تفاصيل الخبر

المستشفيات المتضررة في بيروت تلملم جراحها بعد فاجعة إنفجار مرفأ بيروت

02/09/2020
المستشفيات المتضررة في بيروت تلملم جراحها بعد فاجعة إنفجار مرفأ بيروت

المستشفيات المتضررة في بيروت تلملم جراحها بعد فاجعة إنفجار مرفأ بيروت

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_80760" align="alignleft" width="333"] البروفيسور يارد مع البطريرك بشارة الراعي خلال تفقد الاضرار[/caption]

 إنفجار مرفأ بيروت خلّف في بضع ثوان أضراراً تفوق ما تسببت فيه الحرب الأهلية على مدار 15 سنة... وتحولت شوارع مدينة بيروت الى كومة ركام والزجاج متطاير على الطرقات وكأن بيروت خاضت حرباً شرسة. مؤلم جداً ما أصاب بيروت وموجع مشهد الدماء التي سالت في شوارعها وعلى أرصفتها، مشهد لا يمكن وصفه ولن يُمحى من ذاكرة اللبنانيين، لقد بلغ عدد الضحايا 190 و 6500 جريح ولا يزال 3 أشخاص في عداد المفقودين، وتشرد نحو 300 ألف شخص... الدمار في كل مكان آلاف المباني والمنازل تضررت بشكل كبير، ونظراً لقرب المستشفيات من مكان اندلاع الانفجار في مرفأ بيروت كان حجم الخسائر البشرية والمادية الحاصلة فيها كبيراً. ثلاثة مستشفيات تضررت بالكامل وهي المستشفى اللبناني الجعيتاوي الذي يبعد عن مكان الانفجار 1200 متر. أما مستشفى القديس جاورجيوس للروم الأرثوذكس فهي على مسافة 1000 متر من المرفأ، فيما تقع مستشفى راهبات الوردية على بعد لا يتعدى 850 متراً عن موقع المرفأ. الأضرار جسيمة في هذه المستشفيات التي تُعتبر من أهم المستشفيات والتي تحولت خلال ثوان الى ركام، وأصيب الطاقم الطبي والتمريضي والعاملين والمرضى الموجودين بداخلها بجروح منها طفيفة ومنها خطيرة. وبالرغم من فظاعة الفاجعة التي حلّت بهذه المستشفيات قامت بلملمة جراحها وسارعت الى ازالة الردم والقيام بالتصليح لتستقبل المرضى من جديد.

"الأفكار" تحدثت مع المدير الطبي في مستشفى الروم الجرّاح الدكتور اسكندر نعمة، ومع مديرة مستشفى راهبات الوردية الراهبة نيكولا عقيقي، ومع المدير العام للمستشفى اللبناني الجعيتاوي البروفيسور بيار يارد عن الأضرار التي لحقت بالمستشفيات، وعن عزمهم على عودة العمل الى تلك المستشفيات لتقديم الخدمات الطبية لجميع المرضى ايماناً منهم بأهمية الرسالة الانسانية والوطنية في هذه الظروف القاسية جداً التي يمر بها لبنان وأهله. 

الدكتور نعمة: للمرة الأولى منذ 140 سنة توقف المستشفى

[caption id="attachment_80922" align="alignleft" width="178"] غرفة في مستشفى الروم تحت الركام.[/caption] الكارثة الفعلية سجلها مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي (مستشفى الروم) حيث تم افراغ المستشفى بشكل نهائي ونُقل كل من فيه الى مستشفيات في بيروت وخارجها، وخسر الطاقم التمريضي أربع ممرضات. الأضرار التي لحقت بمستشفى الروم جراء الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) جسيمة، اذ صُدم الناس من هول الكارثة التي حلت بأعرق مستشفى في بيروت من حيث القدم، اذ يعتبر المدير الطبي في مستشفى الروم الدكتور اسكندر نعمة أنها للمرة الأولى منذ تأسيس المستشفى منذ 140 سنة توقف العمل فيه جراء الدمار الحاصل فيه. وعن تلك اللحظات الصعبة والمريرة داخل مستشفى الروم يقول الدكتور اسكندر نعمة:  

 - لم أكن داخل المستشفى لحظة وقوع الانفجار، توجهت في الحال الى المستشفى ولم أتمكن من الوصول بسهولة الى المبنى اذ كان الزجاج المحطم يغطي الشوارع والأرصفة. وعندما وصلت كان الأطباء والممرضون والعاملون في المستشفى قد بدأوا باخلاء المستشفى لأن حجم الدمار فيها كان كبيراً جداً، وتوزعوا ضمن مجموعات مؤلفة من الأطباء المتمرنين والممرضين والممرضات والموظفين حيث تنقلوا في الطوابق لانقاذ حياة المرضى واسعاف الجرحى، لقد ساعدوا المرضى الذين كان بامكانهم المشي للنزول الى تحت والذين لم يكن بامكانهم التحرك قاموا بانزالهم بالشراشف. لقد استحدثنا مستشفيين ميدانيين بالقرب من المستشفى أحدهما في موقف لمدرسة البشارة الأرثوذكسية والثاني في موقف مقابل الطوارىء، اذ قام الممرضون بالاسعافات الأولية للجرحى الذين كانوا داخل المستشفى .

30 في المئة من الأجهزة لم تتضرر

* وهل تضررت كل المعدات والأجهزة الطبية داخل مستشفى الروم؟

- لقد بُني المستشفى ضمن معايير عالية ولهذا هيكل المبنى لم يتضرر، ولكن طبعاً تضرر كل الالمينيوم وسقوف (الفوبلافون) والزجاج والأجهزة والشبكات والكهرباء والتهوئة، فهذه كلها تدمرت بلحظة. بالنسبة للمعدات فإن 30 في المئة منها لم يلحقها الضرر. أما قسم التصوير والمختبر وغرف العمليات فلم تتضرر لأنها تقع تحت الأرض. عندما بنى المهندسون هذا المستشفى خلال الحرب اللبنانية حرصوا على بنائها بطريقة تقيها من التدمير بسبب الانفجارات والحروب التي عاشتها البلاد، وهذا ساعدنا لكي نتمكن خلال ثلاثة أسابيع من البدء بالعمل لأن الطوابق تحت الأرض ساعدتنا لكي ننطلق بشكل أسرع.

* كم كان عدد المرضى الذين كانوا داخل المستشفى لحظة وقوع الانفجار؟ وهل خسرتم الطاقم الطبي والتمريضي؟

- يوجد في مستشفى الروم 400 سرير، ويوم الانفجار كان هناك 160 مريضاً يشغلون الأسرة، وكان هناك حوالي 260 من الطاقم الطبي والتمريضي. لقد خسرنا أربع ممرضات. وهناك أكثر من 120 جريحاً من الطاقم الطبي والتمريضي. ولغاية الآن توفي حوالي 28 او 30 جريحاً جراء اصابتهم يوم الانفجار، والجرحى الآخرون نقلوا الى مستشفيات في بيروت ومناطق أخرى.

خطة التعافي في حالات الطوارىء

[caption id="attachment_80765" align="alignleft" width="333"] مستشفى الروم بعد إزالة الركام.[/caption] * لا شك ان حجم الدمار في مستشفى الروم كبير جداً فما كانت خطة المستشفى لعودة العمل فيه بعد ثلاثة أسابيع فقط من وقوع الانفجار؟  

- كل مستشفى لديها خطة في الحالات الطارئة، ويوم الانفجار لم نقدر ان نطبق الخطة في المساء ولكن الذي ساعدنا لكي تتم عملية اخلاء المرضى هو ارادة العاملين في المستشفى اذ توزعت الأدوار ضمن مجموعات للقيام بذلك، وفي اليوم التالي طبقّنا ما نسميه بـEmergency Recovery Plan او خطة التعافي في الحالات الطارئة اذ يكون لدى كل مستشفى هذه الخطة لتعرف كيف ستعيد وظائفها تباعاً واحدة تلو الأخرى حسب ما تبقّى لديها، ولهذا قمنا بـ Incident command Team اذ وزّعنا الأدوار على مختلف رؤوساء الأقسام، وكل واحد منهم كان لديه فريق عمل، وكانت تُعقد اجتماعات يومية مرتين في اليوم، ففي الصباح كنا نضع خطة عمل وبعد الظهر نرى ماذا طُبق منها ونضع خطة لليوم التالي وهكذا دواليك كل يوم وقمنا بذلك لغاية يوم الجمعة الماضي، والآن نجتمع مرة في اليوم ونطبق كل ما يتعلق بالتصليحات واستراتجية فتح الأقسام، والتمويل لنقدر ان ننطلق بعملنا، والتواصل مع الاعلام والتواصل مع فريق عملنا الى ما هنالك.

استقبال المرضى

* أي الأقسام بدأ العمل فيها؟ وهل بدأ المستشفى باستقبال المرضى؟

- طبعاً بدأنا نستقبل المرضى اذ هناك 50 سريراً يشغله المرضى. بالنسبة للأقسام فلقد فتح قسم العيادات أبوابه، وأيضاً المختبرات، وغرفة العمليات مفتوحة. بالنسبة لقسم العناية الفائقة للأطفال والكبار فهو مدمر بالكامل، ولكن فتحنا ستة أسرة بستة أسرة في طوابق أخرى بشكل مؤقت الى أن نصلح الطوابق الأخرى... نحتاج لمدة سنة ليعود المستشفى أفضل مما كان. وبالنسبة للتكاليف نحاول من خلال المتبرعين ان نقوم بالتصليح وكلما توافرت المبالغ سنتمكن من انجاز العمل بشكل أسرع.

* ماذا عن مرضى الكورونا الذين كانوا يتلقون العلاج في مستشفى الروم؟

- كل حالة كورونا نحولها الى مكان آخر لتلقي العلاج لأنه حالياً ليس لدينا القدرة لمعالجة المصابين بالكورونا ونقوم بعزلهم كما كنا نقوم بذلك قبل الانفجار. بالنسبة للأمور الأخرى فكما باقي المستشفيات الوضع الصحي في لبنان حرج. ونحن نحاول قدر الامكان ان نتماشى مع هذا الواقع او نصرخ للدولة وندعو الجميع لتقديم المساعدة اذ إننا مقبلون على كارثة صحية، فاذا لم تقدر الجهات الضامنة ان تؤمن المبالغ بالعملة الصعبة فلن تقدر ان توفر المستلزمات الطبية التي كلها مصنّعة في الخارج، لكي يحافظ لبنان على المستوى الطبي الذي يتميز به. العنصر المادي يجب ان يتوافر لأن الارادة موجودة.

* كنا نتغنى بأن لبنان مستشفى الشرق ولكن الآن مع هذا الانفجار والكورونا فهل سيعود لبنان مستشفى الشرق في هذه الظروف القاسية؟

- سنعود مستشفى الشرق، العنصر البشري الذي هو أهم شيء هو موجود. والعنصر المادي يتأمن بطريقة أو بأخرى، فنحن كمستشفى الروم وأعتقد المستشفيات الأخرى التي تضررت مثل مستشفى راهبات الوردية، يُقدم لنا التبرعات. طبعاً أطباؤنا الذين هم خريجو أهم الجامعات والمستشفيات لن يغادروا بلدهم... سيعود لبنان مستشفى الشرق. نحن هنا وسنكافح وان شاء الله سنعود أفضل مما كنا ولن نغادر البلد. 

الأخت عقيقي: لحظة وقوع الانفجار كنت أصلي مع تسع راهبات في الطابق التاسع

[caption id="attachment_80762" align="alignleft" width="333"] الكادر الطبي في مستشفى الروم يتطوع لإعادة الحياة الى المستشفى.[/caption]

 ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة الى مستشفى راهبات الوردية في منطقة الجميزة الأكثر تضرراً. فلقد فقد الطاقم الطبي ممرضة، وتم اجلاء جميع المرضى منه بعد تدمر مبنيي المستشفى بشكل كامل. وبالرغم من الدمار يبقى الأمل وارادة الحياة أقوى من الموت اذ بدأ مستشفى راهبات الوردية باستقبال مرضى السرطان في قسم الطوارىء الذي جُهز لتقديم المعالجة الطبية. وستعمل الادارة على اعادة ترميم الطوابق بدءاً من الأقل ضرراً حرصاً منها على استقبال كل المرضى في هذه الظروف الصعبة. ولحظة وقوع الانفجار كانت مديرة مستشفى راهبات الوردية الأخت نيكولا عقيقي في الطابق التاسع تصلي مع الراهبات، وعن أصعب اللحظات التي مرّ بها المستشفى تقول الأخت نيكولا:

- لحظة وقوع الانفجار كنت في الطابق التاسع أصلي مع تسع راهبات ما بين  الساعة الخامسة والسادسة مساءً، وما ان أنتهينا من الصلاة وقع الانفجار فسقطت السقوف واصيبت الراهبات بصدمة، احداهن حصل معها كسور في الكوع وأخرى أصيبت بجروح، وما ان استعدنا قوتنا ولملمنا جراحنا هرعنا الى المرضى وكنا نسمع صوت الممرضات وهن يناجين ويقلن ساعدونا. في الطابق السابع توفيت ممرضة بعدما قذفها الهواء ورماها على الأرض ميتة وقمنا باسعافها ولكنها فارقت الحياة. وفي

[caption id="attachment_80761" align="alignleft" width="336"] الراهبات ينظفن مستشفى الوردية. [/caption] بقية الطوابق أصيب الموظفون بجروح، اذ كنا تقريباً بكل المستشفى 60 شخصاً، منهم 26 مريضاً وكان هناك أيضاً طفل مولود حديثاً. كل الممرضين والممرضات يستحقون التحية والاكرام اذ ساعدوا المرضى لينزلوا الى خارج المبنى وأيضاً نحن نزلنا الى الساحة. والمؤلم بالموضوع رأينا كل سكان الحي جيران المستشفى قد تجمعوا أمام المستشفى اذ هرعوا جميعاً لمساعدتنا عندما رأوا أن البعض منا مجروح. وأتينا بالضمادات وقمنا بتضميد الجرحى في باحة المستشفى وساعدناهم من ثم نقلناهم الى مستشفيات أخرى لأن مستشفى الوردية كان بحالة مزرية، حتى إننا وضعنا جهاز تنفس اصطناعي أمام المستشفى من ثم أرسلناه بسيارة الاسعاف الى مستشفى آخر... كان الأمر مؤلماً للغاية وبقينا بهذه الحالة طوال الليل اذ كلما أتانا جرحى كنا نقوم بتضميد جراحهم وما شابه.  

وعن دعم الإعلام تقول الأخت عقيقي:

- نشكر مجلة (الأفكار) لاهتمامها بتسليط الضوء على مستشفى الوردية والمستشفيات المتضررة، ونتمنى أن يمنحكم الرب القوة لمواصلة عملكم لأنه لولا الاعلام في لبنان لما كان أحد يعلم ماذا يحصل مع الناس. في الرابع من آب (أغسطس) أعلنتها مستشفى منكوبة، واليوم بتاريخ 25 آب (أغسطس) أقول شكراً للاعلام اللبناني والدولي الذي أوصل صوتنا لكل الناس الى المكان الذي يجب ان يصل اليه، والناس الطيبون والأيادي البيضاء هبّت لمساعدتنا لذا سأقول لك ان اليوم مستشفى الوردية تلملم أطرافها وتقوم من تحت الركام، من تحت الرماد، من تحت الدمار لنقول للعالم أجمع إننا نريد أن نقف على أقدامنا وأن نعود لخدمة المرضى، واخص بالذكر كل الناس الذين ساعدونا على النطاق الشخصي، وأخص بالذكر أيضاً دولة الكويت الكريمة ونشكر الأمير الصباح الذي أرسل الهلال الأحمر الكويتي ليساعدنا بالمعدات. كما رمّمت الكويت ثلاثة طوابق على عاتقها .

رُممت 3 طوابق وهناك 15 طابقاً متضرراً

[caption id="attachment_80767" align="alignleft" width="445"] مستشفى راهبات الوردية.[/caption]

* ما هي الأضرار التي لحقت بمستشفى راهبات الوردية؟

- مبنى المستشفى يتألف من 18 طابقاً، وكما ذكرت ان دولة الكويت رمّمت ثلاثة طوابق، ولا يزال هناك 15 طابقاً متضرراً وتحتاج للترميم. البناء الخارجي بقي صامداً، أما كل شيء بالداخل فقد تحطم بدءاً من السقوف الى المكيفات الهوائية والكهرباء والأبواب والنوافذ... الحق الانفجار بمستشفى الوردية أضراراً كبيرة اذ كنت اسميها لؤلؤة بيروت لأنني عملت فيها على مدى 15 سنة واليوم لا تعرفينها نظراً للدمار الذي لحق بها. ولكن هذا لن يحبطنا اذ بالفعل شعرنا ان الشعب اللبناني والشعب العربي التفوا حولنا وأمسكوا بأيدينا وقالوا لنا هيا نعيد بناء ما تدمر، نحن باقون في هذا البلد وسنعمل لأجل شعبنا ووطننا لبنان بايمان ورجاء فقلوبنا مملؤة بالرجاء.

* ماذا عن الأجهزة والمعدات التي كانت موجودة في المستشفى قبل الانفجار؟

- كان المستشفى مجهزاً بأحدث التقنيات ولكن للأسف تدمر كل شي، اذ ان قسم  MRI او قسم التصوير بالرنين المغناطيسي توقف عن العمل، وScanner 128 من أفضل الأنواع، وأيضاً قسم الماموغرافي ديجيتال هو من أحسن الأدوات التي أدخلناه الى المستشفى منذ خمسة أشهر، وأتيت بآلة لفحص الكورونا اذ لم استوفِ ثمنها بعد، وبالتالي تدمرت الكثير من الأدوات والمعدات الطبية عدا عن مكينات نبضات القلب ومكينات الأوكسجين، وقسم الطوارىء كلها تضررت اذ هناك الكثير من المكينات المتضررة التي أوقفتنا عن العمل. ولكن بالرغم من الدمار عدنا وفتحنا قسم العلاج الكيميائي وبدأنا نستقبل المرضى مجدداً.

* ما هو عدد المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج قبل وقوع الانفجار؟ وماذا عن عدد الأطباء؟

- يضم المستشفى 200 سرير، وكان 100 سرير مشغولاً. ومن أبدع الأقسام أخص بالذكر هنا الطابق السابع، اذ إن الدكتور عماد الحاج هو المسؤول عن هذا الطابق لمعالجة مرض السرطان وترميم الثدي وغيرها وهي كانت من أحدث الأقسام التقنية... الدمار كبير وما رأيناه في ذلك اليوم وكأنه نهاية العالم ولكنني آمنت باسمك يا رب ووطني لبنان فنحن لا يمكن ان نركع الا لله فنحن أبناء الرجاء، فكل لبناني يجب ان يقول نحن أبناء الرجاء وسننهض من جديد. صحيح الأضرار جسيمة في المستشفى ولكن  ان شاء الله سنستعيد عافيتنا.

الدكتور بيار يارد: الأضرار جسيمة ولكن إرادة الحياة أقوى

والوضع نفسه في المستشفى اللبناني الجعيتاوي حيث الأضرار المادية جسيمة اذ خلال ثوان تدمر المستشفى، ولكن بالرغم من هول الكارثة استكمل الجسم الطبي عمله في اسعاف الجرحى واجراء العمليات الجراحية اللازمة. وبعد ثلاثة أسابيع من وقوع الانفجار بدأ المستشفى بتشغيل الطوابق لاستقبال المرضى واجراء العمليات الجراحية.

ونسأل المدير العام لمستشفى الجعيتاوي اللبناني الجراح البروفيسور بيار يارد وهو عميد كلية الطب في الجامعة اللبنانية عن تلك اللحظات الأليمة داخل مستشفى الجعيتاوي فيقول:

- لحظة وقوع الانفجار لم أكن في المستشفى، كان قد مضى ربع ساعة على مغادرتي المستشفى، فعندما وصلت الى المنزل سمعت دوي الانفجار فاتصل بي طبيب كان يجري عملية جراحية لحظة وقوع الانفجار وأعلمني بأن غرفة العمليات تدمرت وبأنهم عالقون في غرفة العمليات وبأن الأضرار كبيرة وطلب مني أن أتناول حبة لتهدئة الأعصاب قبل التوجه الى المستشفى لأن المستشفى متضرر جداً، فتوجهت الى المستشفى ورأيت الناس في الطوارىء، عشرات من الجرحى الذين قصدوا المستشفى سيراً على الأقدام فمنهم من كان بالجوار او يمر بالمستشفى لحظة وقوع الانفجار ومنهم من وصل الى المستشفى على الدراجات الهوائية او السيارة بصعوبة جداً لأن الدمار كان كبيراً اذ يصعب الدخول الى المستشفى. فالمشهد كان مبكياً جداً. وفي تلك الليلة استقبل المستشفى 13 ضحية وأكثر من 200 جريح. بالنسبة للطاقم الطبي والتمريضي الحمد لله لم نفقد اي شخصاً منهم. كان لدينا 120 مريضاً والحمد لله كلهم بخير، منهم من أصيب بجروح طفيفة واستطعنا ان نخرجهم من المستشفى وقمنا بنقلهم الى مستشفيات أخرى. وكان هناك أكثر من 200 ممرض وموظف في المستشفى ولكن الحمد لله لم يصبهم شيئاً.

[caption id="attachment_80763" align="alignleft" width="176"] مدير مستشقى الجعيتاوي البروفيسور بيار يارد[/caption] الأضرار في مستشفى الجعيتاوي كبيرة  

* ما هي الأضرار التي لحقت بمستشفى الجعيتاوي جراء الانفجار؟

- في الحقيقة كل شيء تضرر جراء هذا الانفجار. 44 ألف متر من حيث البناء ولدينا 260 سريراً، وكل الغرف تضررت اذ تقريباً 90 في المئة منها قد تضررت وأذكر منها: قسم الأشعة، قسم غرف العمليات، وقسم الغسيل، والعناية الفائقة، وكل البنى التحتية في المستشفى من تبريد وتهوئة قد تضرر، فالأضرار جسيمة اذ تقريباً أضرار المبنى تصل الى 5 مليون دولار.

* عندما رأيت المستشفى بهذه الحالة الكارثية بماذا فكرت في تلك اللحظة؟

[caption id="attachment_80766" align="alignleft" width="333"] دمار وجرحى في الجعيتاوي[/caption] -  منذ ان تسلمت والأخت هاديا أبي شبلي ادارة المستشفى في كانون الأول (ديسمبر) 2010، كنا نعمل على تطويرها. عندما تسلّمنا ادارة المستشفى كانت تضم  100 سرير وأصبح عدد الأسرة 260 سريراً. وبنينا مبنى جديداً، مبنى نفتخر به، وقاعات محاضرات وغرف عمليات وعناية فائقة جديدة، اي مبنى جديد، وتدمر خلال ثوان عمل عشر سنوات. لقد تأثرت كثيراً، أنا والأخت هاديا عندما رأينا المستشفى مدمراً بكينا على الجهود التي بذلناها لتطوير المستشفى ونبكي على البلد وما حصل فيه. وهذا حال آلاف اللبنانيين الذين عاشوا تلك اللحظات المرعبة والمخيفة.  

جهزنا 50 سريراً

* وهل قررت تصليح المبنى في الحال؟

- في الحقيقة تطلب الأمر 24 ساعة لكي نستوعب ما حصل في ذلك اليوم. طبعاً في البداية قلنا الحمد لله على سلامة الناس، وبدأنا بإزالة الزجاج المحطم والردم ومن ثم لتبدأ مرحلة التصليح. طبعاً الارادة موجودة لنبني المستشفى لأن ارادة الحياة أقوى. كما لدينا 700 موظف ولديهم مسؤوليات لاعالة عائلاتهم. ولدى المستشفى 150 طبيباً.والآن استطعنا ان نحضر 50 سريراً لاستقبال المرضى. لقد بدأنا بعد ثلاثة أسابيع بالتصليح وجهزنا طابقين لنسيّر العمل ووضعنا 40 او 50 سريراً، وأطلقنا العمل في ثلاث غرف عمليات. وطبعاً سنقوم بتصليحات اذ نحتاج لشهرين للقيام بذلك. بالنسبة للتمويل فمثلاً بنك الاعتماد وقف الى جانبنا ومنحنا تسهيلات لكي نقدر أن نسّرع بالتصليحات، وهي تسهيلات محدودة لنلملم الدمار. ولكي يعود المستشفى كما كان نحتاج من الناحية المادية الى 6 او 7 ملايين دولار، ولا ننسى ان هناك خسائر لأنه ليس هناك عمل. وتتطلب الأمور تقريباً ستة أشهر لتستعيد المستشفى عافيتها. الطاقم الطبي والتمريضي يعملون بتفان منذ لحظة الانفجار وبحس انساني كبير. والآن يتعاونون جميعاً لكي نعيد المستشفى الى ما كانت عليه وأحسن. وطبعاً سنعود مستشفى الشرق ولكن للأسف بدأنا نشعر بأننا نخسر طاقات بشرية اذ هناك أناس يهاجرون ونسبتهم ليست قليلة. نناشد الدولة ان تتحرك وتقوم بالاصلاحات لكي تحظى بثقة اللبنانيين لكي لا يهاجروا من البلد.