تفاصيل الخبر

الموسيقار الياس الرحباني: أقول للرئيس الآتي: ”ابـتـســم.. أنــت رئـيـــــس كــل اللـبـنـانـيـيــــن“!  

05/08/2016
الموسيقار الياس الرحباني: أقول للرئيس الآتي: ”ابـتـســم.. أنــت رئـيـــــس كــل اللـبـنـانـيـيــــن“!   

الموسيقار الياس الرحباني: أقول للرئيس الآتي: ”ابـتـســم.. أنــت رئـيـــــس كــل اللـبـنـانـيـيــــن“!  

بقلم عبير انطون

صورة-2-الياس-الرحباني

<الله والموسيقى توأمان>، عبارة يرددها الهرم الرحباني الثالث الياس الرحباني، العازف والمؤلف والملحن وقائد الفرقة الموسيقية، جعله النغم يسمو الى فوق، الى ما بعد بعد خلافات البشر واحقادهم وحروبهم حتى الفنية التي طاله قسم منها. صاحب السبعة آلاف تحفة فنية واكثر في مختلف المجالات، نبع لا ينضب من العطاء سيصب في الثالث عشر من آب/ اغسطس الجاري في مهرجانات القبيات ضمن ليلة فنية رحبانية لا تنسى.

<الافكار> حاورت <المايسترو> فأخذها الى مطارح بعيدة لا حدود فيها للمحبة والتلاقي بين البشر. ومن بين ما قاله لنا وصيته للرئيس اللبناني الجديد، اياً كان اسمه، فور انتخابه. فما هي الوصية - النصيحة؟ وماذا أخبرنا عن الحفلة وعن النجوم الجدد وعن ولديه جاد وغسان؟.

وسألناه أولاً:

ــ تحيي من ضمن مهرجانات القبيات احتفالاً موسيقياً غنائياً، هل كنت تفضل لو كان انتاجاً مسرحياً ونعرف كم تحب المسرح وتشتاق اليه ولك فيه اجمل الاعمال؟

- لا افضل المسرح على الاحتفال الغنائي او العكس. ما يهمني هو ان يكون العمل متقناً حلواً وناجحاً. الاحتفال الموسيقي جميل، وفيه تلاق مباشر مع الناس وهو ينتج فرحاً كبيراً.

ــ سألتك عن المسرح لأن آخر ما قدمته فيه كان عزيزاً جداً عليك إلا أنه تمّت مقاطعته كما اخبرتنا في مقابلة سابقة..

- <ايلا، ضيعانا ما تنعرض>، من المفترض لهذا العمل الضخم ان يترجم الى الايطالية والفرنسية. قاطعها <القبضايات> يوم عرضتها في <قصر المؤتمرات>، علماً انني لم انتم يوماً الى مجموعة بل ساعدت الجميع وقدمت الفن للجميع لأنني رجل حقيقي..

ــ ربما اليوم مع المصالحة المسيحية، لن تكون المقاطعة واردة.

- ما عدت اصدق شيئاً.. الله يخلصنا! مع <ايلا>، <اكلنا الضرب> من الصديق العزيز الذي اوقف الانتاج منذ الشهر الاول متصلاً بابني غسان قائلاً له: اعرف انك ووالدك <اوادم> ولن ترفعا الدعاوى وسأتوقف الليلة عن الانتاج، وكنا قد تعاقدنالمدة ثلاثة أشهر فاستدنا من البنك لتغطية المصاريف، لكننا عائلة لا تعرف البغض.

 وفي نظرة فلسفية حول البغض والمحبة والكون والحياة يزيد لنا <المايسترو>:

- افكاري وصلت الى الفاتيكان حول الله والانسان واللعبة الكونية. برأيي ما من كون واحد والا ما من عدل في ذلك. هناك كونان: واحد حيث الله والحق والمحبون والاخيار، وثانٍ هو الكون الذي نعيش فيه وهو كون شيطاني، فيه البغض والتناحر والقتل والامراض والدليل الأكبر ما يجري اليوم. الشياطين هنا، على هذه الارض التي مر بها الاله لثوان معدودة، ثوانٍ بالمفهوم الالهي طبعاً. هذه الافكار طرحتها امام خمس من رجالات الدين الكبار وامام السفير الايطالي وهم يهتمون بالافكار وجديدها وتطورها. من يوم وجد الانسان لم يتوقف نهر الدم والهجومات والحروب والهزات الارضية، وهذا لا يمكن ان يكون كون الله.

ويؤكد الرحباني قائلاً:

- انا على استعداد لنقل هذه الافكار من ضمن فيلم سينمائي، وهذه الفكرة لم يتطرق اليها احد قبلا. ليقل احدهم انه مستعد وسأعمل بكل قواي لانجازه.

صورة-3-الياس-الرحباني

فخامة الرئيس!

 وقبل ان نعود الى اسئلتنا يأخذنا <عازف الليل.. والنهار> الى مكان جديد يؤكد فيه على اهمية المحبة التي تنتج الفرح ويزيد قائلاً:

- اي رئيس ينتخب اليوم، مطلوب منه امر واحد فقط فور انتخابه: عليه ان يطل على الناس بابتسامة وكأن فرح الدنيا على محياه ويتوجه الى كل اللبنانيين بخطاب يختصر مضمونه بالآتي:

- نحن يا اخواني ابناء المحبة، سنوقف القتال في لبنان لأننا ابناء الله.

وبعد ذلك عليه ان يؤدي واجبه بدون زيادة ولا نقصان، وبدون اي مواربات او صفقات.

وبالحديث عن الصفقات، يكلمنا عن الثروة التي جمعها من الفن والتي حشرته بالسؤال عنها احدى التلفزيونات فيقول لنا:

- سألوني ان كنت املك مليون دولار لعملي في مجال الفن، وأكدت لهم انني اعمل في مجال الفن منذ 53 عاماً و<ما معي قرش>..

ويضحك عالياً فنسأله:

ــ هل لك عتب على الدولة اللبنانية وفي اي جانب؟

- لا اعتب على احد، ولي من الاوسمة والتكريمات ما زاد وفاض. لكنني اسأل: الرحباني الذي تفوق عن جدارة على الفرنسي والايطالي والالماني والانكليزي من حول العالم في اكبر المسابقات الموسيقية العالمية، لماذا تخبئ او تعتم على انجازاته انت يا لبنان؟

صورة-4-الياس-الرحباني 

 غسان.. واميركا والبيئة!

 

ونعود الى مهرجانات القبيات فنسأله:

ــ ماذا ستتضمن السهرة المنتظرة، وهل ستكون باسكال صقر معكم كما علمنا هي من غنت لك اجمل الالحان؟

- نعم ستكون باسكال معنا، وينضم الينا ايضاً كل من باسمة وجيلبير جلخ ورانيا الحاج، وسأقود الاوركسترا التي تضم 40 عازفاً وعازفة على غرار الاوركسترات الاوروبية، مع عشرين من الكورس، وهناك 22 اغنية مختلفة.

ــ وماذا عن غسان؟ هل ستكون له مشاركة ايضاً؟

- لسنا متأكدين حتى الآن. نجتمع الليلة الساعة السابعة حتى نقرر نهائياً، وشخصياً اتمنى عليه ان يطل على المسرح ولو لفترة وجيزة. لغسان قدرة موسيقية كبيرة جعلت كبار الموسيقيين يتوقفون عندها وهو يخبئ الكثير بعد، وقد وصل بالموسيقى الكلاسيكية الى حدود بعيدة. منذ مدة استمع اليه موسيقي اميركي كبير فلم يصدق ما سمعه. لقد أخطأت مع غسان حين اعدناه من أميركا. كان في العشرين من عمره وكان هناك قرار بان يتعاقد مع المنتج المعروف رون شويري وهو من أصل لبنـــــاني وله انتاجات ايضاً في افلام كبيرة، كلمته ذات يوم طالباً ان اتحدث الى غسان، فقال لي بالانكليزية: <مستر رحباني، انه عام ابنك غسان هنا في اميركا>، فغصصت وانا اكلمه وهي الغصّة عينها التي سمعها حين كلمتـــــه امــــه (زوجتي نينــــا)، فما وجدناه بعد شهر الا عائداً الينا.

ــ كنت تتمنى لو بقي في الخارج؟

- نعم. غسان قدم الكثير يوم لم يكن احد يجرؤ على خوض مواضيع كثيرة، والبيئة على رأسها. فهو من اوائل من اثاروا موضوع الكسارات و<الزعران> والمسؤولين. ومع إثارة موضوع الكسارات تعرض لخطر كاد أن يودي بحياته اذ تبعته مجموعة تستهدفه، ولولا لطف الله وتوجهه وهو في طريقه ليلاً الى اقرب مركز للجيش اللبناني الذي انقض على المعتدين لكان الامر عسيراً.

ــ وانت كانت لك فرصة كبيرة في اوروبا مطلع شبابك، هل تندم على تفويتها؟

 - للأسف لا يقدر بلدنا ما قدمته من اغان بالعربية والفرنسية والانكليزية والايطالية. اجدني مقدراً اكثر خارج بلدي، انا الذي جلبت الفوز للبنان ورفعت اسمه في العالم كله سبع مرات في منافسة مع اكبر العازفين والمؤلفين الموسيقيين من القارات الخمس. ما بالكم بالسفير الفرنسي الاسبق <باتريس باولي> ومن بعده السفير <دوني بياتون> الذي كرمني بوسام الشرف الفرنسي ليشكرني على 6500 مقطوعة موسيقية اعتبرَها <شي دوفر>، اي من روائع الفن؟ في التاسعة عشرة من عمري استطعت ان اوقع عقدا مع الـ<بي بي سي> الشركة العريقة التي حضرت الى بيروت لأجل الاخوين رحباني وفيروز فسمعوني على البيانو وتعاقدوا معي على اربعين اغنية واسكيتشات كوميدية ادخلت الاغنيات اليها.

ــ بين الاغنيات الكثيرة التي الفتها، هل من واحدة مفضلة لديك لسبب او لآخر؟

- لا.. الا ان هناك مناسبات تذكرني بهذه الاغنية او تلك. فقد تذكرت من خلال اتصال جرى معي منذ مدة أغنية أنشدتها المطربة سعاد الهاشم، وكنت في العشرين من عمري، ولا اصدق انني من الفها بعنوان <آخر دني صوتو الهني>..

وبعد دندنتها على مسمعنا يكمل <المايسترو>:

- لا يريد النجوم الجدد من مثل هذه الاعمال الكبيرة <مش هاممهم>.. ربما بعضهم يبغض الناجحين للأسف.. <ينكوزون فيهم>. منذ مدة اتصلت بي احدى السيدات قادمة من اميركا وارادت لابنتها وهي في ربيعها الثامن عشر ان تنطلق في عالم الفن، وحضرت الى الاستوديو الخاص بنا لتسمعني الاسطوانة التي انجزتها لها وهي تضم ثماني اغنيات. لم اتردد بأن اقول لها رأيي بصراحة.

وبطرافته المعهودة اخبرنا جوابه للسيدة:

- قلت لها <الصباط> (اي الحذاء) أفضل منها، فالأول اذا لبسته ترتاحين فيه وهو يوصلك الى مكان معين، اما هذه الاغنيات فهي غير مريحة ولا توصل ابنتك الى اي مكان. وسألتها عن الكلفة، فاجابتني بانها بلغت 80 الف دولار، ومع اسماء غير معروفة. ومن تلقاء نفسها قالت: <استاذ الياس لم احضر لعندك اولا، لانهم قالوا لي انك متكبر وأسعارك مرتفعة جداً>.. فضحكت لما اسمعه يتردد مراراً وتكراراً بأنني اتقاضى مبالغ خيالية وانني <اولد فاشن> وما الى ذلك، وهذه طبعاً ليست سوى إشاعات مغرضة لعدم التعاون معنا.

غسان-الرحبانيأكاديمية الياس الرحباني

 

ونسأله:

ــ اليوم للياس الرحباني اكاديمية في الضبية تحمل اسمه، الى اي مدى انت فخور بمشروع غسان الناجح والى اي مدى <فشت خلقك>؟

- كثيراً.. جاءني غسان يوما بهذه الفكرة الحلوة قائلا: <ليس للاخوين رحباني اكاديمية ثابتة، ولا انت ايضاً، وانا أفكر بهذا المشروع. سألته: وهل انت قادر على تنفيذه مادياً؟ وهو مشروع مكلف>، فقال: <مظبط حالي مع احد البنوك> وكان المشروع رائعاً ادعو الجميع الى زيارته>. من اول الدخول اليه تشعرون بفرح غريب مع المرايا المنتشرة في المكان بحيث يمكن للاهل ان يواكبوا ابناءهم ويطلعوا على مجرى الدروس، وبحيث يمكن لغسان ان يطلع على كل ما يجري مع المنتسبين وقد بلغ عددهم الستمئة تلميذ.

ــ هل فكرتم بافتتاح فروع لاكاديمية الياس الرحباني في المناطق، وشهاداتها معترف بها كما <الكونسرفاتوار>؟

- هناك طلبات وعروض وبينها ما يأتي من الدول العربية، الا ان غسان يتريث جداً لخوفه على المستوى وتعرفون كم يكنّ العرب للرحابنة من تقدير ومحبة اكثر بكثير من بعض اللبنانيين. ففي اذاعات عربية وبينها الاذاعات السورية تستمعون الى فيروز ووديع وصباح يوميا، وليس في الفترة الصباحية فقط.

ــ يؤخذ عليك انك اعطيت الالحان لأصوات متواضعة جداً، فيما انت تنتقد المستوى الهابط في الكثير من الاحيان... بماذا تجيب؟

- المهم مستوى النغمة والصوت المقبول. استطيع ان اجعل الصوت <الوسط> او حتى الاقل يغني بشكل صحيح وبما يناسبه بدون هبوط في المستوى. اعرف كيف اختارهم وماذا اختار لهم. ومعي يمكن للاغنية ان تبصر النور بلحظات.

ــ كان لك مؤخراً تعاون مع الفنانين هاني العمري وغسان سالم، كيف تقيم التجربتين؟

- بالنسبة لهاني لم تكن تربطني به معرفة شخصية. زارني ووجدت صوته جميلاً وعرض التعاون معي، واحيينا اربع حفلات في كازينو لبنان بعنوان <هاني العمري يغني غسان الرحباني> تضمنت 21 أغنية مختارة لأجمل ما قدّمته من أعمال لفيروز، نصري شمس الدين، وديع الصافي، الشحرورة صباح، ماجدة الرومي وغيرهم، وكانت جميعها ناجحة جداً والعالم <فوق بعضها>.

ويتوقف لحظة عن الحديث ثم يكمل قائلاً:

 - آه، هل تعرفون المشروع الذي كنت احلم به طوال عمري؟ ان يكون لي مطعم خشبي على غرار المطاعم الباريسية، اقدم فيه <اللقمة الطيبة> لرواده، ولما ينتهون اسهر معهم، اخبرهم الطرائف والنكات والحكايات والشعر والموسيقى، على ان تنتهي السهرة بوصلات عزف مني على البيانو..

 وبعد الأسف على عدم تحقيق هذا الحلم يعود لغسان سالم ويقول:

- تكلم غسان مع جاد ابني واتفقنا على اسطوانة تضمنت 8 أغنيات بعنوان <الياس الرحباني يقدّم غسان سالم>، ست منها من كلماتي وألحاني واثنتان وقّعهما جاد كلمة ولحناً وتوزيعاً.

ولم يمر اسم جاد من دون ان يعطيه والده الياس حقه فقال:

 - يملك جاد قوة موسيقية هائلة الا ان له تفكيره الخاص، فهو لا يهوى الظهور الاعلامي وإطلالاته نادرة، وهو يمسك الاعلانات بنجاح ما بين لبنان ودول عربية عديدة. جاد متميز في كل شيء وانا اشبّهه بـ<الكونت> في هيئته وتصرفاته. سألته مرة: <لماذا لا تحب الاضواء والإعلام؟> فاجابني: <راقبتك في العالم الفني الذي تعيشه وأجدك تتعب فيه علماً انك تعطيه من قلبك، وانا اريد ان أكون مرتاحاً في عملي وتأمين حياتي وسأبقى دائماً الى جانبك>.

وختاماً نسأله:

ــ هل من حفلات قريبة خارج لبنان؟

- ما من شيء في الافق. الجو متوتر في العالم كله.. ونأمل ان تنقشع السحابة السوداء عما قريب.