تفاصيل الخبر

المطلوب شكل متطور للحركات الشعبية يشبه حكومة ظل

18/09/2015
المطلوب شكل متطور للحركات الشعبية يشبه حكومة ظل

المطلوب شكل متطور للحركات الشعبية يشبه حكومة ظل

بقلم خالد عوض

salameh عندما يعلن حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة أن النمو الإقتصادي في لبنان هذه السنة قد يقارب الصفر، فهو يؤكد أن الأزمة الإقتصادية تستفحل. النمو المتراجع يعني مزيداً من البطالة والهجرة وزيادة متصاعدة في عجز الموازنة نظراً لانخفاض مداخيل الخزينة. كل هذا يعني أن الدين العام في طريقه إلى الثمانين مليار دولار مع نهاية سنة ٢٠١٦ أو بعد هذا التاريخ بقليل.

رغم كل الملاءة المصرفية القياسية في البنوك اللبنانية ورغم المستوى المرتفع في إحتياطي مصرف لبنان فإن الوضع المالي لا يمكن أن يصمد طويلاً في ظل التراجع الإقتصادي المستمر. ربما لا خوف على الليرة اللبنانية في ٢٠١٥ و٢٠١٦، ولكن بقاء النمو قريباً من الصفر رغم حزمة الحوافز المالية التي يقدمها مصرف لبنان سنوياً، وهي النموذج اللبناني المتطور لما يُسمى عالمياً التحفيز الكمي (Quantitative Easing)، ينبه إلى أننا دخلنا في مرحلة مالية صعبة خاصة أننا على أبواب رفع الفائدة على الدولار قريباً. وفي ظل تراجع اقتصادات الخليج بفعل هبوط أسعار النفط لن تأتي التحويلات المالية إلى البلد بالوتيرة نفسها التي كانت في السنوات الماضية.

الوضع الإقتصادي المتدهور والوضع المالي الذي بدأ يعاني من ضغوط متزايدة يفرضان نظرة جديدة إلى الحراك الشعبي.

من الوهلة الأولى يبدو الحراك الشعبي الذي أخذ مؤخراً في بعض نواحيه عدة أشكال غير ضرورية، أمراً مصيرياً. فمن جهة البلد مشلول ولا ينقصه مزيد من التعطيل خاصة إذا كان هذا الحراك يتعرض لتفخيخ سياسي من مختلف الأطراف لتطويله وتسويفه وإظهار عقمه وسلبياته، ولكن من جهة أخرى يمكن للحراك إذا حافظ على الجوهر الأساسي الذي انطلق منه، وهو التغيير الإيجابي، أن يتحول الى عنصر إقتصادي مشجع وليس العكس. كيف؟

الخطوة الأهم في الحراك هي إثبات أنه يحمل مشروعاً وأنه ليس همروجة. وعلى الحملات المختلفة أن تثبت أن ما تطرحه يمكن أن يكون بديلاً عن الإهتراء السياسي الحاصل. لذلك يمكن المحافظة بل الإصرار على محمد-المشنوقالمطالب الأولية مثل ضرورة إستقالة وزير البيئة وتثبيت مبدأ المحاسبة. وفي الوقت نفسه يمكن العمل على مشاريع بيئية موحدة ومتكاملة علمياً وتنفيذياً تكون مدعومة من خبراء لبنانيين وعالميين ومن مؤسسات عالمية مختصة وغير منحازة تجارياً لعرضها على الرأي العام والحكومة. ليس المطلوب هنا أفكاراً كمثل الكلام عن تعزيز صلاحيات البلديات والفرز من المصدر رغم جدوى هذا الطرح. المهم تطوير هذه الأفكار لتتحول الى خطة إقتصادية تتضمن الحلول على المدى القريب والآني والحلول المتوسطة والبعيدة المدى. هكذا طرح يمكن أن يتحول إلى مبادرة للقطاع الخاص بمشاركة البلديات أي خصخصة تخضع لرقابة الناس عبر البلديات وتحظى بتمويل المصارف اللبنانية وتندرج في رزمة الحوافز البيئية التي يطرحها مصرف لبنان. اشراك المصارف في الحلول الإقتصادية والبيئية خطوة إستراتيجية ضرورية في طريق الإصلاح لأنها تؤمن التمويل الضروري وفي الوقت نفسه تشكل مرجعية تدقيق ضرورية لأي مشروع بيئي. كل هذا سيؤكد أن لا دور فعلياً للحكومة في قضية النفايات. كل ما كانت تفعله هو تأمين الأرض للمطمر وتسديد فواتير <سوكلين> التي تكفل توزيع الحصص. الأرض يمكن أن تؤمنها البلديات والأموال يمكن أن تأتي من المصارف والقطاع الخاص.

المطلوب من الحراك أن يستمر ولكن أن يدير بوصلته نحو الحلول. الشعارات المرفوعة وأسماء الحملات تحظى بموافقة معظم اللبنانيين. القرف من البوطة السياسية في أوجّه. ولكن الناس تريد أن ترى حراكاً يشبه حكومة الظل في بريطانيا أي ينتقد ويقترح. البلد مفعم بالسلبية ومتعطش إلى أفكار بشكل حلول وليس بشكل تعطيل.