تفاصيل الخبر

المحامي الدكتور بول مرقص يقارب ملف مجلس الشيوخ: فكرة تفعيل مجلس الشيوخ أمر إيجابي للبنان لكن دونه اليوم عقبات وعراقيل!  

12/08/2016
المحامي الدكتور بول مرقص يقارب ملف مجلس الشيوخ: فكرة تفعيل مجلس الشيوخ أمر إيجابي للبنان  لكن دونه اليوم عقبات وعراقيل!   

المحامي الدكتور بول مرقص يقارب ملف مجلس الشيوخ: فكرة تفعيل مجلس الشيوخ أمر إيجابي للبنان لكن دونه اليوم عقبات وعراقيل!  

 

8-(6)-----MORأعادت طاولة الحوار الوطني التي عقدت جلساتها الثلاث يوم 2 و3 و4 من الشهر الجاري  البحث مجدداً بمجلس الشيوخ لا بل طلب راعي الحوار رئيس المجلس نبيه بري من القوى السياسية المشاركة في الحوار ان تتقدم بأسماء ممثليها  الى لجنة مجلس الشيوخ التي يفترض ان تتشكل للبحث في التفاصيل في جلسة الحوار المقررة في الخامس من ايلول/ سبتمبر المقبل، لكن يطرح السؤال عن توقيت هذا الطرح الذي لا يشكل أولوية الآن وما اذا كان الحوار يريد تمرير الوقت او الخروج بإنجاز ما بعدما عجز عن إحداث أي ثغرة في جدار الازمة الرئاسية او في قانون الانتخاب. ومجلس الشيوخ سبق ان اقره اتفاق الطائف الذي اصبح دستور البلاد بموجب القانون الدستوري الصادر يوم 21 أيلول/ سبتمبر 1990، لا بل جاء في المادة 22 من الدستور الآتي: <مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية>، لكن منذ ذلك التاريخ لم يبادر احد الى تطبيق هذه المادة الدستورية وبقي الامر معلقاً علماً بأن لبنان سبق ان مرّ بهذه التجربة ونشأ مجلس الشيوخ فيه  بموجب الدستور اللبناني الصادر يوم 23 أيار/ مايو  1926  لكن تم إلغاؤه بموجب القانون الدستوري الصادر في 17 تشرين الأول/ اكتوبر  1927 بإيعاز من سلطات الانتداب وضُمّ أعضاؤه  الى مجلس النواب، وهو كان يتألف من 16 عضواً يعين رئيس الحكومة سبعة منهم بعد استطلاع رأي الوزراء وينتخب الباقون وتكون مدة عضو مجلس الشيوخ ست سنوات ويمكن أن يعاد انتخاب الشيوخ الذين انتهت مدة ولايتهم أو أن يجدد تعيينهم على التوالي . وكان يشترط في عضو مجلس الشيوخ أن يكون لبنانياً بالغاً من السن خمساً ثلاثين سنة كاملة. ولا يشترط في صحة انتخاب أو تعيين عضو في مجلس الشيوخ أن يكون مقيماً في لبنان الكبير في موعد الانتخابات، وكان للشيوخ وحدهم الفصل بصحة عضويتهم.

 وكان يتم توزيع المقاعد في مجلس الشيوخ على الطوائف بالشكل الآتي: 5 موارنة 3 سنة 3 شيعة 2 أرثوذكس 1 كاثوليك 1 درزي 1 اقليات.

وكانت صلاحيات  مجلس الشيوخ تقتصر على الموافقة على القوانين  التي يصدرها مجلس النواب وليس حق اقتراحها، وله الحق في منح الثقة للحكومة وسحبها منها كما كان له الحق في سؤالها واستجوابها والتحقيق البرلماني، وكذلك انتخاب رئيس الجمهورية مع مجلس النواب وتعديل الدستور والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء.

فماذا يقول أهل القانون عن طرح هذه الفكرة مجدداً وهل هي قابلة للحياة اليوم بحيث تكون المخرج للذين يطالبون بإستمرار النظام الطائفي كضمانة للطوائف والمذاهب وترضي الذين  يطالبون بالتغيير والغاء الطائفية واعتماد النظام النسبي من خلال مجلس نواب خارج القيد الطائفي؟

<الافكار> التقت المحامي الدكتور بول مرقص داخل مكتبه قبالة قصر العدل وحاورته على هذا الخط لاسيما وانه رئيس منظمة <جوستيسيا> الحقوقية وبروفيسور في الحقوق  وتطرقت معه الى  هذا الملف.

سألناه بداية:

ــ اتفاق الطائف أقرّ إنشاء مجلس الشيوخ والمادة 22 من الدستور ذكرت ذلك ومع هذا لم يبصر هذا المجلس النور، واليوم يعاد تحريك الملف. فما عدا ما بدا وهل هو هروب الى الأمام وتمرير للوقت؟ أم خروج طاولة الحوار بإنجاز ما؟

- لن يكون هناك أي إنجاز اليوم، وسبق أن جرى النص على مبدأ قيام مجلس للشيوخ مرات ثلاث: الأولى في الطائف عندما أقرّ اتفاق الطائف عام 1989، والثانية في مطار القليعات حيث صودق على وثيقة الوفاق الوطني في العام ذاته، والثالثة عند صدور القانون الدستوري عام 1990، ما يستنتج من ذلك أن المشترع أكد على مبدأ قيام مجلس الشيوخ مرات ثلاث دون أن يبصر هذا المجلس النور طوال 26 عاماً حتى الآن، إنما لإمرار الوقت الضائع وبسبب عدم الاتفاق على أي أمر في طاولة الحوار الوطني ورفعاً للعتب جرى الحديث عن إمكان تفعيل مجلس الشيوخ لإنقاذ ماء الوجه، لأن هذا الحوار هو التحضير لقانون الانتخابات النيابية والسعي للإسراع بانتخاب رئيس الجمهورية، وما يدل على ذلك هو أن مجلس الشيوخ لم يكن مدرجاً كبند على جدول أعمال جلسات الحوار، هذا مع تحفظي على مبدأ الحوار على طاولة الحوار من هذا القبيل لأن ذلك يقع دستورياً على هامش وضفاف الدستور.

وأضاف:

- الحوار يكون داخل المؤسسات وليس خارجها، ولذلك وجد ما يسمى النصاب أي عدد الأشخاص المطلوب حضورهم في الجلسة كي يفتتح مبدأ النقاش قبل إبداء الآراء السياسية، وبالتالي فالأكثرية هي المجال لإبداء الرأي بالتصويت أو الانتخاب، لكن السياسيين في لبنان يخلطون بين النصاب وبين الأكثرية، فيعطلون المؤسسات بحجة أنهم لا يريدون الانتخاب أو التصويت أو التقرير، بل يجب الدخول الى المؤسسة وتفعيل عملها والتئام النصاب، أما الأكثرية فشأن آخر يترك للتقرير وللانتخاب وللتصويت، ولذلك أنا ضد تعطيل أي مؤسسة من مجلس النواب أو غيره.

 

إمكانية إنشاء مجلس الشيوخ

 

ــ يعني الحضور إلزامي؟

- لا بدّ للنائب أن يدخل الى الجلسة ويملك الحق بألا يصوّت وألا يقرّر أو يضع ورقة بيضاء، لكن لا يجوز أن يعطل المؤسسة، ولذلك وجد التفريق بين النصاب والأكثرية. وبالتالي فطاولات الحوار من حيث المبدأ هي طاولات على هامش الدستور وعلى حساب المؤسسات لأننا اعتدنا الاتفاق خارج المؤسسات في الطائف أو في الدوحة أو في قاعة جانبية من مجلس النواب، والدخول الى المؤسسات لإملاء ما تم الاتفاق عليه في الخارج، فهذا هو الاعتبار اللبناني.

واستطرد قائلاً:

- بالعودة الى مجلس الشيوخ يجب الدخول الى تفاصيل هذا الموضوع كي نعرف ما إذا كان ممكناً وقابلاً للتطبيق. وفي الشكل يحتاج هذا الموضوع الى قانون دستوري، وبالتالي تعديل للدستور لأن نص المادة 22 التي تقول بإنشاء مجلس الشيوخ هي من باب النص الإنشائي وليست نصاً ناظماً أي أنها أنشأت مجلس الشيوخ كفكرة أو أسست لإنشائه لكنها لم تضع التفاصيل وتأثيراته على مجلس النواب، وبالتالي يجب إعادة النظر في كل ذلك ما يقتضي إجراء تعديل دستوري لتفعيل مجلس الشيوخ، وهذا الأمر متعذر حالياً في غياب الرئيس، لأنه حسب المادتين 76 و77 من الدستور من المتعذر إجراء أي تعديل دستوري في غياب الرئيس.

وتابع يقول:

- أما التفصيل الثاني فيتعلق بالمضمون ومن ذلك معرفة مدة ولاية مجلس الشيوخ حيث أن المدة في فرنسا طويلة جداً وحل المجلس هناك متعذر لأنه مؤلف من حكماء وله سلطة معنوية كبرى وهو يطلع بمهام رئيس الجمهورية في حال تعذر قيامه بمهامه فيضمن استمرار المرافق العامة وهذا باب إيجابي حميد، لأنه يمكن أن يسدّ ثغرة مثل التي نعيشها في لبنان، ولذلك نحن مع الفكرة إيجابياً لكن تطبيقها يبدو متعذراً حاضراً بسبب أولوية انتخاب الرئيس وأولوية قانون الانتخاب وضيق الوقت وتعذر إجراء تعديل دستوري، إنما في العموم فكرة إيجابية لأنها تمثل في فرنسا الأقاليم والولايات ومن هم وراء البحار، وعلى هذه الشاكلة يمكن في لبنان أن يمثل الشيوخ الجماعات الدينية الطائفية وأن يصبح مجلس النواب خارج القيد الطائفي، وعلى أساس وطني وتقني ويترك لمجلس النواب التشريع التقني ويحفظ للشيوخ المسائل المصيرية.

 

صلاحيات مجلس الشيوخ

ــ هل المسائل المصيرية هي تلك التي وردت في المادة 65 من الدستور وتتطلب موافقة ثلثي الأعضاء؟

- هذا تفصيل لا بد أن يحدّد لمعرفة ما إذا كان يتعلق بالمادة 65 من الدستور التي تقول إن مجلس الوزراء يبحث مسائل أساسية وليست مصيرية كما يقال، لأن هناك فرقاً بين الأساسية والمصيرية. وأنا أعتبر أن التطبيع مع اسرائيل مصيري، وكذلك تعديل الدستور والاتفاقات والمعاهدات الدولية واللامركزية أو إعادة النظر في التقسيم الإداري وقانوني الانتخاب والجنسية وقوانين الأصول الشخصية، وبالتالي الباقي لا ينطبق على مجلس الشيوخ لاسيما مثل الحرب والسلم والتعبئة   العامة والموازنة والخطط الشاملة وتعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها وإقالة الوزراء وحلّ مجلس النواب وما شابه. ولبنان سبق أن جرب مجلس الشيوخ في العام 1926 وانتخب رئيساً للجمهورية، لكن حلّ في العام 1927، وبالتالي يجب التمهّل والتمحّص في هذه الصلاحيات.

ــ هل يكون مجلس الشيوخ هو الحل مستقبلاً نظراً لتركيبة لبنان الطائفية؟

- صحيح، مجلس الشيوخ يمثل الطوائف، ومجلس النواب آنئذٍ يقوم بالتقنيات التشريعية، وهذا هو الحل الأمثل للبنان، إنما التوقيت حالياً غير ملائم لاسيما في غياب الرئيس، بالإضافة الى معرفة تفاصيل أخرى مثل عدد اعضاء مجلس الشيوخ، ومن هنا يجب تخفيض عدد مجلس النواب لأن لبنان لا يحتاج الى أكثر من 50 أو 60 نائباً على أن يكون عدد أعضاء مجلس الشيوخ مماثلاً لعدد أعضاء المجلس النيابي، وبالتالي إذا لم تكن هذه التجربة مهندسة بشكل صحيح، فإننا نقع في التضارب وفي الازدواجية بين المجلسين، ولذلك فالتمهل أمر واجب لإنجاح هذه التجربة. ورغم أن العالم يتجه الى إلغاء مجلس الشيوخ لاسيما فرنسا والسويد، لكن بالنسبة للبنان يشكل وجهاً إيجابياً، لكنه بحاجة الى تمعّن وتمحصّ بحيث لا يمكن بحث هذه التفاصيل في مدى أشهر معدودة، لاسيما وأن الانتخابات النيابية محددة في الصيف المقبل.

ــ هل يمكن آنذاك تبني القانون الأرثوذكسي لمجلس الشيوخ واعتماد النسبية لمجلس النواب، وبذلك يرضى كل الأطراف؟

- هذا ممكن، إنما لا يمكن حالياً السير بهذا المشروع لأن الوقت يداهمنا ولا بد من التمهل كما سبق وقلت.