تفاصيل الخبر

المشاورات الدولية تركّز على حلول لمشكلتي سوريا والعراق بالسياسة وحوارات لبنان بين «طرشان»!    

21/08/2015
المشاورات الدولية تركّز على حلول لمشكلتي سوريا  والعراق بالسياسة وحوارات لبنان بين «طرشان»!      

المشاورات الدولية تركّز على حلول لمشكلتي سوريا والعراق بالسياسة وحوارات لبنان بين «طرشان»!    

بقلم جورج بشير

بري-السنيورة لم تعرف بعد الأسباب الحقيقية التي دفعت الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة الى سحب البساط من تحت مشروع المبادرة التي وضعها اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام، في شأن رفع سن التقاعد لضباط الجيش اللبناني والقوى الأمنية ثلاث أو أربع سنوات زيادة عن السن القانونية التي يحال فيها ضباط الجيش الى التقاعد عادة.

البعض يقول إن تعاطي الرئيس السنيورة كخبير مال، ووزير مالية أسبق ورغبته في عدم تكبيد خزينة الدولة أعباء إضافية على الصعيد المالي، كانت وراء موقف الرئيس السنيورة في تعاطيه مع هذا الاقتراح - المبادرة التي كان يعتبرها آخرون وما زالوا حلاً معقولاً ومقبولاً لأزمة تعاني فيها الدولة اللبنانية والجيش اللبناني خاصة، ومعه سائر القوى الأمنية من جراء إحالة الضباط الى التقاعد وهم في معظمهم في سن مبكرة، كون السن القانونية المعتمدة لإحالة هؤلاء الى التقاعد كان ولا يزال من الماضي، حيث كان متوسط أعمار البشر لا يتجاوز الستين الى سبعين عاماً، فيما أعمار البشر اليوم بفضل العناية الطبية وتطور المعالجات الطبية وتحصين الصحة العامة، أدى الى منح هؤلاء زيادة من الله في أعمارهم بحيث أن متوسطها أصبح ما بين الـ75 الى 80 سنة وما فوق.

الرئيس فؤاد السنيورة فعل فعلته. وأوساط سياسية اعتبرت هذه الخطوة المعارضة لمبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، مجرد سياسة نكاية يمارسها وبالتحديد ضد تيار الرئيس ميشال عون مع أن الرئيس السنيورة يرى في معارضته هذه التي تبناها بعد ذلك تيار <المستقبل> وكتلته النيابية، موقفاً احترازياً هدفه الحفاظ على المال العام، وعدم تكبيد الخزينة نفقات مالية إضافية، مع أن كتلة الجنرال ومعها الكتل النيابية رأت في مشروع مبادرة اللواء إبراهيم ضرورة وطنية تؤمّن المصلحة العامة، كون خزينة الدولة تنفق المال الكثير على تدريب وتثقيف وتخصص ضباط الجيش اللبناني وقوى الأمن ليصبحوا كما هم اليوم طاقة مهمة للبنان وللدولة، ما أن يحين وقت عطاءاتهم لهذه الدولة وللبلد وللشعب، وهم في ريعان الشباب (56 عاماً) حتى يجري تسريحهم وإحالتهم الى التقاعد، ومنح هؤلاء ثلاث سنوات إضافية لكي يوظفوا عطاءاتهم لمصلحة الدولة والشعب والأمن في لبنان وهم في عز شبابهم، ولا يمكن في نظر هؤلاء واضعو مشروع المبادرة، اعتباره كارثة وطنية أو مالية يمكن أن تثقل كاهل خزينة الدولة كما يتصور البعض، لأن خزينة الدولة تشكو من العجز بفعل فساد الإدارة وبعض الطاقم السياسي والمسؤول في هذه الدولة الذي ضيّع ولا يزال على الخزينة العامة مئات الملايين، لا بل المليارات من الدولارات بفعل عمليات السمسرة والنهب المنظم ومخالفة القوانين والأنظمة من دون إخضاع المخالفين وهم معروفون تماماً في الرأي العام، خاصة في ميدان التنظيفات أم في ميدان تأجير الأسواق الحرة في المرافق العامة وخاصة في مطار بيروت الدولي، أم من خلال نسبة الدين الداخلي والخارجي وخدمة الدين وعدم إيجاد الحلول الناجعة لأزمات المياه والكهرباء، واستخراج ثروات النفط والغاز من البحر وتسويقها أسوة بالدول التي تمتلك هذه الطاقة وفي طليعتها اسرائيل عدوّ لبنان.

 

ميشال-ادهالكيل الذي طفح

 

ربما يكون الجنرال ميشال عون أخطأ وجلّ من لا يخطئ، خصوصاً في ميدان الممارسة السياسة، لكن سياسة النكاية والنكث بالوعود والعهود التي اعتمدت مع الجنرال وفريقه السياسي ومن يمثلون من المجتمع اللبناني يبدو أنها أخرجت هؤلاء عن جادة الممارسة الصائبة والرشيدة والحكيمة، ودفعتهم للجوء الى الشوارع بهذه الطريقة التي اعتمدوها في الأسبوع الماضي، مما أدى الى هزة مخيفة غير معروفة النتائج على الصعيدين الوطني والأمني بصورة خاصة، وقد تتيح لأصابع الخارج وهي باتت معروفة التدخل في ما يجري في لبنان وإخراجه عن خط مقاومة الهزات والحروب والصدامات التي تجتاح دولاً جارة للبنان مهدّدة مصائرها وكياناتها الوطنية كسوريا والعراق مثلاً.

ومن أصحاب الأصابع المشار إليها تأتي إسرائيل في الطليعة كون الدولة العبرية تعتبر العدو رقم واحد للبنان التعدّدي ولبنان النظام الاقتصادي الحر، وللبنان الذي يرى فيه العالمان العربي والأجنبي نقيضاً حياً للكيان الإسرائيلي، لأن لبنان بلد العيش المشترك بين اتباع أعظم ديانتين في العالم ولدتا في هذا الشرق العربي، وهما الإسلام والمسيحية، وحتى أتباع الديانة اليهودية كون كنيس وادي أبو جميل الذي كان اليهود اللبنانيون يمارسون فيه طقوسهم الدينية بحرية تامة قبل الحرب، أعيد تأهيله وترميمه وفرشه بدعم مباشر من رجالات لبنان المسيحيين والمسلمين وفي طليعتهم الوزير ميشال إده حيث يعاد افتتاحه قريباً بصورة رسمية...

سياسة النكاية التي أوصلت لبنان الى هذا الدرك الذي هو فيه هذه الأيام، وأنزلت الناس الى الشوارع المكتظة بأكوام زبالة اللبنانيين، لهي دليل قاطع على الفشل بامتياز لطبقة من السياسيين مارست الحكم في السابق، وللأسف هي من لا يزال يمارس الحكم اليوم في كل المراتب، تاركة مشاكل البلد معلقة من دون حلول وحتى من دون مشاريع حلول، وعندما يبدر من أي إنسان مشروع حل لأي مشكلة أو حتى مبادرة حل، سرعان ما ينقضّ عليها أركان هذه الطبقة ويدفنونها تحت سابع أرض وأنوف الجميع اليوم ومن دون خجل، صارت في حاجة ماسة الى اعتماد نظام وضع الكمامات الطبية الواقية للأمراض في بلد الجمال والإشعاع الفكري والثقافي والنبوغ الكبير الذي سجله لبنانيون في مجال إيجاد حلول لمشاكل الآخرين وبناء دولهم، فها هم اليوم عاجزون عن إيجاد المخارج أو الحلول للمشاكل التي يتخبط فيها لبنان.

في البلد حوار بين هذا الفريق أو ذاك، لكنه حتى إشعار آخر ما زال في نظر اللبنانيين حوار طرشان كون مشاكل لبنان مستمرة وعلى زيادة أكبر مع اعتماد أركان الطاقم السياسي المتواصل على سياسة النكاية ضد قهوجي-سلام-1بعضهم البعض، فيما المصير المجهول يخيّم مع خوف وقلق الشباب على المستقبل.

قد يكون الجنرال ميشال عون أخطأ في إطلاق تعابير اعتبرت نابية بحق قائد الجيش العماد جان قهوجي الذي أثبت من خلال ممارسته نجاحاً وقدرة ومناقبية وجرأة في حماية الدولة والنظام والأمن الوطني وواجه موجات الإرهاب والتكفير والاحتلال التي تعرّض لها لبنان على مدى ممارسته للمسؤولية وحمى النظام في وقت ربما كان اللبنانيون ولا زالوا يتطلعون الى دور أكبر للجيش في هذا المجال... لكن في المقابل، فإن بعض الذين شاركوا في حفلات تكريم وتعمّدوا تصوير بعض مشاهدها وتعميمها ربما، كانوا من حيث يدرون أو لا يدرون، قد ساهموا في صب الزيت على النار، وهذا سبّب الأذية للبنان ككل.

هل من عودة الى العقل؟

في أي حال، لقد أثبتت أحداث الأسبوع الماضي أن البلد الغارق في نفاياته، وخاصة السياسية منها، بات في حاجة ماسة اليوم الى عملية إنقاذ سريعة من الحال التي يتخبط فيها لا بل الى انتشاله من البؤرة التي يحاولون إغراقه فيها، وذلك قبل أن يصبح الإنقاذ متعثراً، كون الاتصالات السياسية والديبلوماسية المبذولة على حدود لبنان باتت تركز على إيجاد الحلول السياسية من دون عنف ومن دون شارع، ومن دون قبضايات وميليشيات وإرهاب، ومن العار أن يغمّض السياسيون اللبنانيون عيونهم عما هو جارٍ من حولهم، تاركين بلدهم في مهب الرياح العاتية، ولأن الخارج مشغول بحل مشاكله، فلا يحلّ مشاكل لبنان سوى اللبنانيين، وقبل فوات الأوان.