تفاصيل الخبر

الملف النفطي ”معلّق“ بين الخلاف على ”الاتفاق الثنائي“ وضغوط خارجية اعترضت خصوصاً على تلزيم كل ”البلوكات“...  

12/08/2016
الملف النفطي ”معلّق“ بين الخلاف على ”الاتفاق الثنائي“  وضغوط خارجية اعترضت خصوصاً على تلزيم كل ”البلوكات“...   

الملف النفطي ”معلّق“ بين الخلاف على ”الاتفاق الثنائي“ وضغوط خارجية اعترضت خصوصاً على تلزيم كل ”البلوكات“...  

باسيل-بري هل يكفي أن يقول رئيس الحكومة تمام سلام وهو في طريقه الى <نواكشوط> حيث رئس وفد لبنان الى القمة العربية العادية التي انعقدت في عاصمة موريتانيا، ان لا خلاف بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري حول ملف استخراج النفط والغاز من الحقول البحرية اللبنانية، حتى يسلك هذا الملف طريقه الى التحقيق بعد طول انتظار؟ وهل يكفي أن يشيّع وزراء حركة <أمل> أجواء ايجابية حول التفاهم على آلية التنقيب عن النفط حتى يكون التلزيم قد تم في انتظار بدء التنقيب؟

من الواضح ان اقرار ملف النفط لن يكون قريباً، خلافاً لما كان أعلنه كل من وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل بعد لقائهما بالرئيس بري قبل أسبوعين بأن المراسيم المتعلقة بملف النفط ستكون على طاولة مجلس الوزراء <بعد أسبوعين> وان الحجج التي تقف وراء ذلك كثيرة وليس أقلها ان ثمة قوى سياسية لم تطلع على تفاصيل الاتفاق الذي تم بين الرئيس بري ورئيس <تكتل التغيير والاصلاح> العماد ميشال عون وصهره الوزير باسيل، وقد أظهرت هذه القوى <عدم حماسة> أبداها الرئيس سلام <احتجاجاً> على الطريقة التي عولج بها الملف النفطي، وهو الذي كان دعا سابقاً الى اتفاق ما بين القوى السياسية قبل طرح موضوع النفط على مجلس الوزراء خوفاً من حصول انقسام حوله وخلافات.

ولم يعد سراً ان الرئيس بري الذي سبق أن أثار هذا الموضوع مراراً مع الرئيس سلام، لم يكن مرتاحاً لما وصله من أصداء من السرايا الكبير وغيره بعد الاعلان عن الاتفاق مع <التيار الوطني الحر> على اطلاق مسيرة المراسيم التنظيمية التي تضع ملف النفط على السكة، لاسيما وان ما فعله مع <التيار الوطني الحر> هو ما سبق أن طُلب منه بعدما اتضح ان تجميد هذا الملف يعود للخلاف بينه وبين الوزير باسيل وفريق عمله. وما زاد في منسوب <غضب> الرئيس بري، هو ان حماية <بلوكات> النفط والغاز وحفظ حق لبنان في هذه الثروة التي تعود ملكيتها للدولة اللبنانية وسيادتها وليس الى أشخاص، قوبلا بردود فعل أوحت وكأن ما حصل في عين التينة خلال زيارة الوزير باسيل هو <توزيع حصص> أو هو اقتسام لقالب الجبنة النفطية حتى قبل أن يتكوّن. ونقل زوار الرئيس بري عنه <كلاماً كبيراً> عن الجهات التي تعرقل اتمام الملف النفطي وعن <السياسيين> الذين يتعمدون التعطيل لمنع اطلاق عجلات استخراج النفط، وهؤلاء الذين وصفهم بري بـ<المخربين> لن يتردد رئيس المجلس في تسميتهم أمام الرأي العام إذا ما استمرت معارضتهم غير المبررة وعراقيلهم <التي تخدم العدو الاسرائيلي الذي لا يريد للبنان الاستفادة من هذه الثروة>.

 

سلام: التفاهم المسبق ضروري

 

وإذا كانت أصداء <غضب> الرئيس بري قد وصلت الى السرايا، ولاسيما قوله ان الرئيس سلام شجّع على الاتفاق المسبق قبل عرض الملف على مجلس الوزراء <ومن العيب التنصل من الالتزامات>، فإن ردة فعل الرئيس سلام كانت ــ في رأي قريبين من الرئيس بري ــ دون ما كان يتمناه <أبو مصطفى> وإن كان الرئيس سلام حرص على الفصل بين العلاقة الشخصية <الممتازة> مع الرئيس بري، وضرورة توفير مستلزمات النجاح للملف النفطي الوطني، وهذا يعني ــ في نظر سلام ــ التفاهم المسبق على توفير موافقة كل القوى السياسية <لا مجرد فريقين اثنين فقط>. ويورد الرئيس سلام أمام زواره ان ثمة أموراً غير واضحة تتعلق مثلاً بتوزيع <البلوكات> الذي لم تتفق القوى السياسية عليه بعد، وكذلك هناك <اعتراضات> على صوغ المراسيم التي لم تبت بعد، وهناك لجنة وزارية متخصصة بالملف لم تبدِ رأيها بعد في عدد <البلوكات> والتفاصيل الاجرائية الأخرى لاسيما منها موضوع التلزيم وما إذا كان سوف يتم دفعة واحدة أو على مراحل. ويضيف الرئيس سلام في معرض شرحه لموقفه <المتريث> في معالجة الملف النفطي ان ثمة مسألة مهمة أخرى لم تحسم بعد وتتعلق بتنظيم العقود بين الدولة والشركات التي ستتولى استخراج النفط والغاز، وهذه العقود تتضمن معطيات معينة منها الجانب المالي الذي سوف تتقاضاه الدولة من هذه الشركات وهل ستتولى الشركات كل الملفات أم يجري انشاء شركة وطنية للنفط تتولى الاشراف الى جانب أمور أخرى تقنية واجرائية لم يجر البت بها بعد من كل القوى السياسية. كذلك بقيت مسألة الضريبة التي ستُفرض على أرباح الشركات والتي تحتاج الى مشروع قانون لم يعرضه وزير المال بعد على مجلس الوزراء، إضافة الى غياب آلية تتصل بكيفية اختيار الشركات التي يفوق عددها الـ42 شركة عالمية مختصة بالنفط، علماً ان موضوع التسعير يحتاج هو أيضاً الى اتفاق مسبق نظراً لتشعبه وما يمكن أن تكون عليه نسبة الحصص العائدة للدولة.

ويتحدث زوار السرايا عن ان هذه الملاحظات وغيرها كثير، هي التي دفعت بالرئيس سلام الى التريث، من دون أن يعني ذلك انه أسقط من ملاحظاته <الطريقة غير المثالية> التي تم التوافق فيها على الموضوع بين عين التينة والرابية. لكن الأكيد ــ حسب زوار السرايا ــ ان رئيس الحكومة ليس في وارد المواجهة مع أحد بالنسبة الى الملف النفطي، خصوصاً الرئيس بري، وهو حرص قبيل سفره الى <نواكشوط> وبعد عودته منها، على توجيه رسائل ايجابية في اتجاه عين التينة ينتظر أن تتبلور مفاعيلها خلال الأيام القليلة المقبلة، ولاسيما بعد توضيح النقاط التي وقع فيها الالتباس في كلام كل من رئيسي المجلس والحكومة، وبالتالي فإن ملف النفط لن يعود الى الثلاجة وإن كان لن يُبت به <خلال أسبوعين> كما توافق الوزيران باسيل وخليل بعد لقاء عين التينة.

 

بري-سلامهل من ضغوط خارجية؟

 

إلا ان ثمة من يرى بأن <فرملة> البحث في ملف النفط لم تكن نتيجة المقاربتين المتناقضتين للرئيس بري وسلام فقط، بل يتحدث مواكبون للملف عن <تحركات خارجية> حصلت بعيد الاعلان عن اتفاق عين التينة مرتبطة بمواقف أميركية وروسية حول الملف النفطي، هي التي أدت الى بروز <مفاهيم خاطئة> في مقاربة الملف وجعلت الضوء الذي أراده لقاء عين التينة أخضر يتحول الى أصفر ثم الى أحمر، مع ما يعني ذلك من <انزعاج> قوى خارجية فاعلة من تحريك الملف خلافاً لما كانت سعت إليه لاسيما بالنسبة الى <البلوكات> المتاخمة للأراضي الفلسطينية والتي قيل ان الروس <التزموا> التنقيب فيها عن النفط والغاز بعدما أحجمت شركات أميركية وأوروبية عن هذا العمل نظراً لحساسية المنطقة البحرية الحدودية والخوف من حصول انتكاسات أمنية بفعل التوتر الدائم بين اسرائيل والمقاومة. ويذهب هؤلاء الى حد القول بأن واشنطن لم تكن تريد أن يتم التعاطي مع <البلوكات> المتاخمة للحدود مع الأراضي المحتلة للاعتبارات المعروفة، وأتى <اتفاق> عين التينة ليسقط هذا الأمر بتغطية روسية غير معلنة، ما اعتبره القيمون على الملف النفطي في الإدارة الأميركية <تجاوزاً> للتفاهم الذي سبق أن أعلن بين بيروت وواشنطن على أن تكون المواقف اللبنانية حيال هذا الملف <منسقة> مع الجانب الأميركي.

وفي هذا السياق، لا تستبعد المراجع المواكبة للملف النفطي أن يكون <عدم الحماسة> الذي أظهرته شركات عالمية للاستثمار في الحفر والتنقيب، ناتجاً عن <ضغوط> مورست على هذه الشركات لـ<التريث> في الاندفاع صوب التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية ريثما تتضح معالم ما يحضّر لبنانياً وخارجياً لهذه الثروة الوطنية التي تكاد تضيع إذا ما استمرت المماطلة وازداد التسويف ومعه العراقيل المفتعلة التي أثارت شكوكاً لدى شركات النفط العالمية المهتمة بالقطاع اللبناني الناشئ.

والى أن يقتنع الأفرقاء بأن ملف النفط انطلق ولا يجوز أن يتوقف، فإن التباين في وجهات النظر سوف يستمر في صفوف السياسيين، ما يفرض على لبنان تعزيز المؤسسات المعنية بالملف بشكل مباشر وغير مباشر في آن، حتى تكون الشفافية من أسس نجاح الادارة اللبنانية في التعاطي مع ملف بهذه الخطورة والأهمية على حد سواء.