تفاصيل الخبر

الناشطــة البيئيــة كـــلارا خــــوري: لا بـد مـن توعيـة النـاس حــول أضــرار البلاستـيـــك علــى البـيـئــة وصـحــة الانســان!

28/06/2019
الناشطــة البيئيــة كـــلارا خــــوري: لا بـد مـن توعيـة النـاس حــول أضــرار البلاستـيـــك علــى البـيـئــة وصـحــة الانســان!

الناشطــة البيئيــة كـــلارا خــــوري: لا بـد مـن توعيـة النـاس حــول أضــرار البلاستـيـــك علــى البـيـئــة وصـحــة الانســان!

 

بقلم وردية بطرس

أضرار البلاستيك على البيئة وصحة الانسان عديدة ولم يعد التساهل مع هذه المشكلة العالمية مسموحاً، والحملة التي تم اطلاقها خلال قمة الاقتصاديين العالمية المعنية بالمحيط في مدينة <بالي> تحت اسم <بحار نظيفة>، قد دعت الحكومات للالتزام بسياسات الحد من استخدام البلاستيك، والتي تستهدف الشركات الصناعية لتقليل انتاج البلاستيك، وتدعو المستهلكين لوضع حد لهذه العادة المتمثلة في استخدام البلاستيك قبل ان ينتهي بها المطاف في بحارنا. اما الاجراءات التي اقترحتها الحملة فهي اما حظر الاستخدام او فرض ضريبة على استخدام أكياس البلاستيك التي تُستخدم لمرة واحدة، والحد بشكل كبير من المواد البلاستيكية الأخرى التي تُستعمل لمرة واحدة. وقد انضمت نحو عشرة بلدان بالفعل الى الحملة بتعهدات كبيرة لتنظيف بحارها. وبحسب دراسة الأمم المتحدة للبيئة فان أكثر من 8 ملايين طن من البلاستيك ترسب في المحيطات كل سنة، وتسبب أضراراً على الأحياء البحرية ومصائد الأسماك والسياحة، وتكبد الخسائر بما لا يقل عن 8 مليارات دولار بسبب الأضرار التي تلحقها بالنظم الايكولوجية البحرية. ويعد 80 بالمئة من جميع القمامة العائمة في المحيطات لدينا من نفايات البلاستيك. ووفقاً لبعض التقديرات، واذا تمت المحافظة على معدل القاء النفايات في المحيطات مثل الزجاجات والأكياس والأكواب البلاستيكية، بعد استخدامها مرة واحدة، فبحلول 2050 ستحمل المحيطات نفايات بلاستيكية تفوق عدد الأسماك، وستكون الطيور البحرية قد ابتلعت نحو 99 بالمئة من النفايات البلاستيكية.

ويُستخدم <الكيس> في منطقة المتوسط لمدة 25 دقيقة، بحسب دراسة نشرتها جمعية <لايف> للتعليم والبيئة ومساواة الفرص، لكن تحلّله يتطلب نحو 400 سنة. أما اذا ألقي في البحر فخطره أكبر، اذ تأكله الكائنات البحرية وتموت بالنتيجة اختناقاً. ويجب التنويه هنا ان أكياس البلاستيك تُصنع من مشتقات النفط، وتتطلب عملية تصنيعها كميات من الغاز الطبيعي والطاقة وتُهدر فيها الكثير من الموارد، وتصدر عنها انبعاثات من الغاز مضرة بالمناخ، وتسرّب مواداً كيميائية ضارة من بداية عملية التصنيع الى مرحلة التخلص منها.

وفي لبنان معظم البلاستيك المستخدم أحادي الاستعمال، اي يُستخدم لمرة واحدة فقط لمدة تتراوح بين 20 دقيقة والساعة، وذلك بحسب جمعية <Greenpeace> ويتفكك الى <Micro-plastic> بعد مئات أو آلاف السنين بحسب نوعه، لكنه لا يتحلّل أبداً، ويحوي مواداً سامة تسبب الأمراض السرطانية. أما المشكلة الأكبر في البلاد فهي الانتاج الكبير من النفايات الذي يصل الى مليونين او مليونين ونصف المليون طن سنوياً، منها 800 طن بلاستيك تُنتج يومياً يذهب 10 بالمئة منها الى التدوير، في حين يذهب القسم الأعظم الى المطامر البحرية او يُرمى بشكل عشوائي في الأنهر والغابات ويُحرق.

وتشير توقعات المنظمات العالمية الى انه بحلول العام 2050 ستفوق كميات البلاستيك عدد الأسماك في البحار، وقد أثبت العلماء ان 700 نوع من المخلوقات الحيوانية تتأثر سلباً بهذه المادة، والأهم انها مصدر للكثير من الأمراض التي يتعرض لها الانسان، مثل الأمراض السرطانية.

مبادرة بلدية بيت مري لوقف استعمال الأكياس البلاستيكية!

 

ومؤخراً أطلقت بلدية بيت مري حملة <لا لأكياس البلاستيك> راجية من جميع المواطنين التجاوب مع هذه الحملة، والتعاون مع البلدية وأصحاب المحال والسوبرماركت بما فيه خير ومصلحة البلدة وصحة المواطنين... وهذه المبادرة التي قادتها بلدية بيت مري ساعدت الناس على التمتع بأسلوب حياة صديق للبيئة بما في ذلك ان تصبح المدينة خالية من البلاستيك... فابتداء من أول أيار <مايو> الماضي نفّذت بلدية بيت مري مبادرة تستهدف الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية في المتاجر المحلية واللجوء الى أكياس قابلة لاعادة الاستعمال. وتفرض البلدية على الزبائن دفع مبلغ مقطوع قدره 250 ليرة لبنانية عن كل كيس من البلاستيك عند الضرورة على ان تستعمل هذه العائدات لتمويل عملية تصنيع أكياس القماش. تجدر الاشارة الى ان بيت مري كانت أول مدينة لبنانية تنفّذ مبادرة للتخلص من النفايات نهائياً في العام 2017، حيث يتم فرز النفايات المنزلية الى مجموعات وفئات مختلفة في المصنع، ثم يتم اعادة تدوير هذه المواد او تحويلها الى سماد.

وذكّر رئيس بلدية مري روي ابو شديد ان البلدية توزّع حقائب القماش مجاناً على متاجر التجزئة، اذ يقوم المديرون بتنمية الوعي حول الحاجة الى استعمال مواد قابلة لاعادة الاستخدام بغية انقاذ البيئة والمحيط. ومن المتوقع ان تحذو المتاجر الأصغر حجماً حذوها تدريجياً، ونأمل ان تصبح جميع المتاجر خالية من البلاستيك خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

 وعن الحملة أوضح رئيس البلدية روي ابي شديد انها مكمّلة للحملة التي بدأوا بها في العام 2016 حيث أطلقت البلدية مشروع معالجة فرز النفايات من المصدر ومعالجتها في معمل موجود في بيت مري ويقول:

- منذ أيلول <سبتمبر> 2016 نقوم بفرز النفايات من المصدر ونعالجها داخل البلدة. وخلال عملية المعالجة، اكتشفت بلدية بيت مري ان كمية البلاستيك التي تنتج من المحال التجارية والسوبرماركت كبيرة ولأن اعادة تدويرها مكلفة والتقنيات المستعملة قد تؤدي الى انتشار مواد مسرطنة، قررت البلدية التخفيف من استعمال البلاستيك والنايلون وتم تعميم قرار استعمال أكياس القماش بدلاً من البلاستيك على المحال كافة. ان كلفة أكياس النايلون والبلاستيك مرتفعة على أصحاب المحال أيضاً، لذلك توافقوا معنا على مبدأ الحد منها، كما اتفقنا مع المحال التجارية على تقديم كيس قماش مجاني لكل مواطن يشتري حاجيات تبلغ قيمتها أكثر من 50 ألف ليرة لبنانية، أما المواطن الذي يطلب كيساً من النايلون فيدفع ثمنه 250 ليرة لبنانية.

 

بلدية جبيل والتوجه نحو

 الأكياس الورقية!

يُذكر ان بلدية جبيل كانت أول بلدية اتخذت قرار منع استخدام الأكياس البلاستيكية في لبنان، وكان صاحب سوبرماركت جبيل زياد باسيل أول من تجاوب مع هذا الموضوع، والهدف كان التوجه نحو الأكياس الورقية وصولاً الى الطريق الصحيحة للبيئة. واستطاعت البلدية ان تزيل من نطاقها الجغرافي 100 طن من الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأكياس ورقية قبل ان تتخذ قراراً بالوقف الدائم ابتداء من شهر تموز <يوليو> لاستخدام الأكواب وأنابيب النفخ البلاستيكية، اذ انطلاقاً من خطة بلدية جبيل البيئية واستكمالاً لمشروع حماية البيئة ومراقبة سلامة الغذاء، طلبت البلدية من جميع أصحاب المؤسسات والمحلات التجارية والغذائية بدء تنفيذ قرار استبدال الأكياس المصنوعة من مادة <البلاستيك> بأكياس صديقة للبيئة مصنوعة من الورق القابل للتحلّل او من النسيج المعاد تدويره، بما في ذلك أكياس توضيب الحاجيات وتغليف المأكولات الجاهزة لخدمة التوصيل، وذلك بعد انتهاء المهلة التي وضعتها البلدية في 31/12/2018. ويأتي قرار المجلس البلدي حفاظاً على الصحة والسلامة العامة لما في ذلك من مخاطر معروفة ناتجة عن هذه المادة. وكانت البلدية قد أرفقت دعوتها لأصحاب المحلات بحملة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان <شيل ــ البلاستيك ــ من ــ راسك>.

 

حملات التوعية!

 

يجب ان تُكثف حملات التوعية حول أضرار استخدام البلاستيك الأحادي الاستعمال لما له من أضرار كبيرة على جوانب حياتنا الصحية والاقتصادية والبيئية وطرح بدائل عملية ومستدامة. يجب ان نعي حجم المشكلة لأن البلاستيك الذي يستخدمه كل فرد ينتهي على موائدنا، فهذه المادة تتطلب ما بين 100 سنة وألف سنة حتى تتفتت، السمك يأكلها والطيور أيضاً، وبالتالي عندما نأكل السمك نحن نأكل البلاستيك معه. ومن البدائل التي تروج لها الجمعيات البيئية استخدام العبوات الزجاجية وأكياس من القماش والورق، والاقتصاد بشكل عام في استخدام المنتجات البلاستيكية. وبالاضافة الى الخطر الصحي، تمثل النفايات البلاستيكية خطراً على الحياة البحرية، فكثير من الأسماك والسلاحف تعلق في الأكياس البلاستيكية او تختنق بها.

الناشطة البيئية كلارا خوري وأضرار البلاستيك على الماء والأسماك!

ونسأل الناشطة البيئية كلارا خوري عن أضرار الأكياس البلاستيكية على البيئة فتقول:

- لا شك ان للأكياس البلاستيكية ضرراً كبيراً على البيئة وصحة الانسان، وعندما تُوضع الأكياس البلاستيكية في الشمس يكون ضررها أكثر بكثير سواء على البحر او التربة، وعندما تُرمى تلك الأكياس في مياه البحر تتبخر وتتفكك وتتحول الى <Micro-plastic> اذ تصبح جزئيات صغيرة فتدخل الى المياه الجوفية، وبالتالي عندما تدخل الى مياه البحر او النهر تأكلها الأسماك. ولا بد من التنويه هنا ان كل الأسماك في كل أنحاء العالم يلحق بها الضرر جراء الأكياس البلاستيكية وليس فقط في لبنان، ولكن ما يحدث ان الضرر يكون بنسب مختلفة، ولكن اليوم الضرر كبير اذ يوجد البلاستيك بداخل الأسماك في البحار في العالم بعمق 30 متراً، وبالتالي المشكلة كبيرة جداً.

وتتابع:

- وفي لبنان تبتلع الأسماك الأكياس البلاستيكية وبالتالي ستدخل الى أجسامنا عند تناولها، وطبعاً تسبب العديد من المشاكل الصحية ولهذا نرى اليوم أمراض الحساسية تتزايد في لبنان أكثر من قبل، وهنا لا نقول حساسية الجلد فحسب بل نرى حساسية بداخل جسم الانسان، وهذه الأمراض تلحق الضرر بجهاز المناعة لأنه عندما يوجد <مايكرو- بلاستيك> في الماء تُفرز مادة سامة وعندما يتناولها السمك ومن ثم يتناولها الانسان تدخل كمية السموم الى أجسامنا وبالتالي تتسبب بأمراض عديدة، ولهذا تسمعين اليوم من يردد انه لم يرَ نسبة أمراض كما في يومنا هذا، والسبب ان كل هذا التلوث له علاقة مباشرة بالبلاستيك. ولا ننسى مدى الضرر الذي يصيب الأسماك اذ انها تختنق بسبب ابتلاعها الأكياس البلاستيكية، كما ان الأكياس تلتف حول السلاحف البحرية وتقضي عليها، والطيور أيضاً يلحق بها الضرر.

حرق البلاستيك!

ــ وماذا عن أضرار البلاستيك عندما يُحرق؟

- طبعاً عندما يُحرق البلاستيك يصبح الأمر أكثر خطورة لأن الهواء الملوث يحمل المواد المسببة للسرطان، وبالتالي نتنشق الهواء الملوث ويدخل الى أجسامنا بطريقة غير مباشرة.

المبادرة لوقف استعمال البلاستيك

 يجب ان تُعمم في كل لبنان!

 

ــ كيف ترين كناشطة بيئية المبادرة التي قامت بها بلدية بيت مري بمنع استعمال الأكياس البلاستيكية والى اي مدى يحتاج المواطن للتوعية في هذا الخصوص؟

- طبعاً نشر التوعية أمر أساسي وضروري في هذا المجال، لأنه على المواطنين ان يعرفوا مضار استعمال الأكياس البلاستيكية، وعادة الانسان لا يخشى من أمر لا يراه بأم العين، ولكن الآن بعدما زادت نسبة التلوث في الهواء والماء الى ما هنالك أصبح الناس في حالة قلق على صحتهم، وبالتالي عندما يُتخذ قرار بمنع استعمال الأكياس البلاستيكية كما فعلت بلديـــــة بيــــت مــــري تكون النتيجة جيدة، اذ عندئذٍ سيلتزم الناس بالقرار وسيطبقونه. ونحــــن مـــن جهتنــــا كناشطــــين بيئيـــــين علينـــــــــا ان نساعد بنشر التوعيـــــة بعــــــدم استعمال الأكيــــاس البلاستيكيــــة واستبدالهــــا بالـــــورق او سلـــــة مخصصـــــة للمشتريـــــــات او ربما كرتونة.

ــ برأيك كيف سيستفيد سكان المنطقة من هذا القرار؟

- عندما توقف الأهالي في بيت مري عن استعمال الأكياس البلاستيكية قاموا بحمايتنا جميعاً وليس أنفسهم فقط لأن الضرر يصيب كل المناطق اللبنانية، وبالتالي منع استعمال الأكياس البلاستيكية في مدينة يساعد في تخفيف التلوث مما يؤثر بشكل ايجابي على غيرها من المناطق، كما ان المواطن سيتعلم كيف يحمي نفسه أيضاً مثلاً عندما يتوجه الى السوبرماركت لشراء احتياجاته عليه ان يبحث عن منتج موضوع في مرطبان زجاج مثلاً او الأطعمة الموضوعة في أكياس ورقية مثلاً بدلاً من الأكياس البلاستيكية. وهنا المدرسة تلعب دوراً بتوعية الناس أيضاً إذ على المدارس ان تبدأ بنشر التوعية بين التلاميذ حول مخاطر الأكياس البلاستيكية وضرورة استبدالها بالورق او الكرتون، وأيضاً على المدرسة ان تعلّم تلاميذها مثلاً كيف يرسمون على مرطبان بعد استهلاك المنتج لكي يستفيدوا منه لغرض جميل مثلاً، وأيضاً يجب ان يكون للأندية او الجمعيات الأهلية دور بتثقيف وتوعية المواطنين في هذا الخصوص، كما انه يجب ان نبدأ بتعليم أولادنا كيف يستفيدون من العلب البلاستيكية والأكياس البلاستيكية من خلال اعادة التدوير.

وتختم خوري حديثها قائلة:

- ننصح الناس ان يتوقفوا عن استعمال الأكياس البلاستيكية واستبدالها بالورق والكرتون. والمبادرة التي قامت بها بلدية بين مري نأمل ان تُعمم في كل البلديات والمناطق اللبنانية لحماية الناس من أضرار البلاستيك. هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتقنا جميعنا ويجب ان نساهم كلنا للحد من تفاقم المشاكل الناتجة عن استعمال البلاستيك. واذا طُبقت المبادرة اليوم في بيت مري نأمل ان تصل الى مختلف المناطق والمدن اللبنانية للحفاظ على البيئة وصحة الانسان، وممنوع ان نتوقف هنا اذ يجب ان نواصل جهودنا لكي تُعزز هذه المبادرة في كل لبنان لأن الخطر يهدد الجميع.