بقلم عبير انطون

 انها سابقة فعلاً ان تفوز بلقب <احلى صوت> متبارية محجّبة في برنامج عالمي للمواهب. نداء شرارة المتسابقة الاردنية التي سرقت الالباب والآذان بصوتها الرائع، رفعت كأس النجاح عالياً في طريق لم تكن مفروشة بالورود. فهل تكمل المسيرة على الرغم من العوائق؟ الى اين سيقودها نجاحها؟ وهل في فوزها بعد الراهبة الايطالية <كريستينا سكوتشا> التي حصدت اللقب العام الماضي في نسخة <ذا فويس- ايطاليا> رسالة محددة لمن <يعنيهم الامر>؟

<الافكار> وقفت على كافة التفاصيل والكواليس..

بعد مشوار استمر ثلاثة أشهر تقريباً وتوزع على مراحل متعددة، انطلاقاً من مرحلة <الصوت وبس>، فمرحلة <المواجهة> ثم مرحلة <العروض المباشرة>، لم تسع الدنيا الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب مع إعلان فوز المتسابقة الاردنية نداء شرارة، صاحبة الصوت الماسي بلقب <احلى صوت> بعد مراد بوريكي وستّار سعد في الموسمين الاول والثاني، وكانت من ضمن فريقها في النسخة العربية الثالثة للبرنامج العالمي <ذا فويس> الذي انطلق في ايلول/ سبتمبر الماضي. فكيف وصلت نداء شرارة الى النهائيات؟ وما صحة ما أُثير عن عدم رضاء والدها عن اشتراكها بالمسابقة أصلاً؟ ما موقفه بعد الفوز؟ بأية كلمات شجعتها جلالة الملكة رانيا من الاردن؟ وبمَ اجابتها نداء؟

الى أبي..

على وقع لوحة افتتاحية غنائية حملت عنوان <نحن الحياة> تميّزت بمؤثراتها السمعية والبصرية المبهرة، إلى جانب مفاجأة تمثّلت بمشاركة عدد من الأطفال القادمين من برنامج <The Voice Kids> الذي ينطلق قريباً، وقفت المشتركة الاردنية نداء شرارة بين التونسي حمزة الفضلاوي والعراقي علي يوسف واللبنانية كريستين سعيد تنتظر اعلان الاسم الفائز بعد اربعة عشر اسبوعاً من الحلم . فالفوز هنا له طعم آخر، مادياً ومعنوياً، إذ أن المشتركة الاردنية التي توقفت عن الغناء منذ ثلاث سنوات وكانت لها سابقاً مشاركات على مسرح مدينة <جرش> مع فرقة <عمان للفنون والتراث>، وفي <المركز الثقافي الملكي>، تريد قطف النجاح ليس لنفسها فقط بل لأقرب المقربين، بشكل خاص لوالدها الذي كانت اعلنت الفنانة شيرين عبد الوهاب انه رفض مشاركتها في البرنامج حتى انه قاطعها لعدم موافقته على خطوتها، في حين ساندها اخوها وعمها وجدها، وكانت النتيجة: اعلى نسبة من تصويت الجمهور بعد إشراف وتدريبات من الفنانة المصرية شيرين عبد الوهاب وفريقها، في مواجهة كل من كاظم الساهر، صابر الرباعي وعاصي الحلاني. حصدت نداء اللقب ومعه عقداً رسمياً لإصدار <ألبوم> غنائي كامل مع شركة <JMR> - الملحن جان - ماري رياشي، ورحلة بحرية حالمة على سفينة برنامج <Stars On Board> بموسمه المقبل.. كما حصدت نداء تعاطفاً كبيراً وجماهيرية واسعة على الرغم من معرفتها المسبقة بالانتقادات الكثيرة التي ستطالها، والخيارات التي سترسو عليها، كالعقود الفنية التي ستلزمها ببنود محددة، او الغناء في اماكن فيها شرب للكحول وغيرها..

رسالة الى العالم..

 امام كل المطروح ، لا تستبق نداء الامور. ترفض التعليق بشكل كبير على مسألة غنائها بالحجاب الذي اعلنت انها لن تتخلى عنه، وهو لم يكن ولن يكون عائقا لها في المستقبل: <الحجاب هو مسألة مبدئية في حياتي، وليس مجرد التزام ديني. يشبهني في شخصيتي ولا أتنازل عنه>. حتى العقود وما فيها تتركها لوقت لاحق: <لم اّطلع بعد على العقد ولا املك خبرة في العقود.. وكل شيء مرهون بوقته. اتمنى ان لا يشكل حجابي اية عقبة ذلك أن التحرر يكون بالعقل>.

 جل ما تعرفه نداء أنّها تملك صوتاً جميلاً، وبصوتها وحده تريد ان تصل: <الحجاب والالتزام الديني لن يشكلا عائقاً امام مسيرة تقدمي. اريد ان اصل بصوتي ولا يهمني الشكل الخارجي، وهدفي من الغناء هو إعادة زمن يقصد فيه الجمهور الحفلة ليسمع غناءً وطرباً فقط.. عندما وصلت البرنامج، وجدت أن الأمر أكبر من مجرد فتاة محجّبة أتت لتغني على المسرح، أصبح في بالي إيصال رسالة إلى العالم، ولم آت لأوصل صوتي فقط، بل أريد أن أغيّر في طريقة تفكير الناس، وأقول لهم أنني فتاة محجبة تغني وترسم وتكتب شعراً باحترام.. وما أسعدني أكثر فأكثر انني تلقيت دعماً من الصين وتايلاند وبلدان اخرى>.

شيرين عبد الوهاب:

مش كتف عريان!

أما عن اسباب اختيار الجمهور لنداء دون غيرها فقد شرحت النجمة شيرين عبد الوهاب التي اتت بالفوز لفريقها بعد فوز فريق عاصي في العام الاول وكاظم في العام الثاني:

- الجمهور اختار نداء لأن لها كل الحق كأي مشترك آخر في الفوز، ولديها صوت يستحق ذلك، وحجابها يسهم في تغيير الصورة النمطية عن المرأة المحجبة، ونداء ستكون عالمية، وأرى فيها انتصاراً، وهي مصممة أن تبقى ملتزمة، وستستمر في تقديم نمط معيّن من الفن الراقي والهادف الذي يتناسب مع إطلالتها والطريقة التي قدمت نفسها للجمهور من خلالها، فنداء <بمئة راجل كما يقولون بالمصري> والإسلام لم يحرّم الموسيقى والغناء طالما هو هادف، ونداء لن تغني الترانيم الدينية فقط، ومسألة الحجاب هي مسألة شخصية تعنيها. فلنداء موهبة نادرة ولصوتها خامة خاصة، وهي استحقت الفوز عن جدارة لانها تملك الحضور الآسر الى جانب الصوت القادر، وقد كانت ملتزمة ومثابرة على التدريبات، كما كانت بين مشتركين يتمتعون جميعهم بمستوى عال هذا الموسم، وقد شكلوا معاً رافداً حقيقياً للطرب على امتداد بلدان عالمنا العربي.

 وعن مشاركتها في الموسم الرابع من <ذي فويس> قالت شيرين:

- من المبكر جداً الحديث عن الامر الآن. المال ليس كل شيء، ويكفيني أنني وصلت لكل منزل في العالم العربي والعالم بفضل محطة <ام بي سي> التي تحرص على إبراز نجومها بصورة لائقة.

وكانت شيرين عبد الوهاب قد شكرت من صوّت للمشتركة في فريقها بكلمات مصرية نابعة من القلب حيث قالت: <شكراً لجمهوري الحبيب، شكراً ليك على التصويت لنداء، البنت اللي شايلة الغناء رسالة على كتفاها من الأردن لحد البرنامج، أنتو فعلاً أثبتو أن الفن مش باللبس العريان ولا كتف عريان ولكن بالموهبة، ونداء كانت تستحق>.

 شرارة.. ورحلة !

نداء المعجبة بصاحبة الاحساس الاجمل شيرين عبد الوهاب والمتابعة لفنها قبل ان تتعرف إليها شخصيا لم تكن تتوقع ان تستدار لأجلها كراسي الحكام الاربعة. تمنت بشدة ان تستدير شيرين حتى تكون من ضمن فريقها وهذا ما حدث. أُغرمت بها على الصعيد الشخصي والانساني بعدما تعرفت إليها عن قرب. اسعدها دعمها لها، وقد اثّر بها جداً توّجتها عروساً على مسرح البرنامج الذي طلبت نداء لاجله إجازة من عملها كمدرسة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الاردن، متوقعة ان تخرج منذ الجولات الاولى، الا انها لم تتردّد في تجربة حظها وتقول: <لم اتوقع الاستمرار حتى النهائيات وأذكر انني كنت مرعوبة في وقفتي الاولى امام اربعة من كبار نجوم العالم العربي. أشكر المدربة جيهان الناصر التي كانت تنتبه إلى صوتنا وتعطينا ملاحظات مهمة عن كيفية الغناء بأسلوب صحيح، فقد كنت أغني واتنفس بطريقة خاطئة مما يؤثر على طبقاتي الصوتيّة.. في الحلقات الاولى شعرت بخوف كبير خاصة انني اخترت اغنية <فات الميعاد> للسيدة ام كلثوم>.

وتضيف صاحبة اللقب:

 - في البداية افترضتُ أن المدربين استداروا لي لأنهم لم يروني، وبعد اجتياز مرحلة <الصوت وبس> حان وقت <المواجهة> التي قدمتها مع أميرة أبو زيد صاحبة الباع الطويل والواقفة على اهم المسارح بينها دار الاوبرا المصرية. هنا قلت <خلاص.. طلعت برا>، الا ان اغنية شادية <سيبك يا قلبي> كانت فاتحة خير لي، واختارتني شيرين عبد الوهاب لإكمال الدرب معها وصولاً إلى حلقة نصف النهائيات، عندئذٍ حظيت بتصويت الجمهور الذي كنت متلهفة لأن أحظى بتصويته، ولأقنعه بأن موهبتي تستحق اجتياز كل المراحل.

الملكة رانيا: ألف مبروك!

 بين هذا الجمهور الذي علت صيحاته في استوديوهات <ام بي سي> في بيروت، ولاقته هتافات الجمهور في الاردن وفلسطين من اقتنع وبشدة بموهبة نداء، وعلى رأسهم جلالة الملكة الأردنية رانيا التي وجهت رسالة خاصة عبر <تويتر> الى نداء، وهي الاردنية الاولى التي تفوز في هذه المسابقة، كتبت فيها: <نداء صوت يستحق الفوز..ألف ألف مبروك> فردّت نداء بالشكر واصفة الملكة رانيا بأنها مثال للإلتزام والرقي في عالمنا العربي.

واذا كانت ابنة عمان قد قدمت هدية لبلدها بفوزها الساحق، فإن قيصر الغناء العربي كاظم الساهر قدم هدية لمحبيه باللغة الانكليزية، وهي عبارة عن مقطع من اغنية من كتاب <النبي> حملت عنوان <On Love> من كلمات جبران خليل جبران ومن الحانه، وهي بحسب شرح الساهر تشكل جزءا من العمل الضخم الذي وضع جهداً فيه على مدى أكثر من عامين، والذي سيكون من ضمن اوركسترا تتضمن عدة مقاطع كانت بمثابة حلم بالنسبة إليه، مؤكدا بابتسامته المعهودة: <أنا سبقت سلمى حايك ولم أكن أعلم أنها كانت تخطط لفيلم <النبي> وهي صديقة وأعرفها شخصياً، الا ان أغنيتي استغرقت وقتاً طويلاً لتنفيذها على هذا الشكل.. ان كتب جبران خليل جبران هي بمثابة رسالة يجب على أهل الفن والموسيقى إيصالها إلى العالم بأسره>.