تفاصيل الخبر

المواجهات السياسية على أشدها..هل حان وقت ضرب الحكومة؟

16/04/2020
المواجهات السياسية على أشدها..هل حان وقت ضرب الحكومة؟

المواجهات السياسية على أشدها..هل حان وقت ضرب الحكومة؟

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_77017" align="alignleft" width="426"] تظاهرات ثورة 17تشرين ... هل تمنع كورونا عودتها ؟[/caption]

 في ظل الوضع الصحي المأزوم الذي يعيشه لبنان إلى جانب العالم بأسره جرّاء إنتشار فيروس "كورونا"، يبدو أن ثمة قراراً قد اتخذ لفتح معارك سياسيّة جانبية بين أركان السلطة  المشاركين في الحكومة، وبين من هم خارجها لكنهم ممن يحملون إرثاَ سياسياً كبيراً ويُمثلون فئات كبيرة من الشعب وأحزاباً لها وزنها الفاعل على الأرض ولديها طموحات تخوّلهم استلام السلطة فيما لو سنحت لهم الفرصة من خلال قانون إنتخابي عصري.

 

هل من كلمة سر لإسقاط الحكومة؟

 لم تكد حكومة "مواجهة التحديات" تنشر مسودة خطتها للانقاذ المالي، حتى بدأ هجوم سياسي شرس ضدها، كان رأس حربته الرئيس الحريري مدعوماً برئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط. واللافت أن الهجوم الذي حمل عنوان الدفاع عن "اموال الناس"، ومنع مصادرة مدخراتهم من دون سد مزاريب الهدر، وصولاً الى التصدي لمحاولة السيطرة على مقدّرات البلاد، كشف سريعاً العقبات التي ستتعرض لها الحكومة،

[caption id="attachment_77019" align="alignleft" width="382"] رئيس الحكومة حسان دياب...علاج المسكنات لم يعد ينفع.[/caption]

من لحظة انطلاق التفاوض الفعلي حول مسودة خطة الانقاذ المالية، وصولاً الى لحظة إعلان الخطة الفعلية.

 كان لافتاً خلال الأيام القليلة الماضية، الكلام الهجومي لكل من الرئيس الحريري وكل من جنبلاط وجعجع، والذي استهدف الحكومة حتى بدت الأمور بنظر البعض وكأن هناك كلمة سر قد أعطيت للبدء بعملية إطلاق سهام المعارضة باتجاه السلطة والحكومة. فالرئيس الحريري أطلق تغريدة يقول فيها: منذ تشكيل هذه الحكومة وهي تعد اللبنانيين والعالم بخطة إنقاذ اقتصادي. وبناء عليه قررنا فترة سماح بانتظار أن نحكم على الخطة الموعودة. لكن يبدو أنها تتجه الى خطة انتحار اقتصادي، مبنية على مصادرة أموال اللبنانيين المودعة في المصارف. ثم تبعها جنبلاط بكلام لفت فيه إلى أن حكومة اللون الواحد تُقدم على مصادرة أموال الناس وتصنيفهم ومحاكمتهم وفق معايير غير قانونية وغير دستورية وذلك وفق خط سياسي هدفه إلغاء أي اعتراض وصولاً إلى محاولة تطويع طائفي ومذهبي للإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات البلد لضرب ما تبقى من سيادة أصلاً وهمية وشكلية.

 بعد الحريري وجنبلاط، شنّ جعجع هجومه على الطريقة الإنقاذية التي تسير بها الحكومة بقوله: قبل إدخال الإصلاحات المطلوبة على قطاعي الكهرباء والاتصالات وعلى الجمارك، وقبل إغلاق المعابر غير الشرعية وإيقاف عقود كل الموظفين غير القانونيين والقانونيين الذين فرضوا لأسباب انتخابية فقط على الدولة، وقبل اتخاذ قرار نهائي باعتماد إدارة المناقصات في كل مناقصات الدولة، لن نوافق على أي خطة إنقاذية، لأنها لن تكون إنقاذية بالفعل، بل ستعكف على إيجاد موارد جديدة للدولة من جيوب الناس ومن دون سد مزاريب الهدر والفساد التي ما زالت مفتوحة على مصراعيها. وختم: بعبارة أصرح طالما الثلاثي غير المرح متحكم برقاب السلطة في لبنان، لا أمل بأي إصلاح ولا أمل بأي خطة إنقاذية فعلية.

 

رد من السيد وتحذير من "المستقبل"

[caption id="attachment_77018" align="alignleft" width="496"] جميل السيد.: بلطوا البحر[/caption]

 أوّل غيث الرد على كلام الحريري أطلقه المدافع الأشرس والأبرز عن محور "الممانعة" النائب جميل السيّد حيث توجه إليه بالقول: إلى الرئيس الحريري: "عن أي أموال عم تحكي، نسيت 15 سنة حكومات نهْب وفساد وفاسدين، نسيت إنّو طيّرتوها مع رياض سلامة وما تركتوا قرش للناس ولا لحكومة دياب، "الكورونا" بتروح، بس الناس باقية، ومش رح يرحموكم".

 لكن في جميع الأحوال، لا يبدو أن طريق الحكومة من الآن وصاعداً ستكون مُعبّدة بجولات وزرائها أو تصاريحهم، ولا بدعم أسيادها وزعمائها مهما ارتفعت حدّة خطاباتهم أو لهجة تهديداتهم.

 وفي هذا السياق أعربت مصادر "تيار المستقبل" عن عدم مفاجأتها بما تنوي الحكومة فعله لأن سياسة "مرقلي تا مرقلك" تجري على قدم وساق بين بعبدا والسراي، متهمة فريق السلطة باستغلال أزمة "كورونا" لتمرير العديد من الصفقات ومنها صفقة "الهيركات". وسألت المصادر نفسها عن إعادة المال المنهوب الذي وعدت الحكومة به وإرسال المتورطين الى المحاكمة، قائلة: كل ما فعلوه منذ ٤ أشهر يتركز على تحميل الحريرية السياسية مسؤولية ما جرى في السنوات الثلاثين الماضية في وقت كانوا شركاء في الحكومات التي تشكلت منذ العام ٢٠٠٥ وكانوا يصرون على أن يكونوا اوصياء على الوزارات التي تفوح منها روائح الفساد كالطاقة وغيرها، محذرة اللبنانيين الى التنبه لما تخطط له حكومة تدّعي الاستقلالية والتكنوقراط وإذ بها تسقط في أول امتحان.

 

أحمد الحريري: يومك جاي..والسيّد يرد: بلطوا البحر!

[caption id="attachment_77016" align="alignleft" width="400"] أحمد الحريري: رح تندم جميل[/caption]

 إشتعل السجال، وزدات وتيرة "الكلمات النابية" والأوصاف "القبيحة" بشكل غير مسبوق، بين النائب جميل السيد وتيار "المستقبل" ممثلاً بأمينه العام أحمد الحريري. إلى" حمار بشار"، هكذا وصفَ أحمد الحريري النائب السيّد، كما أنَّه لفت الى أن "أغلبَ صفات الإنسان وراثية، إلا صفة الإستحمار، فهي مجهودٌ شخصيّ"، سائلاً السيِّد من دون أن يُسميه: "أليس ذلك يا جميل؟". وتابع أحمد الحريري هجومه على السيّد، قائلاً له، "إنهيار أعصابكَ لن يُعفيكَ من السقوط في مزبلة التاريخ، وكلما نطقتَ بتغريدةٍ تَكشِف عن نفسيتكَ المريضة".

 وقبلها غرّد أحمد الحريري قائلاً: "حامل لسانو وداير بخ سموم وحقارة على كل شي اسمو الحريري". وتابع الحريري معتبراً أن السيّد "بيحاضر بالعفة والنزاهة وهوي علم من أعلام النهب والفساد وتهريب الاموال". وأردف أحمد الحريري: "نحنا صرفنا عمرنا ومالنا بخدمة الناس وتعمير البلد، وأمثالك صرفو كل حياتن بالتخريب على الاوادم يا حرامي". وفي تغريدةٍ أخرى، توجَّه الحريري الى السيِّد بالقول، "أنت أصلاً يا جميل نائب لأنو اشتروا سكوتك بالنيابة بعد ما فضحت لجنة التحقيق الدولية الملايين يلي خبيتها ببيتك". وختم، "حبل الكذب قصير ويومك جاي نشوفك مرة ثانية ورا القضبان".

 من جهته عاد السيِّد ليرد في تغريدةٍ "عنيفة" على أحمد الحريري: "صح، يومكم جايي، بس ما رح يكون سجن ولا هريبة، رح يكون تحت إجرين الناس يللي ضحكتوا عليهم وفقرتوهم، من صيدا وبيروت للشمال للبقاع"، مستعيناً بآية قرآنيّة تقول، "وتروْنَهُ بعيداً ونراهُ قريباً". وأضاف السيِّد، "على فكرة، إذا مبلغ الـ27 مليون دولار صحيح، خبّروا اللجنة هالمبلغ قبضته ثمن قتل رفيق الحريري، وبلطوا البحر".

 

سيناريو بين الواقع والخيال

 خلص سياسيون واقتصاديون ومصرفيون لبنانيون كبار، بعد سلسلة حلقات عمل ونقاشات عقدوها بعيداً عن الأضواء لدراسة الأسباب الحقيقية لما وصلت إليه الأزمة الإقتصادية والمالية والنقدية والمصرفية في لبنان، وسبل معالجتها والخروج منها، إلى أن هناك هجمة مبرمجة تستهدف القطاع المصرفي في لبنان بشقيه: مصرف لبنان والمصارف التجارية بهدف تحميلهما مسؤولية التدهور، وإبعاد الشبهات عن حزب الله ومنظومته السياسية التي تمسك بالسلطة في لبنان، خصوصاً منذ نجاح الحزب في فرض الرئيس الذي يريده للجمهورية في العام 2016 وما تبع ذلك من قانون للإنتخاب سمح له

[caption id="attachment_77020" align="alignleft" width="457"] مثلث المعارضة: سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع...هل بدأ موعد الحصار؟[/caption]

بوضع يده للمرة الأولى على الأكثرية في مجلس النواب.

 وأشارت دراسات وضعها خبراء واختصاصيون إلى أن الهجومات المتلاحقة التي يتعرض لها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وجمعية المصارف من جانب بعض القوى السياسية والحزبية والإعلام التابع لها، تُعتبر ترجمة لمخطط مُحكم وضعه حزب الله ويعمل على تنفيذه مع حلفائه، بهدف تدمير الاقتصاد اللبناني تمهيداً لتغيير هوية لبنان ووجهه الإقتصادي الحر، استكمالاً لمشروع إلحاق لبنان بالمشروع الإيراني من خلال تغيير هويته السياسية والحضارية والثقافية كجزء من العالم العربي على المستوى الإقليمي وجزء من العالم الحر على المستوى الدولي. ونبّهت هذه الدراسات الى أن الأمور بلغت حداً من الخطورة يتجاوز التفاصيل المتعلقة بمصالح المودعين وحقوقهم ومصير ودائعهم على المديين القريب والمتوسط، ليطاول استراتيجياً أي إمكانية للخروج من الأزمة الحالية على المدى البعيد بسبب التغييرات البنيوية التي يسعى حزب الله لفرضها على النظام السياسي والتركيبة الاجتماعية للبنان وبالتالي على النظام الإقتصادي اللبناني الحر.

 ولفتت هذه المصادر إلى أن حزب الله ومنظومته السياسية نجحا إلى حدّ بعيد في استيعاب ثورة اللبنانيين، قبل أن ينتقلا إلى العمل على تحوير أهداف الثورة وتحويل نقمة اللبنانيين على الأسباب الحقيقية للانهيار المتمثلة في إلحاق حزب الله لبنان بالمشروع الإيراني، وفي تعريضه لعزلة عربية ودولية وعقوبات عطّلت الدورة الاقتصادية وأثّرت سلباً على الأوضاع الإقتصادية والمصرفية والنقدية، من خلال استغلال عاطفة الناس ووجعهم وضيقتهم لتوجيه نقمتهم نحو الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي تارةً بحجة قمع التظاهرات والمتظاهرين، ونحو مصرف لبنان تارة أخرى بحجة مسؤولية الحاكم رياض سلامة عن الدين العام والهندسات المالية التي اعتمدها لمنع انهيار الدولة والمصارف، ونحو المصارف التجارية بحجة تهريب أصحابها أموالهم وأموال النافذين الى الخارج على حساب المودعين حيناً، ونحو الطبقة الميسورة. ورأت أن كل ذلك هو بهدف تحويل المشكلة في لبنان من مشكلة سيادية الى صراع طبقي أحياناً، وكل ذلك بهدف إشاحة الأنظار ومنع التصويب الشعبي على الأسباب الحقيقية للأزمة المتمثلة بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني الناجمة عن سلاح حزب الله وحروبه وكلفتها على الاقتصاد اللبناني وتأثيرها السلبي على الاقتصاد والمالية العامة، وبالتالي على الظروف الحياتية السيئة للبنانيين منذ بدأ حزب الله بتطبيق خطته لقضم الدولة اللبنانية ومؤسساتها بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان في العام 2005.

 

هكذا يرد حزب الله..وهكذا يُدافع

[caption id="attachment_77021" align="alignleft" width="457"] نواب حزب الله...هيئة دعم الحكومة.[/caption]

 مصادر مقربة من "حزب الله" ترى في هذه الدراسات والأبحاث، واجهة للمشروع الأميركي في المنطقة المعقود على ضرب "المقاومة" سياسياً ومعنوياً ومن ثم عزلها عن محيطها الوطني والإسلامي، وذلك بعد استحالة ضربها عسكريّاً لا في تموز(يوليو) من عام 2006 ولا  قبل هذا التاريخ، ولا بعده. وتضيف: لا همّ اليوم لأصحاب الأسماء السياسية والحزبية التي انبرت منذ أيام لتوجيه أصابع الإتهام لحكومة الرئيس حسّان دياب، سوى النيل من "الحزب" وتصويره على أنه المرجع الفعلي والحقيقي لها، واللافت هو في تنسيق هذه الإطلالات التي كشف أصحابها عن نياتهم تجاه الحكومة، مع ما يختزنونه من أجل تصويب سهامهم باتجاهها تمهيداً لمعركة سياسية مُقبلة، يُمكن أن يخوضوها بأساليب متعددة لإسقاط حكومة دياب. لكن السؤال الأبرز: ماذا بعد سقوط حكومة دياب في هذا التوقيت الحرج، هل لدى هؤلاء أدنى فكرة حول ما يُمكن أن يحصل بعدها؟

وتضيف المصادر: لم يتنصل "حزب الله" منذ البداية من واجباته ولا من مسؤولياته سواء تجاه البلد أو المواطن وكان من أبرز المدافعين عن بقاء حكومة الحريري الذي أصرّ على الإستقالة نتيجة ضغوط خارجية معروفة الأبعاد. وهو اليوم يسعى ويأمل أن تنجح الحكومة الحالية في كل مهامها وهو يقوم بدعمها من أجل إنجاح هذه المهمة وبالتالي لن يتخلّى عنها مهما كثرت أو تعددت الصعوبات، فقط لأن المسألة تتعلق بمصير البلد، ونحن أمام وضع إقتصادي ومالي ونقدي وصحّي صعب جداً جداً وهذا لا نقاش فيه، ولذلك سبق للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله أن دعا إلى فصل معالجة كل الملفات عن الصراع السياسي، ولتُترك للمقاربة بطريقة مختلفة لأنه إذا أردنا المعالجة بعد الإتفاق السياسي، لن نعالج شيئاً بسبب الاختلاف في الكثير من الأمور.

 وختمت المصادر: القول إن هذه حكومة حزب الله كذب ويؤذي البلد، وعندما تقول بعض القوى السياسية إنها تريد إعطاء الحكومة فرصة عليها وقف التحريض عليها وتركها تعمل، ونتطلع إلى مساعدتكم لها لأن هذه الحكومة إذا نجحت في وقف الانهيار والانحدار وتهدئة النفوس فهي تقدم خدمة كبيرة لكل اللبنانيين ولكل المقيمين على الأراضي اللبنانية وخارجها.

 

الخلاصة.. المواجهة المحتمة

 يُمكن الجزم أن المواجهة السياسية في البلاد بين السلطة المتحالفة ضمن التوليفة الحكومية من جهة وبين التكتلات الحزبية والسياسية غير الممثلة فيها من جهة أخرى، بدأت تتخذ طابعاً يُشبه كرة الثلج التي بدأت تتدحرج وتكبر في آن. ما هو مسموح اليوم، لن يعود كذلك غداً، فالوضع في البلد يزداد سوءاً والمسؤوليات تتعاظم من دون حلول وهذا ما يدعو الى قلق عارم قد يصل سقفه الى حدود المواجهة على الأرض، ربما على شاكلة ما حصل في 17 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي أو بشكل أبعد يُمكن أن تصل فيها الأمور إلى أبعد من الشارع، منها إحتلال وزارات أو مؤسسات تابعة للدولة، أو حتّى إغلاق مناطق بأمها وأبيها على الرغم من الخطر الصحيّ الكبير الذي يتهدد الناس بفعل تزايد عدد الإصابات بفيروس "كورونا".