلثين؟

- المادة 49 تقول بشرط الانتخاب أي النصف زائداً واحداً وإذا لم ينل المرشح أكثرية الثلثين من أعضاء المجلس تجري الدورة الثانية ويفوز بالأكثرية المطلقة، وبالتالي الفوز بالدورة الأولى بأكثرية الثلثين، أي 86 نائباً ليس شرط نصاب، بل هو شرط انتخاب، وبالتالي فالدستور يؤمن استمرارية العمل وفلسفته ألا يعطل الانتخاب والتشريع، وإلا لا يمكن لحوالى 43 نائباً أن يعطلوا انتخاب الرئيس.

ــ يقال إن هذه المادة وجدت خصيصاً كي لا يتفرد 64 نائباً مسيحياً مع نائب مسلم واحد بالقرار والعكس صحيح. فماذا تقول هنا؟

- هذا كلام طائفي تخويفي وغير مواطني ولا يجوز أن يقال، حتى أن لبنان لم يكن مقسوماً بشكل طائفي في عز الحرب بدءاً من أيام الاستقلال مروراً بالنهج والحلف وصولاً الى 8 و14 آذار.

ــ كل رؤساء الجمهورية انتخبوا، لكن بنصاب الثلثين حتى ان الرئيس بشير الجميل عمد الى جلب النواب بالدبابات العسكرية الى ثكنة الفياضية لتأمين نصاب الثلثين عام 1982، أي 66 نائباً من أصل 99 نائباً. أليس هذا صحيحاً؟

- هذا لا علاقة له بالدستور ولا بالعُرف، فالنصاب لم يكن موضع نقاش لأن النواب كانوا ينتخبون حتى تحت القصف، وكان النائب مسؤولاً ولا يعطل، وأيام الشيخ بشير زمن الحرب، وكان موضع جدل، جاء من يقول له بأن يؤمن نصاب الثلثين كي لا يترك أي حجة للمعترضين على انتخابه، وعمل لتأمين نصاب الثلثين بالطريقة التي نعرفها.

ــ هل لا بد هنا من تفسير مواد الدستور حسماً لهذه الإشكالية؟

- الدستور واضح، ولكن لا بد من قراءته أولاً... فلا يمكن الخلط بين شرط النصاب وبين شرط الانتخاب، فالرئيس بري قال إن شرط النصاب هو الثلثان والانتخاب بالدورة الأولى بالثلثين، وبالتالي ربط النصاب بالثلثين، لكن في الدورات التي تلي يتم الانتخاب بالنصف زائداً واحداً، وهنا لم يربط بين النصاب والانتخاب وبقي معلقاً على الثلثين، والمادة 49 تعرض لشرط الانتخاب وليس لشرط النصاب.

الصفقة والتنافس

ــ لماذا إذاً الهروب من النصف زائداً واحداً في النصاب دائماً؟

- يريدون إجراء صفقة وليس تسوية. وعندما نقول بنصاب الثلثين فهذا معناه أن 43 نائباً يستطيعون التعطيل، وبالتالي شرط الثلثين لا يجر البلد الى التنافس الديموقراطي والانتخاب، بل يربط الاستحقاق الرئاسي بالصفقة التي تفتقد الى التنافس الديموقراطي، ولا إلى الاستقلالية في القرار اللبناني ولا الى الحكم بالأكثرية النيابية، وإجمالاً فالصفقة رديئة وتداعياتها سلبية على البلد، لكن الانتخاب بالنصف زائداً واحداً يتيح الممارسة الديموقراطية ويكون القرار آنذاك لبنانياً، علماً بأن الرئيس الآتي وفق الأكثرية النيابية يتفاعل معها ويطرح مشروعاً وطنياً ويستند الى أكثرية نيابية لتحقيق هذا المشروع، لكن من خلال الصفقة لا توجد أكثرية نيابية لا بل هذه الأكثرية قد لا تدعم الرئيس مستقبلاً وقد تنقلب عليه عند انتفاء موجبات الصفقة.

ــ هل من إشكالية دستورية في انتخاب العماد عون خلال الجلسة التي جرت يوم الاثنين الماضي؟

- لا... فهو يحق له أن ينتخب ولكن الإشكالية الوحيدة هي أنهم لم يطبقوا النصاب الصحيح، ولو فعلوا لكان نجح هو أو غيره في الدورة الثانية بالأكثرية المطلقة بدل اللجوء الى 4 دورات، لكنهم اعتبروا اننا لم نصل الى الدورة الثانية ولا بد من دورة أولى.

ــ أما وقد انتخب العماد عون، فهل من إشكالية في ان ينتخبه مجلس ممدّد له سبق وقال عنه العماد عون نفسه إنه غير شرعي وغمز الرئيس بري من هذه القناة عندما ألقى كلمته بعد الانتخاب؟

- نحن هنا أمام أمرين: القانون والواقع: في القانون المجلس غير شرعي لأنه مدد لنفسه، لكن في الواقع هو من انتخب الرئيس، وهذا الأمر ليس وليد الساعة بل تمادى منذ سنوات عندما مدّد الرئيس الياس الهراوي لنفسه وخرق الدستور، وجرى بعد ذلك تعديل الدستور وانتخاب العماد اميل لحود، ومدد له أيضاً، وكذلك الحال بالنسبة للعماد ميشال سليمان والتمديد للمجلس لمرتين أيضاً، وبالتالي فرض علينا هذا الواقع بفضل السكوت عنه وعدم الاعتراض عليه أو الطعن فيه، عبر المجلس الدستوري، وبالتالي هذا الواقع ولو كان أساسه غير شرعي إلا أنه مستمر والمؤسسات تسير معه وأصبحت هناك نتائج قانونية على هذا الخرق نطبقها جميعاً. واليوم نرى أن الطعن صعب لأن الطعن لا بد أن يطال المرحلة كلها، ولا أحد لديه مصلحة في ذلك. وعلى كل حال، لا يوجد أي رئيس سيقدم طعناً بهذا الخصوص، ولا حتى لن يطعن أي عشرة نواب طالما هم أنفسهم وقعوا على التمديد للمجلس ودفنوا <الشيخ زنكي> سوياً، وهذا المجلس الموجود بالواقع لا بالقانون نتج عنه اليوم الرئيس.

أداء بري وخطاب القسم

 

ــ ما  تعليقك على أداء الرئيس بري في إدارة الجلسة، وهل كان خطابه على قدر المسؤولية؟

- الرئيس بري أدار الجلسة بشكل سليم، وكان هناك خطأ صغير عندما كان ينوي تمرير الاقتراع لدى وجود مغلف زائد لكنه استدرك وأعاد الاقتراع، لكن الإشكال يتعلق بالخطاب الذي قاله عندما حدد خارطة طريق للحل، وهذا الأمر أساساً منوط بالسلطة الإجرائية وعلى رأسها رئيس الجمهورية التي ستكون هي المسؤولة عن رسم خريطة الطريق الجديدة، علماً بأنه ذكّر العماد عون أيضاً بما قاله عن عدم شرعية المجلس وغمز من قناته، وهذه غمزة جيدة، إنما كان لا بد أن يترك للرئيس أن يحدد طريق الحل، لاسيما وأنه انتخب من قبل النواب وكان على الرئيس بري أن يقدمه ويترك رسم الطريق له.

ــ وهل ترى أن رسم الطريق بشكل صحيح ورد في خطاب القسم للعماد عون؟

- رسم الطريق في التطبيق وكل الكلام لا جدوى منه، إذا لم يطبق. فنحن نؤيد تطبيق السياسات الصحيحة، ونعارض السياسات الفوضوية.

ــ وهل ترى أن هناك مشكلة في التكليف؟

- لا أعتقد.

ــ هل تكون هناك مشكلة ميثاقية إذا لم يؤيد المكون الشيعي الرئيس سعد الحريري أثناء استشارات التكليف؟

- رئيس الحكومة بالأكثرية النسبية، وإذا سماه 60 نائباً من أصل 127 نائباً ، وهو لديه 20 نائباً وغيره حصل على 10 أو 15 نائباً يسمى هو، لكن الميثاقية أصبحت في الدستور، وكان هناك بداية دستور العام 1926 وهـو نتيجة توافق كبير، ثم حصل الاستقلال عام 1943، وكان هناك توافق كبير وولد الميثاق الذي يتألف من جزئين: مكتوب وغير مكتوب، والجزء المكتوب أصبح في الدستور، والجزء غير المكتوب أصبح جزئين: العُرف بأن يكون رئيس الجمهورية مارونياً، ورئيس المجلس شيعياً، ورئيس الحكومة سنياً، والثاني هو السياسة الخارجية بمعنى سياسة لا للشرق ولا للغرب، وكل شيء أصبح في الدستور والعرُف طبق أيضاً، لكن بقيت مسألة واحدة لم تطبق وهي عدم الانضمام الى المحاور، أي لا للشرق ولا للغرب، وأن نكون في منأى عن كل المحاور، وبالتالي وثيقة الوفاق الوطني في اتفاق الطائف أصبحت هي الدستور، ولذلك فعندما يطالب البعض بالميثاق فالحل يكون في تطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ولا يجوز أن يكون الميثاق في مواجهة الدستور، وبالتالي فالحل يكون بتطبيق الدستور وهو الذي يقول بالنصاب دون أن يعد من حضر من النواب وعدد الشيعة منهم أو الموارنة أو السنة أو الدروز إلخ، بل يتحدث عن دور النواب. وهو يقول إن النصاب 65 نائباً بغض النظر عن هوية هؤلاء الطائفية والمذهبية.. فهذا عيب.

ــ هل نحن ذاهبون نحو إقرار قانون للانتخاب وإجراء الانتخابات؟ أم أن التمديد لسنة تحصيل حاصل؟

- في تقديري أن أولياء الأمر لا يريدون قانوناً جديداً للانتخاب ولا يريدون الانتخاب أصلاً. وإذا وجدوا أي ذريعة للتمديد سيمددون، لكن الرئيس ميشال عون سبق ووعد بإصدار قانون جديد وإجراء الانتخابات على أساسه، وهو كان ضد التمديد، وإذا حصل العكس تكون هناك ضربة موجهة لعهد الرئيس عون.