تفاصيل الخبر

المؤسسات السياحية والمطاعم تعيش أزمة خانقة في زمن الـ"كورونا" نتيجة التعثر الاقتصادي... 

03/06/2020
المؤسسات السياحية والمطاعم تعيش أزمة خانقة في زمن الـ"كورونا" نتيجة التعثر الاقتصادي... 

المؤسسات السياحية والمطاعم تعيش أزمة خانقة في زمن الـ"كورونا" نتيجة التعثر الاقتصادي... 

 

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_78503" align="alignleft" width="196"] طوني الرامي: قيمة الخسائر في القطاع السياحي لا تقلّ عن 500 مليون دولار أميركي شهريًا[/caption]

 المطاعم والمقاهي في لبنان تمر حالياً بظروف صعبة للغاية نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية من جهة وبسبب إجراءات التعبئة العامة التي فرضتها ازمة "كورونا" من جهة ثانية لاسيما لناحية الاقفال بتمام الساعة التاسعة والتشغيل بنسبة 50 بالمئة، فما مدى دقة هذه الإجراءات وهل دخلت فعلا هذه المؤسسات بمرحلة التشييع؟

تساؤلات عدة طرحتها "الأفكار" على نقيب أصحاب المطاعم طوني الرامي ونقيب رخص الامتياز يحيى قصعة وعدد من العاملين في هذا القطاع .

الرامي والضربة القاضية!

 

بداية مع النقيب الرامي الذي أوضح  قائلا:

- تلقّت المطاعم اللبنانية، التي تعاني أساساً من وضع مادي حرج نتيجة تردّي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في لبنان، الضربة القاضية بفعل إجراءات التعبئة العامة التي فرضها فيروس "كورونا" والتي أدخلتها إلى غرفة العناية الفائقة في وقت تدلّ جميع المؤشرات على صعوبة بقائها على "قيد العمل".

وتابع الرامي قائلا:

- يعاني القطاع حالياً من خسائر كبيرة بلغت ذروتها في شهر فبراير (شباط) الماضي حيث سُجل إقفال نحو 785 مؤسسة، منها 240 أقفلت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي وحده، وارتفع العدد أكثر في ظلّ أزمة "كورونا". وللأسف نحن كنقابة ننعي قطاع المطاعم والسياحة في لبنان ونعلن مراسم التشييع التي خطّها عام 2020 بفعل أصحاب الدولة المتعاقبين في هذا الزمان الرديء، والتجاوزات الوزارية، والمحاصصة السياسية، وحرمان القطاع من أدنى متطلباته مما حال دون إعطائنا القليل من الكثير.

[caption id="attachment_78501" align="alignleft" width="370"] المطاعم والملاهي خالية من روادها[/caption]

واستطرد الرامي قائلا:

- بعدما سمع أصواتنا الصمم، وعلت مطالبنا إلى عنان السماء، ولم يبق أحد في القبور إلا وسمع صراخنا وبكى، ولم يبق حجر إلا ما نطق بنا واشتكى، ها هي حكومتنا تؤجل تباعا من جلسة الى أخرى درس مطالب القطاع السياحي. استنادا الى ذلك نعلن بكل صراحة ووضوح ومن دون مواربة أو خجل أو تسويف، أن مراسم تشييع القطاع بدأت والدعوات كُتبت والتحضير الشعبي المهيب أُنجز، ولم يبق إلا الزمان المناسب لإعلان نزع ربطات العنق من رقابنا المثقلة بالمتاعب والمصاعب والديون.

* يبدو ان هناك إصراراً من قبلكم على اعلان نهاية العمل بالقطاع الذي لطالما تغنى العالم بخدماته، فما سبب هذا الإصرار؟

- كما أظهرنا للعالم أن لبنان هو المقصد الأول للطعام والشراب سنة 2016، سنجعله أيضاً محط أنظار الجميع على كوكب الأرض في العام 2020 حيث سيتكلمون عن تشييع القطاع، وعما فعله أصحاب الدولة المتعاقبون في هذا الزمان الرديء بالقطاع وبالسياحة، وذلك بما انه لم يحرص علينا أحد أو يعطف علينا أحد أو يحارب معنا أحد، ولم يستمع مجلس الوزراء لمطالبنا المحقة والمعقولة. وهنا لا يسعنا إلا إلقاء كلمات الوداع والاعتذار لموظفينا وعمالنا لعدم القدرة على إعطاء أمل ورجاء لهم ومواساة أولادنا لعدم القدرة على تأمين لقمة الرغيف.

* في سياق حديثك اشرت الى خسائر كبيرة للقطاع والى مطالب معينة رفعتموها الى الحكومة، فكم تبلغ قيمة الخسائر؟ وما هي المطالب؟ وهل تعتقد انه وبالظروف الراهنة دولتنا قادرة على تقديم الدعم المالي للقطاع؟

- إن تخلّي الحكومة عن إنقاذ ما تبقى من مؤسسات سياحية سيؤدي حتمًا إلى خسائر فادحة ترتد على اليد العاملة وعلى القطاعات الحيوية الأخرى، وتقدّر قيمة الخسائر في القطاع السياحي بما لا يقلّ عن 500 مليون دولار أميركي شهريًا إذا أخذنا قياساً الدخل السياحي لعام 2018 الذي كان قد وصل إلى 6 مليارات دولار.

وتابع الرامي قائلا:

[caption id="attachment_78504" align="alignleft" width="333"] طوني الرامي وفراس زيدان... والهم المشترك[/caption]

- كلّنا يعلم أن السيولة غير متوافرة لدى الدولة لتقديم الدعم النقدي اللازم في مرحلة دقيقة كهذه، إلاّ أن واجب الدولة تقديم بدائل عن الدعم النقدي، فجُلّ ما طالبنا به هو إجراءات إصلاحية تُظهر حرص الدولة على قطاعها السياحي وتشمل بعض الإعفاءات والتسويات الضريبية وتخفيضات على الفواتير المترتبة على مؤسساتنا كما تشمل رزمة قوانين من شأنها تأجيل آجال الإستحقاقات على جميع الأصعدة. لذلك، ناشدنا سعادة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإصدار قرار معجل بمفعول فوري يقضي بتجميد كافة استحقاقات القروض المدعومة وغير المدعومة وكافة السندات العائدة الموقعة من أصحاب المؤسسات السياحية على اختلاف انواعها وتأجيل تواريخ الاستحقاق ومنح فترة سماح لمدة لا تقل عن ستة أشهر قابلة للتمديد وفق مقتضيات الأوضاع. كما ناشدنا معالي وزيرة العدل الاستاذة ماري كلود نجم للعمل فوراً لإقرار القوانين اللازمة لتمديد المهل العقدية كافة ولاسيما مهل ايجارات الأماكن السياحية بحيث تُعفى هذه المؤسسات من تسديد البدلات ايضاً لمدة لا تقل عن ستة أشهر قابلة للتمديد وفق مقتضيات الأوضاع لقاء اعطاء مالكي هذه الأماكن حوافز ضريبية أخرى كإعفائهم من الضرائب على الأملاك المبنية وضرائب الدخل ورسوم واشتراكات اخرى.

واستطرد الرامي قائلا:

- كما عقدنا اجتماعات دورية مع معالي وزير السياحة البروفيسور رمزي المشرفية، أفضت إلى وضع خطة متوسطة المدى لنعالج فيها كافة الملفات السياحية وخطة أخرى قصيرة المدى للمرحلة الحالية تتضمن تأجيل وتخفيض جميع التكاليف الثابتة الأخرى لمدة ستة أشهر تمدد حسب مقتضيات الاوضاع، ولاسيما منها: اشتراكات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وضريبة المبيعات واشتراكات الطاقة وبالأخص الكهرباء بحيث يصار الى تسديد هذه المبالغ من قبل المؤسسة المعنية التي استفادت من ذلك بالتقسيط لمدة سنة او اكثر من دون احتساب اي فوائد على ان تستحق الدفعة الأولى بعد إنتهاء الأزمة... ولكن للأسف بقيت مطالبنا مجرد مطالب ولم يبت النظر بها حتى تاريخه.

قصعة وانسحاب العلامات التجارية!

 

[caption id="attachment_78505" align="alignleft" width="221"] يحيى قصعة: اخشى ان تقفل العلامات التجارية المستوردة نهائياً في لبنان[/caption]

ولمعرفة مدى تأثر المطاعم ذات رخص الامتياز في الوقت الراهن بالاقفال القسري وإمكانية معاودة عملها في ظل التعبئة قصدت "الأفكار" رئيس جمعية رخص الامتياز يحيى قصعة الذي أكّد لنا بأنّ معاناة قطاع "الفرانشايز" زادت بسبب أزمة "كورونا" وان تأثير هذه الأزمة يختلف بين قطاع وآخر، منوهاً بانّ القطاع يمرّ بوقت صعب للغاية، ولاسيما القطاع المطعمي، حيث من المتوقّع ألّا تتجاوز نسبة العلامات التجارية التي ستعاود التشغيل بعد "كورونا" الـ 20 المئة، أما الجزء الأكبر من العلامات التجارية التي ستنسحب من الاسواق فقد يطال خصوصاً قطاع الألبسة ولاسيما العلامات التجارية الموجودة فقط في المراكز التجارية الكبيرة. واستطرد قصعة:

- تحاول الشركات الكبيرة ان تفتح أقل عدد ممكن من فروعها، فمَن لديه 12 فرعاً يحاول فتح 4 فروع فقط، ومع ذلك تبقى الاعمال في هذه المحلات قيد التجربة في محاولة منها للإقلاع مجدداً، وهنا يكمن التحدّي الجديد اذ هناك تخوف من ألاّ تتمكّن حتى هذه الفروع الأربعة من الصمود والّا تعاود بقية الفروع الفتح مجدداً. وعن القطاع المطعمي والعلامات التجارية المستوردة العاملة في لبنان، قال قصعة انّ بعض العلامات التجارية لن تعاود فتح فروعها كافة في لبنان فيما البعض الآخر منها اختار الإقفال الدائم، وأوضح انّ الـfranchisor، أي مانح الامتياز وهو مَن خلق العلامة التجارية كاملة في لبنان وصدّرها الى الخارج، قادر على الصمود أكثر من الـfranchisee وهو مَن يمتلك علامة تجارية مستوردة. وأشار قصعة الى انّه في الحالة الأولى يستخدم مانح الامتياز لبنان كمركز رئيسي لعلامته التجارية ويكون عمله في الخارج امتداداً لعمله في الداخل أي يمكن ان يمدّ فروعه في لبنان بالأموال من الخارج لتتمكّن من الصمود وهو لجأ في الوضع الراهن الى تقليص العمليات التشغيلية في لبنان واقفال بعض الفروع. أما في الحالة الثانية فالصعوبات أكبر لأنّ من شروط العلامة التجارية شراء مواد أولية أساسية من الخارج مما يعني انّ هناك حاجة لتحويلات مالية كبيرة غير متوافرة حالياً. وللأسف انّ سلسلة هذه المطاعم لم تحصل على دعم خارجي، لذا هذا النوع من المطاعم يعاني كثيراً ومعرّض للإقفال في المرحلة المقبلة. وأعرب قصعة عن خشيته من ان تقفل هذه العلامات التجارية المستوردة نهائياً في لبنان، حتى متى عادت احدى هذه العلامات الى الأسواق اللبنانية بعد سنوات، نهلّل لها كما حصل في بداية التسعينات.

زيدان والاقفال القسري!

 

وللإطلاع اكثر على حيثيات الاوضاع التقت "الأفكار" عضو نقابة أصحاب المطاعم وصاحب سلسلة مطاعم في جبيل منها خان جبيل وخاندويش وburger bros  وmaison de suchi  وveronica الأستاذ فراس زيدان الذي افادنا قائلا:

- نحن نؤيد موقف النقيب في ما يتعلق بنعي قطاع الخدمات السياحية والمطاعم، على اعتبار انه وبلغة الأرقام لا بد من الإشارة الى ان عائداتنا كقطاع كانت ممتازة للغاية وصولا الى فترة ثورة 17 تشرين حيث لمسنا تراجعا ملموسا وتدريجيا بالعائدات، وذلك مرتبط  بالأوضاع الاقتصادية والامنية وبسبب توالي النكبات واخرها وباء "كورونا" وإعلان حالة التعبئة العامة مما الزمنا على صرف 110 موظفين من مطاعمنا في جبيل، واقفال كل من خان جبيل الذي يقدم مأكولات شرقية وسهرات ترفيهية وجلسات عائلية ومطعم veronica وmaison de suchi الذي يقدم مأكولات بحرية، والإبقاء فقط على خاندويش الذي يعتمد على خدمات الدليفري ويقدم سندويشات متعددة باسعار مقبولة وعروضات متعددة من اجل جذب الزبائن في ظل الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية.

وتابع زيدان:

- اقدمنا على اتخاذ هكذا قرار على اعتبار ان نمط حياة المواطن سيتغير وسنشهد انعداماً تدريجياً لظاهرة ارتياد العائلات المطاعم كما الافراد السهرات الليلية والتركيز اكثر على خدمة الدليفري.

* نرى ان قرار الاقفال اتخذ من دون تراجع، فعلى ماذا ارتكزتم؟

- اتخذنا قرار الاقفال مرتكزين على ظروف عديدة يمر بها الوطن الا وهي: تدهور الأوضاع المعيشية للمواطن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي نمر بها والمترافقة مع انتشار ظاهرة البطالة، ارتفاع أسعار السلع المستوردة التي تأثرت سلبا بسعر صرف الدولار، وبطبيعة الحال اصبحنا غير قادرين على رفع الأسعار بسبب عدم توافر فائض عملة لدى المواطنين فهم نظرا للظروف الصعبة باتوا مهتمين فقط بتأمين احتياجاتهم الأولية غير ابهين بحياة التسلية والترفيه، ناهيك عن اعلان حالة التعبئة العامة وما فرضته من ضرورة اقفال المطعم يوميا بتمام الساعة التاسعة، علما ان ذروة عملنا في المطاعم تبدأ بتمام التاسعة وتمتد حتى ساعات الصباح الأولى، اضافة إلى ان الجلسات الشرقية لدى مطاعمنا تتطلب توافر النرجيلة التي باتت حكما ممنوعة في ظل وباء "كورونا".

محفوظ وتوالي الازمات!

 

[caption id="attachment_78502" align="alignleft" width="166"] برنار محفوظ يطرح رزمة مطالب[/caption]

بدوره صاحب مطعم Adonai Le Petit Libanais  منذ عام 2009 برنار محفوظ افادنا بأن العمل عام 2019 كان ممتازاً للغاية الى ان توالت الازمات على لبنان من ثورة 17 تشرين مرورا بأزمة تشكيل الحكومة وصولا الى انتشار وباء "كورونا" وصدور قرار التعبئة العامة الذي فرضته الدولة، مما الزمنا على اتخاذ قرار الاقفال والتريث بمعاودة العمل ريثما تتوضح الأمور على اعتبار ان مطعمنا يعتمد على العمل ليلا وعلى الجلسات العائلية والجلسات بين الاصحاب التي باتت شبه مستحيلة بسبب الوباء.

وتابع محفوظ قائلا:

- كمجوعة أصحاب مطاعم اجتمعنا وقررنا التريث بمعاودة العمل مرتكزين على قرار التعبئة وما يفرضه من تباعد بين الزبائن واقفال بتمام الساعة التاسعة من جهة والوضع المأساوي الذي يمر به المواطن في ظل ارتفاع أسعار المواد الأولية المعتمدة للتشغيل من جهة ثانية.

* وما الحل للخروج من هذه الازمة؟

- الحل لن يكون الا بانتهاء ازمة "كورونا" وعودة الحياة الى طبيعتها والعمل ليلا نهارا وتنفيذ مطالبنا، اذ قدمنا  كأصحاب مؤسسات سياحية مطالب عدة لوزارة السياحة والعمل ولحاكم مصرف لبنان ولكن مطالبنا ما زالت مجرد مطالب ولم يبت بها حتى الان، ومنها بعض الإعفاءات كالتسويات الضريبية وتخفيضات على الفواتير المترتبة على مؤسساتنا، كما تشمل رزمة قوانين من شأنها تأجيل آجال الإستحقاقات على جميع الأصعدة.