تفاصيل الخبر

الملف الحكومي مجمد حتى إشعار آخر ولا أمل إلا بتدخل فرنسي غير مضمون!

17/02/2021
الملف الحكومي مجمد حتى إشعار آخر  ولا أمل إلا بتدخل فرنسي غير مضمون!

الملف الحكومي مجمد حتى إشعار آخر ولا أمل إلا بتدخل فرنسي غير مضمون!

[caption id="attachment_85904" align="alignleft" width="349"] اللقاء الأخير بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لم يحمل اي جديد.[/caption]

الذين راهنوا على نتائج إيجابية لجولات الرئيس المكلف سعد الحريري الى فرنسا ومصر والامارات العربية المتحدة وتركيا، تعيد تحريك الملف الحكومي المجمد منذ 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أصيبوا بنكستين: الأولى بعد الزيارة التي قام بها الرئيس المكلف الى بعبدا بعد عودته من رحلاته الخارجية متجاوزاً الاتهام الذي وجهه اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بــ "الكذب"، والثانية بعد الكلمة التي القاها في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري التي حلت في 14 شباط (فبراير) الجاري . ولعل القاسم المشترك بين الزيارة الى قصر بعبدا، والكلمة الحريرية، هو ان الازمة الحكومية الى مزيد من التصعيد والتعقيد وقد تصل الى نقطة اللارجوع خصوصاً اذا لم يأت أي تدخل من الخارج لاسيما من باريس حيث كان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ينتظر تطوراً إيجابياً من زيارة الحريري الى بعبدا، لكنه لم يحصل على ما يتمنى.

نكسة أولى في بعبدا

 بالنسبة الى زيارة بعبدا، تلتقي المعلومات على القول إن الرئيس الحريري حمل معه الى الرئيس عون اللائحة نفسها التي كان قدمها اليه في آخر اجتماع ضمهما في 23 كانون الأول (ديسمبر) الماضي موزعاً عليه 6 حقائب وزارية كان عرضها عليه سابقاً وهي الطاقة والصناعة (للارمني) والدفاع والتربية والاتصالات والبيئة والثقافة والاعلام، من دون ان يحدث أي تغيير في الحقيبتين اللتين كانتا وراء سبب الخلاف، أي الداخلية والعدلية. نظر الرئيس عون الى الورقة التي قدمها اليه الحريري مستغرباً، فادرك الرئيس المكلف حراجة الموقف فقال له انه مستعد ان يبحث معه في الاسم المقترح لوزارة الداخلية اذا أعطاه الرئيس ثلاثة أسماء فيختار منهم واحدا. ثم زاد الحريري انه جاهز أيضا لاعادة النظر بـــ "كم" اسم من اسماء المسيحيين المقترحين للحقائب. والمح، الى ان العدد سيبقى 18 وزيراً وليس 20 كما كان يرغب رئيس الجمهورية، وان قاعدة الثلاث ستات ستعتمد بمعنى ان لا ثلث معطل لاي فريق، بل ان كل مجموعة تأخذ ستة وزراء. استوضح الرئيس عون عن الوزير الأرمني فكرر الحريري موقفه الدائم من ان الوزير الأرمني هو ضمن الوزراء الستة المحسوبين على حصة الرئيس الذي لم يعجبه هذا الإصرار الحريري على رغم ان حزب الطاشناق هو جزء من "تكتل لبنان القوي" أي التكتل الذي يضم نواب "التيار الوطني الحر" وهو شريك ولا يمكن اعتباره مستقلاً.

أدرك الرئيس عون ان لا تغيير في خيارات الرئيس المكلف ولا مقترحات جديدة وجدية غير تلك التي كان قدمها في الاجتماع الأخير بينهما قبل 51 يوماً، وما زاد في "انزعاجه" ان الرئيس المكلف هاجم النائب جبران باسيل واتهمه بتخريب كل الصيغ الحكومية المطروحة واستطرادا عرقلة تشكيل الحكومة.

قال له الرئيس عون إن "جبران" لم يتدخل في التركيبة الحكومية ولا هو وضع عراقيل في الطريق، لكن الحريري استمر على موقفه متهماً باسيل بالوقوف وراء كل محاولات تفشيل ولادة الحكومة. عند ذاك أعاد الرئيس عون اللائحة التي كان سلمها اليه الحريري مع عبارة  "مش رح يمشي الحال". وانتهى اللقاء في أجواء متصلبة عكستها تصريحات الحريري وهو يغادر القصر والبيان المقتضب الذي صدر عن رئاسة الجمهورية وفيه ان لا جديد في طرح الحريري...

... ونكسة ثانية من بيت الوسط

 اما النكسة الثانية فكانت في رسالة الحريري الى اللبنانيين في ذكرى والده الشهيد والتي دافع فيها عن "الحريرية السياسية" وشارحاً مضامين 16 لقاء مع الرئيس عون منذ تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة، مستعمل عبارات عالية السقف من حيث المضمون ولو الهادىء نسبياً من حيث الشكل. ويمكن استخلاص كلمة الرئيس الحريري بالنقاط الآتية:

أولاً: دل هذا الخطاب على ان النقاط الخلافية الداخلية الأساسية لا تزال قائمة، ان بالنسبة الى حجم الحكومة، او بالنسبة الى حصة فريق "الرئيس- التيار"، او بالنسبة الى أسلوب تسمية الوزراء، او بالنسبة الى وزارتي الداخلية والعدل!.

ثانياً: رئيس الحكومة المكلف رمى الكرة مجدداً في ملعب رئيس الجمهورية، مشدداً بأنه لن يتراجع عن تمسكه برفض منح "الرئيس – التيار" اكثر من خمسة وزراء مسيحيين إضافة الى وزير لحزب "الطاشناق"، أي ستة وزراء في افضل الأحوال من اصل 9 وزراء هم من حصة المذاهب المسيحية المختلفة في حكومة من 18 وزيراً. وهذا يعني عملياً، اما موافقة الرئيس عون، ومن خلفه "التيار" على هذا الامر، واما بقاء حال الجمود والمراوحة لفترة زمنية مفتوحة الى اجل غير معروف! والمفارقة ان أصوات عدة من جانب محسوبين على حركة "امل" او مقربين من رئيس مجلس النواب نبيه بري، بدأت أخيراً تتحدث بدورها عن رفض إعطاء أي جهة سياسية واحدة "الثلث الضامن او المعطل" في الحكومة المقبلة، بالتزامن مع تكتم تام من قبل "حزب الله" إزاء هذا الامر.

ثالثاً: قطع الحريري الطريق استباقياً، على حل كان قد بدأ التفكير به، ويتناول فكرة خروج نواب حزب "الطاشناق" من تكتل "لبنان القوي" لتأكيد استقلاليتهم عنه. بهدف فتح الطريق امام نيل فريق "الرئيس – التيار" ستة وزراء بمعزل عن وزير "الطاشناق" حيث اصر الحريري على ان حزب "الطاشناق" محسوب على "التيار" وهو يصوت دائماً الى جانبه، رافضاً اعتباره مستقلاً.

رابعاً: الإصرار على حكومة من 18 وزيراً، يعني عملياً ان تتمثل الطائفة الدرزية بوزير واحد فقط، ولو عبر منحه حقيبتين اثنتين، علماً ان هذا الوزير سيكون من حصة الأكثر شعبية والاوسع تمثيلا، أي "الحزب التقدمي الاشتراكي"، ما يعني عملياً ابعاد أي تمثيل للحزب "الديموقراطي اللبناني" المتحالف مع "التيار"، الامر الذي من شأنه ان يثير امتعاض كل من النائب طلال أرسلان والوزير السابق وئام وهاب، وان يحرج "التيار" امام حليفه، في حال الرضوخ لهذا الامر.

 خامساً: حرص رئيس الحكومة المكلف على القول إن الحكومة ستتشكل، لا يستند الى معطيات حسية وملموسة، بل الى استنتاج شخصي هو اقرب الى التمنيات منه الى الوقائع الحاسمة، وهو نوع من ابر التخدير الموجهة ضمنا الى اللبنانيين، خاصة ان اغلبية كبيرة من الشعب اللبناني ضاقت ذرعاً بالتأخير الحاصل على خط تشكيل الحكومة، بغض النظر عن الأسباب والخلفيات، وعن صراعات الحصص والصلاحيات!.

سادساً: ربط الحريري المساعدات العربية والدولية الموعودة، بمسألة تشكيل حكومة الاختصاصيين، وبتغيير في ذهنية التعاطي السياسي الداخلي، وباطلاق الإصلاحات، معتبراً ان التراجع عن طروحاته للحكومة المقبلة، يعني عدم الحصول على هذه المساعدات، ورابطاً حركته الخارجية بتحضير الأجواء امام فتح الباب بسرعة امام هذه المساعدات، فور تأليف الحكومة. وهو حاول عبر هذا الجو، تدعيم موقفه المتشدد إزاء مطالب بعض القوى السياسية الداخلية، وإعطاء نفسه أهمية كبرى كرئيس مكلف على رأس السلطة التنفيذية.

المحصلة السريعة لهذه المواقف، كانت تصاعد ردود الفعل والردود المضادة بين الفريقين البرتقالي والازرق والذي بلغت حداً لا يوصف بل يزيد التدهور على مختلف الصعد مع طرح علامة استفهام كبيرة حول مستقبل العلاقة بين تيار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" التي وصلت الى نقطة تلامس اللارجوع. وهكذا ارتسم المشهد القاتم الذي ينذر بمضاعفات ما لم يتدخل الوسيط الفرنسي من جديد ليعيد وصل ما انقطع. لكن لا معطيات تؤشر الى حصول مثل هذا الاحتمال، ما يعني ان الازمة الحكومية مفتوحة الى إشعار آخر...