تفاصيل الخبر

المواقف المتباعدة داخلياً وتراجع الاهتمام الدولي بلبنان تبقي الاستحقاق الرئاسي في ”ثلاجة الانتظار“ فترة غير محددة!  

09/09/2016
المواقف المتباعدة داخلياً وتراجع الاهتمام الدولي بلبنان  تبقي الاستحقاق الرئاسي في ”ثلاجة الانتظار“ فترة غير محددة!   

المواقف المتباعدة داخلياً وتراجع الاهتمام الدولي بلبنان تبقي الاستحقاق الرئاسي في ”ثلاجة الانتظار“ فترة غير محددة!  

جعجعالأربعاء 7 أيلول/ سبتمبر 2016، لم يكن تاريخ انتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية كما توقع البعض، وراهن البعض الآخر وحَلُمَ البعض الثالث... فالجلسة الـ44 لانتخاب الرئيس التي دعا الى عقدها رئيس مجلس النواب نبيه بري كان مصيرها مثل مصير الجلسات التي سبقتها، فلم يكتمل النصاب فيها ولا دارت صندوقة الاقتراع، في وقت يجزم كثيرون بأن العملية الانتخابية لا تزال مؤجلة حتى إشعار آخر في ظل عدم التوافق الداخلي على اسم الرئيس العتيد، وعدم مبالاة خارجية باتت مظاهرها تتضح يوماً بعد يوم، وكان آخرها تغييب الملف الرئاسي لا بل عدم ذكر لبنان كلياً في العرض الذي قدمه الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> أمام السفراء الفرنسيين في العالم الذين التقاهم ضمن <أسبوع الديبلوماسية الفرنسية>، ومن بينهم السفير في بيروت <إيمانويل بون> الذي كان قد التقى الرئيس <فرانسوا هولاند> على حدة وقدّم له عرضاً بآخر التطورات السياسية على الساحة اللبنانية خصوصاً في الملف الرئاسي.

وهكذا يعطي الرئيس بري الاستحقاق الرئاسي موعداً جديداً من دون أن يضمن أنه الموعد الاخير، أي موعد الحسم، لاسيما وأن المشهد الذي ارتسم محلياً في ما خص مواقف السياسيين اللبنانيين من إنجاز الاستحقاق لم يحمل أي عنصر جديد، لا بل أوحى بأن كل فريق باقٍ على موقفه. فالمرشح الأبرز رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لا يزال <يراهن> على <صحوة> تجعل الرئيس سعد الحريري يدعم ترشيحه ويؤمن النصاب لانتخابه لأن <الجنرال> يريد موافقة المكون السني على دخوله قصر بعبدا، فيما الرئيس الحريري يشترط <إجماع> فريق 8 آذار ليتبنى ترشيح العماد عون، علماً أنه يعرف أن مثل هذا الاجماع غير متوافر في الوقت الحاضر لأن الرئيس بري الذي يرئس كتلة التنمية والتحرير لم يبدّل بعد موقفه الرافض لانتخاب عون رئيساً على رغم الخطوط التي أُعيد فتحها بين عين التينة والرابية وإن كانت لم تكتمل فصولاً، إضافة الى استمرار رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية في ترشيحه والذي أكد عليه مجدداً بعيد عودته من رحلة الصيد التي قادته الى مناطق نائية في كندا انقطع فيها عن العالم...

 

جعجع مع عون والحريري...

في المقابل، بدا الموقف الذي أعلنه رئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بعد القداس الذي أقيم في معراب لمناسبة ذكرى <شهداء المقاومة اللبنانية>، من <أن الحل العملي الوحيد> لإنجاز الاستحقاق الرئاسي يكون بانتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية وتولي الرئيس سعد الحريري رئاسة الحكومة، مشابهاً للموقف الذي سبق ان أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في ذكرى حرب تموز/ يوليو 2006، والذي أكد فيه على استمرار الحزب في دعم <الجنرال>، مع انفتاح إيجابي على موضوع رئاسة الحكومة قصد منه <السيد> الموافقة على ترؤس الحريري أول حكومة بعد الانتخاب الرئاسي.

صحيح أن الدكتور جعجع دعا في المقابل حلفاء العماد عون الى دعم ترشيحه <بالفعل وليس بالكلام فقط> (وهو يقصد حزب الله بصورة أساسية)، إلا أنه خـاطب حلفاء <القوات> أيضاً معتبراً أن البدائل المطروحة لعون (ويقصد ترشيح النائب فرنجية) هي <نظرية غير قابلة للتطبيق>. وقد رأت أوساط سياسية في مواقف الدكتور جعجع أكثر من رسائل موجهة الى الاطراف السياسيين التزم فيها <الحكيم> من جديد تأييد العماد عون علناً، داحضاً بذلك <تسريبات> حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المصادر الحزبية، عن أن قيادة <القوات> بدأت تعيد النظر بموقفها من تأييد <الجنرال> بالتزامن مع تراجع حظوظه الرئاسية!

ولعل المشاركة الواسعة لنواب من تكتل التغيير والإصلاح والتيار الوطني الحر في قداس معراب، وقراءة منسّق <التقارب العوني - القواتي> النائب ابراهيم كنعان لإحدى النيات في سابقة لمشاركة <التيار> في احتفالات <القوات>، أكدت من جديد أن <تفاهم معراب> صامد بكل تفاصيله ولاسيما منها ما يتعلق بالشق الرئاسي، وأن دعوات جعجع لحلفائه الى أخذ هذا الواقع في الاعتبار، تتزامن مع استمرار جعجع و<القوات> في فريق 14 آذار والطرف الأقوى فيه أي <تيار المستقبل>.

واعتبرت الأوساط السياسية أن قول جعجع بأن الحل لن يأتي من طريق <هيئة الحوار الوطني> يشكّل دعماً مسبقاً لأي قرار يتخذه العماد عون في ما خص الاستمرار في المشاركة في اجتماعات هيئة الحوار أو تعليقها، خصوصاً أن جعجع أوجد معادلة جديدة لمفهوم الشراكة والسيادة، حين قال <إن الشراكة من دون سيادة لا معنى لها، لكن في الوقت عينه السيادة من دون شراكة لا معنى لها أيضاً>، وهو بذلك التقى مع طرح التيار الوطني الحر حول <الميثاقية> ودورها في تحقيق الشراكة الوطنية الكاملة.

 

... والحريري باقٍ مع فرنجية

 

وفي الوقت الذي ظهر نواب <المستقبل> الذين شاركوا في قداس معراب <غير سعداء أو مرتاحين> لمواقف جعجع من التأييد المستمر للعماد عون، كانت مصادر <التيار الأزرق> تعيد التأكيد بأن الرئيس الحريري لا يزال على موقفه من عدم تقديم أي <تنازلات> إضافية على حساب شعبيته، وهو وإن كان يتريث حتى الساعة في الرد رسمياً وعلناً على مبادرة السيد نصر الله في <خطاب النصر> (ثلاثية عون رئيساً وبري رئيساً للمجلس النيابي والحريري رئيساً للحكومة)، إلا أنه لم يرَ بعد <جديّة> في مقاربة الاستحقاق الرئاسي كي <يكشف> هو عن أوراقه، طالما أن ما قيل عن <مفاوضات> سعودية - ايرانية لإيجاد تسويات إقليمية وتفاهمات على مواضيع عدة منها الاستحقاق الرئاسي اللبناني، لا يزال مجرد شائعات لأن مثل هذه المفاوضات غير متيسر حالياً لاعتبارات مختلفة، فضلاً عن أن الحريري لم يلمس بعد أن الملف الرئاسي اللبناني عاد أولوية على <أجندة> المسؤولين السعوديين المنشغلين حالياً بما يدور في اليمن من احداث، وحول سوريا والعراق من مفاوضات ومشاريع حلول، ناهيك بالوضع في البحرين. وعليه، تضيف مصادر <المستقبل> أن الرئيس الحريري لم يجد خلال الاتصالات التي يجريها في أثناء وجوده خارج لبنان أن هناك أي قرار إقليمي بعد بتسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني، ما يدفعه الى التريث في إبداء موقف حاسم حيال انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية، مستفيداً من استمرار النائب فرنجية في ترشحه ليضع تيار <المستقبل> في خانة تأييد هذا الترشيح الذي سبق أن أعلنه الحريري نفسه قبل أن تخف الحماسة تجاهه بعدما استمر العماد عون على  موقفه، وانضم الدكتور جعجع مؤيداً، فيما بقي حزب الله على خياراته الرئاسية تجاه عون ولم ينتقل الى ضفة ترشيح فرنجية.

 

فرنجية: حظوظي قائمة

من هنا، تضيف المصادر المطلعة، أتت مسارعة النائب فرنجية بعد عودته من كندا، الى تأكيد استمرار ترشيحه ومشاركته في اجتماع هيئة الحوار قاطعاً بذلك الطريق أمام أي <اجتهاد> يظهره وكأنه بات خارج السباق.

وينقل سياسيون التقوا فرنجية بُعيد عودته الى لبنان، عنه قوله إن حظوظه الرئاسية لا تزال قائمة وأن ردود الفعل التي تصله من مراجع دولية وإقليمية تدفعه الى التمسك بهذا الترشيح <لأنني مقبول من غالبية اللبنانيين ولديّ الجهوزية لبناء علاقات إيجابية مع الجميع، خلافاً لما هو عليه وضع غيري> (ويقصد العماد عون).

ويتحدث هؤلاء السياسيون عن أن النائب فرنجية لا يزال على موقفه من أن ترشيح رئيس القوات اللبنانية للعماد عون يهدف فقط الى الإطاحة بترشيح رئيس تيار <المردة> لاسيما وأن مواقف جعجع تتمايز عن مواقف عون في كل المواضيع الأخرى بدءاً من قانون الانتخاب الى مسألة التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي والعلاقة مع حزب الله والملف السوري إلخ... ناهيك بالمشاركة في طاولة الحوار والحكومة.

وتتحدث المصادر نفسها عن التنسيق القائم بين النائب فرنجية والرئيس بري في كل المواقف السياسية الراهنة لاسيما في الاستحقاق الرئاسي، وقد تجلى ذلك من خلال تبني النائب فرنجية وجهة نظر الرئيس بري في موضوع توافر <الميثاقية> في جلسات مجلس الوزراء مع وجود 8 وزراء مسيحيين داخل الحكومة بينهم الوزراء بطرس حرب وروني عريجي وميشال فرعون الذين يتمتعون بتمثيل مسيحي <لا غبار عليه>، وتلفت المصادر الى ان ثمة تطورات ستحصل خلال الأسابيع المقبلة <تعزز> ترشيح النائب فرنجية في مواجهة استمرار ترشيح العماد عون من دون أن يعني ذلك أن الانتخاب الرئاسي سيتم، علماً بأن ثمة من يرى في محيط الرئيس الحريري والنائب فرنجية أن لا جديد سيتحقق رئاسياً قبل تبلور صورة الإدارة الأميركية الجديدة التي ستفرزها الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

 

<هولاند> تجاهل المبادرة الفرنسية

 

وفي هذا السياق، أدرجت المصادر نفسها تغييب اسم لبنان عن خطاب الرئيس الفرنسي <فرنسوا هولاند> أمام السفراء الفرنسيين في العالم، على رغم أن باريس قامت بسلسلة اتصالات وتحركات لم يشر إليها الرئيس <هولاند> في مداخلته التي غابت عنها أية إشارة عن <مبادرة> تقوم بها باريس لحل الأزمة الدستورية في لبنان، على رغم أن فرنسا لم تنكفئ يوماً عن محاولات البحث عن حلول تساعد على إنهاء الفراغ الرئاسي في لبنان. وتزامن غياب لبنان عن خطاب الرئيس <هولاند>، مع تأجيل انعقاد المجموعة الدولية لدعم لبنان الذي كان مقرراً على هامش أعمال الدورة العادية لـ<الجمعية العمومية للأمم المتحدة> في نيويورك، والحديث عن إمكان استبدال اجتماع نيويورك بآخر يعقد في باريس في تشرين الاول/ اكتوبر المقبل، علماً أن لا معطيات رسمية تؤكد حصول الاجتماع البديل بعد. وتخوفت المصادر المعنية من أن يكون السبب الرئيسي لتأجيل اجتماع نيويورك عدم اهتمام الدول المعنية بالملف اللبناني، وتركيز أولوياتها على الأوضاع في سوريا والعراق واليمن وغيرها من الدول المشتعلة، إضافة الى غياب المبادرات التي يمكن أن تساعد على الحل مع غياب أي توافق داخلي يمكن الارتكاز عليه لتقديم أي مبادرة لا تكون <مضيعة للوقت> كما حصل في مبادرات أخرى، لأن القيادات اللبنانية لم تتفق في ما بينها على الحل المنشود.

وفي ضوء ما تقدم، فإن الاستحقاق الرئاسي باقٍ في <ثلاجة الانتظار> فترة إضافية غير محددة بعد!