تفاصيل الخبر

الممثلة نهلا داوود: سبق وشكل لبنان نقطــة انطـلاق لنهضــة الدرامـا العربيــة!

15/03/2019
الممثلة نهلا داوود: سبق وشكل لبنان نقطــة انطـلاق لنهضــة الدرامـا العربيــة!

الممثلة نهلا داوود: سبق وشكل لبنان نقطــة انطـلاق لنهضــة الدرامـا العربيــة!

 

بقلم عبير انطون

 

دور بعد آخر تلمع نهلا داوود خريجة التمثيل في معهد الفنون الجميلة في الشخصيات التي تلبسها، وهي ان كانت غجرية او اميرة او <بيكة> من <البكوات> او <ستا> من الستات (كالست <ناهية> دورها المميز) تعطي شخصيتها ابعادا لافتة. في مسلسل <ثواني> الذي يعرض حاليا تلعب دور <منى>، زوجة رجل ثري تتعرّض لحادث سير، ولدى وجودها في المستشفى، تكتشف ان الممرضة التي تعالجها هي ابنتها، لتبدأ الأحداث...

فماذا تقول نهلا لـ<الافكار> عن دورها الصعب؟ ما جديدها في عالم الكوميديا هذه المرة؟ اي دور طرحت حوله اكثر من علامة استفهام ووافقت على تجسيده في النهاية وما كان موقف زوجها اليكو داوود منه؟

في <حوار الافكار> معها حصدنا كل الاجوبة وبدأنا بالسؤال:

ــ سبق وقلت ان دورك في مسلسل <وأشرقت الشمس> هو احد أجمل أدوار حياتك. هل لا زلت عند هذا الرأي مع نجاح <ثواني> ودورك المميز فيه؟

 - هل ترون كم ان الممثل <طمّيع>؟ يعتقد انه وصل للدور الاجمل لكنه عندما يعود الى نفسه يجد ان هناك الكثير مما يختزنه في داخله بعد، يفتش عنه و<يفش خلقه> مستمتعا باخراجه الى المشاهد. فالانسان في تكوينه مجبول بأكثر من شخصية في واحدة، في نفسيته، في عواطفه، في عقله وفي قلبه يكتشفها تباعا ومع كل دور يبرز ما هو جديد للمتلقي، يقدمها له بأفضل طريقة وفق دراسة وأبحاث معينة حول الشخصية المختارة فيطوعها بكل ما فيها من شر ووجع وحب ويعطيها من داخله.

ــ ان لم يكن أجمل الا انه أصعب من دور <ناهية>. فانت في <منى> على الكرسي المتحرك، تنطقين ببطء، تحتاجين لمن يحملك ويساعدك. الى اي مدى اتعبك كل ذلك؟

- الدور عنى لي الكثير لسبب خاص. لما طلبت منّي الكاتبة كلوديا مرشيليان قراءته متمنّية عليّ تجسيده، هي طبعا لم تكن تعلم أنني كنت اقرأ الكثير مما عانته في الواقع بولا، صديقة لي. لقد مرت بالحالة الصحية الحرجة نفسها بعدما تعرضت لحادث وعانت من مضاعفات صعبة له. في تلك الفترة، كنت الى جانبها وعشت ذلك الوجع. عنى لي الموضوع جدا لدرجة ان الفكرة بحد ذاتها اثرت بي عميقا.

ــ لم تكن كلوديا تعرف بشأنها؟

- على الاطلاق وعندما علمت لاحقا قالت لي: <ما غلطت انو دقيتلك وقلتلك عن الدور>.

ــ ماذا اضفت للشخصية ولم يكن على الورق؟

- كل الـ<بـــادي لانغــــــواج> لغــــة الجسد، نهلة الممثلة اضافتها. على الورق تكون الشخصية مختلفة.

ــ ودور المخرج سمير حبشي؟

- هو المراقب والمدير الاول لشخصياته. تكلمنا كثيرا عن الدور ورؤيته له، الى اين ستصل الشخصية والطريقة التي تتصرف بها.

 وتكمل نهلا:

- لم أفكر بالصعوبات وأنا اؤدي دور <منى>، ولم اتهيبها علما انها قاسية من حيث عدم القدرة على الوقوف والشلل والكلام، والا لكان قفز ذلك الى عين المشاهد واحساسه. دخلت في الدور الى النهاية، بيديّ، بصوتي، بعينيّ، بطريقة نطقي. استعنت في ذاكرتي بحالة صديقتي التي لم تستطع الكلام جيدا في البداية والتي لا يزال نطقها ثقيلا بعض الشيء. في <منى> أردت ان يشعر المشاهد بوجع الشخصية من خلال كلامها، يتشوق لمعرفة تاريخها، ماضيها، وما تعرضت له. تعب <منى> المعنوي كان قبل ان يأتيها تعبها الجسدي، وجاء الحادث ليشكل لها محطة عودة الى الذات، تسترجع من خلالها ماضيها، غلطها، غرامها الأعمى الذي اخذها الى حياتها الثانية تاركة ابنة وزوجا وأختا لا يعرفون شيئا عنها.. وفي الوقت عينه، هي مسؤولة تجاه اولادها من زوجها الجديد مع شعور يلازمها بتأنيب الضمير. إنها شخصية مليئة لم تروا الكثير مما سيمر بها بعد في الحلقات المقبلة. كنت لما أعود من التصوير اشعر بأن قفصي الصدري وعظامي كلها توجعني، ولكنني كنت سعيدة في الوقت نفسه لما اقدّمه، علما انني وانا اصور مسلسل <ثواني> كنت اصور اثنين غيره <طريق> و<الحب الحقيقي> والشخصيات الثلاث لا تشبه بعضها البعض ابداً.

ــ الخروج من شخصية والدخول في أخرى في الوقت عينه، الا يستنفذ طاقة الممثل وتركيزه؟

- <الله بيعين>... بالنهاية هذا هو الاحتراف يا عزيزتي، بعد العمر الفني هذا اقل ما يمكن.

ــ هل سنراك تمشين على رجليك مجدّدا <ست منى>؟

- ما يمكنني البوح به ان التطورات كثيرة وترقبوها.

ــ ماذا عن الكيمياء مع فادي ابراهيم زوجك في <ثواني> على الرغم من قساوة دوره وتعابيره؟

- فادي وانا عملنا في مسلسلات كثيرة اذكر من بينها <للحب وجه اخر>، <ورود ممزقة> وغيرها الكثير. الكيمياء بيننا واضحة، فادي ممثل محترف وانسان رائع، ونحن نحترم عمل بعضنا البعض.

ــ كأم، هل تتفهمين موقف ابنتك <هنادي> التي طلبتِ لقاءها وإخبارها الحقيقة ورفضتك لا بل تنوي الانتقام منك، وهل في موقف خالتها انانية ذاتية؟

- مليون بالمئة، واذا لاحظتم لم تُستفز <منى> كثيرا لموقف ابنتها منها. تركتها تعبّر بالطريقة التي تريدها. هي تترك الامور للوقت، وستعود لتفسر لها ما جرى معها وأسباب تركها لها وهي طفلة لتعيش سنة في الميتم ومن ثم مع خالتها. ما صار هو غلطة ام طبعا، لكن لهذا الخطأ مبرراته والناس ستتعاطف معها.

وأضافت:

- بالنسبة لـ<بدر> خالة <هنادي>، فالانانية مبررة. هي نذرت نفسها لأجلها وتخاف ان تتركها. في حديثها معها تقول لها ذلك بصراحة. حتى نفورها من اختها <منى> كان على قدر محبتها لها. لقد شخّصت ختام اللحام الدور بشكل رائع. سر نجاح المسلسل برمته هي الكيمياء الرائعة التي سرت بين فريق العمل حتى في ما وراء الكواليس وطبعاً جودة الانتاج.

ــ اعتدنا عليك بادوار المرأة المتسلطة القوية. هل كسرت هذا الاطار في مسلسل <ثواني>؟

- نعم وعندي الآن اكثر من مسلسل أعمل عليه، كسرت فيه القيد عن نهلا المعروفة بالادوار المتصلبة والشريرة.

ــ لماذا وضعت في هذا الاطار برأيك؟

- لست ادري. اريد ان اخرج من هذه الصورة وقد لعبت الكوميدي للتنويع. من غير الجائز ان يُطبع الممثل بادوار معينة، وقد شاءت الظروف والاصدقاء والمخرجون وشركات الانتاج من <ايغل> الى <ام اند ام برو> وغيرهما ان تلعب في صفي ما اتاح لي فرصة ان تعرض علي عدة انماط من الادوار وهذه نعمة...

فرصة لم تتأخر...!

ــ لماذا تأخر نجمك في السطوع وانت خريجة <معهد الفنون> وتتوافر فيك العناصر المطلوبة؟

- لم تتأخر الفرصة ابدا. أنا من المحظوظات ومهنتي بالنسبة لي هي هواية، وما امتع ان تلتقي المهنة والهواية. لا فرص تأخرت علي. انا كنت من يختار. واتمنى السطوع لكل الزملاء فالشركات مفتوحة الآن والانتاج كبير وقد عادت الدراما اللبنانية لتثبت نفسها.

ــ اشتغلت في المسرح مع الاستاذ روميو لحود. ماذا تتذكرين من تلك التجربة وهل من حنين للخشبة؟

 - قبل أن أدخل جامعتي كنت أشاهد مسرحية <صيف 840> وعرّفني اشخاص مشتركون على الاستاذ انطوان كرباج. اخبرته بأنني سأبدأ الدراسة في معهد الفنون فقال لي <انشالله منشتغل سوا> وتحقق ذلك في مسرحية <بنت الجبل> مع الاستاذ روميو حيث تعرفت على القديرة والجميلة سلوى القطريب رحمها الله.

ــ هل من حنين عندك للمسرح اليوم؟

- أكيد... الحنين الى المسرح لا يغيب، وهو موجود بشكل كامن و<نفش خلقنا> في اي دور نقدمه لأنه في قلبنا ممثلو مسرح في النهاية. للاسف المسرح حالته ضعيفة اليوم، على الرغم من جهود الشباب والاساتذة حتى يبقى على السكة، واقدّر جهودهم.

نقاش...!

 

ــ ماذا عن فيلم <ساعة ونص وخمسة> الجزء الثاني من <ساعة ونص> لعباس شاهين وتاتيانا مرعب؟

- انه مشاركتي السينمائية الكوميدية الاولى واتمنى ان يحصد الاعجاب لكنني لا استطيع البوح عن دوري فيه.

ــ يشارك فيه زوجك الممثل اليكو داوود أيضا، الى اي مدى تنتقل ادواركما واعمالكما الى نقاشات البيت بينكما؟ وهل تتبادلان النقد والموافقة على الادوار التي تعرض على كل منكما؟

- الحوار الفني قائم بيننا بشكل دائم بما فيه نقاط الاقناع والاعتراض. نحن اولاد المهنة، ولا يمكننا ان نتغاضى عن شؤونها.

ــ هل من دور وافقت عليه فيما كان اليكو معترضا؟

- نعم، وهو دور لم يعرض بعد. لا اقول بأن اليكو اعترض انما ارتسمت حوله بعض علامات استفهام لكلينا، الى ان قررنا ان يكون تحديا ارفعه، خاصة وان من خلاله رسالة معينة.

ــ اي دور تقصدين في اي مسلسل؟

 - <رندا> في <بردانة انا> من كتابة كلوديا مرشيليان واخراج وانتاج نديم مهنا. هو دور امرأة جريئة في حياتها ترتكب نزوة وتغرم بشاب اصغر منها ويتفرع عن ذلك خطان: اول في علاقتها بهذا الشاب، وثان في علاقتها بابنها وبيتها وحياتها الزوجية.

وتكمل داوود:

 - اقتنعت بالفكرة لان كلوديا تهدف من خلالها الى امر بالغ الاهمية بالنسبة للمرأة فتدعوها ان لا تجابه الخطأ ان كانت ضحيته، بخطأ لآخر، فاذا كانت صاحبة حق، ولو تتطلب الامر وقتا فستكون هي الرابحة في النهاية. الجميل في الشخصية انها تعود وتستيقظ في مكان ما! بالنهاية هي ام، والبيت اذا اخترب اساسه فانه يتزعزع بكامله، والمرأة هي الاساس فيه والركيزة الاولى.

ــ من هي الممثلة العالمية التي يلفتك اداؤها؟

 - ما من اسم معين، انا استلهم من الجميع. لا أحب ان يشبهوا هذه الممثلة او تلك بـ<ميريل ستريب> الشرق مثلا... فكل ممثلة في الشرق عندها كيانها وحضورها وتألقها وخصوصيتها، حتى في الادوار الثانوية هناك من لسن في الصفوف الاولى ويملكن حضورا آسرا ونستوحي منهن.

ــ لديك لغط مع الجوائز... وتفضلين عدم دخول اسمك فيها. هل الأمر بسبب التصنيفات او المحسوبيات ام غير ذلك؟

- اتحفظ عن الاجابة.

ــ لكن لنعرف وجهة نظرك...

- لا تعليق!

ــ اشتغلت مع كلوديا مرشيليان كما ومع منى طايع. ما الميزة المختلفة لقلم كل منهما؟

- سأعطيك الميزة المشتركة، وهي انهما ممثلتان وتعرفان كيف تكتبان للممثلين. احب النصين. أشعر بلذة وانا اعمل لكلوديا أو منى والتمييز بينهما يضربني على الوتر الحساس، لا استطيع، وهما صديقتان لي.

ــ هل تفكرين في الكتابة كصديقتيك؟

- ابدا... ابدا. اقرأ النصوص جيدا، اميز عميقا أبعاد الشخصيات فيها، ولدي المام كبير بالسيناريو لكن ليست لدي ملكة الكتابة التي اعتبرها نعمة من الخالق.

 ــ هل <قطف> برأيك مسلسل <طريق> مع نادين نجيم وعابد فهد النجاح الموازي لـ<ثواني> الآن؟

 - في رمضان المبارك كان مسلسل <طريق> في الطليعة، <ثواني> يأتي خارج السياق الرمضاني... كذلك شخصية <اسمى> كسرت الدنيا.

ــ وانت تتحدثين عن <اسمى> تذكرت دورك ايضا في <سمرا> حول الغجر وعيشهم وكنت لافتة أيضا...

- لا استطيع ان اقدم شخصية من دون ان اغرم بها، ولو كانت شريرة، والا فلا تصل للناس. أبحث عن مطرح احبها فيه. <الشيخة ناهية> في <واشرقت الشمس> على الرغم من قساوتها وجدت لها مكانا احببتها فيه واعطيتها مبررا. <جمال> في مسلسل <امير الليل> هل هناك من هو اكثر حنانا او اخلاصا منها؟

ــ هل وصلنا بالدراما اللبنانية الى مصاف الدراما العربية مصرية او سورية؟

- نحن افضل حتى مع احترامي للجميع. لما كانت النهضة والعصر الذهبي للبنان قبل الحرب كان كل العرب يحجون الى لبنان ليمثلوا وينتجوا افلاما. هل نحن غافلـــون عن ذلك؟ تلفزيون لبنان شكّل مرجعا لكل فنان عــــربي ينشــــد الشهـــرة. مع احترامي لكل الانتاجات العربيــــة والممثلـــين والمخرجـــين والكتـــاب العرب، نحن على الموجة عينها، وعلينا ان نضع جميعنا ايدينا بأيدي بعضنــــا البـــعض، مـــــن دون ان يمنــــع ذلك مــــن ان يكون لكل درامـــا خصوصيتهــــا واجتهادها وحضورها في الوسط الفني.

وهنا اود ان الفت الى أمر مهم تقول نهلا:

 - سابقا كنا نشكو من ندرة شركات الانتاج واليوم هناك شركات محترمة ليس في الانتاج وحسب انما ايضا في التوزيع كشركتي <الصبّاح> و<ايغل فيلمز> لجمال سنان واللتين توزعان الدراما، وهذا ما يجعل المسلسلات اللبنانية تصل الى الصفوف المتقدمة لاننا نصرّف انتاجنا وهذا امر مهم جدا واساسي.

ــ هل تتجه ابنتاكما صوب الفن والتمثيل ووالدهما اليكو وانت في المجال؟

- <لين> ابنتي الكبيرة مهندسة معمارية ما يعتبر ايضا نوعا من الفنون، اما الصغرى <لنا> فهي تدرس في نطاق الاعمال <بزنس> الا انها تقدم فقرة في برنامج <بتحلى الحياة> حول الافلام والمسلسلات فتعتبره متنفسا فنيا جميلا لها.