تفاصيل الخبر

الناس والأعياد!  

05/01/2018
الناس والأعياد!   

الناس والأعياد!  

بقلم وليد عوض

عون-الراعي

في الأعياد، كما في كل المناسبات العاطفية، تحمل عائلة الوطن الهم الواحد، والغصة الواحدة، والشجن الواحد، فيصبح بذلك عائلة واحدة تتقاسم الآلام والآمال والأحلام. وهذا ما يحصل في أسبوع الميلاد ورأس السنة، بين تبادل زيارات، وهدايا، وكلمات طيبات.

وبالمناسبات السعيدة كتب الشعراء، وتغنوا بالمعاني والمفردات مثل أمير الشعراء بشارة الخوري الذي يقول: <يا عاقد الحاجبين على الجبين اللجين، إن كنت تقصد قتلي قتلتني مرتين>، وقوله في مناسبة أخرى: <والفراشة ملت الزهر لما حدثتها الأنسام عن شفتيك>.

ولا ينتهي الفيض الشعري، فالشعراء الأمويون والأندلسيون تعاطوا مع الأنثى بأروع الأفكار، مثل ذلك الشاعر الذي يقول من حجرة الحمام الكبير دانياً من النافذة: <جاءت معذبتي في غيهب الغسق/ كأنها الكوكب الدري في الأفق/ فقلت نورتني يا خير زائرة، أما خشيت من الحراس في الطرق>، فجاوبتني ودمع العين يسبقها: <من يركب البحر لا يخشى من الغرق>.

ثم هاكم شاعراً آخر يقول في باب المسجد: <قل للمليحة بالخمار الأسود/ ماذا فعلت بناسك متعبد/ قد كان شمر للصلاة إزاره/ حتى وقفت له بباب المسجد/ ردي عليه صلاته وصيامه/ لا تقتليه بحق دين محمد>.

ثم قول أبي فراس الحمداني: <أقول وقد ناحت بقربي حمامة/ أيا جارتاه لو تشعرين بحالي؟>.

ثم نزار قباني حيث يقول: <لماذا تخليت عني إذا كنت تعلم أني أحبك أكثر مني. لماذا>؟

ويختم أمرؤ القيس بقصيدة الوقوف على الأطلال حيث يقول: <قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل/ بسقط اللوى بين الدخول فحومل>.

كلها أشعار وكتابات تفرض نفسها في فترة الأعياد، دلالة على الترابط بين أبناء البشر. ولكن الصورة المثلى التي تعلمناها في المدرسة الابتدائية هي حكاية ذلك الرجل الطيب الذي صادف مروره أمام متسول، فمد يده الى جيبه ليعطي المتسول ما جادت به نفسه، ولكنه لم يجد في جيوبه أي مبلغ من المال، ففكر للحظات ثم مد يده الى المتسول ليصافحه ويقول: أحسن الله أيامك أيها الرجل.

وكانت بادرة انسانية عظيمة.

وفي عالم الغرب تحتل العواطف حصان الفروسية، مثل قصة <روميو وجولييت>، و<أنطونيو وكليوباترا>، و<أحدب نوتردام> وحبيبته <ازميرالدا>. ومن قصص الحب يتعلم المرء معاني الحياة، واختلاجات النفس البشرية. وقد لاح ذلك في لبنان الأربعينات حين كان سكان العمارة الواحدة يتدافعون الى منزل الجار المتوفي ويقدمون لبيته ما تيسر من واجبات، أو تلك العروس التي تنهال عليها الهدايا من كل حدب وصوب، وذلك المريض الذي يسأل عنه الأهل والجيران علامة التواصل.

الآن تغيرت الصورة. ولم يعد أهل المريض يتلقون الاستفسار عن الصحة والعافية، ربما لأن مشاغل الحياة تمنع هذا التواصل، وهموم الناس تسد باب المجاملات.

ومع ذلك كله! كل عام وأنتم بخير!