تفاصيل الخبر

الناشطة والباحثة رولا ياسمين: ما الحل للنازحات إذا أردن الإنجاب أو الإجهاض في ظل رهاب .... الأجانب!

14/08/2015
الناشطة والباحثة رولا ياسمين: ما الحل للنازحات  إذا أردن الإنجاب أو الإجهاض في ظل رهاب .... الأجانب!

الناشطة والباحثة رولا ياسمين: ما الحل للنازحات إذا أردن الإنجاب أو الإجهاض في ظل رهاب .... الأجانب!

 

بقلم وردية بطرس

الناشطات-الباحثات-في-المؤتمر-الذي-نظمه-معهد-الدراسات-النسائية-في-العالم-العربي بالرغم من المآسي التي لحقت بالشعوب العربية منذ انطلاق ربيع الثورات العربية بدءاً من تونس ومصر وصولاً الى سوريا وليبيا واليمن، فقد بدا حضور المرأة العربية ومشاركتها في هذا الربيع بارزاً حيث لم تقتصر الأدوار الرئيسة في تلك الثورات العربية على الرجل، بل لعبت المرأة العربية دوراً ريادياً في مسيرة التغيير التي تجتاح العالم العربي.

ففي الدول المحافظة كما في الدول المتقدمة لم تطغ صورة الرجل على مشهد الثورات، اذ خرجت المرأة للتظاهر مطالبة بنيل الحرية والكرامة. فوقفت المرأة في تونس ومصر بجانب الرجل في الثورة، وما زالت المرأة تقف جنباً الى جنب الرجل في اليمن وسوريا وليبيا وغيرها للمطالبة بالتغيير والاصلاح. لم تتخلف المرأة عن مسيرة ومشهد التغيير الذي يجتاح تلك المناطق من العالم العربي، ولم تمنعها التقاليد المحافظة والأعراف الاجتماعية البالية في معظم البلدان العربية من المشاركة في دعم هذه الثورات.

ولقد استطاعت الثورات العربية ان تدحض احدى الصور النمطية التي ترسخت اكثر من غيرها في الأذهان عن العالم العربي. هذه الصورة تتمثل في صمت النساء وملازمتهن البيوت، بيد ان واقع الثورات أثبت على العكس من ذلك حضوراً قوياً للنساء ظهر جلياً في مشاركتهن القوية في التظاهرات التي كانت حدثاً مشهوداً أذهل الجميع. حضرت النساء في قلب التظاهرات واضطلعن من خلالها بدور طلائعي في تعبئة مجتمعاتهن السياسية. وبذلك برزت وجوه نسائية عربية عديدة في الساحة السياسية، من أمثال لينا مهنا المدونة التونسية الشابة التي كانت أول من أخبر الصحافة الدولية بالجرائم التي لطالما ارتكبها النظام السابق في حق أوائل المتظاهرين الذين انتفضوا في ثورة الياسمين، والمصرية أسماء محفوظ التي دعت الرجال المصريين، من خلال شريط فيديو ذائع الصيت بُث على شبكة الانترنت للالتحاق بساحة التحرير باسم الشرف لاسقاط الرئيس حسني مبارك، وفدوى سليمان الممثلة السورية التي أعلنت عن معارضتها للنظام. اما في اليمن، هذا البلد المحافظ فقد برزت فيه الصحافية الشابة توكل كرمان الفاعلة في حقوق الانسان والتي تزعمت التظاهرات ضد النظام اليمني على مدى أشهر عدة. وهي المرأة نفسها التي حصلت على جائزة نوبل للسلام لسنة 2011، اذ تُعتبر هذه المرة الأولى التي تحصل فيها امرأة عربية على هذه الجائزة مناصفة مع نساء افريقيات، وأصغر امرأة تحوز هذه الجائزة.

ولم تزعزع نساء الثورات العربية قلب الحكم الديكتاتوري فقط، بل كسرن الأقاويل التي كانت تتكرر والمتعلقة بضعف المرأة العربية واعتبارها ضحية أزلية. وبشكل عام لا تخفى هذه الخطابات الحديثة التي لا تزال رائجة، والضجة الاعلامية التي تُثار باستمرار عن النساء العربيات والمسلمات، وعن وضعهن القانوني الغامض وتحريرهن المتأخر أبداً، كذلك الوصاية الثقافية التي يخضعن لها، و<برقعهن>. تلك الصورة النمطية التي أدت الى بناء صورة راسخة في المتخيل العام المعاصر والتي تظهر فيه النساء خاضعات وتابعات هي صورة معقدة تكرس بمكر فكرة اللامساواة بين الجنسين بما يوحي بأن غياب المساواة أمر لصيق بالعالم العربي والاسلامي، ان لم يكن من خصوصياته، وننسى في الغالب ان ثقافة التمييز ضد النساء ثقافة عالمية وليست محلية أو اقليمية. فالتمييز ضد النساء واقع له طابع عالمي، ولكل محيط تأثيره السياسي والجغرافي والثقافي.

المرأة المقهورة اجتماعياً... تنتفض!

 

ومن يراقب الثورات العربية لا يمكن ان يختزل أهمية هذه الثورات بالنسبة للمرأة تحديداً بمجرد التخلص من تلك الأنظمة السياسية الاستبدادية، بل هي ثورة ذات معنى ومفهوم شمولي أوسع من ذلك. فالمرأة العربية محاطة بأنظمة عدة، ليست النظم السياسية هي الوحيدة التي تقيد حريتها وتحيط بها، بل هناك النظم الاجتماعية التقليدية، والنظم الدينية المتشددة والنظم الفكرية الموروثة، وبسبب ذلك كله كانت المرأة في المجتمعات العربية هي المثال الأفصح لوضعية القهر الاجتماعي، ولكن المرأة العربية ساهمت بصورة رئيسية في اسقاط وتفكيك جميع تلك القوى التسلطية سواء الاجتماعية والفكرية التي تريد حرمانها من نيل حريتها وكامل حقوقها، ولن تكون تلك القوى مانعاً أو رادعاً لها من مواصلة مسيرتها، ولذلك كان من الطبيعي ان تساهم هذه الثورات العربية وبشكل رئيسي في تغيير طريقة وأسلوب تفكير المرأة وثقافتها وعلاقتها بالرجل والمجتمع واذكاء روح التحرر فيها من كل أوجه التسلط والاستعباد بصورة عامة. ففي ظل هذا الربيع التغييري لم تعد المرأة السعودية تلك المرأة الصامتة تجاه حرمانها من أدنى حقوقها بحجة رفض المجتمع، ولم تعد رهينة لمفهوم الحريم الذي جعلها عاجزة عن تغيير واقعها، فها هي تستلم بيديها لا بيد غيرها زمام المبادرة في كسر حواجز ودوائر الخوف والحرمان لتعلن وبصوت عال وبكل اصرار وعزيمة عن حقوقها ومطالبها.

وفي قلب بيروت النابض، بالرغم من كل الصعاب والتحديات،  نظم <معهد الدراسات النسائية في العالم العربي> داخل الجامعة اللبنانية الأميركية بالتعاون مع مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (MEPI)  مؤتمراً دولياً تحت عنوان < Women Leaders as Agents of change> أو <النساء القياديات كفاعلات في التغيير> حضره باحثون أكاديميون ونشطاء من مختلف دول العالم، وقد ناقش قضايا تتعلق بدور المرأة في صنع التغيير في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وتعتبر الدكتورة سميرة أغاسي مديرة <معهد الدراسات النسائية في العالم العربي> انه على الرغم من الصعاب والظروف السيئة التي تعيشها النساء في العالم العربي ومن ضمنه لبنان، فإن النضالات والحملات المطلبية والإنجازات التي تقوم بها الجمعيات النسائية سواء في لبنان أو في العالم العربي على سبيل المثال قانون حماية المرأة من العنف الأسري تدل على ان النساء ماضيات في نضالهن من أجل تحقيق مطالب محقة هي ليست منة من أحد بل حقوق مشروعة أقرتها المواثيق والقوانين الدولية.

امرأة وراء تأسيس الجامعة اللبنانية - الأميركية

وبالعودة الى الماضي، فلأن الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت تأسست على يد امرأة في فترة الاحتلال العثماني اذ كانت مدرسة لتربية البنات، فكان من الطبيعي ان ينشأ بين حناياها <معهد الدراسات النسائية في العالم العربي> الذي آل على نفسه منذ تأسيسه في العام 1973 متابعة حمل مشعل الدفاع عن قضايا المرأة، والتزامه بقضايا المساواة الجندرية، وقضايا المرأة في العالم العربي، اضافة الى عمله الأكاديمي، وآخر نشاطاته في هذا المجال إطلاق برنامج الماستر في الدراسات الجندرية فضلاً عن تنظيم نشاطات ومؤتمرات وإصدار مجلة <الرائدة>. ويكمن دور معهد الدراسات النسائية في العالم العربي اليوم في مساعدة المرأة على مواجهة التحديات على الصعد كافة وسط التغيرات التي تشهدها بعض الدول العربية، وبذلك عندما تأسس المعهد في العام 1973 كان ذلك بهدف إنجاز بحوث أكاديمية رائدة عن النساء في العالم العربي، وتعزيز مكانتهن عبر إعداد برامج تنموية وتعليمية، دعم تغيير السياسات المتعلقة بحقوق المرأة في المنطقة، الانخراط في البحوث الأكاديمية التي تتناول موضوع النساء في العالم العربي، وإدخال الدراسات النسائية في مقررات الجامعة اللبنانية الأميركية، إقامة جسر علاقات مع منظمات وجامعات وطنية واقليمية ودولية معنية بقضايا النساء والنوع الاجتماعي.

والمؤتمر الدولي الذي عقده معهد الدراسات النسائية في العالم العربي بالتعاون مع مبادرة الشراكة الأميركية الشرق أوسطية (ميبي) جاء لتسليط الضوء على دور المرأة في التغيير الجاري في المنطقة...

رولا ياسمين واللاجئات

 

وترى الناشطة والباحثة رولا ياسمين انه ليس سهلاً على اللاجئات اللواتي تركن وطنهن ان ينجبن ويربين أطفالاً في المنفى، وليس محبذاً عند اللاجئات ان يحملن،  وتقول:

ان خيار الحمل والانجاب أو حتى الإجهاض لا يبقى خيار اللاجئة وحدها، وان كانت الملامة في حالات الحمل غير المرغوبة أو الاجهاض توجه الى المرأة وحدها. ويؤمن البعض انه على اللاجئة ان تتوقف عن الانجاب في لبنان الى اجل غير محدد، ويحاول آخرون تنظيم الأسر اللاجئة وتلقينها دروساً عن الصحة الإنجابية والجنسية، متجاهلين كيف تتغير ديناميكيات الأسر في أزمات كهذه. واشير هنا الى العنصرية الراسخة في هذا السياق، وكيف ان الخطاب الليبرالي المستخدم يمكنه ان يخدم أجندات الـ<اكزينوفوبية> أو (رهاب الاجانب) وهو مصطلح يستخدم عادة لوصف الخوف أو الكراهية أو الاحتقار أو الحذر من الأجانب أو الغرباء. كما هو الحال مع كل أنواع الرهاب، الشخص المصاب برهاب الأجانب يميل الى الاعتقاد في الخوف وعدم الثقة، وقد تصل الى كره الشخص الأجنبي. وتجدر الاشارة الى ان الفرق بين العنصرية و<الاكزينوفوبيا> هو ان العنصرية تنحصر في كره الآخرين بسبب عرقهم أو نسبهم، أما <الاكزينوفوبيا> فهي كره الآخرين فقط لأنهم أجانب أو غرباء عن ما يحمل الشخص <الاكزينوفوبي> مثل الاختلاف في الدين، الجنسية، المعتقدات، الأعراف... لكن يمكن ان تستخدم مصطلحات <كراهية الأجانب> و<العنصرية> بشكل مترادف، وان كانت لها معان مختلفة كلياً (كره الأجانب يكون على أساس مكان الميلاد، والعنصرية تستند الى الأصل العرقي) على سبيل المثال: ان كراهية امرأة سوداء من فرنسا لأنها فرنسية يعد كرهاً للأجانب، ولكن كراهية سواء من فرنسا لأنها من السود تعد عنصرية).

وتتابع رولا ياسمين:

- على الجمعيات المحلية والدولية القيمة على حملات التوعية والصحة الانجابية ان لا ترى اللاجئات كحاضنات أطفال فحسب، بل كإنسان كامل، وان لا تقصي موضوع الجنسانية من أجنداتها لأايميلي-جاكوارنها من احتياجات المرأة اللاجئة.

وتحدثت السيدة <ايميلي جاكوار> مديرة جمعية < Search for Common Ground> في لبنان وهي منظمة غير حكومية تعمل على تغيير الطريقة التي تتعامل فيها المجتمعات مع الصراعات. وقد اكتسبت الجمعية أكثر من 30 عاماً من الخبرة في مجال بناء السلام، ولدى الجمعية 35 مكتباً في جميع أنحاء العالم. وبدأت الجمعية عملها في لبنان في العام 1996. والمسائل التي تتناولها الجمعية متعددة مثل: النزاعات التي تنشأ داخل المجتمع اللبناني المتنوع، زيادة التوترات الناتجة عنها، وعن تدفق اللاجئين السوريين، واصلاح القطاع الأمني، وكذلك التمكين الاجتماعي والاقتصادي للمرأة. ففي كل مشروع تسعى الجمعية لإشراك جميع أصحاب المصلحة وتعزيز القدرات المحلية من أجل إحداث التغيير المستدام والتماسك الاجتماعي وزيادة العمل الاجتماعي عن المشاريع الهادفة الى إيجاد ممثلات عن جماعات اللاجئات السوريات، وتحويلهن الى صوت اللواتي لا صوت لهن، والى رفض السلوك العنصري والتمييزي وتجاوزه. ففي خضم المشروع الذي امتد الى سنتين والذي لم يكن سهلاً على الاطلاق اذ وفرت الجمعية مساحة لتدريب المشاركات من الجانبين السوري واللبناني على أدوات لحل النزاعات سلمياً: في البدء كان الرجال يحضرون الجلسات مع زوجاتهم. ولكنهم امتنعوا عن الحضور في النهاية لأنهم فهموا ما تحمله النساء القياديات من قيمة مضافة.

وعن النساء السوريات واللبنانيات تقول السيدة <جاكوار>:

- ان النساء السوريات واللبنانيات اتفقن على وضع النزاع جانباً، ليعملن سوياً ويحددن المشكلات والاحتياجات المشتركة عند الطرفين الا انه ما زال هناك الكثير من العمل لتمكين النساء السوريات واللبنانيات. وان الحوار بينهن لايجاد ما هو مشترك ضروري جداً لتصل الفائدة الى الطرفين، من دون ان نهمل جانباً دعم شركائهن الرجال.

وبدورها عالجت الباحثة آمنة عبد اللطيف قضايا تتعلق بالمرأة الليبية ما بعد الثورة من جانب سيكولوجيا الجماعة، اي بالنظر الى العلاقات بين الأفراد والجماعة من جهة، والأفراد والمجتمع من جهة ثانية لفهم جودة حياة الأفراد داخل الجماعة، وللبحث عن سبل لتحسين حياتهم. وقد تضمن بحثها مواضيع تراوحت بين تهميش المرأة وتمكينها من خلال المشاركة، واسماع صوتها عبر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للوصول في نهاية الأمر الى التغيير الاجتماعي الذي هو هدف أدب <سيكولوجيا> الجماعة.

وتقول الباحثة عبد اللطيف:

- التهميش بالسلوك التمييزي الموجه ضد فئة معينة من المجتمع، وهو القائم في معظم الأحيان على أساس جندري في المجتمع العربي. ان مشاركة النساء تساهم في تمكينهن وتعليمهن مهارات جديدة، وتعطيهن فرصة لدعم نساء أخريات لمقاومة هذا التهميش، والعمل على تغيير الظروف المحيطة. وفي الوقت نفسه ان تمكين المرأة قد لا يكون كافياً لأنه أحياناً لا يغير المجتمع برمته بل الفرد نفسه، لكنه خطوة أساسية وضرورية لتحسين أوضاع النساء بشكل عام. وبالفعل قاومت بعض النساء هذا التهميش خلال الثورة الليبية، وطالبن بتغيير أوضاعهن وظروفهن. وقد رفعت النساء الليبيات أصواتهن وطرحن مواضيع مثل الاغتصاب خلال الحرب. لكن هذا النقاش تراجع بعد الثورة لأن المواضيع الأمنية أخذت الحيز الأكبر من الاهتمام. كما استخدمن وسائل التواصل الاجتماعي لايصال أصواتهن، وتوثيق نضالهن اليومي، واثبات انهن وكيلات عن أنفسهن.

وطُرحت مواضيع عديدة في المؤتمر تعلقت بالإصلاحات السياسية والثقافية ما بعد الثورة، وناقشت الحقوق الجندرية في المنطقة، وألقت الضوء على مواضيع مكررة كمشاركة النساء في السياسة ونشاطهن في ثورات الربيع العربي.