تفاصيل الخبر

المرأة اللبنانية في عيدها... هل تترجم الوعود الى وقائع؟

10/03/2017
المرأة اللبنانية في عيدها... هل تترجم الوعود الى وقائع؟

المرأة اللبنانية في عيدها... هل تترجم الوعود الى وقائع؟

 

بقلم عبير انطون

5

متى تصل النساء في لبنان الى زمن يجعل منهن مواطنات تتوازى واجباتهن مع حقوقهن اسوة بالرجل اللبناني؟ هل تؤدي حملات المجتمع المدني اهدافها باقرار الـ<كوتا> النسائية ولو مرحليا في قانون الانتخاب المنتظر؟ ماذا عن الاحصاءات في مجال المشاركة السياسية ومواقع القرار، وماذا عن تمكين المرأة اقتصاديا ومن يهتم ويعمل عليه؟

 الأسئلة كثيرة في هذا المجال، وهي تصبح اكثر الحاحا في مناسبات يحتفل فيها العالم أجمع بالمرأة وبعيدها. فبأي حال يعود هذا العيد لبنانياً؟ بم وعد وزير شؤون المرأة جان اوغاسبيان؟ ومن هن النماذج النسائية الثلاث المميزة التي تتناول <الافكار> تجربتهن في مجالات بقيت حكراً الا في ما ندر على الرجال؟

 في الثامن من آذار تحتفل المرأة بيوم عيدها، وبهذه المناسبة، يحتفل عالمياً بالإنجازات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، حتى انه في بعض الدول كالصين وروسيا وكوبا تحصل النساء على إجازة في هذا اليوم.

 الاحتفال بهذه المناسبة جاء على إثر عقد أول مؤتمر لـ<الاتحاد النسائي الديموقراطي العالمي> والذي عقد في باريس عام 1945، فيما يرجح بعض الباحثين ان <اليوم العالمي للمرأة> اتى على إثر بعض الإضرابات النسائية التي حدثت في الولايات المتحدة. انما كان على الجميع انتظار حلول العام 1977 لتصدر <المنظمة الدولية> قراراً يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة تختاره للاحتـفال بالمرأة، فقررت غالبية الدول اختيار يوم الثامن من آذار/ مارس، وتحول بالتالي ذلك اليوم إلى رمز لنضال المرأة وتخرج فيه النساء عبر العالم في تظاهرات للمطالبة بحقوقهن ومطالبهن.

واذا كان اليوم محتفلاً به في لبنان ايضاً من دون عطلة رسمية للعاملات فيه، فإن ذلك لم يثنهن عن المضي قدما في نضالهن الذي بدأته سيدات رائدات في تاريخ بلدنا اخترقن الحواجز لدخول كليات الطب والمحاماة والهندسة، وكن في مقدمة المتصدين للمحتلين والمعتدين، وفي مقدمة المتظاهرين لنيل مطالب الجامعات وحقوق الانسان والمساواة بالتشريعات. نضالهن، لم يستمر بالزخم الذي بدأ فيه، على الرغم من الدعم <الكلامي> بشكل عام من السياسيين والاحزاب وغيرهم من دون ان يتحول واقعا على الارض، فكانت النتيجة مع تشكيل الحكومة الحالية امرأة واحدة في وزارة من ثلاثين وزيراً، مع وزارة لشؤونها يتولاها رجل هو الوزير جان اوغاسبيان، المؤمن كما يؤكد بضرورة اشراك المرأة في الحياة العامة.

 

صورة-2-الكابتن-في-الطيران-رلى-حطيط-----3 الخطة لشؤون المرأة

لقد اعد الوزير اوغاسبيان مشكوراً خطة هي بمنزلة خارطة طريق لوزارة شؤون المرأة، ولفت إلى أن خطة العمل تلحظ ضمان حق النساء والرجال على السواء في التمتع بالحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية، وتعزيز قدرات المرأة، والقضاء على البطالة والفقر، والقضاء على العنف ضدها، موضحاً أن خارطة طريق عمل الوزارة تلحظ <كوتا> نسائية بالمقاعد وليس الترشيح في أي قانون انتخابات نيابية إضافة إلى حق إعطاء المرأة الجنسية لأولادها. ويؤكد الوزير أن العمل بالـ<كوتا> كمرحلة انتقالية في المجلس النيابي ليس مسألة شكلية ولا مسألة صورية ولا ترفاً سياسياً، بل هو مسألة حتمية وضرورية لإعادة قدرات اساسية ضائعة في البلد يستفاد منها وفي الوقت نفسه تشكل قيمة مضافة للعمل في الإدارة وداخل المؤسسات كافة، وبالدرجة الاولى في المجلس النيابي والحكومة اللبنانية، مضيفاً: <سنسعى وسنعمل ولن نوقع على أي قانون انتخاب لا يتضمن <كوتا> نسائية وهذا الـ<momentum> موجود اليوم>.

 كذلك، فإن بين ما يشير اليه الوزير اوغاسبيان ايضا أمراً يتعلق بالتربية والمناهج المدرسية، وهو بالغ الاهمية بحيث تضطلع المرأة بدور على مستوى القرارات الوطنية الكبرى في لبنان والا تبقى الأمور كما في ايام طفولتنا حيث كنا نرى في كتبنا المرأة في المطبخ والرجل في المكتب، فمن واجبنا تغيير هذه الصورة النمطية وتظهير صورة المرأة على المنابر والمنصات الكبرى وفي مجلس النواب. وجودها، صوتها، رأيها، قرارها، فكرها واستراتيجيتها، نريد أن نراها ونربي أولادنا عليها. لا نريد أن نرى المرأة ضعيفة وبحاجة للحماية، بل نريد رؤيتها قوية وفارضة نفسها. لهذا فان مسألة الـ<كوتا> انتقالية لكي تعتاد المرأة على تبوء مواقع القرار وكذلك ليعتاد الناس وجودها في هذه المواقع، ومع الوقت تمضي الـ<كوتا> وتبقى المرأة موجودة.

 الى نية الوزير التي لا شك فيها، تضغط اتحادات وتحالفات وصلت الى 150 جمعية نسائية في لبنان لاقرار الـ<كوتا> النسائية التي نص عليها قانوناً مؤتمر <بيجينغ> في العام 1995، خاصة وأن نسبة مشاركة المرأة اللبنانية اليوم في البرلمان هي 3.1 بالمئة بعدما كانت النسبة الأعلى عام 2005 بتسجيل 4.3 من مجمل عدد نواب البرلمان اللبناني.

صورة-جوزيف-طربيه---2 

التمكين الاقتصادي..

 

 ومع الجمعيات النسائية الضاغطة، تنشط منتديات من مجالات عدة لدعم المرأة وتمكينها اقتصاديا بشكل خاص، وهذا ما شكل اساس المؤتمر لتمكين المرأة في القطاع المصرفي والمالي العربي الذي نظمه <الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب>، وتحدث فيه رئيس <جمعية المصارف اللبنانية> جوزف طربيه، فأكد أن <النساء يشكلن أكثر من نصف سكان العالم، إلا أنهن لا يمتلكن سوى واحد بالمئة من ثرواته، ويحصلن على 10 بالمئة من دخله، ولا يشغلن سوى 14 بالمئة من مناصبه القيادية في القطاعين العام والخاص على حد سواء، وأن الدول العربية تقع في اسفل الفجوة العالمية بين الجنسين حيث تواجه المرأة في معظم هذه الدول حواجز يتعذّر تجاوزها، وتمييزاً وعقبات قانونية وتنظيمية، وافتقاراً للفرص الاقتصادية، وظروف عمل صعبة، وغيابا للدعم المؤسسي والمجتمعي اللازم للاستفادة من طاقاتها في الحياة الاقتصادية والعامة، إذ أن نسبة النساء من القوى العاملة في العالم العربي لا تتجاوز الـ 24 بالمئة لافتاً إلى أن <اتحاد المصارف العربية> و<الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب> يهدفان إلى تكريس مساهمة المرأة اسهاماً كاملاً في الحياة الاقتصادية عبر القطاعات كافة، ويعتبران أن تمكين المرأة شأن حيوي من أجل بناء اقتصادات قوية وإقامة مجتمعات أكثر استقرارا... مع السعي إلى تحويل البيئة الاقتصادية بيئة حاضنة ومشجعة للمرأة في ظل إبتكار قوانين وتحفيزات تشجع إنخراط المرأة الفعال في الدورة الاقتصادية، باعتبارها عنصراً اقتصادياً اساسياً وناشطا ومساهما في ارتفاع الناتج المحلي (GDP)، وتتمتع باستقلالية اقتصادية.

نجحن... بالتحدي

واذا كانت نساء يعملن على الملأ لانتزاع حقهن بالمساواة وتغيير التشريعات التي تجعل منهن <مواطنات درجة ثانية> فإن سيدات أخريات يعملن بصمت لانتزاع القاب في مجالات كانت حكراً على الرجال، او من صورة-2-القسيسة-رلى-سليمان---4 النادر ان نراهن فيها، ليثبتن بالقابهن العالمية او بالـ<سابقة> التي يشكلنها نوعا ايضا من اثبات الحق بتكافؤ القدرات.

الكابتن الطيار في <طيران الشرق الاوسط> رلى حطيط، حارسة المرمى الحائزة البطولة العربية ناديا نصر، والقسيس رلى سليمان ثلاثة نماذج لاثبات قدرات المرأة في ما كان معتبرا حكرا على الرجال.

الكابتن الطيار الأولى في الطيران المدني في لبنان والشرق الاوسط رلى حطيط شرحت كيف وصلت الى المركز التي لم يرها فيه احد يوما، حتى ان احد الاصدقاء تحداها مستهزئاً من خيارها ومؤكداً عدم وصولها الى مدرج المطار حتى. فقد دخلت الطيران من باب التحدي وليس من باب الامنيات بالتحليق وما الى هنالك، اذ ليس من سبقها من عائلتها الى هذا المضمار. فقد انتسبت بعد حصولها على شهادة الرياضيات في الصف الثانوي النهائي الى اختصاص الرياضيات في الجامعة الأميركية، وذات يوم دخل احد الزملاء الى الصفّ متأبطا صحيفة <النهار> ويسخر من اعلان قرأه فيها يقول ان شركة <ميدل ايست> تطلب فتيانا وفتيات للتدرب على الطيران، متسائلاً كيف يمكن للمرأة ان تقود طائرة وهي لا تعرف قيادة سيارة، متحدثا بتهكم مليء بالافكار المسبقة والتقليدية عن المرأة، ما استفزها ليتقدما الى الامتحان سويا وكان ترتيبها في طليعة التسعة الذين نجحوا فيما هو رسب، وكانت مشجعتها الاولى في هذا المضمار والدتها، اما لوالدها، فإنها تستكمل قريبا ما سبق ووعدته به وهو نيل شهادة الدكتوراه في الرياضيات.

  من ناحيتها ناديا نصر، ابنة بلدة بكفتين الشمالية في قضاء الكورة فقد قطفت بجدارة لقب <أفضل حارسة مرمى في العالم العربي> في رياضة كرة القدم. وعن الانجاز الذي حققته بعمر صغير، وما ينتظرها بعد في هذا المجال الرياضي تقول ناديا لـ<الأفكار>: لا زلت في عامي الدراسي الاخير في المدرسة وانوي التخصص في مجال الرياضة، الذي هو مجال والدتي ايضا. انا <شق التوأم مع اخي> والعب كرة القدم منذ سنوات. أرفض القول انها لعبة للشباب، ولاحقق حلمي فيها توجهت الى بيروت وشاركت في <الاتحاد اللبناني لكرة القدم> وسافرت معه وعدت باللقب من قطر العام 2015 واتدرب اليوم مع <نادي السلام> في زغرتا.

تعتبر ناديا ان حراسة المرأة مهمة اصعب من غيرها بين اعضاء الفريق اكان في الهجوم او الدفاع لانها تحمل صاحبتها مسؤولية اكبر، وهي تتطلب لياقة بدنية عالية وقلباً قوياً فلا تخاف الحارسة من الكرة التي تأتيها باسرع من البرق. تتمرن ناديا، التي لعبت كمهاجمة لمدة عامين، مرتين في الاسبوع وتتبع نظاما صارما في ما يتعلق بالمأكل والمشرب، وتجد <الحارسة> ان فكرة قبول الفتيات في فرق كرة القدم بدأت تتغير الوزير-جان-اوغاسبيان---1 <صاروا يتقبلوا الخبرية> وما يحزنها ان لا رعاية رسمية للرياضة بشكل عام في بلدنا ما يحرم الفرق من الذكور والاناث تقديم انجازات اكثر لرفع اسم البلد عالياً في مجال حضاري، مقدمة مدرستها نموذجاً في الدعم اذ سمحت لها ادارتها بالتغيب فترة البطولة وشجعتها للفوز والعودة باللقب الذي احرزته، ما زادها ثقة بنفسها، وتعلقاً بكرة القدم بشكل أكبر، وإصراراً على اختيار الرياضة تخصصاً مستقبلياً.

ومن الرياضة الى مجال بعيد تماماً، نموذج أيضا لخرق يحصل للمرة الاولى على صعيد العالم العربي كله في خطوة غير مسبوقة، فقد سميت ابنة مدينة طرابلس الواعظة رلى سليمان قسيسة في خطوة متقدمة من قبل <السينودس الإنجيلي الوطني> في سوريا ولبنان، وذلك من خلال قراره تكريس الواعظة رلى عادل سليمان أول امرأة قسيسة، اذ أصدر <السينودس> قرار رسامة سليمان بعد الطلب الذي رفعته إليه <الكنيسة الإنجيلية الوطنية> في طرابلس.

القسيسة الجديدة ابنة الثانية والاربعين ربيعاً المتخرجة من علم اللاهوت والتي لها مسيرة طويلة في الخدمة الرعائية والتربية الدينية، طلبت بالا ينظر اليها المجتمع والمحيطون بها الا كخادمة للرب وان يحاسبوها على هذا الاساس، مشجعة النساء على خدمة الكنيسة نظراً إلى الدور الذي يمكن أن يؤدينه في نهضتها وتنشيطها، بعيداً من المقارنة بل بالتكامل مع الرجل ودوره.