تفاصيل الخبر

المجلس الدستوري ”انتصر“ لحقوق القضاة ومكتسباتهم فهل ينصف النواب العسكريين المتقاعدين؟

04/10/2019
المجلس الدستوري ”انتصر“ لحقوق القضاة ومكتسباتهم  فهل ينصف النواب العسكريين المتقاعدين؟

المجلس الدستوري ”انتصر“ لحقوق القضاة ومكتسباتهم فهل ينصف النواب العسكريين المتقاعدين؟

في صفوف العسكريين المتقاعدين تساؤلات كثيرة حول الأسباب التي دفعت المجلس الدستوري في حلته الجديدة وفي أول قرار يصدره بعدما أقسم أعضاؤه اليمين أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الى قبول طعني نواب الكتائب والعسكريين والقضاة بالشكل في ما خص عدد من مواد الموازنة، والابقاء على حقوق القضاة وإسقاط حقوق العسكريين كما حددتها موازنة العام 2019. وإذا كان المثل اللبناني يقول <أول دخولو شمعة على طولو>، فإن دوافع هذا المثل انطبقت على أعضاء المجلس الدستوري الجديد، حسب العسكريين المتقاعدين، حفظوا حقوق القضاة بعد اسقاط المواد التي تحجبها أو تدعو الى إعادة النظر فيها، لكنهم ردوا المواد التي تطاول حقوق العسكريين والتي أصبحت نافذة.

مطلعون على الملف اعتبروا ان أعضاء المجلس الدستوري، ولاسيما القضاة المتقاعدين منهم، حافظوا على حقوق القضاة فقط في خطوة هدفت الى إرضاء القضاة، في حين لم تعتمد المعايير نفسها بالنسبة الى العسكريين الذين اشتركوا في الدعوة الى تقديم الطعن. صحيح ان المجلس الدستوري برئاسة القاضي طنوس مشلب، قرر قبول المراجعتين بالشكل في الطعنين بقانون الموازنة وضمهما والسير بهما معاً، إلا انه عند اصدار القرار ميز بين القضاة والعسكريين المتقاعدين في خطوة كان لها الصدى السلبي في صفوف العسكريين الذين أملوا أن ينصفهم المجلس الجديد الذي درس الطعنين وأصدر القرار بالأكثرية بمخالفة ثلاثة من أعضائه هم السادة الياس أبو عيد والياس مشرقاني وعمر حمزة. والأولان اختارهما <التيار الوطني الحر> والثالث سمّاه الرئيس سعد الحريري وتيار <المستقبل>.

وتظهر العودة الى نص القرار ان المجلس الدستوري رد طلب تخفيض مساهمة الدولة في صندوق تعاضد القضاة بنسبة 10 بالمئة ضمن دائرة موازنة 2019، كما رد طلب ابطال المواد 72 و23 و47 و48 من قانون الموازنة، التي يتعلق بعضها بحقوق العسكريين المتقاعدين الذين كانوا تحركوا في الشارع مراراً خلال مناقشة مجلس النواب لمشروع موازنة 2019. وقد راهن العسكريون على ان يقف المجلس الدستوري الى جانبهم في طعنهم، لكن حساب حقل العسكريين لم يطابق مع حساب بيدر أعضاء المجلس الدستوري الذي أعلن عدم دستورية معظم المواد التي تخص القضاة ولاسيما منها المادة 26 لجهة عدم ذكرها القضاة في عداد الجهات المستثناة من حكم إلغاء الإعفاء الوارد فيها، والمادة 94 لجهة عدم استثنائها القضاة شخصياً وصندوق تعاضد القضاة من أحكامها وإبطال وحذف كلمتي <تدريجياً> و<التدريجي> الواردتين فيهما. كذلك أعلن المجلس الدستوري ابطال المادة 89 جزئياً والابقاء على استفادة القضاة المنقولين والمنتدبين من القضاء العدلي والاداري والمالي الى ملاكات الادارات العامة أو المؤسسات العامة حصراً من تقديمات صندوق تعاضد القضاة. واللافت في هذا السياق ان النواب كانوا أصروا على عدم استفادة القضاة الذين ينقلون الى الملاك الاداري، سواء خلال مداولات لجنة الادارة والعدل النيابية أو خلال الجلسة العامة، لأن القاضي عندما يقبل بالانتقال الى السلك الاداري لا يجوز أن يجمع بين هذا السلك وتقديمات السلك القضائي الذي تركه طوعاً ولم يجبر على تركه عنوة. إلا ان القضاة في المجلس الدستوري <انتصروا> لزملائهم وأسقطوا الاستثناء من قانون الموازنة وأبقوا القديم على قدمه! وفي الوقت نفسه أعلن المجلس عدم دستورية المادة 27 جزئياً وابطالها جزئياً لناحية عدم تخصيص القضاة الدستوريين والعدليين والاداريين والماليين وقضاة الشرع والمذهب والقضاة الروحيين بأحد حرفي <J> أو <R> الخاصة بلوحات سياراتهم حسب انتمائهم! كذلك رد المجلس بعض ما ورد في الطعنين وقبل كل ما يتصل بالقضاة وحقوقهم التي كانت ألغيت في موازنة 2019، باستثناء حق الدولة بتخفيض نسبة 10 بالمئة من مساهمتها في صندوق تعاضد القضاة...

 

من ينصف العسكريين؟

 

وفي الوقت الذي وصف فيه القضاة قرار المجلس الدستوري بـ<الانجاز الفريد في تاريخ القضاء>، تساءل العسكريون لماذا عاملهم المجلس على نحو مغاير للمعاملة التي لقيها القضاة المتقاعدون منهم أو الذين هم في الخدمة. وأشار العسكريون الى انهم ليسوا في وارد القبول بالمساس بحقوق القضاة وهم لا يعترضون على اعادتها الى القضاة بعدما كان قانون الموازنة قد <سلخها> منهم، لكنهم في المقابل <عاتبون> على أعضاء المجلس الدستوري لأنهم لم يحافظوا على حقوق العسكريين ومكتسباتهم. وقالت مصادر العسكريين المتقاعدين انهم أجروا سلسلة اتصالات بعد صدور قرار المجلس الدستوري بعدد من المسؤولين ورؤساء الكتل النيابية بهدف تضمين مشروع موازنة 2020 الحقوق التي انتزعت منهم بموجب أحكام موازنة 2019، وانهم لقيوا تجاوباً من الذين راجعوهم، وهم يتأملون ان يترجم هذا التجاوب في بنود موازنة 2020 التي باشر مجلس الوزراء درسها تمهيداً لاقرارها وإحالتها على مجلس النواب ضمن المهلة الدستورية أي قبل بدء الدورة العادية الأولى للمجلس وهو أمر مستبعد في أي حال لأن الدورة تبدأ، استناداً الى الدستور، في أول يوم ثلاثاء يلي 15 تشرين الأول (أكتوبر) وهو هذه السنة يوم ثلاثاء تاريخ 15/10/2019. وحيث انه لم يبق عملياً سوى عشرة أيام عمل فعلية، فمن المستبعد انجاز مجلس الوزراء درس مشروع موازنة 2020 لأن المؤشرات لا توحي بامكانية انتهاء مجلس الوزراء من الدرس.

في أي حال رددت مصادر قضائية ان المجلس الدستوري الجديد انتصر بقراره للجسم القضائي، فهل ينتصر مجلس النواب للعسكريين المتقاعدين ويعيد لهم حقوقهم المكتسبـــــــــــــــة بموجب قانون الدفاع الوطني؟