تفاصيل الخبر

الناشطة والفنانة ومنفذة أجمل الديكورات بالـ”باتين“ واللوحات ديالا طلحت اليافي: الذوق العربي رفيع ولا يقل رقيا عن الذوق الأوروبي والعالمي!

06/07/2018
الناشطة والفنانة ومنفذة أجمل الديكورات بالـ”باتين“ واللوحات ديالا طلحت اليافي: الذوق العربي رفيع ولا يقل رقيا عن الذوق الأوروبي والعالمي!

الناشطة والفنانة ومنفذة أجمل الديكورات بالـ”باتين“ واللوحات ديالا طلحت اليافي: الذوق العربي رفيع ولا يقل رقيا عن الذوق الأوروبي والعالمي!

بقلم عبير انطون

5-(6)

سيدة متميزة في مختلف المجالات وناشطة على أكثر من جبهة، هكذا يصفها الاصدقاء والمحبون. <تعربش> على السقالات المرتفعة، وتحمل مروحة موادها وألوانها لتضع لمستها الفنية على سقف او جدار، فما تقوم به ليس تجميلا وتزيينا بأجمل الأفكار والأشكال والالوان وحسب، إنما هو ايضا، وأولا، وسيلة تدعو من خلالها العين الى رحلة ممتعة والنفس الى ما وراء الزمان والمكان، لكون ما تقدمه يتعدى النقش في الحجر والباطون والمساحات البيضاء الى عمل فني يخصها شخصيا بقدر ما يخص الذين يضعون ثقتهم بعملها منذ سنوات في افخم القصور والفيلات والفنادق والمكتبات والمتاجر في لبنان وخارجه.

معرضها الأخير في <الزيتونة باي> جعلها تثق اكثر وأكثر بإبداعها، فقد طلب منها تنفيذ الكثير من المشاريع من بعده. فمن هي ديالا اليافي الرسامة والمزينة بذوق مرهف للبيوت والمساكن؟ ما علاقتها بالسياسة وثوراتها وانتفاضاتها؟ ومن هو الرجل الذي تلمع عيناها لما يؤتى على سيرته وما علاقتها به؟

من قلب بيروت التي تنقل لها صورة مأخوذة من العام 1900 بالاسود الابيض عبر صفحتها <الفايسبوكية>، وتحديدا من محترفها في شارع المصارف قبالة ساحة رياض الصلح التي تبقى الشاهد الملك على تاريخ لبنان ومراحله، كان لقاء <الأفكار> مع ديالا اليافي ام الصبيان الثلاثة والتي كانت وصلت الى موعدنا على <الموتو> (دراجتها النارية) بعيدا عن زحمة بيروت وسياراتها.

المكان وأثره...!

في مبنى البنك العربي، الطابق السادس تحديدا، قرعنا جرس مؤسسة <باتين اي تابلوه>. السيدة الرياضية الأنيقة المظهر والمشعة العينين تستقبل <الأفكار> بحفاوة. اعمالها، تعرض منها هنا وهناك على مساحة أكثر من غرفة، وفي أكثر من <نموذج> يمكن ان تقدمه لأكثر من ذوق. الباتين المحفور او المذهب او المرسوم او المعتق، الواضح المعالم او التعبيري او التجريدي، ذو الاشكال الهندسية او المستقاة من الطبيعة، كلها تصطف بانتظار ذوق الناظر اليها، وعلى الجدار عند يمين المكتب لوحة لسيدة غير واضحة المعالم تقف ديالا الى جانبها وتنظر اليها معنا. هل رسمت نفسها فيها؟ لا نسألها، ونترك لعيننا ان تتحرى عن الاجابة الصحيحة.

 يبدأ الحديث مع ديالا اليافي من عشقها لـ<بيروت>:

- سافرنا مع الحرب الى فرنسا، وفي عامي السادس عشر طلبت من اهلي العودة، وما عدت غادرت الا مع حرب التحرير لثلاث سنوات. احب لبنان وناسه، ولكن ليس سياسييه، بالأحرى غالبيتهم... الشعب لم يخذل لبنان. سياسيوه خذلوه!

المكتب الموجودة فيه يعني لها الكثير. فيه انجز والدها طلحت اليافي مآثر اقتصادية ساهمت في دفع البلد قدما، كان مصرفيا كبيرا وقد استعانوا بأطروحته هو الذي درس في جامعة <يوتاه> الأميريكية الشهيرة في بناء خطط الازدهار لمصرف لبنان المركزي. كنت في العشرينات لما توفي وحتى اليوم اسمع من الذين عاصروه عن أثره في عالم الاقتصاد والانماء وقد اوكلت اليه الادارة العامة لـ<بنك التسليف الزراعي والصناعي والعقاري في بيروت> أي أبرز القطاعات التي تساهم بإنعاش البلد. كذلك فانه لطالما لعب دور الوسيط بين الزعامات المختلفة منفتحا على الاختلاف والتنوّع، وقد ربّانا على نبذ التفرقة الطائفية او المذهبية، فلم افرق يوما انا السنيّة المتزوجة من شيعي والمسيحية الجدة، بين انسان وآخر. ليتني استطيع ان اجمع منجزاته او ما يحكى عنه في كتاب.

وتصمت ديالا برهة ثم تكمل:

 - الطابق هنا وهذا المكتب تحديدا لا يزال يحمل بصمات هذا الرجل العظيم، وانا سعيدة انني مستمرة بالعمل منه، ولو فنيا هذه المرة...

فن وديكور...!

5-(4)

الى مجال آخر نتحول في الحديث. تطلعنا ديالا على النماذج المختلفة لعملها في الديكور والذي يقوم على مزج مواد معينة بشكل <مدوزن> يشكل نوعا من <معجونة> تستطيع تشكيلها فنيا كما تشاء. من النقش العادي الى التذهيب او التعتيق او ادخال الالوان المختلفة وصولا الى ادخال <الميتاليك> الى جدران البيوت ومساحاتها وهو الموضة الأكثر رواجاً اليوم. ففي تاريخ الديكورات التي تقدمها هناك ايضا مراحل تعاقبت وشكلت نفحة الموضة لفترة، كمثل ما يظهر وكأنه نقش بالاسفنجة وصولاً الى خطوط ورموز ومنمنمات واشكال اخرى يبقى ابرزها النسق الفرنسي كما في القصور او المتاحف التاريخية القديمة والذي طلب لفترة طويلة وصولا في يومنا الحاضر الى المودرن والعصري...

اناقة ببساطة...!

ترفض ديالا التي عملت في بلدان عربية واوروبية وجود هوة كبيرة في الذوق بين العالمين الشرقي والغربي:

- ليس صحيحا ما يشاع ان الدول العربية تنحو باتجاه الحفر الكثير والتذهيب وحشر التفاصيل الكثيرة كنوع من اثبات الثراء والمكانة بعكس الاوروبيين الذين يبحثون عن البساطة الأنيقة. انه مفهوم خاطئ تماما بشكل خاص في ايامنا، وقد عشت التجربة شخصيا مع احدى الأميرات في ابو ظبي التي كما كثيرات من حولها وجدن صعوبة في من يؤمن لهن العمل البسيط والانيق في سكنهن، لاعتقاد العاملين في مجال الـ<آرت - ديكو> ان الذوق العربي يتطلب عكس ذلك، وهذا ليس صحيحاً.

وأردفت قائلة:

- العمل الفني الذي أقوم به ليس سهلاً على الاطلاق، فهو يتطلب مقدرة وقوة جسدية عالية وتركيزاً فكرياً كبيراً مع توق الى الكمال في اي تفصيل، ذلك ان اللوحة او العمل يبقى امام الاعين لسنوات.

وأضافت:

 - صحيح ان هناك ما نجهزه على الارض ونركبه لاحقا لكن هناك ايضا ما اعمل عليه في المكان نفسه ولو بلغ ارتفاعا كبيرا... احيانا <أعربش> على السقالة لامتار عدة واعمل لساعات>... الامر ليس سهلا، ولا يمكن مقارنته مع الحل السريع البديل أي الاستعانة بأوراق الجدران المرسومة الجاهزة <Papiers Peints>  وهي منافس الكار الأول لعملنا من دون ان تكون له القيمة الفنية نفسها بالطبع، الا ان تحول الناس اليه يمكن تفهمه مع انخفاض القدرة الشرائية لدى الغالبية، فيلجأون الى الحلول الاقل كلفة، ما قد يأتي على حساب النوعية والجمالية، فأنا اضمن جودة عملي ومكوناته اذ يمكن ان يبقى متربعا في المكان الموجود فيه لسنوات من دون ان يشوبه اي عيب ولو صغير، فالقدرة الشرائية جعلت <التجميل> للأمكنة ينحسر ايضاً، فبينما كان الطلب في السابق على تزيين السقوف او الجدران بشكل كامل نسبيا، نجده اليوم بات مختصرا الى جدار واحد يغير الجو بكامله ويضفي لمسة مغايرة تماما للغرفة، بشكل يوافق الميزانية التي يرصدها اهل البيت بحسب دخلهم.

 

 ازهار التوليب!

الى هذا العالم الذي يجمع الفن والذوق في الوقت عينه جاءت ديالا بالصدفة:

- بدأت بالعمل في احدى الشركات في هذا المجال، وبعد ثلاث سنوات استقليت عنها وبدأت بعملي الخاص. أنجزت الكثير في لبنان والدول العربية والغربية، واشتغلت الكثير من القصور والفيلات والشقق في سوريا كما في دبي وابو ظبي وغيرها. كذلك يدخل الترميم <Restauration> لأعمال قديمة موجودة على الجدارن او السقوف في نطاق عملي، وكنت بدأت بإثبات شغفي من بيتي، من غرفة اولادي تحديدا حيث رسمت ازهار التوليب الكبيرة ما اثار اعجاب كل من رآها وكانت الخطوة الأساسية الأولى.

 عوالم الفن المختلفة من مكونات الطبيعة ورسوماتها والوانها وصولا الى التشكيلي او التعبيري او التجريدي كلها يمكن ان تحمل توقيع اليافي الخاص:

- اشتغل على التفاصيل الصغيرة واضع نفسي مكان الشخص الذي اجمل مكان عيشه. تلبس عيني عين سيدة البيت واشدد على ان اجلس مع أصحاب المكان وليس فقط مع المهندس المولج بأعمال الهندسة الداخلية، لاستشف ذوقهم وما يبغونه تماما، فيأتي التنفيذ بأفضل حتى مما يتوقعونه.

 وتضيف ديالا:

- لقد اعتدت العمل على المساحات الشاسعة الكبيرة، ومنذ فترة قلت في نفسي: لماذا لا تكون اعمالي في لوحات مقبولة المقاييس تشكل <نموذجا> لما يمكن ان اقدمه؟ اشتغلت على اكثر من تابلوه رسمته وشكلته بالـ<باتين والالوان> وكان معرضي الاول على الواجهة البحرية في <زيتونة باي>. فاق الإقبال المتوقع، وقد طلب مني تنفيذ اعمال كثيرة من بعد هذا المعرض، من لبنانيين وعرب وحتى أجانب، ومع هذا الطلب استرعتني أكثر فكرة الجذب السياحي واهميته في بلدنا لما يمكن ان ينشّط من قطاعات، وقطاعنا من ضمنها. لا أحد منا ينكر ان الظروف الاقتصادية صعبة وتحط بوزرها على الجميع. الرسامون والفنانون المشاركون في المعرض ايضا قالوا لي بانهم باعوا اربعين بالمئة فقط مما كانوا يبيعونه في معارضهم السابقة، وهذا صعب جدا، علينا وعلى بلدنا وأولادنا.

الأولاد انهم قلبها. هم ثلاثة، ولم تشجع ايا منهم على اكمال المسيرة التي بدأتها من خلال <باتين اي تابلوه>. الأكبر يعمل في شركة اميركية، كان في السعودية وذهب الى ايران، وقد شجعته على هذا التنقل حتى يتعرف بالجميع وعلى مختلف الحضارات والثقافات. ابنها الثاني اختص في المجال المالي ويتميز بقدرات عالية كالمئات من الشباب اللبنانيين: <ايامهم اصعب من ايامنا، تقول اليافي. اجمل الأيام هي تلك التي عرفها أهلنا مع العز والازدهار، علما بأن شبابنا يتمتعون بمؤهلات عالية وقدرات فائقة... حرام، هذا العصر الصعب الذي يعيشون فيه في لبنان والعالم>!

هؤلاء يمثلونني!

وبالعودة الى نشاطها السياسي- الاجتماعي، تجد ديالا نفسها مع اللبنانيين الذين تقاطروا الى ساحة 14 آذار في العام 2005 يوم كان نصف سكان لبنان في الساحة، وعلى قلب واحد. لم اكن ناشطة فعلية الى يوم اغتيال دولة الرئيس رفيق الحريري. قبل هذا التاريخ لم يعن لي الاسم كثيرا ومع استشهاده شعرت بانعطافة كبيرة في تاريخنا. نزلت الى الضريح وكنا عشرين شخصا. يومذاك اتى الرئيس الفرنسي <جاك شيراك> الى الضريح ايضا، وكان صمت مطبق والنفوس الحرة تغلي في الصدور! شعرتها بداية كرة الثلج التي راحت تكبر الى ان اصبحت ثورة مليونية، والتغيير يتطلب وقتا. الثورة الفرنسية لم تقم في <يوم وليلة>...

اما آخر مرة كانت لديالا فيها مشاركة سياسية فهو ذهابها الى <الفوروم> للمشاركة في لقاء مع نائب رئيس لبنان- الرسالة العميد المتقاعد خليل الحلو، الذي تعرب عن تقديرها واحترامها الكبير لما يمثله، فهو بنظرها يرمز الى <لبنان الذي اصدق>. هي أيضا كانت من الداعمات لوزير الداخلية السابق زياد بارود والذي ترى ان هذه الدورة الانتخابية وتركيبة قانونها لم تنصفه. اما هي فلن تدخل المعترك السياسي ولو ان في العائلة تاريخا فيها، فعبد الله اليافي السياسي والمحامي اللبناني شغل عدة مرات منصب رئيس الوزراء وتسلم اكثر من منصب وهو كان نصيرا كبيرا للمرأة وطالب لها بحق التصويت والمشاركة السياسية وكان رائدا في رؤياه... <السياسة تتطلب تضحية كبيرة لكنني سأكون دائما في الصف الاول لاي مطلب لبناني محق تقول ديالا في ختام حديثنا اليها، لكن ان سألتموني الى اي فكر انتمي فانني اقول الى حزب سمير فرنجية رحمه الله، فافكاره تمثلني كلبنانية منفتحة، حرة ومستقلة>!