[caption id="attachment_84203" align="alignleft" width="516"] الرئيس ميشال عون والنائب السابق وليد جنبلاط.. الجرة كسرت بينهما.[/caption]
بات من الواضح ان العلاقات بين "التيار الوطني الحر" والحزب التقدمي الإشتراكي سائرة بخطى سريعة نحو التدهور واللارجوع، ما يعني أن كل اللقاءات السابقة التي جمعت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس "التيار" النائب جبران باسيل من جهة، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس "اللقاء الديمقراطي" النائب تيمور جنبلاط من جهة ثانية، لم تحقق اي تقدم بحيث يصبح "الخراج" سهلاً بين الطرفين. لا اجتماعات قصر بيت الدين وقصر بعبدا اعطت نتائج ايجابية الا لفترة قصيرة، ولا زيارات تيمور جنبلاط الى اللقلوق حيث المقر الصيفي للنائب باسيل اثرت ايجاباً، كل ذلك يعني عملياً ان المواجهة بين الطرفين قائمة وان كانت اكثر حدة من جهة الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتناوب اركانه على مهاجمة الرئيس عون والنائب باسيل الى حد تبني الروايات التي تتناول شؤوناً شخصية في كثير من الاحيان...
قد يكون الحرص المتبادل من الطرفين على استمرار الهدوء والاستقرار في الجبل، هو القاسم المشترك الوحيد بين "التيار" والحزب الاشتراكي، منذ ان توافق الرئيس عون مع جنبلاط الاب على "تحييد" الجبل من الصراعات السياسية، وغير ذلك، لا شيء يجمع بين الجهتين، والكلام الذي يردده جنبلاط والنواب الاشتراكيين يصب كله في خانة النيل من سمعة رئيس الجمهورية والنائب باسيل الى حد استعمال عبارات نابية ولاذعة خلافاً للتقليد القائم بين القيادات السياسية بعدم "شخصنة" الخلافات السياسية. وما لا يقوله جنبلاط الاب مباشرة في حق الرئيس عون وباسيل يقوله النائب المستقيل مروان حمادة وشقيقه الاعلامي علي حمادة الذي يخصص في كل اطلالة اعلامية له كمية من السباب والشتم والانتقاد لرئيس الجمهورية، وهي عبارات يعاقب عليها القانون الذي يحفظ - ولو نظرياً - هيبة رئيس الدولة وموقعه وصفته لاسيما كونه يمثل الامة اللبنانية وجميع اللبنانيين.
إخباران إشتراكيان
واللافت ان ثمة تنسيقاً غير مباشر بين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة "امل" بدليل ما حصل الاسبوع الماضي بعد الادعاء على النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر في سياق التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت وما قيل عن "تسييس" للتحقيق الذي يتولاه قاضي التحقيق العدلي القاضي فادي صوان والذي تزامن مع ادعاء على حفنة من موظفي وزارة المهجرين بينهم المدير العام في اطار تحريك ملف الاثراء غير المشروع. فقد انطلقت من قواعد الحزب التقدمي الاشتراكي "هجمة مرتدة" ركزت على ملف الكهرباء الذي يعتقد خصوم العونيين انه "الخاصرة الرخوة" التي يمكن اسقاطهم من خلالها في فخ الارتكابات. وارتكزت هذه "الهجمة" على قاعدتين اثنتين:
الأولى: عبر الإخبـــار الذي تقدم به المحامي ربيع بركات الى النيابة العامـــة المالية على خلفية "مخالفات مالية مرتكبة في وزارة الطاقة والمياه، من قبل الوزراء المتعاقبين: جبران باسيل، ارتور نظريان، سيزار ابي خليل، ندى البستاني وشركة "نيد" و"مؤسسة كهرباء لبنان" وكل من تدخل وساهم في هذا الملف، لكون هؤلاء الوزراء قد حصلوا على منافع شخصية من الشركة والعقود ومنها توظيفات. ولم تقم الشركة بواجباتها ولم تنفذ العقود التي وقعتها وقبضت الاموال لاجلها. لا بل مارست الغش والتضليل". وطالب الإخبار بــ"الزامهم استرداد هذه الاموال لصالح الخزينة اللبنانية".
هنا يقول بعض المعنيين، إنه على المستوى السياسي، فقد تم تحريك هذا الادعاء "بالتنسيق" مع حركة "امل" ضمن صراع الإخبارات الحاصل.
الثانية: من خلال الإخبار الذي تقدم به النائبان هادي ابو الحسن وبلال عبد الله، باسم "اللقاء الديمقراطي" للنيابة العامة التمييزية في ملف مناقصات بواخر الكهرباء، والتركيز فيه الى ما ادلى به رئيس ادارة المناقصات جان العلية في مؤتمره الصحافي الاخير حول "ارتكابات تحصل في وزارة الطاقة عبر تقديم دفاتر شروط في موضوع المناقصات في ملف الكهرباء تؤدي دائماً الى عارض واحد بما يتنافى مع قانون المناقصات والاصول للحفاظ على المال العام، وهذا يدل على الامعان في سياسة الهدر والنزف والسمسرات والصفقـــات". وقد طــالب "اللقاء الديمقراطي" ان "يتم التحقيق مع وزراء سابقين ومستشارين وموظفين. واذا تبين وجود ارتكابات فلا بد ان يحاكم هؤلاء وفق احكام القوانين الجزائية، ووفق قانون الاثراء غير المشروع وقانون مكافحة الفساد الذي اقر اخيراً في المجلس النيابي".
وبعيداً عما يمكن ان يؤول اليه التحقيق في هذين الإخبارين، فإن البعد السياسي لهما يبقى هو الابرز لأنه يطرح مستقبل العلاقة بين "التيار" و"الحزب" على المحك ويرسم اطراً جديدة لمواجهة سياسية ستكون لها مضاعفاتها على مختلف الصعد، خصوصاً في ما يرسم للآتي من الايام حيث تقول المعلومات إن الحزب التقدمي الاشتراكي بات في منظومة واحدة مع حركة "امل" مهمتها مهاجمة العهد و"تركيب" ما تيسر من مخالفات واتهام المسؤولين في رئاسة الجمهورية وفريق عمل الرئيس وكذلك المسؤولين في "التيار الوطني الحر" بارتكابها وذلك في اطار مواجهة ما يصفه الاشتراكيون بــ "الحملة العونية" ضدهم، علماً ان مصادر "التيار الوطني الحر" تؤكد ان لا دور لها في التحقيقات في حادثة تفجير المرفأ، ولا في الحملات التي تستهدف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وعلاقته بالفساد على مر السنين. كذلك الامر بالنسبة الى الرئيس نبيه بري الذي "توجس" من كلام وصل اليه ومفاده ان رئيس الجمهورية قال امام مجلس القضاء الاعلى انه يريد رؤية الرئيس بري وجنبلاط في السجن.... وهو ما نفته رئاسة الجمهورية جملة وتفصيلاً وابلغت الرئيس بري ان الرئيس عون لم يقل هذا الكلام وهو ليس في وارد قوله في اي حال...
مطلعون على المسار المتدحرج للعلاقة بين الاشتراكيين والعونيين يؤكدون ان الامور متجهة بخطى سريعة نحو الانهيار "وكسر الجرة" بين الطرفين في مقابل تعزيز التلاحم بين الاشتراكيين والرئيس بري وحركة "امل" ما يعكس صورة التحالفات في الحاضر والمستقبل خصوصاً عندما يحين موعد انتخاب رئيس الجمهورية الذي سوف يخلف الرئيس عون في قصر بعبدا....