تفاصيل الخبر

الممثل السوري القدير جمال سليمان: لــو خطـطـنـــا كعـــرب لكــل مــا تخيلنــاه لكنـا وصلنــا الى القمـــر    

13/05/2016
الممثل السوري القدير جمال سليمان: لــو خطـطـنـــا كعـــرب لكــل مــا تخيلنــاه لكنـا وصلنــا الى القمـــر      

الممثل السوري القدير جمال سليمان: لــو خطـطـنـــا كعـــرب لكــل مــا تخيلنــاه لكنـا وصلنــا الى القمـــر    

1 عقد كامل من الزمن وجمال سليمان يحافظ على مكانته على الخارطة المصرية قبل العربية، مقاوماً زيادة عدد المنافسين وتغير معايير السوق، ويبقى متمسكاً بموهبته وإصراره على تقديم نفسه كممثل هويته الفن قبل الوطن.. في السطور الآتية دردش معنا عن مسلسله السوري الأخير ومشروعه المصري المقبل وبعض من السياسة.

ــ غبت لسنوات ثم عدت فجأة ببطولة مسلسلين؟

- أصوّر دوري في كل من <أفراح القبة> و<عودة مندور>، والثاني كتبه ناصر عبد الرحمن ويخرجه حسني صالح، وهو بمنزلة جزء ثانٍ من مسلسل <حدائق الشيطان> الذي كتبه من قبل محمد صفاء عامر واخرجه إسماعيل عبد الحافظ ومرت عليه تقريباً عشر سنوات، ومشروع اكماله كان قائماً طوال تلك السنوات، حيث تعود معه شخصية <مندور أبو الدهب>، الرجل المتسلّط وتاجر المخدرات الذي يسحق خصومه بقبضة من حديد.

ــ ماذا عن <أفراح القبة>؟

- أؤدي شخصية مدير مسرح في مسلسل <أفراح القبة> بين خمسينات وسبعينات القرن العشرين، ومن خلال هذا الدور أسلط الضوء على حياة المجتمع المصري وتطورات الحياة فيه والقضايا التي كانت موجودة في هذا العصر، والمسلسل يناقش بعض المشاكل السياسية ولكن ليس بشكل رئيسي. وفكرة المسلسل عمومية وتحاكي الحقيقة والوهم اللذين يعيشهما المجتمعان المصري والعربي. كما أن السيناريو مأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه للأديب العالمي نجيب محفوظ، صدرت عام 1981، يبحث فيها أديب نوبل عن المدينة الفاضلة.

ــ غيابك أيضاً عن الدراما السورية وصل لأربع سنوات، فما الذي جذبك لمسلسل <العراب>؟

- سعيد جداً بهذه التجربة لأنها أعطتني أخيراً الفرصة لتقديم عمل سوري، ورغم أن الأربع سنوات السابقة تخللتها عروض، ولكن حالت الظروف الانتاجية دون انجاز تلك العروض أو قبولها.

ــ هل تعني انك لم تجد من ينتج لك في سوريا في تلك السنوات؟

- لا أبالغ حينما أقول أن وضعي جيد في الدراما السورية ولدي علاقات أيضاً جيدة أسستها على مدار سنوات، ولكننا كعرب فوضويون بعض الشيء في انجاز أعمالنا، ومفهوم الزمن عندنا مفهوم فيه الكثير من الاستهتار، ولو خططنا لربع ما فكرنا فيه وتخيلناه لكنا وصلنا إلى القمر، ولكن الوقت يسرقنا دائماً، وحينما نبدأ التحضير لأي عمل نتفاجأ بأن الوقت المتبقي أمامنا لتصويره قبل رمضان لا يكفي، فيتم إرجاؤه، وطبعاً التحضير هو أهم مرحلة في عملنا، وهي مرحلة معقدة وان لم تتم على خير وجه لا تكون النتيجة جيدة.

ــ وضعت نفسك خلال آخر عشر سنوات على خارطة الدراما العربية كلها، كيف نجحت في ذلك؟

- في اعتقادي إن الانسان إذا أخلص لشيء يخرج بنتائج عظيمة، فالاخلاص والصدق مع الناس والعطاء هي أسرار نجاح أي شخص في أي شيء.

ــ إذا عدنا لمسلسل <العراب> ما الذي أعجبك فيه؟

- أولاً، المخرج حاتم علي الذي أتعاون معه مرة جديدة، تجاربه معي شكّلت محطات مهمة جداً في تاريخي الفني، ثانياً شركة الانتاج نفسها شجعتني لأنها تخوض تجارب كبيرة وصعبة وتجاربها السابقة في الدراما السورية كانت كلها تجارب مهمة، وطبعاً نص هيثم حقي كان مقنعاً بالنسبة لي.

ــ لكن البعض يرى أن نصوص الكاتب والمخرج هيثم حقي مباشرة زيادة عن اللزوم... ما تعليقك؟

- بل هي مباشرة بشكل كافٍ، فهو يعطي الأشياء مسمياتها ويعطيها حقها، وأعرف أن الأسلوب المباشر أمر خطير جداً في الفن، ولكن هناك قضايا تقتضي هذه المباشرة. وأعرف أن المباشرة في تناول الموضوعات تؤرق أيضاً البعض، خاصة من يرون أن دور التلفزيون يقتصر على أن يكون جهازاً مسلياً دون أن يقترب من القضايا الحساسة، ولكنني أميل لرأي آخر وهو أن الدراما يجب أن يتم استغلالها لصناعة الرأي ومنظومة القيم، ولمساعدة مجتمعنا للخروج من الأزمات التي يتخبط بها، وإذا تحدثنا عن مسلسل <العراب> فهو يتناول الواقع الذي عاشته سوريا بعد العام 2000 والصراع بين الحرس القديم ومثيله الجديد.

ــ ظهر نوع من التفاخر في الانتاج في ما يتعلق بالديكورات وممتلكات الأبطال.. كيف ترى علاقة ذلك بقصة المسلسل؟

- المسلسل يدور حول عائلة فاحشة الثراء، ومن المنطقي أن يظهر ذلك في كل تفاصيل حياتهم، وشيء طبيعي أن تتوافر لدينا الإمكانات الانتاجية لتصوير هذه الحياة المترفة، وبالطبع نحن في المسلسل لا نحاول أن نقول اننا نملك ثروات ونصرف، ولكن طبيعة الأدوار وهوية الشخصيات ما يفرض ذلك.

ــ بالحديث عن الهوية، ألا ترى أن العمل فقد هويته بتصوير الحياة داخل سوريا في مواقع تصوير خارج سوريا؟

- لو ساعدتنا الظروف الأمنية للتصوير في سوريا لكنا فعلنا بكل تأكيد، ولكننا أثناء تصويرنا في لبنان كنا حريصين على إيجاد الأماكن التي تشبه حياة سوريا إلى حد بعيد، إن كانت ضواحي وأحياء يعيش فيها الفقراء جداً أو الأغنياء جداً، والمخرج وفريق الانتاج سعوا الى حد كبير للتصوير في أماكن مناسبة. ولكنني لا أخفيك أنه لا بد عليك كصانع دراما أن تكون مبهراً وجذاباً وانت تناقش قضية كبيرة، لأن الإبهار عامل جذب لا اختلاف عليه في التلفزيون. فالجماليات في الفن مسألة حاسمة ومهمة جداً.

ــ شخصية <أبو عليا> التي قدّمتها في المسلسل.. هل ترمز لشخصية عامة بالنظام السوري؟

- حينما قرأت النص في البداية وتخيلت الشخصية، جاء على بالي أربعة أشخاص قد يكون مشاراً اليهم في الواقع، ورغم أن الشخصية أتعبتني نفسياً، لكن ذلك لم يوقفني بالتأكيد لأنني أنا والمخرج حاتم علي والسيناريست رافي وهبي ندرك أن الانسان له جوانب قبيحة ووجوه متعددة تصل للتجبر والتسلط، ولكن مهما بلغت بشاعة الناس يبقى هناك جانب آخر انساني في لحظات الضعف والوحدة والألم.

3ــ كيف تتابع الأزمة السورية خاصة مع هجرة العديد من السوريين الى الخارج؟

- كلنا كسوريين لدينا الأمل أن تعود سوريا ونعود اليها وهي حرة وموحدة وديموقراطية ودولة للقانون والمواطنة والمساواة، وهي دولة تعتز بأبنائها وتتعامل معهم حسب كفاءاتهم لا حسب انتماءاتهم، وللعلم السوريون لديهم تاريخ مع الهجرات والأزمات وهذه ليست المرة الأولى، وان كانت هذه المرة هي الأصعب لأن الشعب السوري شعب مبدع وله تاريخ وقد بنى دولة ووطناً، والسوريون ما كانوا ليتخيلوا يوماً ما يجري لهم الآن.

ــ وكيف ترصد ردة فعل المجتمع العربي على ما يحدث للسوريين حالياً؟

- أرى ان المجتمع الانساني أثبت فشله في التعاطي مع هذا الموضوع وتركه يتفاقم رغم إدراكه أن قضية سوريا تتسع وتكبر، ولكن كما تم التعامل بعنف مع بعض السوريين في بلاد ما، تم الترحيب بهم في بلاد أخرى، وهو واقع يعطي للموقف شيئاً من التوازن.

ــ ماذا عن تعاطي الإعلام المصري والشارع المصري مع النزوح السوري لمصر؟

- استغرق المصريون بعض الوقت حتى يروا الصورة الحقيقية للشعب السوري، لأن هناك فترة من الفترات كان فيها التباس حينما اختلط عند البعض تقييم السوريين، فظن البعض انهم كـ<داعش> ارهابيون وفوضويون وعندهم رغبة في التدمير والتدخل في شؤون الآخر، وما تسبب في نشر تلك الصورة الخاطئة هو وجود بعض السوريين في <ميدان رابعة>، رغم ان التيار الواعي من السوريين كان يوجه النداءات لعدم التدخل في الشأن المصري، خاصة واننا ضيوف في مصر، واعتقد ان مصر فيها ما يكفي من العقلاء الذين يحسبون أمورهم ويقررون مصائرهم، ونحن كسوريين ليس لنا علاقة بما يقررون، بل نتمنى كل الخير لمصر، أما السوريون الذين سمحوا لأنفسهم بالتدخل في شؤون مصر فعددهم بالنسبة للسوريين الموجودين في مصر قليل جداً، ومع ذلك تسببت تصرفاتهم بحالة من الانقلاب لدى الرأي العام المصري على السوريين.

ــ هل تعتقد ان الإعلام كان له دور في نشر هذا التصور عن السوريين المقيمين في مصر؟

- بكل تأكيد، وأنا لا أطالب الإعلام بأن يقول للمصريين بأن السوريين <أجدع ناس>، ولكن على الأقل أطالبه بألا يروج لصورة مجتزأة ولا تشمل السوريين كلهم.

ــ هل الدراما قادرة برأيك على تغيير أي واقع حالي بسوريا؟

- بشكل تراكمي سيحدث التغيير حتماً، فلا يوجد عمل فني يغيّر واقع مجتمع، ومن يقول ذلك مُدعٍ بلا شك، ولكن الدراما تحكي حكايات للناس، وإما أن تكون تلك الحكايات عميقة وحقيقية أو سطحية ومزيفة، و<العراب> وغيره من المسلسلات تحكي عن حياتنا، والمنتظر هو أن يأخذ الناس العبر من تلك الحكايات، ولكن الفن ليس دوره او من واجباته تقديم الحلول، بل هو يساعد الناس على فهم معطيات الواقع وادراك مشاكلهم حتى يجدوا هم الحلول، وكثير من الأحيان ندفع عمراً بأكمله دفاعاً عن قضية ولا نصل لشيء، لأننا ببساطة سمعنا حكاية كانت كاذبة أو منقوصة، وبرأيي واجب الدراما هو تعريف الناس بكل شيء وتفتيح أذهانهم، ولا أتحدث عن السياسة فقط بل من الممكن أن نضرب أمثلة تشمل واقع المرأة اليوم ومآسي أطفالنا.