تفاصيل الخبر

الموت المفاجىء عند الشباب غالباً ما يكون ناتجاً عن خلل في كهرباء القلب!

12/04/2019
الموت المفاجىء عند الشباب غالباً ما يكون ناتجاً عن خلل في كهرباء القلب!

الموت المفاجىء عند الشباب غالباً ما يكون ناتجاً عن خلل في كهرباء القلب!

بقلم وردية بطرس

توقف القلب المفاجىء هو حالة جينية ووراثية تؤثر على كهرباء القلب وتؤدي الى توقفه فجأة، فهو قاتل للشباب والشابات بين عمر 12 و35. ويحدث توقف القلب المفاجىء بسبب قصور وظيفي في النظام الكهربائي للقلب بدون سابق انذار حيث تتسارع ضربات القلب بشكل خطير، ويعاني البُطينين اي حجرات القلب السفلى من الرفرفة والرجفان في ما يُعرف بـ(الرجفان البُطيني) ما يحول دون نقل الدم الى الجسم. وخلال الدقائق القلائل الأولى تتركز أكبر المخاوف على وصول الدم الى الدماغ، اذ يقّل وصوله بشكل كبير بحيث يفقد المريض وعيه، وعندها يفارق المريض الحياة، الا اذا تلقى المعالجة الطارئة على الفور. وتشمل المعالجة الطارئة للشخص الذي يعاني من توقف القلب المفاجىء الانعاش القلبي الرئوي وازالة الرجفان القلبي. ويعمل الانعاش القلبي الرئوي على تزويد الرئتين بما يكفي من الأوكسجين، وينقل الأوكسجين الى الدماغ الى حين استعادة الايقاع الطبيعي لنبض القلب عن طريق ارسال صدمة كهربائية لصدر المريض في عملية تُعرف بـ(ازالة الرجفان) وقد تفيد في انقاذ حياة الشخص أجهزة ازالة الرجفان المحمولة التي يستعملها المسعفون او تلك المتوافرة لعامة الناس.

وفي لبنان نسمع الكثير عن تعرض الشباب للموت المفاجىء دون اي سابق انذار اذ منهم من كان يمتع بصحة جيدة وبلحظة يفقد حياته... علماً انه يمكن انقاذ الشخص خلال الدقائق العشر الأولى من تعرضه لهذه الحالة اذا توافرت أجهزة الصدم الكهربائي في الأماكن العامة وغيرها...

وقد توقف قلب الشابين الجامعيين ريمي ويوهان فولدت كل من <جمعية قلب ريمي ربيز> و<جمعية يوهان> لتوعية الشباب، وقصة ريمي هي واحدة من القصص المؤلمة التي وقعت وتركت اثراً بليغاً في نفوس الأهالي والاحباء، إذ كان ريمي بعمر العشرين عندما فارق الحياة وذلك في العام 2013 اثر توقف قلبه فجأة. عاش ريمي حياة صحية بحمية الرياضيين وكان بصحة جيدة جداً ولم يشك من اية عوارض ولهذا لم يقم بتخطيط قلبه، وقد تبين في ما بعد انه كان ضحية حالة جينية ووراثية تؤثر على كهرباء القلب وتؤدي الى توقفه فجأة وتعُرف باسم  <Long QT Syndrome> إنما للأسف لو كان جهاز تنظيم ضربات القلب موجوداً لكانت حياة ريمي قد أُنقذت ولكن خسرنا ريمي خلال ثوان. وعندما علم والدا ريمي بأن ابنهما كان يمكن ان ينجو لو كان يعلم بمرضه وعالجه، وجدا نفسيهما أمام خيارين: اما اليأس والسكوت كما فعل آباء كثيرون واما تحويل المصيبة الى أمل. وهكذا سارا وراء الخيار الثاني فولدت (جمعية قلب ريمي ربيز)، اذ في تشرين الأول (اكتوبر) 2013 انضم اليها طوعاً أطباء متخصصون ومن بينهم من تابعوا حالة ريمي خلال أيامه الأخيرة في المستشفى. وقد اراد أهل ريمي توعية الشبان والشابات حول ضرورة تخطيط القلب، وسرعان ما وجد المعنيون في الجمعية أنفسهم يجولون على المدارس والأندية الرياضية محاضرين عن الموضوع، ولا تزال الجمعية تلقي المحاضرات للتوعية وتقوم بحملات تخطيط القلب. وأيضاً الشاب الجامعي يوهان توقف قلبه فجأة ولكن والدته الطبيبة ريتا هاروني حوّلت جرح قلبها الى بلسم لقلوب الكثيرين اذ اسست جمعية أسمتها (يوهان) ليبقى قلب ابنها الذي فقدته من جراء توقف قلبه، ولنشر التوعية حول الاصابة بسكتة قلبية مفاجئة، ومساعدة الناس على التعرّف على هذه الحالة، وتأثيرها على الأشخاص، وعلى ما يمكن القيام به للمساعدة في انقاذ الأرواح، ولمساعدة عائلات الأطفال والشباب المعرضين وراثياً للموت المفاجىء بسبب خلل في ضربات القلب.

خطة عمل لتدريب تلاميذ المدارس على الانعاش!

ولانقاذ أرواح الشباب من الموت المفاجىء نظمت الجمعية اللبنانية لأمراض القلب والجمعية اللبنانية لطب الطوارىء مؤتمراً بعنوان (توقف القلب خارج المستشفى: تحد طبي وقانوني وعام) في مقر نقابة أطباء لبنان، والهدف منه: أولاً: صياغة مشروع قانون السامري الصالح اللبناني. ثانياً: وضع خطة عمل لتحقيق التدريب الالزامي لطلاب المدارس الثانوية في حالات أمراض القلب والرئة والانعاش <Cardiopulmonary Resuscitation> (CPR). ثالثاً: اقتراح خطة عمل للوصول الى العامة من خلال برامج مزيل الرجفان. وهذا يمثّل الأمل في السياسة الصحية والتغييرات التنظيمية التي ستؤدي الى تحسين معدل البقاء على قيد الحياة في حال التعرض للسكتة القلبية خارج المستشفى، وقد أبدى رئيس لجنة الشؤون الصحية في البرلمان اللبناني الدكتور عاصم عراجي والنائب في البرلمان الدكتورة عناية عز الدين دعمهما الكامل لتمرير القوانين التي هناك حاجة اليها. كما وعد نقيب المحامين في بيروت المحامي أندريه شدياق بوضع موارد النقابة في خدمة هذه القضية نظراً لأهميتها للمجتمع ككل. وبدوره اتفق نقيب الأطباء في بيروت البروفيسور ريمون الصايغ، وممثل وزارة الصحة العامة الدكتور بهيج عربيد على ما ورد أعلاه اذ سيتابعان الفريق الذي يقود هذا الجهد لضمان تحقيق الأهداف النهائية. ولقد أبرز وزير الداخلية سابقاً المحامي زياد بارود الحاجة الى هذه التغييرات. وأعلنت ممثلة <جمعية القلب الأميركية> السيدة زهرة الهلالي الجهود والدعم الذي ستقدمه الجمعية لخطط المجموعة المستقبلية. علاوة على ذلك حضر ممثلو الصليب

الأحمر والدفاع المدني تماشياً مع اهداف الاجتماع واقروا الحاجة لهذه التغييرات للحد من الوفيات على المستوى الوطني. ويتألف الفريق الذي يقود هذه الجهود من مدير طب الشرايين في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور حسين اسماعيل رئيساً، ورئيس <LSEM> الدكتور مازن السيد والدكتورة سمر نور الدين من الجامعة الأميركية في بيروت، والمنظمات غير الحكومية بما في ذلك مؤسسة <ريمي ربيز يونغ هارت فونديشين> و<جمعية يوهان> وستتم المتابعة مع نقيب المحامين أندريه شدياق لوضع اللمسات الأخيرة على مشروع القانون السامري الصالح اللبناني وتقديمه الى البرلمان اللبناني. وفي مسار مواز ولمساعدة هذا الفريق سيعمل رئيس <الجمعية اللبنانية لأطباء القلب> الدكتور أنطوان سركيس جنباً الى جنب مع الرئيس المنتخب للمجلس الدكتور مالك محمد للمتابعة مع وزارة الصحة العامة ووزارة التعليم المواضيع التالية: أولاً: تطوير الحملة الوطنية لرفع الوعي حول كيفية تحسين البقاء على قيد الحياة اثر التعرض للسكتة القلبية خارج المستشفى. ثانياً: تطوير المراسيم الحكومية اللازمة لتدريب الطلاب وتطوير برامج الرجفان لدى العامة. وفي نهاية الاجتماع وقعّت جميع الجهات الرسمية المشاركة على تعهد رمزي للمساعدة في جميع الجهود الرامية الى الحد من عبء الوفيات من السكتة القلبية خارج المستشفى، وتمت الموافقة على الخطط اللاحقة وسيتبع اجتماع ثانٍ لاظهار النتائج الملموسة، على أمل ان يكون لبنان اول بلد عربي يمرّر ما يعادل القانون السامري الصالح.

 

 الدكتور حسين اسماعيل والحماية القانونية للمسعف!

وكان لـ<الأفكار> حديث مع مدير برنامج طب الشرايين في <الجامعة الأميركية في بيروت> الدكتور حسين اسماعيل لالقاء الضوء على الدراسات التي أجرتها الجامعة في السنوات الأخيرة بما يتعلق بالموت المفاجىء لدى الشباب فيقول:

- اليوم نعمل جاهدين للتعاطي مع هذا الملف لانقاذ أرواح الشباب وتدريب تلاميذ المدارس على الانعاش وما شابه. وهناك مجموعة دراسات أجريت خلال السنوات الأربع او الخمس الماضية في <الجامعة الأميركية في بيروت> حول نتائج الانعاش والعوائق التي تحصل وكيفية تحسين النتائج. واليوم نقدم خلاصة الأبحاث كلها بمعنى ان هناك مطالبة بصياغة ثلاثة قوانين وهي بعهدة كل من الدكتور عاصم عراجي، والدكتورة عناية عز الدين، ووزارة الصحة، ونقيب الأطباء، ونقيب المحامين، والدفاع المدني، والصليب الأحمر، والجمعيات الأهلية، والجمعيات العلمية: جمعية أطباء القلب، وجمعية طب الطوارىء.

وأضاف:

- جميعنا يرى هذه القوانين الثلاثة أساسية جداً. وهذه هي المرة الأولى التي نتحدث فيها عن هذا الموضوع بهذه الطريقة المكثفة والمبنية على دراسات علمية واضحة. لقد وصلنا الى مرحلة نقدر ان نقول انها تأسيسية جامعة لكل العمل الذي قمنا به من قبل، من هنا المطلوب بما يتعلق بالقوانين الثلاثة: أولاً: قانون الحماية القانونية للشخص عندما يسعف بحيث لا يُسأل ولا يُلاحق قانونياً لنزيل التردد. ثانياً: الزامية تدريب تلاميذ المدارس لمدة ساعة واحدة في السنة على الاسعاف لنخلق بيئة جاهزة لتسعف. ثالثاً: ان تتوافر لدينا تكملة الحلقة لأن حلقة من حلقات النجاة ان يكون لدينا مكنات صدم كهربائي موجودة في الأماكن العامة لكي يصل اليها الناس بسرعة لنقدر ان نحسّن النتائج.

أسباب حدوث الموت المفاجىء

عند الصغار والشباب!

ــ ولماذا يتعرض الصغار والشباب للموت المفاجىء؟

- بما يتعلق بالأعمار الصغيرة فأغلبها هي حالات وراثية ولكن نقدر ان نعمل على الكشف المبكر، وهذه لها تفاصيلها اي نقدر ان نساعدهم لكي لا يصلوا الى هذه المشكلة، اي لها تفاصليها ومسارها، وان <جمعية قلب ريمي ربيز> و<جمعية يوهان> تعملان معاً على هذا الموضوع. أما سبب حدوث الموت المفاجىء عند الفئة العمرية ما دون سن 35 وعند الفئات العمرية الأكبر، فغالبية الحالات تأتي جراء أمراض الشرايين والقلب الناتجة عن انتشار التدخين والنرجيلة، وقلة الحركة والرياضة، والسمنة والبدانة، والسكري وارتفاع الضغط، والوضع النفسي.

وأضاف:

- يجب ان يدرك الجميع ان كل دقيقة تمر بدون ان نسعف الشخص بشكل سريع وسليم نخسر فيها 10 بالمئة من امكانية نجاته من الموت، معنى ذلك انه خلال 10 دقائق اذا لم نبدأ بإسعافه فسيموت الشخص. نحن ندفع كثيراً لاسيما ان العائلات تدفع تكلفة عاطفية لخسارة ابنائها والذين كان من الممكن انقاذهم، اضافة الى ذلك هناك تكاليف مالية، وبالتالي من الضروري جداً ان نعمل على هذا الموضوع للحد من هذه المشكلة التي تصيب الشخص وعائلته على حد سواء.

الاختصاصي في كهرباء القلب الدكتور برنارد ابي صالح وحملات التوعية في المدارس والجامعات!

ويعتبر الاختصاصي في كهرباء القلب الدكتور برنارد ابي صالح ان معظم الشباب بعمر صغير يعانون مشكلة السكتة القلبية الناتجة عن خلل في كهرباء القلب، وهذا ما دفعهم للعمل مع جمعية  <Remy Foundation Young Heart> والقيام بحملات توعوية في المدارس والجامعات. ونسأل الدكتور برنارد ابي صالح عما اذا كانت حالات الموت المفاجىء لدى الشباب قد ازدادت ولهذا يدقون ناقوس الخطر فيقول:

- لا اعتقد انها زادت اكثر الان اي انها كانت تحصل من قبل ولكن لم نكن نسمع عنها كما يحصل اليوم نظراً لسرعة انتشار الخبر في وسائل التواصل الاجتماعي، اذ اصبح الخبر ينتشر بسرعة في كل أنحاء البلد، وبالتالي نقوم بهذه التوعية حول هذا الموضوع، وفي الوقت نفسه الناس يرون ان هذا الأمر يحصل، ولهذا يظن الناس انها ازدادت اكثر.

مشاكل في كهرباء القلب!

ــ وما الذي يسبب الموت المفاجىء لدى الشباب؟

- غالبية الأسباب تعود لمشاكل في كهرباء القلب، كما أن هناك عاملاً وراثياً بهذا الخصوص، وهنا اهمية التوعية حول الفرق بين الذبحة القلبية والسكتة القلبية، اذ ان السكتة القلبية هي مشكلة بكهرباء القلب، وقد تؤدي الذبحة القلبية الى السكتة القلبية، ولكن السكتة القلبية أخطر بكثير من الذبحة القلبية، وبالتالي تحدث السكتة القلبية بأي عمر كان، اذ ليس بالضرورة ان تحصل عند الشخص المتقدم في السن اذ قد تحصل عند الصغار والنساء والرجال بالمعدل نفسه، ولكن المشكلة انها عندما تحدث ونردد ذلك دائماً: اول عارض يكون آخر عارض.

ــ وما هو همكم كأطباء؟

- نحاول ان نقوم بهذه التوعية مع الجمعيات ونشكرها جميعها، ولقد عقدنا ندوة لاصدار مشاريع قوانين لهذه الأعمال التي نقوم بها، وأيضاً لنقدم الحماية القانونية للأشخاص الذين يسعفون مَن يتعرض للسكتة القلبية.

ويختم قائلاً:

- كلما تدخلنا بسرعة كلما نقدر ان نسعف الشخص الذي يتعرض للسكتة القلبية. وهناك أناس كثيرون تمكنوا من اسعاف أشخاص تعرضوا للسكتة القلبية، واتحدث هنا تحديداً عن <الجامعة الأميركية في بيروت> لأن أمكنة <Automated External Defibrillator> (AED) أو الأجهزة المزيلة للرجفان متوافرة في المستشفى، اذ تمكنا من اسعاف ثلاثة طلاب فهؤلاء الطلاب لولا هذه الأجهزة لما كانوا الآن أحياء بيننا. وأود ان تتعاون كل المدارس والجامعات معنا لأن الشباب هم الأكثر عرضة للموت المفاجىء، وبالتالي من المهم ان تتعاون معنا لتدرب طلابها على الانعاش كما عليها احضار هذه الماكينة وهي ليست مكلفة لتفادي الموت المفاجىء.