تفاصيل الخبر

الـمـــــرأة اللـيـبـيــــة لـــعـبـت دوراً كـبـيـــــراً فـــي الـثـــــورة وعليهـــــا ان تـثـابـــــر لنيـــل حقـوقـهــــا كامـلــــة

11/08/2017
الـمـــــرأة اللـيـبـيــــة لـــعـبـت دوراً كـبـيـــــراً فـــي الـثـــــورة وعليهـــــا ان تـثـابـــــر لنيـــل حقـوقـهــــا كامـلــــة

الـمـــــرأة اللـيـبـيــــة لـــعـبـت دوراً كـبـيـــــراً فـــي الـثـــــورة وعليهـــــا ان تـثـابـــــر لنيـــل حقـوقـهــــا كامـلــــة

 

بقلم وردية بطرس

الاعلامية-الليبية-هدى-السراري---A 

لقد عانى الليبيون الكثير قبل الثورة، وبعد انتصار الثورة يحاولون بناء نظام سياسي جديد بعد 42 عاماً من الديكتاتورية. وتحديات بناء دولة أكثر احتراماً للحقوق تستند الى سيادة القانون وهي تحديات كبيرة لا يُستهان بها. وبالنسبة للمرأة الليبية فالأمر أصعب، اذ لعبت العديد من السيدات أدواراً مهمة في الانتفاضة التي أدت الى خلع معمر القذافي وأسهمن في المرحلة الانتقالية، ومنهن نائبات في البرلمان الجديد.وكان للاعلام وأدوات الاتصال الحديثة (الهاتف النقال) وأدوات الاعلام الالكترونية (الفايسبوك والتويتر واليوتيوب والصحافة الالكترونية) دور مهم في نشر المعلومات حول الانطلاقة الأولى لثورة 17 شباط (فبراير) وانتشارها في ليبيا. ويقوم المشروع الديمقراطي على مبادىء حرية الصحافة وحرية الاعلام واستقلالية وسائل الاعلام وتنوعها وتعددها، اعلام ديمقراطي يحترم تعدد الآراء والأفكار (الرأي والرأي المخالف) وتنوع الثقافات وتدفق المعلومات باعتبارها من حقوق الانسان. وضمن اطار منظمات المجتمع المدني تتعدد وسائل الاعلام التقليدية وتتفاوت قدراتها على التأثير في الرأي العام طبقاً لامكانياتها المادية والفنية. الاعلام غير التقليدي (الاعلام اللالكتروني) فتح آفاقاً واسعة وجديدة من حيث نطاق الانتشار والقدرة على التأثير في الرأي العام (المحلي والعالمي) بحيث أصبح أكثر قدرة على عبور الحدود والقارات وأكثر قدرة على التأثير في قطاعات عديدة وشرائح جديدة من المجتمعات وبصفة خاصة الشباب. وقد كان تأثير الاعلام الالكتروني فاعلاً بشكل رئيسي الى جانب القنوات الفضائية في ثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا. تجدر الاشارة الى انه شهدت في المرحلة الأولى من عمر الثورة بدايات نشاط للاعلام استهدف توصيل رسائل الثورة الى الداخل والخارج.وبالتالي لعب الاعلام بجميع وسائله دوراً مهماً في التعريف بالثورة وأهدافها ونقل أحداثها وتطوراتها الى العالم الخارجي والى المدن الليبية. لقد واجه اعلام ثورة 17 فبراير عقبات وتحديات خطيرة أثناء الثورة، أولها التعتيم الاعلامي الذي فرضه النظام في الداخل من خلال التشويش الالكتروني على الفضائيات العربية.

الاعلامية هدى السراري

والثورة الليبية

 

وها هي الاعلامية والناشطة الحقوقية الليبية هدى السراري خير مثال عن الاعلاميات الناشطات خلال الثورة في ليبيا، اذ شغلت خلال أحداث ثورة 17 شباط (فبراير) منصب المدير العام لقناة <ليبيا لكل الأحرار> التي أطلقت في بداية الأحداث من قطر. وتعتبر السراري امرأة مثيرة للجدل وذلك بسبب توجهاتها الفكرية التي تجعل منها متهمة بالعلمانية. وتركز نشاطها في مجال الاعلام اذ اشتهرت بآرائها الجريئة في الدفاع عن حقوق المرأة المرأة الليبية وخطابها الناقد للقوانين السائدة في ليبيا تحديداً والمعتقدات المهينة للمرأة. وهي متزوجة من الكاتب الليبي المعارض مجاهد البوسيفي الذي قضى أكثر من عقد ونيف لاجئاً سياسياً في هولندا وذلك بسبب كتاباته الناقدة لسياسات نظام القذافي.

والسراري درست إدارة الأعمال في جامعة طرابلس، وعملت في مجال إدارة الأعمال في شركات أجنبية، كما كانت متعاونة في رابطة الأدباء والكتّاب. وأصدرت أول ديوان شعر بعنوان <أثواب الحزن> الذي طُبع في بيروت، وهو أول ديوان شعر لها باللهجة العامية المحكية في طرابلس في ليبيا، وقيل إنه الأول في المغرب العربي. كما عملت في جريدة العرب في لندن في آواخر التسعينات، وأجرت مقابلات مع شخصيات مشهورة من فنانين وكتّاب ومسؤولين. كما قدمت أمسيات شعرية وعملت معدة برامج تلفزيونية. وبعدما تزوجت من الصحافي والكاتب الليبي المعارض مجاهد البوسيفي، أقامت في هولندا من العام 2003 لغاية 2007 لأن زوجها كان معارضاً لنظام القذافي، ثم انتقل للعيش والإقامة في قطر بعدما التحق زوجها بالعمل في قناة <الجزيرة>، ولها ولدان، واحد في الثالثة عشرة من عمره والثاني في التاسعة من عمره. وعملت في قطر في مجال الصحافة أيضاً، في جريدة العرب القطرية لفترة طويلة، ثم انتقلت للعمل في مركز الدوحة لحرية الإعلام، وهو مركز يدافع عن حقوق الصحافيين ويدعم قضاياههم المحقّة، وكانت مسؤولة العلاقات العامة في المركز.

نسألها بداية:

ــ يصفك البعض بالمرأة المثيرة للجدل والبعض اتهمك بالعلمانية، وفي أحد البرامج التلفزيونية أشرت الى موضوع تعدد أزواج عن ان المرأة يحق لها ان تجمع بين 4 أزواج فبماذا تردين؟

- هكذا رأى المغرضون، أما انا فلم أفعل ذلك، انا مسلمة تربيت في بيئة مسلمة ولا أقبل بذلك، كانت دردشة تلفزيونية لمناقشة هموم اجتماعية، استغلها البعض للتأويل والتشويه والتحقت بهم الجيوش الالكترونية للنظام السابق، وبالمناسبة سبق واعطيت لقاء خاصاً لنفي ذلك ولكن من لم يرد الانتباه لم ينتبه.

 

قناة <ليبيا لكل الأحرار>

 

ــ وكيف بدأت العلاقة بينك وبين قناة <ليبيا لكل الأحرار>؟

- علاقتي بـ<ليبيا لكل الأحرار> بدأت كتطوع، فإنني من المؤسسين لهذه القناة اضافة الى: محمد العكاري، مجاهد البوسيفي، طارق القزيري، هدى السراري، محمود شمام، وجاء اختياري لادارتها تدريجياً من قبل السيد محمد شمام بعد ان كنت اشغل فيها منصب مدير العمليات. عندما بدأت الأحداث في ليبيا في شباط (فبرابر)2011، استقلت من العمل في المركز، والتحقت بـ<قناة ليبيا لكل الأحرار> التي قامت دولة قطر بتمويلها وتأسيسها، وذلك رداً على قنوات القذافي.بدأت العمل كمديرة للعمليات ثم عُينت مديرة عامة للقناة، وهذه القناة التلفزيونية هي أول قناة في عالم التلفزيون تنشأ أساساً لدعم الثورة وهي أول وسيلة إعلامية حقيقية تكون معارضة لنظام القذافي. لقد تأسست في 29 آذار (مارس) 2011 وتم تأسيسها خلال ستة أيام وهو أسرع إطلاق محطة تلفزيونية ، إذ إلتحق بها عدد من الليبيين المتطوعين... في البداية لم يكن هناك إعلاميون إذ تطوّع بعض الأخوة العرب من ليبيا وسوريا والجزائر، أما الذي تولى إخراج شكل القناة فكان لبنانياً. وبالتالي كان الفريق الليبي العامل في القناة مطعمّاً بعدة جنسيات عربية.

ــ وما كان دور قناة <ليبيا لكل الأحرار> خلال الثورة في ليبيا؟

- قامت القناة بنقل أخبار الثوار والمدن المحررة والمحاصرة، إذ كان التواصل مع المدن الليبية المحاصرة صعباً، ولكننا تمكنا من التواصل معهم من خلال الانترنيت والذي كان صعباً أيضاً. حاولت القناة جاهدة مساعدة المدنيين، إذ كانت تحذر الناس من التجول في الشارع الفلاني نظراً لحدة المعارك فيها... كما كشفت القناة عن حوادث قتل واغتصاب في العديد من المدن والقرى الليبية. بالتالي كان التحدي عدم فقدان الأمل بالثورة الليبية سواء عن طريق دعم الثورة معنوياً أو من خلال البرامج التحليلية التي قامت بكشف النظام عن طريق إرسال الرسائل القصيرة الى المواطنين في ليبيا، فكان الخطاب فيها خطاباً ثورياً لغوياً قائماً على حلف أوحد للشارع بأن يشعروا بالأمان وبأن النظام زائل...

وأضافت:

 - لقد لعبت قناة <ليبيا لكل الأحرار> دوراً كبيراً في مساعدة المدن المحاصرة، إذ قامت بتوجيهها. وأذكر هنا خلال عملية تحرير العاصمة طرابلس قمنا بخطة إعلامية على عدة مراحل: أهمها كنا ندعو الناس في ليبيا أثناء عملية التحرير أن يكونوا يداً واحدة، وأن يعرفوا كيف يتصرفوا أثناء انقطاع الكهرباء أو الماء الى ما هنالك... لقد كانت القناة جزءاً أساسياً من الثورة وهي قناة خاصة غير رسمية، استطاعت أن تتواصل مع الناس في أصعب الظروف نظراً لأهمية الإعلام في وقتنا هذا. وبعد انتهاء الثورة في ليبيا انتقلت القناة من المرحلة الثورية الى المرحلة التنموية وخطها واضح وهو بناء الإنسان الليبي وتطويره وتوعيته، وتوعية المرأة في الإنتخابات، ونزع السلاح وبأن الإنسان هو الرقم واحد في البلد... فالوطن لن يُبنى إلا بتنمية الكوادر الشابة لأنه للأسف الشباب هم الأضعف، ويحتاجون للكثير من الدعم والتشجيع للمضي نحو الأفضل في سبيل بناء البلد من جميع النواحي، وطبعاً دعم المرأة الليبية أمر أساسي لبناء الوطن.

 

المعاناة في ظل نظام القذافي

ــ ماذا تذكر هدى السراري عن معاناة ذويها في ليبيا في ظل نظام القذافي لا سيما انها معارضة للقذافي؟

- بالرغم من كل شيء لم يغادر أهلي ليبيا طوال السنوات الماضية وفي أصعب الأيام في ظل نظام القذافي الديكتاتوري. لدي ثلاث شقيقات وأربعة أشقاء. لقد كان والدي مدير العلاقات التجارية في شركة نفطية.. لقد كانت مرحلة قاسية جداً، فأهلي لم يرغبوا بالنظام يوماً ولكنهم لم يرغبوا سوى بالعيش في وطنهم ليبيا، ولكنهم تعرّضوا للمضايقات كوني تزوجت من إنسان معارض للنظام إذ كانوا يتعرّضون للضغوطات ولهذا سافر أخي الى الخارج لئلا يعتقلوه... وعندما اندلعت الثورة في ليبيا قلقت كثيراً على أهلي لأنه كلما كانت تمّر الأيام كنت أشعر بالخوف خصوصاً بعد مضي شهر على الثورة دون إحراز الكثير، إذ يشعر الإنسان بنوع من الاحباط وعدم الثقة في ظل التغير الحاصل في البلد ولكنني آمنت بأننا سنحقق النصر لأنني أدركت أن التغيير سيحصل لا محالة... صحيح كانت فترة عصيبة لكون أهلي وأقاربي في ليبيا، ولكنني كنت مفعمة بالأمل، إذ كلما كان نظام القذافي يرتكب المجازر ويتصرف بوحشية تجاه أبناء بلده كلما تمسّكت أكثر بالأمل لأنني أدركت أن الشعب الليبي سينتصر في النهاية.

ــ ما هي التحديات التي تواجهها ليبيا بعد مرور ست سنوات على اعدام القذافي؟

- في تلك المرحلة كان هم الناس في ليبيا سقوط نظام القذافي، وهذا كان أمراً مهماً بعد سنوات من المعاناة والعذاب. بالنسبة للمرحلة المقبلة سنواجه تحديات أكثر. إنها مرحلة شائكة يشوبها الخوف والقلق. صحيح أن الثورة نجحت أنذاك ولكن يجب أن نعلم أن التغيير ليس سهلاً. هناك ثمن سندفعه وسيلزمنا سنوات لتحقيق أهدافنا شرط ألا نفقد الثقة بوطننا فالتغيير لا يحصل بلمح البصر بل يتطلب الكثير من الجهد والمثابرة والتضحيات، وهذا ما يجب ان نعمل في سبيله.

ــ كيف ترين مستقبل بلدك؟

- الوضع في ليبيا دقيق فلا تنسي أننا افتقدنا ثقافة الديمقراطية منذ أربعين سنة، وهذا ما نتحدث عنه بعد انتصار الثورة إذ يجب أن تتكاتف الجهود في سبيل الديمقراطية، والخيار الوحيد للتخلص من القلق وخوف هو فهم الديمقراطية بشكل صحيح.

 

دور المرأة الليبية

ــ الى اي مدى لعبت المرأة الليبية دوراً خلال الثورة؟

- لا شك ان المرأة الليبية لعبت دوراً مهماً في الثورة بعدما كانت تُستخدم من قبل النظام للدعاية له، لكي يعزّز شرعيته وبأنه يساند المرأة في الوقت الذي حرمها من حقوقها، ودفعت الثمن لحرمانها من حقوقها. وبالتالي للمرأة الليبية دور مهم ما بعد انتصار الثورة بعدما تعرّضت له على أيام حكم القذافي، إذ لم يكن يحق لها منح أولادها الجنسية إذا كانت متزوجة من غير ليبي، كما أنه لم يكن يحق لها أن ترفع دعوى على زوجها إذا تعرّضت للاغتصاب من قبله، لقد عانت المرأة الليبية من التهميش والاذلال...

واستطردت قائلة:

 - لا شك أن المرأة الليبية التي ساندت الرجل في ثورته وقدمت يد العون له وتحمّلت الصعاب، وقامت بتضميد الجرحى والمصابين، وأطعمت الأطفال المشردين خلال الثورة، ولعبت دوراً بارزاً في المجال الاعلامي... لا بد لها أن تأخذ مكانتها في المجتمع الليبي، فهي تستحق التقدير والاجلال وبالتالي لن تكون غائبة عن الشأن العام ومختلف المجالات. يجب أن تُنصف المرأة في ليبيا فهي تبذل جهدها وحتماً ستنال حقوقها. يجب أن تشارك المرأة الرجل في الشأن العام، لها تمثيل متواضع في المجلس الانتقالي في الحكومة، هناك ثلاث وزيرات في مجلس الوزراء الليبي وطبعاً من المعيب أن يكون تمثيلها في المجلس الوزاري بهذا الشكل... لهذا نأمل أن ترتقي الدولة لمستوى الطموحات ومستوى الثورة التي قامت على إنصاف الرجل والمرأة معاً، وقامت على الشراكة بينهما في الوطن والحياة السياسية.

ــ وماذا عن زيارتك للبنان؟

- ليست الزيارة الأولى للبنان، سبق أن زرته مراراً ولدي أصدقاء وصديقات كثر اذ أكن كل الاحترام والتقدير لأصدقائي اللبنانيين... لقد شاركت في ندوة في بيروت تحدثنا فيها عن دور الاعلام وعن تبادل الخبرات في المجال الاعلامي. طبعاً في يومنا هذا أصبح للاعلام دور كبير على جميع الأصعدة.

وختمت قائلة:

- دائماً أردد ان الشعوب العربية يجب أن تتخلص من نظرية تخوين الآخر والمؤامرة لأن هذا يؤدي للمزيد من المشاكل والخلافات في الوقت الذي نحتاج فيه الى التكاتف والتعاون والاتحاد فيما بيننا. يجب أن يتكاتف الجميع لأن ما نشهده اليوم ليس سهلاً، بل يتطلب الكثير من الجدية والمثابرة والعزم لتحقيق العدالة الانسانية والديمقراطية. آن الآوان لشعوبنا أن تعيش حياة كريمة وهانئة بعيداً عن الظلم والاستبداد والاذلال، لا سيما ان الأوضاع تزداد سوءاً في العالم العربي على جميع الصعد، ولم يعد الأمر مقبولاً ان نستمر هكذا دون السعي لانقاذ مجتمعاتنا وأوطاننا.