تفاصيل الخبر

المهندس بيارعبود: لدي مشروع متكامل للنفايات يحوّلها الى معلم سياحي يؤمن بدوره مدخولا للوطن!

30/04/2020
المهندس بيارعبود: لدي مشروع متكامل للنفايات يحوّلها الى معلم سياحي يؤمن بدوره مدخولا للوطن!

المهندس بيارعبود: لدي مشروع متكامل للنفايات يحوّلها الى معلم سياحي يؤمن بدوره مدخولا للوطن!

بقلم عبير أنطون

[caption id="attachment_77478" align="aligncenter" width="590"] السفينة الفينيقية دخلت مجموعة غينيس العالمية[/caption]

مع ازمة النفايات التي تطل برأسها مجددا في لبنان، تبقى البيئة ومعالمها همّ الكثيرين، بينهم المهندس بيار عبود ابن بلدة جاج – قضاء جبيل - الذي سافر الى الامارات حيث عمله فرفع فيها راية الابداع مع دخوله "موسوعة غينيس العالمية" بلوحة استخدم فيها مواداً قابلة لاعادة التدوير شملت مواداً بلاستيكية، عبوات معدنية، علبا كرتونية، خشبا وقماشا، وقد استغرق العمل عليها شهرا كاملا. الفسيفساء امتدت على مساحة 1015 مترا مربعا تحت عنوان "نظرة عبر الزمن لدولة الامارات من الماضي الى الحاضر" مسلطة الضوء على عدد من المعالم البارزة في امارات الدولة السبع، وذلك بطلب من مدينة مصدر في أبو ظبي حيث كانت اكبر لوحة فنية في العالم مصنوعة بالكامل من مواد قابلة لاعادة التدوير، والهدف الحث على التقليل من النفايات من خلال اعادة استخدام المواد واعادة تدويرها.

لوحة الامارات هي الثانية في سجل عبود مع "كتاب غينيس للارقام القياسية" اذ سبقتها السفينة الفينيقية في بيروت تشق عباب البحر بكل فخر. وهذا ليس كل شيء في سجله البيئي الفني الحافل اذ كانت له مع "ثورة 17 تشرين" اكثر من منحوتة مصنوعة من المواد القابلة لاعادة التدوير ايضا حيث استحالت بشاعة النفايات قطعا فنية رائعة.

[caption id="attachment_77479" align="alignleft" width="173"] بيار عبود ... الثورة والكورونا[/caption]

فما جديد عبود بعد؟ ما الذي يحضره وكيف يعيش هذه الفترة؟ ما هو المشروع الفريد من نوعه في العالم الذي يعد له؟ وهل ستكون لاي معنيّ "اذنان سامعتان"؟

مع بيار كان حوار "الأفكار" شيقا بدءا من السؤال:

* بعد لوحة "الواجهة البحرية في مدينة ضبية" كانت لك اكثر من محطة بيئية فنية في بيروت وطرابلس من مواد قابلة للتدوير تكريما للمرأة اللبنانية في "ثورة 17 تشرين" أعطنا التفاصيل بعد ان تعرّف القراء بك:

- انا مهندس ديكور اعيش في الامارات منذ العام 2006، تركت لبنان على ان أسافر لسنة او اثنتين الا أن قلبي لا زال يخفق باسمه ولا اشعر بانني بعيد عنه بل أشعر بما يمر به تماما كأي لبناني على ارضه. في العام 2018 خطرت ببالي فكرة حرّكتني فاشتركت مع مجموعة حيث قمنا بفسيفساء كلها مصنوعة من مواد قابلة لاعادة التدوير، وكانت ازمة النفايات في لبنان على اشدها حينها، وكانت اللوحة عند منطقة ضبية تجسّد سفينة فينيقية تبحر وتلاطم الامواج. الرسالة التي حملتها اللوحة تدعو الى تحويل ما يتعلق بالنفايات الى امر جميل يستفاد منه، فأنا اول ما يتجه به تفكيري صوب الشؤون البيئية، وهدفي الأول الجمع ما بين البيئة والفن. دخلنا بهذه اللوحة "مجموعة غينيس العالمية" وبالتأكيد لم يكن الامر سهلا مع مجموعة الشروط القاسية والدقيقة التي تتطلبها، وكنا استخدمنا فيها زجاجات البلاستيك والتنك وغيرها، وتعاونا مع الـ"ام تي في" في النقل المباشر لاعلان دخول "غينيس" والاضاءة على اللوحة التي أنجزناها من دون كلفة عالية.

وبعد السفينة، ومع انطلاق "ثورة تشرين" وما حملته تأثّرت جدا وتحمست بعدما لمست الوجع العميق، فتابعت الثورة منذ بداياتها، ورأيت بام العين الى اي مدى المرأة والام والاخت والزوجة كانت موجودة في كل المظاهرات والتحركات على الارض، أما الشرارة الكبرى التي حركتني بالعمق فتعود لاستشهاد علاء ابو فخر حيث تأثرت بحالة وكلام زوجته المفجوعة والثورة تنبض في عينيها ما أوحى لي برسم لوحة المرأة الثائرة، وبعد ان رسمتها صممت ان أعود الى لبنان وانفذها، وكانت اول منحوتة لي تحت عنوان "الثورة انثى". نصبتها في ساحة الشهداء وسمحت لي هذه المنحوتة بالتعبير العميق عن مشاعري...

ويزيد بيار:

- بعدها قمت، انطلاقا من حملة "دفا"، بمجموعة "نحنا عيلة" وهي عبارة عن افراد عائلة ايديهم مشبوكة بايدي بعضهم البعض حيث الام والاب واولادهما، وهذه المنحوتة كما كل سابقاتها تنطلق من التأكيد على ان الثورة لا زالت سلمية، وانه مهما اشتدت العواصف وخاصة عواصف التفرقة فإننا سنبقى عائلة لو مهما كانت الاختلافات في ما بيننا.

والى تجسيد العائلة، انطلقت صوب المدينة الأجمل، مدينة طرابلس، فأردت توجيه تحية لها وتكريمها عن استحقاق، فكانت لها منحوتة "عروس الثورة" وكل ذلك من مواد قابلة لاعادة التدوير من المرايا المكسرة والزجاج وغيرها، وتمثل اللوحة امرأة جميلة ثائرة، رأسها عال، فخورة بنفسها، وفي الوقت عينه متمردة ورافضة لكل الواقع الموجود في البلد والواقع الأليم الذي نعيشه.

ويكمل بيار:

- اما المنحوتة الاخيرة التي صنعتها فكانت في مهرجان للثورة والفن في ساحة الشهداء حيث أردت التأكيد من جديد أن ثورتنا سلمية، وكانت عبارة عن شجرة زيتون في قلبها العلم والخارطة اللبنانية، وتعرفون كم لشجرة الزيتون من معان اولها انها رمز السلام، العطاء والجذور.

هذه المنحوتات، على اختلافها، حملت رسائل عدة أبرزها ان الثورة سلمية ثقافية فنية وبخاصة بيئية حيث تساعد في التوعية على الافكار البيئية البناءة وتحفز المواطنين على تحويل النفايات وموادها المختلفة الى منحوتات ذات رسالة، وتحويل كل ما هو سلبي الى ايجابي، والبشع والوسخ الى ما هو موحٍ و"بياخد العقل".

[caption id="attachment_77480" align="alignleft" width="187"] تحية للمرأة في الثورة[/caption]

الى المعنيين...

ونسأل بيار:

* عرفنا ان لك برنامجا اعددته للنفايات في لبنان ويبدو انها وسط ازماتنا الكثيرة ستعود وتتكدس: ما هي ابرز معالم هذا البرنامج وتصورك للحلول؟ من تحتاج الى مساعدتك به (وزارات، مؤسسات عامة او خاصة) وما التكاليف التي قد يتطلبها؟

- اعمل على مشروع للنفايات منذ اكثر من عام، اضيف اليه تحديثا وتجديدا في كل فترة انا  الذي احلم ببلد أكثر جمالا. عندي مشروع للنفايات للبلد كله وليس على صعيد منطقة او اثنتين، وطموحي ان احول النفايات الى معلم سياحي، وتغيير هذا التشويه للبيئة ومعالمها إلى معلم سياحي ترتاده الناس وتدفع البدل لتراه. وبذلك يمكننا بهذا المشروع ليس فقط تقليص النفايات، انما ايضا تأمين مدخول للبلد، وهي فكرة عالميا غير موجودة او منفذة، واسمحوا لي بأن ابقيها طي الكتمان وعدم الكشف عن تفاصيلها الا لاشخاص جديين، يعلون هم البيئة، وانا حاضر لأن اضع الافكار من الفها الى يائها بين أيديهم، مع الاشارة الى الفرق الكبير بين أن نخبأها  ونطمرها وبين أن نحولها الى تحف. أما الكلفة فهي بكل تأكيد نصف ما يدفعوه لأي مشروع قد لا يكون بالاهمية عينها، اما التنفيذ فيتم بالتعاون مع المجتمع المدني والبلديات ووزارات البيئة والثقافة والاشغال، وهو مشروع عملي وجدي وفي الوقت عينه فريد من نوعه في العالم.

* منذ أيام تم تحطيم منحوتتك في وسط بيروت وطلبت من الـ"ام تي في" نقل المنحوتة الاخرى الى حين عودتها سالمة. الى اي مدى تعول على عودة الثورة مجددا الى قواعدها وهل يمكن ان تتخذ اشكالا جديدة برأيك؟

- في تصوري، إن الثورة لم تولد في 17 تشرين، هي عندنا نحن اللبنانيين مشتعلة منذ زمن  في قلوبنا، نرى البلد يُدمر امام اعيننا منذ عشرات السنين، نشاهدهم يسرقون وينهبون و"يضحكون علينا" ونحن ساكتون، وسط خلافات تتناتشنا، لكن المهم في الثورة انها جمعتنا وأيقظتنا على اننا وحدنا مسؤولون تجاه انفسنا والاجيال المقبلة عن تغيير البلد والوقوف في وجه "أمراء الحرب" الذين يحكوموننا. مسؤوليتنا ان نغير وندل بالاصبع على "الازعر" ونشير الى "الآدمي". لقد أنهت هذه الثورة الاقطاع والعائلية، وانتهى هذا الرجل السياسي الكذاب الذي اعتدنا ان نقول عنه "ذكي" فيما الآدمي والنظيف الكف والمحترم نقول عنه "معتر". انه نوع من استعادة سلّم القيم الذي بات مفقودا مع هذه الفوضى. ما غيرته الثورة أنها جمعتنا كلبنانيين، والطابة في ملعبنا من كل الطوائف والشرائح. من المؤكد بانها لن تنطفئ، وهي ما راحت اصلا حتى ترجع. كما الانسان قطعت الثورة بمراحل الحزن والتمرد والغضب ومن ثم ستعود الى حكمتها لتقوم من بعدها بالعمل والبناء والإعمار. هي عائدة ليس بسبب الناس الجائعة وقد اصبح 55% من اللبنانيين تحت خط الفقر، انما ايضا لان اللبناني، حتى الحزبي او الذي اضطر الى ان يكون كذلك، وعى ان الوطن وبقاءه فوق كل اعتبار او زعيم.

* هل اوحت لك "كورونا" بأي عمل فني من مواد اعادة التدوير وغيرها؟ وكيف تعيش أيام التعبئة العامة التي فرضتها؟

- استغل هذه الفترة لافكر وانظم ولارسم واحضر اعمالا فنية خاصة بما يمكن أن افيد به وطني وعملي كما استفيد من هذا الوقت لاكون مع نفسي واعيد ترتيب الاولويات. واحاول بقدر الامكان ان اكون موجودا على مواقع التواصل الاجتماعي ومع جماعة المجتمع المدني و"مجموعة الاودام" في البلد. من الضروري للـ"آدمي" أن يعلي رأسه ويقول نعم الموضوع يهمني، وانا موجود، "وليس لانني آدمي ومش حرامي" سوف اسكت عن الذي يسرقني... انه الوقت حتى نجتمع ونضع افكارا و..."نهجم سوا".

ويضيف عبود:

- للـ"كورونا" وجه ايجابي اذ حملت كل انسان على التفكير في قرارة نفسه حول امور كثيرة، منها الاسئلة الوجودية، واهدافه في هذه الدنيا، وما يستطيع ان يكون فيه فعالا للانسان الآخر، لبلده وللمجموعة، ودعت الكثيرين وانا منهم الى لحظات تفكير عميقة ببلدنا. ومن حسناتها انها ساوت الناس أجمعين، فقيرا وغنيا ومتعلما وجاهلا، وكما اننا جميعنا معرضون لعدوى الفيروس والتقاطه، جميعنا ايضا يمكننا ان نواجهه سويا.

لكن من سيئات "كورونا" في لبنان ان الذين حكموا البلد استخدموا الوباء ليعودوا ويرتبوا قواعدهم ويستوعبوا الثورة وينقضوا من جديد و"يظبطوا" اموالهم وجماعاتهم، فيدخلون علينا من التلفزيون والشباك والباب وكأن بهم يقولون: ها قد جاءت الـ"كورونا" لنعود ونخدركم من جديد.

* هل من افق للأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان؟ وهل سنستطيع استعادة الاموال المنهوبة برأيك؟

- بالنسبة للأموال المنهوبة فمن الضروري استعادتها لكن الامور ليست بهذه السهولة. الطريقة الوحيدة هي ان يأتي انسان قوي، حزب قوي، أيا يكن مع الجيش اللبناني، فيجمعونهم في مكان واحد ويحجرون عليهم فلا يخرجون الا بعد الاعادة الى الدولة ما اخذوه منها، تماما كما جرى في المملكة السعودية، وآسف هنا للقول بانني في هذا الصدد لست ممن يؤمنون باللجوء الى القضاء. ليس همي ان يعيدوا "المصريات" مع تمنياتي بذلك، المهم ان يرحلوا، او اقله ليبدأوا بأحزابهم فيجرون فيها انتخابات نزيهة وليأتوا بأفضلهم الى رئاسة هذه الأحزاب، وبذلك نكون قد اعطيناهم فرصة حتى يبدأوا بالتغيير من الداخل، وليبدأ عمل المجتمع المثقف المتنوّر، فهؤلاء يمكن ان اتكل عليهم وهم يعرفون ما يجب فعله فيستلمون دفة القيادة ويقومون بالتغيير.

* هل تفكر بدخول معترك السياسة او الشأن العام من باب الانتخابات النيابية مثلا او اي مجال آخر؟

- اتصور ان كل انسان لبناني يولد والسياسة في دمه لاننا نعيش في بلد حيث تدخل السياسة في كل التفاصيل... "نحن خلقانين بالسياسة" وتهمني من باب مساعدة بلدي وليس من الباب  التقليدي الذي حاولوا على مدار الوقت ان يزرعوه في أذهاننا حيث اختصرت السياسة بالرجل "الحربوق" وصاحب اللسان الطليق والكاريزما العالية. ولمن يقول "ما في لبناني مش مع حدا" اقول له: انت مخطئ "فانا لبناني مش مع حدا" وكثيرون هم مثلي وليسوا الا مع الوطن... عملية وضع الافكار وتنفيذها لخير المواطن ومصلحة البلد وجعل الناس جميعها مرتاحة اكثر، هذه هي السياسة بالنسبة لي، فمَن يعمل في السياسة عليه بخدمة الناس لا العكس، وان يحترمهم ويشكرهم ويعطيهم من فكره وعمله وذكائه وليس من "زعبراته" حتى لا اقول اكثر.