تفاصيل الخبر

المؤلف والموزع الموسيقي جان - ماري رياشي : أغنية ”طار البلد“ شكّلت العناوين الاولى لـ”الأخبار“ وتمنيت لو قدّمتها للرئيس عون!

28/12/2018
المؤلف والموزع الموسيقي جان - ماري رياشي : أغنية ”طار البلد“ شكّلت العناوين الاولى لـ”الأخبار“ وتمنيت لو قدّمتها للرئيس عون!

المؤلف والموزع الموسيقي جان - ماري رياشي : أغنية ”طار البلد“ شكّلت العناوين الاولى لـ”الأخبار“ وتمنيت لو قدّمتها للرئيس عون!

بقلم عبير انطون

<لا أريد الإساءة الى أحد، لكنني لا أُريد الإساءة الى الحقيقة التي يجب أن نَعلَمَها ونُعلِنَها. هذه قصة غير قابلة للتصديق، لم تَحدُث ولا يمكن أن تَحدُث، ولا تنطبق على بُلداننا المترَفَة السعيدة، ولا على شرْقنا الْمُتَنَعِّم بالحرية والعدالة>.

رحم الله الكبير منصور الرحباني الذي كتب ذلك في مقدمة مسرحيته <حكم الرعيان>  والذي قال على لسان بطله في المسرحية <انتبهو على الوطن، كمان الوطن بيطير>.

 كم نتذكره اليوم مع أغنية <طارالبلد> التي أحدثت ضجة وبلبلة وصلت الى مدى بعيد، وبعيد جدا من الكلام والحملات المضادة بين الفنان راغب علامة والنائب حكمت ديب. ما بين الحملتين سال كلام كثير <ناس مع وناس ضد>.

من حيث ولدت الأغنية، ومن استوديو عرابها المؤلف الموسيقي جان ماري رياشي كان حديث عنها لم <نقتحمه>  مباشرة، انما بدأناه بأجواء العيد، وسألنا جان ـ ماري اولا:

ــ مع اقتراب الاعياد المجيدة يعود البوم <كستنا> ونسمع أغنياته تتردد مع الفنانة يارا وكأنه بات رفيقا ملازما لأمسيات هذا الشهر، هل من جديد لهذا العام؟

 - نجح <البوم> <كستنا> جدا علما ان ما من شركة انتاج خلفه أوسوّقت له. انا قمت به وطبعت <الألبوم> الا انني اعرف تردداته الايجابية عاما بعد عام من خلال المدارس التي تقصدنا بطلب موسيقاه لتعليمها للطلاب. لهذا العام شاهدتموه في <ميدلي> منه مع <عجقة> من الاولاد يغنونه على شاشة الـ<ال بي سي آي>. من خلاله انشدنا الفرح وليس التراتيل الدينية، أغنيات تذكّر بفرح العائلة في نقل لاجواء العيد فيها.

ــ من سبق على فكرة الـ<ميدلي>  مع مجموعة الاولاد؟ انت ام غسان الرحباني وهو حضر ما هو في هذه الاجواء ايضا؟

- لم اسمع بالامر. باي حال الفكرة واردة عند الجميع وأغنيات الميلاد هي للجميع.

ــ هل الساحة اليوم لأغنية <طار البلد> التي ولدت في الاستوديو عندك؟ هل هي الـ<هيت>  حاليا؟

 - عرفت الاغنية ــ الصرخة صدىً غير طبيعي لأنها صادقة. اجتمعنا وقررنا ان نقوم بعمل فني غير تجاري فلا انا تقاضيت مقابل اللحن ولا نزار فرنسيس مقابل الكلمات. لم نفكر بأي هدف مادي. شعرنا بأنه علينا القيام بأمر ما من خلال ما نتقن فعله. ولو كل شخص منا يقوم بدوره بأن يوجه نداءً بترتيب ورقي، لكان البلد حينذاك بخير... ولطالما كانت الموسيقى مرآة للمجتمع.

ــ كيف اجتمعتم لأجلها؟

- منذ فترة طلبت من نزار أن نعدّ أغنية من ضمن هذا الجو، من قبل حتى أن يبدأ الاعلامي مارسيل غانم برنامجه تحت عنوان <صار الوقت>. سبق واعددت لحنا وطلبت من نزار كلاما عليه تحت العنوان العريض انه <صار الوقت>  للفعل بعيدا عن الكلام، فكتب نزار كلاما من هذا الوحي بعنوان <خلص الحكي>، بعدها عرضناها على راغب، سمعها واحبها جدا الا انه طلب تغيير العنوان الى <طار البلد> بهدف إحداث صدمة وكان الحق معه.

ــ إنها <عَملة> راغب اذاً... هل كنتم تتوقعون لها هذا الصدى؟

- كنا على يقين مسبق بأن الاغنية ستنجح لكن للصراحة ليس بهذه السرعة الخيالية، اقله ليس الى درجة أن تشكّل مقدمات الاخبار في الليلة ذاتها، وهذه سابقة لاغنية!

ــ لو غناها غير راغب، هل كانت لتحظى بهذا الانتشار، هل كان هو من شكّل رافعتها الكبرى؟

- برأيي، نجحت الأغنية لان الناس بحاجة الى ان تتنفس. انظروا ما جرى مع الضابط في الجيش اللبناني الذي رفع البندقية في وجه الجيش الاسرائيلي على الحدود الجنوبية وكم شعرنا بالفخر. نحن بحاجة لفعلٍ ما. الشعب متروك إذ لم يكن باستطاعته أن يصرخ، وإذا منعته ظروف البلد من التعبير، فإن الاغنية عبّرت. فرحة الناس بما قام به الضابط <فشت لنا خلقنا>. الأغنية كذلك. البلد في أزمة كبيرة والناس محبطة، ليس فقط بسبب الوضع الاقتصادي الهشّ، إذ لطالما كانت هناك أزمات اقتصادية ويتجاوزها البلد... الإحباط عام. ما قدمناه ليس أغنية ثورة أو دعوة للنزول الى الشارع. هي أغنية بدون صراخ، بإحساس راغب الجميل وكأنه يحكيها حكياً.

ــ بخبرتك الطويلة وبخبرة الشاعر نزار فرنسيس، ألم تتوقعا بأن العنوان سيثير جدلا؟

 - ربما بعض الناس لم يتقبلوها. وحتى لو لعبنا على الكلام وكتبنا <انتبهوا... ع البلد> او غيرها فالمعنى سيبقى واحدا. أردنا من الاغنية مغزى. هل نيتنا الأذية؟ معاذ الله. انا في زمن الحرب بقيت في البلد. كم اغنية انجزنا تدعو الى الامل والتشبث بالبقاء مثل أغنية <لبنان بكرا يلي جايي احلى>  او <لا ما خلصت الحكاية>  مع استشهاد الرئيس الحريري. لما قدمت منذ سنتين أغنية <انا رايح ع دبي>... كنت اشتكي على دبي حيث <ما في فيّ، والشمس بتكوي كي>  كنت ادعو الشباب الى البقاء وعدم السفر. اليوم قمنا بصرخة نابعة من القلب. الكلمة نرددها يوميا فلماذا نختبئ خلف اصبعنا؟ <ما في حدا مش قايلا>... الفرسان الاربعة قالوا: <شرشحتو البلد>...

ــ كلمة <طار>  هي التي أزعجت النائب حكمت ديب معتبرا ان الجميع <يطيرون>  الا البلد.

- لمّا رئيس الجمهورية يقول ان البلد يتجه صوب الانهيار، فما الذي تنتظرونه من الشعب؟

لا تصويب على أحد...

 ــ السيدة ميراي عون الهاشم ابنة فخامة الرئيس ومستشارته في حوار لها مع الاعلامي جورج صليبي كان لها عتب مع المحبة... واعتبرت ان الكلمة تسيء الى عهد العماد عون ومسيرته ونضاله...

- لم تتسن لي المشاهدة. ربما الشاعر نزار فرنسيس كان اكثر من كتب ايجابا بالعماد عون. ومن جهتي انا قدمت ايضا أغنية <اوعا خيك>. نحنا قمنا بهذه الاغنيات حتى لا نقول يوما <يا ريت عملنا>، ليس هدفنا ان نزعج بل أن نحث على التصرف بسرعة أكبر.

ــ البعض يعتبر أن الضجة للاغنية وترويجها لم يصنعهما سوى تعليق النائب حكمت ديب؟

 - لا بل كانت ستحوز عليهما مع التعليق او بدونه، وما فعله تعليقه انه سرّع في انتشارها، ثم من قال بأن هذه الاغنية نتوجه بها لفخامة الرئيس؟ بالعكس تماما. ليتني استطعت الحضور الى القصر الجمهوري لتقديمها لفخامته على انها لسان حال الناس. للأسف لقد جاء رد النائب حكمت ديب وكأننا نقصد بها او نواجه تيارا معينا..

ويزيد جان ماري قائلاً:

- لقد حزنت ان الهجوم جاء من طرف واحد وقد قالها راغب في لقاءاته: الاغنية موجهة الى كل من لا ينجز شيئا. نحن من يناضل ويتعب ويدفع الضرائب ويرسم صورة حلوة عن بلدنا عبر اغنية تسافر الى العالم كله، فأية اغنية تنجح يقولون انها إذاً لبنانية، واذا كانت نوعية التسجيل ممتازة يقولون الاكيد ان الاستوديو لبناني. نحن ناس يزرعون خيرا وجمالا ولم ننتظر مرة شكرا وتقديرا لأن واجبنا رفع اسم بلدنا حيث يمكن. ولو ترجمنا ما يختلج فعلا في قلبنا لقلنا أكثر بكثير بعد. ليس بالبكاء يعود الوطن رائعا... <خلص الحكي ما بقا في شي نقولو>.

ــ تضامن الفنانين مع راغب كان كبيرا. السيدة ماجدة الرومي اتصلت به ايضا داعية الى <محاربة الفساد بالغناء>...

 - صحيح، وقد اتصلت بي وبنزار فرنسيس، وكثيرون تضامنوا.

لا يقول: لا...

ــ بمناسبة <اوعا خيك> كيف تقيم مشاركة الوزير رياشي في برنامج <ديو المشاهير>؟

- مهضومة... معاليه قرابتي... من يعرفه يعرف كم ان هذا الانسان متواضع ولا يعرف ان يقول لا، واي أمر يزرع بسمة او يلغي حاجزا طبقيا او يغير الصورة النمطية للمسؤول وبانه لا يمس بها، لا يتردد في القيام به.

ــ هل من اعمال جديدة مع السيدة ماجدة الرومي بعد سلسلة نجاحات بينكما؟

 - في الجعبة اعمال عديدة منتهية، وبانتظار تحضير السيدة ماجدة لـ<لألبوم> الجديد، هناك عمل للفنان رامي عياش اشتغل عليه حاليا، وعمل جديد نحضره لراغب.

ــ هل سيكون تتمة تصعيدية لـ<السوبر ستار> خاصة وانه قال: <الآتي اعظم>؟

- لا أبدا... قدمنا ما قدمناه ووصلت الرسالة، هي الآن اغنية فرح وحب.

ــ أية صورة ترسمها للانتاج الفني والغنائي اليوم وانت صاحب استوديو يشهد له بالكفاءة؟

 -  عملنا يسمى <آخر العنقود لما يكون البلد منيح>. في الفن هناك فخامة وضخامة، اليوم هذه مختفية. ضخامة الانتاج مفقودة. يتم العمل بالمثل الشعبي <من دهنو سقيلو>. لا احد يطلب عملا كبيرا لأسباب مادية ولأنه ايضا <ما في نفس>. ثم ما من جهة تدعم الفنان في لبنان. في فرنسا مثلا، يمكن للفنان ان يتقدم الى الـ<ساسيم>  طالبا سلفة لإنتاج <البوم>. هذا نفتقده في لبنان، ويزيد الطين بلة <اختفاء>  شركات الانتاج. كذلك باتت الأمور أكثر صعوبة مع وجود ملحنين وموسيقيين وموزعين موسيقيين غير لبنانيين ينجزون اغنيات بكلفة متدنية جدا من دون أية جودة وانا اسميها أغنيات <بلاستيك>. الموجة الفنية كما ذكرت مرآة لما يحصل في كل المجتمع. الانهيار يترجم انحدارا ايضا في كلام الأغنيات بشكل خاص، إذ نستمع الى كلمات لا يمكن التصور انها يمكن ان تكون في اغنية. والأخطر من كل ذلك، وهو ما أخشى عليه فعلا، هو اللهجة اللبنانية التي تتراجع لصالح لهجة غريبة عجيبة هي خليط لا يمكن وضعه في اي اطار، اسمعوا مثلاً كيف باتت كلمة <حبيبي> تلفظ في نهايتها... هذا مؤشر خطير!

ــ اي اسم تحب ان يغني الحانا لك بصوته بعد؟

 - الجميع غنوا من الحاني تقريبا. اشتغلت مع كثيرين من النجوم البارزين ومن المواهب الجديدة، ومن برنامج <ذي فويس> او مع اللجنة... انها مسيرة عشرين عاماً. اليوم اي اسم يطلب مني لحنا مختلفا اضع ثقلي فيه. مؤخرا انجزنا <البوماً>  لنداء شرارة التي فازت بـ<ذي فويس> واتمنى فعلا ان تستمعوا اليه والى اغنية <بعدو عطرك> مثلا، انها رائعة. هناك أيضا جديد للمغنية التونسية شيماء كتبته الشاعرة سهام شعشاع بعنوان <ولا يهمك>  ادعوكم ايضا الى الاستماع الى هذه الأغنية.

ــ هل ستكون اجمل من <يسمحولي الكل> لأصالة والتي اعتبرُها من اجمل ما غنت هي، وما لحّنت انت؟

-  الاغنيتان من عائلة <يسمحولي الكل> وهما ايضا رائعتان. أصالة ايضا طلبت جديدا مني. كم احب ان يقصدني الفنان قائلا: <ابدع لي>! إذ بات البعض للأسف يأتون مع معرفة مسبقة بما يريدونه لأن اغنية ما، على لحن ما، نجحت، وهذا لا يجوز. المشكلة انه تنجح اغنية، فيصبح الكل يريد على منوالها. نجحت أغنية <3 دقات> فصار الجميع يريد <3 دقات>... نجحت، <الله يوفقّ!... لكن اعملوا شي تاني!>. 

ويزيد جان ماري:

- الموسيقى تتطلب الكرم عليها. مع الف دولار بالزائــــد نزيــــد عـــــدد المــــــوسيقيين ومـــع عشـــــــرة آلاف نأتي بأوركسترا. لا يمكن ان اكتب لثلاثة موسيقيين ما اكتبه لاوركسترا، وهذه تعني وقتا اطول في الاستوديو ومصروفا اكبر، ولكن الأغنية تبقى للعمر، للتاريخ. تسمعين اليوم اغنية <اعتزلت الغرام>  للسيدة ماجدة الـــــرومي وتسمعينها ولو بعد 50 عاما وتبقى في الصدارة.

ــ المملكة السعودية فتحت الباب اليوم للأعمال الفنية، هل طلبت اليها؟

- هذا جيد جيدا. وجيد ان يجني الفنان مداخيل يستثمرها في الفن لأعمال ضخمة. الاعمال الضخمة للأسف تجري حاليا فقط على المسرح، لكن الحاجة الى الاستوديو وما يسجل فيه اساسي قبل ان يصبح على المسرح حتى يقول المؤلف الموسيقي للمنتج: هذه عينة عن عملي. يتكلمون اليوم عن <ضخامة الانتاج> بحيث انه بدل عشرة موسيقيين يأتون بستين ليعزفوا. هذه ليست ضخامة، انه صرف للمال فقط من دون نتيجة كبيرة. ضخامة العمل هي في كتابة التوزيع <الاوركسترالي> لألحان معينة تبهر المستمع او المشاهد.

ــ انت ايضا تعمل في مجال الاعلانات... ماذا عن حالها؟

 - تعرفون بأن الفن نوعان: فيه الشق التجاري واعني به الاعلانات الى ما هنالك، والشق الفني البحت. في الاول ينعكس الجمود طبعا، حتى ان بعض الشركات تطالب بالابقاء على اعلاناتها السابقة مع تغيير بسيط في الكلمات حتى لا تتكلف من جديد... ثم كمية الاعلانات كانت أكبر جدا في السابق. المؤسسات متعبة. كذلك فان تحصيل المال من بعضها صعب مع الظروف الراهنة. اما الشق الفني فانه متعتي الحقيقية واي حساب مادي لا يدخل فيه. الاغنية مع راغب ونزار تدخل في هذا الاطار، ومثلها ايضا <البوم> <كستنا> او <الألبوم> الذي اعمل عليه حاليا للاولاد وهو <بالعكس - كيدز>. هذه المشاريع استمتع بها... بمثلها <أحك راسي> لتقديم عمل مختلف، يفاجئ الناس ولا تنتهي <مدة صلاحيته> مهما طال به الزمن.